رقية الخاقاني
صحفية وكاتبه وناشطة في حقوق المرأة
(Ruqaya Alkhaqani)
الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 14:09
المحور:
حقوق الانسان
في ظل التحوّلات الاقتصادية العالمية والتحديات المحلية التي تواجه العديد من الدول، تبرز أزمة بطالة الشباب كواحدة من أكثر القضايا إلحاحاً، ليس فقط لتداعياتها الاجتماعية، بل أيضاً لانعكاساتها الخطيرة على الاستقرار الاقتصادي. فالشباب، الذين يُفترض أن يكونوا عماد التنمية وقاطرة التقدم، يجدون أنفسهم عالقين في دوامة من الفراغ الوظيفي، مما يُهدد بتبديد طاقاتهم ويُعطّل مسيرة النمو.
تشير تقارير منظمة العمل الدولية إلى أن نسبة بطالة الشباب عالمياً تبلغ نحو ( 13%)، وهي أعلى بثلاث مرات من معدل بطالة البالغين. وفي بعض الدول العربية، تتجاوز النسبة (30% )، خاصة بين خريجي الجامعات. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل تعكس معاناة يومية لملايين الشباب الذين يُحاصرون بـ( فخ البطالة)، حيث يُضطر الكثيرون إما إلى الهجرة أو القبول بوظائف دون مستوى مؤهلاتهم، أو حتى الانسحاب تماماً من سوق العمل.
الاقتصاديون يحذرون من أن استمرار بطالة الشباب يحولهم من (قوة إنتاجية) إلى (عبء اقتصادي). فكل شاب عاطل عن العمل يعني:
• خسارة في الإنتاج المحتمل، مما يضعف الناتج المحلي الإجمالي.
• زيادة الاعتماد على الإنفاق الحكومي عبر برامج الدعم والمساعدات الاجتماعية.
• تراجع الاستهلاك لأن القوة الشرائية لهذه الفئة تظل محدودة مما يبطئ حركة السوق.
• هروب الاستثمارات، إذ تفضل الشركات العالمية التواجد في بيئات تتمتع بقوى عاملة نشطة ومستقرة.
ولعل الأخطر هو الهدر الكبير في رأس المال البشري فالمهارات التي يكتسبها الشباب خلال سنوات الدراسة تبدأ بالتراجع دون تطبيق عملي مما يعمق فجوة المهارات المطلوبة في سوق العمل.
ولا تقتصر تداعيات البطالة على الجانب المالي، بل تمتد إلى زعزعة التماسك الاجتماعي. فالشباب العاطل أكثر عرضة للوقوع في براثن اليأس أو الانحراف، كما أن ثقتهم بمؤسسات الدولة تتراجع، مما يزيد من مخاطر الاحتجاجات أو حتى العنف. وفي المقابل، تساهم الهجرة الجماعية للأدمغة في نزيف الكفاءات مما يُفاقم أزمات الدول النامية.
وللخروج من هذه الأزمة يتطلب مزيجاً من السياسات الحكومية والشراكة مع القطاع الخاص:
• ربط التعليم باحتياجات السوق عبر إصلاح المناهج وتشجيع التخصصات المهنية والتقنية.
• تحفيز المشاريع الصغيرة بتسهيل القروض والإعفاءات الضريبية.
• تشجيع الاقتصاد الرقمي، الذي أصبح يوفر ملايين الوظائف غير التقليدية.
• إصلاح بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات التي تولد فرص عمل جديدة.
الخلاصة: وقت العمل لا وقت الانتظار
بطالة الشباب ليست مشكلة مؤجلة، بل هي قنبلة موقوتة تُهدد أي خطة للتنمية المستدامة. الدول التي نجحت في خفض هذه النسب، مثل ألمانيا وسنغافورة، اعتمدت على رؤية استباقية تجعل من الشباب شريكاً في الاقتصاد لا ضحية له. والسؤال الآن: هل نتحرك قبل فوات الأوان؟
(( لا يُقاس تقدم الأمم بما تملكه من ثروات، بل بما تقدمه لشبابها من فرص )). من أقوال مهاتما غاندي.
#رقية_الخاقاني (هاشتاغ)
Ruqaya_Alkhaqani#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