أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - تأمل في مشهدٍ يتدحرج من السلة إلى السلطة














المزيد.....

تأمل في مشهدٍ يتدحرج من السلة إلى السلطة


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8336 - 2025 / 5 / 8 - 09:51
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


كأننا أمام لوحةٍ سوريالية، يتماوج فيها الظل مع الضوء، ويلتحم فيها اللهو مع الدهاء، حيث الرياضةُ تُستعارُ قناعًا، والابتسامةُ تُستثمرُ خطابًا. ما بين قميصٍ رياضيٍ فضفاض، وبدلةٍ دبلوماسيةٍ مشدودة الأزرار، يطلّ علينا رجلان، لا ليمارسا الرياضة، بل ليختبرا مرونة العقل الجمعي، ومدى قابلية الشعوب لتصديق المراوغة باسم البراءة.

أيُّ عصرٍ هذا الذي يصير فيه لعبُ الكرة خطابًا رسميًا؟ وأيُّ لغةٍ تلك التي يترجم فيها العَرَق إلى مصطلحٍ سياسي؟ لقد تجاوزنا مرحلة الرموز، لنغرق في زمن "اللا-رمزية"، حيث تصبح الصورة بلا شيفرة، والرسالة بلا نية، لكنها مع ذلك... تحرّك المياه الساكنة، وتستفزّ الرؤوس الراكدة.

لم يكن الفيديو الذي جمع أحمد الشرع ووزيره في لحظة رياضية سوى رقصةٍ قصيرة على مسرحٍ كبير. ظنّ البعض أنه لا يعني شيئًا، لكنه يعني كل شيء. ففي السياسة، العدم أحيانًا هو أكثر حضورًا من الوجود، والسكون أكثر ضجيجًا من العاصفة. من خلف ابتسامة الوزير، ومن بين أهداب النظرة اللاهية، تختبئ نصيحة عثمانية الطراز، مدفوعة بثمنٍ خليجي، وموقعة بحبرٍ إخواني، لتقول لفرنسا: "استقبلوه، فالرجل لا يحمل بندقية... بل كرةً مطاطية."

كأن المشهد يقول: نحن لا نخيف، بل نلعب. لا نحكم، بل نلهو. لكنه لهوٌ ملغوم، ينقل الرسالة لا بالكلمة، بل بالإيماءة، لا بالخطاب، بل بالمشهدية التي تعرف كيف تخاطب خيال السياسي الغربي، وتطمئن قلقه بالركبة المرتفعة واليد الممتدة نحو السلة، لا نحو البندقية.

أما في السويداء، فالقصة تأخذ منحىً آخر. هنا لا كرة، بل كرامة. لا فيديو، بل وقائع. رجالٌ من جبلٍ عريق، قرروا ألا يكونوا طرفًا في مهزلةٍ تكتبها عواصم الغرب والشرق، بل صانعي قدرٍ محليّ، يكتبونه بالدم إن لزم الأمر، وبالحكمة إن أُتيح. وحين تهافتت الأبواق تتهمهم بالاستقواء، لم يردّوا بالبيانات، بل بالصمود. ومن فلسطين، هبّ الصوت الدرزي لا خيانة، بل عروبة أخرى، تُذكّرنا أن الهوية لا تنحصر بخط حدود، بل بخيط دم مشترك.

هنا، لا عيب في التضامن، ما دام لا يُترجم إلى تبعية. ولا ملامة في التلاقي، ما دام لا يُفضي إلى انبطاح. والمفارقة أن من كانوا بالأمس يُداوَون في مشافي تل أبيب، يرفعون اليوم رايات التكفير على من طلب التضامن، لا الدعم. فبأي منطق يُحرّم التضامن مع أبناء الطائفة، ويُحلّ العلاج في أحضان العدو؟ بأي مكيالٍ تُقاس الوطنية حين يكون معيارها هو مصلحة التنظيم لا كرامة الوطن؟

الفيدرالية؟ إنها ليست بدعة، بل مخرج. ليست مؤامرة، بل بنية عقلانية لعصرٍ لم يعد يحتمل الاستبداد المقنّع بالمركزية. من يُعارضها اليوم، يفعل ذلك لا لأن فيها شرًا، بل لأن فيها اقتسامًا للنفوذ، وانكشافًا للهيمنة. أما إسرائيل، فهي لا تدفع بهذا الاتجاه حبًا بالدروز، بل لأن كل تفتت في سوريا يُقرّبها من غايتها الكبرى: جارٌ مفكك، يُدار من أطرافه، لا من قلبه.

