أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حامد الشمري: شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية














المزيد.....

حامد الشمري: شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8346 - 2025 / 5 / 18 - 20:12
المحور: سيرة ذاتية
    


في مشهدٍ شعريٍّ تتنازعه الحداثة والتقليد، يقف الشاعر والمترجم حامد خضير الشمري شامخًا كجسر يربط بين الضفاف، شاعرًا يكتب العمود برشاقة العارف، ومترجمًا ينهل من ينابيع الشعر العالمي ليقدّمه لقارئه العربي بحرفية المحترف وذائقة العاشق.
ولد الشمري في مدينة الحلة – ناحية أبو غرق بتاريخ 1 تموز 1956، وفيها أكمل مراحل دراسته الأولى، ثم التحق بكلية الآداب – قسم اللغات الأوروبية، فدرس الإنكليزية والألمانية وتخرج عام 1980، واضعًا بذلك لبنة أساسية في مشروعه المزدوج: الشعر والترجمة.
منذ تسعينيات القرن الماضي، لم يكن الشمري مجرد شاعر يكتب في عزلته، بل كان فاعلًا في المشهد الثقافي العراقي، إذ انتمى إلى اتحاد الأدباء والكتاب في بابل عام 1993، وأسهم بتأسيس جمعية الرواد الثقافية المستقلة، كما شغل مناصب تحريرية وثقافية أبرزها نائب رئيس تحرير مجلة "أهلة"، ومسؤول القسم الثقافي في صحيفة "الإقليم".
وشارك في عشرات المهرجانات الشعرية داخل العراق وخارجه، منها مهرجان المربد ومهرجان الجواهري ومهرجانات الحشد الشعبي، ومثّل العراق في مهرجانات دولية مثل مهرجان البيان في إيران ومهرجان الإسكندرية للشعر العربي.
ينتمي حامد الشمري إلى مدرسة الشعر العمودي، ويُعدّ من الشعراء الذين أخلصوا للوزن والقافية دون أن يتقوقعوا في قوالب جامدة. في مجموعاته الشعرية، مثل "نقوش على كوفية أبي جهل" و"قاطع الأحجار و"مرويات شيخ البادية"، يقدّم قصيدة متينة البناء، مشبعة بالتأمل، ثرية بالصور، تتكئ على إرث شعري عميق لكنها لا تنزلق إلى التقليد المجرد.
يرى النقاد في شعره امتدادًا واعيًا للعمود العربي، ويثنون على قدرته على المواءمة بين الرؤية الفكرية واللغة الشعرية، ويشيرون إلى امتلاكه صوتًا خاصًا يتجنب النمطية، بل يتجدد في الثيمة والأسلوب مع الحفاظ على جمالية الإيقاع.
في مجال الترجمة، يُعد حامد الشمري من أبرز من نقلوا الشعر العالمي إلى العربية. تميز بترجماته الشعرية التي لم تكتفِ بالنقل اللغوي، بل سعت إلى نقل روح القصيدة. نذكر من أعماله في هذا الباب:
قصائد حب عالمية" (199) - خمائل" و"فراديس"، وهما مختارات شعرية عالمية. أنا أخماتوفا" (2023)، وهو كتاب يقدّم ترجمات منتقاة من الشاعرة الروسية الشهيرة. كما ترجم أعمالًا عراقية وعربية إلى اللغة الإنكليزية، من بينها "نقوش على أسوار بابل".

