أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - رقية الخاقاني - من حراسة الأجساد إلى حراسة العقول: كيف تحوّلت مهمة الأمهات في عصر السوشيال ميديا؟














المزيد.....

من حراسة الأجساد إلى حراسة العقول: كيف تحوّلت مهمة الأمهات في عصر السوشيال ميديا؟


رقية الخاقاني
صحفية وكاتبه وناشطة في حقوق المرأة

(Ruqaya Alkhaqani)


الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 08:34
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كانت (أم سلمى) تراقب ابنتها الصغيرة وهي تمسك الهاتف ببراءة، تضغط على الأيقونات الملونة بسرعة مذهلة، تنتقل من فيديو لآخر، من لعبة إلى أغنية، من صورة إلى تعليق. لم تكن الخطر الواضح يكمن في المحتوى الذي تشاهده الآن، بل في ذلك السيل اللامتناهي من الأفكار والقيم التي تتسرب إلى وعيها الصغير دون أن تدري. تساءلت الأم: كيف أحميها؟ الحجب؟ المنع؟ المراقبة؟ أم أن هناك طريقًا آخر؟.
في زمنٍ أصبحت فيه الشاشات نوافذ مفتوحة على عالم لا يُرى بحدوده، تحوّلت مهمة الأمهات من حراسة الأجساد إلى حراسة العقول. لكن الحل لم يعد في المصادرة أو المنع، فالتجربة أثبتت أن الأطفال الأكثر حجباً هم الأكثر بحثاً عن الممنوع، والأكثر عرضة للانجراف حين يكتشفونه فجأة. هنا تبرز فكرة (المناعة الفكرية)، وهي أن نُعزز في أطفالنا القدرة على التمييز، النقد، والاختيار، بدل أن نضعهم تحت جرس زجاجي.
تذكر (هدى)، وهي أم لثلاثة أطفال، كيف كانت تعيش في قلق دائم من اليوتيوب، حتى قرأت عن طفل تعرّض لمحتوى مخيف لأنه بحث عن (المنع) بطريقة ملتوية. قالت: (أدركت أن الخوف وحده لا يصنع وعيًا). بدأت بخطوات بسيطة: جلست مع أطفالها تشاهد ما يحبون، تسألهم: لماذا أعجبك هذا الفيديو؟ هل تعتقد أن هذه النكتة مناسبة؟ ماذا لو قال لك أحدهم كلمة سيئة عبر اللعبة، كيف ترد؟. حوّلت المشاهدة إلى حوار، والتحذير إلى توعية.
لم تكن هدى تعلم أنها تبنى (المناعة) عبر ما يسمى في علم التربية بـ(التعرض المدروس)، أي تدريب الطفل على المواجهة الذكية للمحتوى بدل تجنبه. تقول الدراسات إن الأطفال الذين يناقشون المحتوى مع أهلهم يصبحون أقل تأثرًا بالإعلانات المضللة أو التنمر الإلكتروني بنسبة 70%.
وفي إحدى الجلسات العائلية، سألت (ليلى) ابنها البالغ 10 سنوات: (لو شاهدت فيديو يقول إن الواجب المدرسي مضيعة للوقت، ماذا تفعل؟). ضحك الولد وقال: (سأقول له إنك ستغضبين مني!). ردت ليلى: (لا، ليس لأنني سأغضب، بل لأن الواجب يجعلك تتعلم، والفيديو قد يكون هدفه كسب مشاهدات فقط).
هنا انتقلت الرسالة من (الخوف من العقاب إلى فهم المغزى).
هذا النقاش البسيط يلخص فلسفة (التوعية بدل الحجب): تحويل كل موقف إلى فرصة لتعليم التفكير النقدي. حين يعرف الطفل أن بعض المحتويات تُصنع لجذب انتباهه فقط، أو أن التعليقات السلبية قد تكون بسبب مشاكل نفسية عند كاتبها، يصبح أقل عرضة للتأثر العاطفي، وأكثر قدرة على التحليل.
لكن ماذا لو كانت الأم نفسها تقضي ساعات في التصفح؟ تقول (نورا)، وهي معلمة: (رأيت طفلي يقلدني في الهوس بالهاتف، فقررت أن أكون قدوته بطريقة مختلفة). بدأت تشاركه مقاطع مفيدة، تشرح له كيف تتحقق من صحة الأخبار، بل وأصبحا يلعبان لعبة (اكتشف الكذب) في الإعلانات معاً. تقول نورا: لم أعد أخاف على أولادي من السوشيال ميديا، لأني علمتهم أن يكونوا أقوى منها.
وفي النهاية، القصة ليست عن تقنية أو تطبيقات، بل عن وعي. وعي الأم بأن دورها لم يعد مجرد رقابة، بل (تطعيم) يومي لعقل طفلها. كل مناقشة، كل سؤال، كل قصة ترويها له عن حقيقة العالم الافتراضي، هي جرعة مناعة.
كما قالت إحدى الأمهات: (لم أعد أمنع ابني من البحر، بل علمته السباحة). ربما هذه هي الرواية الجديدة التي تحتاجها الأسر: أن نصنع أطفالاً لا يغرقون في السوشيال ميديا، لأنهم تعلموا كيف يبحرون.



#رقية_الخاقاني (هاشتاغ)       Ruqaya_Alkhaqani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزواج على حافة الهاوية.. عندما تتحول المنصات الاجتماعية إلى ...
- شراكة من أجل التغيير .. تكامل الأدوار بين الإعلام ومنظمات ال ...
- خطر صفحات الفيس بوك في توجيه الجمهور بمعلومات خاطئة
- جرح في القلب وصدع في الروح: عندما يهجر الأبناء الآباء
- بين التوجيه والمراقبة.. كيف تقود الأم العراقية بناتها نحو ال ...
- المرأة العراقية.. حصن المجتمع ضد التطرف وجسر التعايش السلمي
- بين التنوير والتطرف.. دور الشباب في صناعة السلم المجتمعي
- الأزياء والمهن التقليدية.. إرث عراقي في مواجهة الحداثة
- فرحة العيد في عيون الأطفال
- التعليم الأكاديمي وسوق العمل .. فجوة تحتاج إلى جسر تدريبي.
- تأثير الموبايل وتطبيقاته على الأطفال وعزوفهم عن الدراسة
- احتفاء بالتراث وتجديد للأمل .. عيد نوروز في العراق
- الذكاء الصناعي ودوره في تعزيز التعليم والتدريب للنساء في الم ...
- الأم العراقية صبر يُجاهد المحن وصمود يصنع الأمل
- المرأة النجفية بين التراث والحداثة
- دور المرأة القيادي في المجتمعات المعاصرة
- تأثير التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على تربية الأبناء
- العنف الأسري ضد الأطفال: جريمة صامتة تهدد مستقبل المجتمع
- حواء العراق في عيدها السنوي
- كوبرا المخدرات .. تزحف رويدا- والعوائل تدق ناقوس الخطر


المزيد.....




- صدمة.. وفاة أوّل امرأة إفريقية تُشرف على بينالي البندقية عن ...
- مراسلنا: 15 قتيلا بينهم 11 طفلا وامرأة في غارة إسرائيلية است ...
- صورة الريفيات التونسيات في مسلسل “رقوج- الكنز 2”
- “800 د.ج“ كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 ...
- فتحت تاني يا سيدات.. تسجيل منحة المرأة الماكثة بالبيت 2025 و ...
- الآثار الجانبية لأوزمبيك تُقلق المرضى والتبليغ عنها يتضاعف.. ...
- دراسة: متلازمة -القلب المكسور- تفتك بالرجال بمرتين أكثر من ا ...
- امرأة متزوجة من روبوت ذكاء اصطناعي تدّعي أنها مغرمة به وتتحد ...
- خشية غسيل الأموال.. العراق يحقق في مهور الزواج المبالغ فيها ...
- الشرطة تطارد -سامية-.. رجل ينتحل صفة امرأة ويمارس الشعوذة في ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - رقية الخاقاني - من حراسة الأجساد إلى حراسة العقول: كيف تحوّلت مهمة الأمهات في عصر السوشيال ميديا؟