والذباب الإلكتروني الذي يتراقص على حبال الوطنية المزعومة، ليس سوى جيش بلا عقيدة، يسهل اختراقه وتوجيهه. مرةً يهاجم باسم الدين، وأخرى باسم الدولة، وثالثة باسم الأخلاق التي لا يعرفها. هذا الجيل الرقمي لا يعكس روح الأمة، بل صدى من يدفع أكثر. وما دامت الدولة غائبة عن خطابها، سيتكلم عنها غيرها، وسيُكتب اسمها بأيدٍ لا تعرف عنها شيئًا سوى ما يُمنح لها من ملفات.

أما باريس، فإنها تستعدّ لعرضٍ جديد، حيث لا يُباع النفط، بل الوعد. وحيث لا تُوقّع اتفاقيات، بل تُرسم احتمالات. الشرع يدخل المدينة العتيقة لا ليحمل خارطة، بل ليبيع المستقبل بالتقسيط. وماكرون، الحالم باستعادة دورٍ فرنسي في الشرق، قد يجد في هذا الضيف فرصةً أو فخًا... وربما الاثنين معًا.

نحن في لحظةٍ تتداخل فيها الجغرافيا بالتكتيك، وتتقاطع فيها الخيانة بالمصلحة، وتتماهى فيها البراءة بالتضليل. ومن السلة الرياضية إلى سلة المصالح، تسير الأمور على حبالٍ مشدودة. والسؤال يبقى:
هل ستسقط الكرة في الشبكة، أم في هوةٍ لا قعر لها؟



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تتهامس الجغرافيا بالعقل: التأمل في مصير وطن تحكمه الأطيا ...
- تحت ظلال قامشلو: أنشودة الكورد في خريف العصور
- أغاني التراب: حين تسافر الأمم في ليلها الطويل
- المتاهة السورية: بين سراب السيادة وظلال الأطياف الإقليمية
- نسيج الأقطار: سيمفونية الصراع ورنين الأمل
- أردوغان في متاهة السياسة: بين سندان الداخل ومطرقة الخارج.. ه ...
- العاصفة الصامتة: كيف حوّلت الصين ساحة الحرب الاقتصادية إلى ر ...
- أطياف النفوذ وسراب القوة: إيران والعراق في متاهة التحولات ال ...
- لعبة المصالح: الدبلوماسية بين الوهم والواقع في ظل صراع الأجن ...
- تأملٌ في متاهات الهويّة وسراديب السلطة
- أحجية السلطة والدماء: سردية القمع في مرايا التاريخ التركي
- رقصة الموتى على أنقاض الضمير: سوريا وتأملات في انكسار المرآة ...
- بين لعنة الجغرافيا وخيانة الجيوسياسة: القضية الكوردية في مهب ...
- أوتار الحرية… بين ناي الصمت وطبول النسيان
- ظلال التاريخ وغدرة الزمان: قراءة نقدية في نوايا تركيا تجاه ا ...
- حين تنحني الكلمات لروحٍ لا تنحني
- بين سيوف الطغاة ومكر الساسة: الأكراد في متاهة الجغرافيا والد ...
- السياسة التركية بين الخوف والتبعية: بين الجغرافيا السياسية و ...
- سوريا: أوديسة الوجود بين صراع الآلهة الأرضية وجغرافيا الدم
- تأمل في سوريا: بين الفوضى والأمل


المزيد.....




- ترامب يتبنّى مصطلح -الخليج العربي- رسمياً، ما جذور الخلاف ال ...
- ترامب يعلن عن -صفقة تجارية رائعة- مع بريطانيا ويتحدث عن اتفا ...
- هآرتس عن دراسة: جندي من كل ثمانية قاتلوا في غزة غير مؤهل عقل ...
- الهتافات تتعالى في ساحة القديس بطرس مع الإعلان عن انتخاب باب ...
- العنف الجنسي خلال الطفولة يتفاقم حول العالم
- هل توفر أوروبا -اللجوء العلمي- للباحثين الفارين من ترامب؟
- لماذا يتجاهلون محرقة العرق السلافي؟
- ذكرى النصر.. لقاح ضد جائحة النازية
- ليخاتشوف يؤكد استعداد موسكو لإعادة الوقود النووي الأمريكي من ...
- لرصد حاملات الطائرات الأمريكية.. الحرس الثوري الإيراني يكشف ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - تأمل في مشهدٍ يتدحرج من السلة إلى السلطة