يثني المتابعون والنقاد على ترجماته باعتبارها جسرًا حيويًا بين الثقافات، ويُشيدون بقدرته على إيصال النَفَس الشعري دون افتعال أو تشويه، وهو ما يدلّ على تمكّنه العميق من اللغتين الأصلية والمترجَم عنها.
لم تمرّ مسيرته دون تقدير، فقد حصل على درع الإبداع (2012)، ودرع بغداد (2015) من منظمة الكلمة الرائدة، إضافة إلى العديد من الشهادات التقديرية التي تكرّم دوره كشاعر ومثقف ومترجم.
وحامد الشمري ليس مجرد اسم في قائمة الشعراء أو المترجمين، بل هو شخصية ثقافية متعددة الوجوه، حافظ على جماليات العمود الشعري في زمن الميل إلى التفكيك، وفتح النوافذ على العالم عبر ترجمات راقية. إنه باختصار صوت أصيل من الحلة.. ونافذة مشرعة على العالم.
ومن شعره هذه القصيدة الرائعة:
كفاكَ صمتا فإني كدت أنفجر فهل بصدرك قلب أم به حجر
أحوم حولك ظمأى الروح من كبَتٍ والحب ينثر أشلائي فأستعر
قد كان ثلجك نارا في دمي اندلعت فافتح ذراعيك علي فيك أنصهر
أشم ريحك عن بعد ويطربني في هدأة الليل سرا صوتك العطر
ما زال قلبي كالصحراء قاحلة فاسكب رضابك حتى يهطل المطر
أومئ بكفك تأتِ الروح طائعة وكل ما فيَّ منك الأمرَ ينتظر
وأنت سجادتي في كل نافلة وأنت في الليلة الظلماء لي قمر
تجسدت فيك أحلامي بأجمعها إن الرجولة دوما فيك تختصر
أنا الأميرة إن شرفت مملكتي ما عدت أعنى بمن غابوا ومن حضروا
وقصيدته هذه تنتمي إلى شعر الغزل العاطفي، وهي مكتوبة على البحر الكامل، ويبدو من نَفَسها العاطفي أنها نُظمت بلسان أنثوي متكلم، تتوجه بالخطاب إلى محبوبٍ تترنح مشاعرها على أعتاب صمته وبروده. فهي صرخة وجدانية تمزج بين العتب والشوق والانجذاب الكلّي، إذ تبدأ بنداء صريح:" كفاك صمتًا فإني كدت أنفجر، لتعبّر عن حالة احتقان شعوري أوشك على الانفجار، نتيجة صمت الطرف الآخر. وتزخر ابياتها بصور تشبيهية واستعارية حسية: أحوم حولك ظمأى الروح" و"الحب ينثر أشلائي" تصويران يعكسان شدة التعلق والتشتت. ثلجك نار" و"فيك أنصهر" تنقل تقلبات شعورية متضادة بين البرود والاشتعال. أنت سجادتي... وأنت قمر" فيها إسقاط ديني وعاطفي يوحي بالتقديس والانبهار.
وتتجلى الشاعرية في لغتها وأسلوبها، فهي ناعمة، مشحونة بالعاطفة والأنوثة، يبرز التكرار والتضاد كأدوات أسلوبية (الثلج/النار، الصمت/الانفجار) والفاظها منتقاة بعناية، وذات حمولة شعورية عالية (الظمأ، المطر، الانصهار، العطر). والقصيدة لا تكتفي بالتغني بالمحبوب، بل تؤسس له هالة من السيطرة العاطفية والروحية، فهو الحاكم، وهي الأميرة، وهو القمر، وهي المشتاقة إلى النور. إنها حالة عشق كلي وانقياد إرادي.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور جليل كمال الدين المُترجِم الذي أهدى القارئ العربي دف ...
- جبار الكواز.. صائغ الطين وحارس الذاكرة البابلية
- الدكتور علي إبراهيم قارئ السرد العراقي وناقد الغربة الحيّة
- أحمد زكي كاظم الأنباري بين ضوء الكلمة ونبض التاريخ
- الشاعر عبد الهادي عباس طاقة شعرية متجددة
- ذات زمن في بغداد – قراءة في مذكرات مارغو كرتيكار
- قراءة في قصيدة - لون لا تعرفه الشمس-
- قراءة في رواية المتألم المتأمل
- الشاعر مالك مسلماوي.. أصالة الحرف وتجريب القصيدة
- القاضي زهير كاظم عبود كفاحه العلمي ونزاهته في القضاء
- عبد علي حسن... واعادة تشكيل الوعي السردي
- المجموعة القصصية وجه أزرق بين التكثيف والايحاء الرمزي
- ذو النون أيوب يدافع عـــــــن الرصافــي
- رحلة الشرق الأوسط
- الناقد باقر جاسم محمد وآراؤه النقدية
- العتابا والأبوذية الجذور والفروق وأسبقية الظهور
- الشاعرة وداد الواسطي اصالة في الشعر وفرادة في التعبير
- الشاعر العراقي جبار الكواز شاعر متجدد
- الشاعر سعد الشلاه شاعرية متأخرة لم تأخذ طريقها للبروز
- الشاعر حميد يحيى السراب: مسيرة إبداعية ناضجة


المزيد.....




- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء
- صحوة تونس القادمة تبدأ من هنا
- داخلية سوريا تعلن توقف اشتباكات السويداء والعشائر تتوعد برد ...
- أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع الم ...
- مظاهرة في تل أبيب تدعو ترامب للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب ...
- لهذه الأسباب تبدو الهدنة في غزة قريبة جدا
- فعاليات احتجاجية في الأردن رفضا لتجويع غزة?
- السفير الأمريكي يدعو إلى محاسبة مهاجمي كنيسة في الضفة الغربي ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حامد الشمري: شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية