أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوتان زيباري - أردوغان في متاهة السياسة: بين سندان الداخل ومطرقة الخارج.. هل تنهار التجربة التركية وتجرّ سوريا إلى الهاوية؟














المزيد.....

أردوغان في متاهة السياسة: بين سندان الداخل ومطرقة الخارج.. هل تنهار التجربة التركية وتجرّ سوريا إلى الهاوية؟


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 10:33
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في قلب الأناضول، حيث تلتقي رياح التاريخ بنسمات الحداثة، يقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مفترق طرق مصيري. ليست هذه المرة الأولى التي يواجه فيها العاصفة، لكنها قد تكون الأخيرة التي يمتلك فيها زمام المبادرة قبل أن تتحول العاصفة إلى إعصار يكتسح ما تبقى من مشروعه السياسي، بل ويهدد استقرار تركيا ككل، ويمتد تأثيره إلى جارتها المنكوبة سوريا. فكيف وصلت الأمور إلى هذا المنعطف الحرج؟ وما هي الخيوط الخفية التي تربط مصير أنقرة بدمشق؟

المخطط الذي تحوّل إلى فخّ
لطالما اُعتبر أردوغان سيدًا في لعبة الشطرنج السياسية، يُحكم خطواته بحسابات باردة، لكن محاولته إقصاء منافسه الأبرز، أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، كشفت عن ثغرة في درعه. لقد حاول أن يلعب بورقة القضاء ليُسقط شرعية خصمه بإلغاء شهادته الجامعية ثم سجنه بتهم فساد تبدو هشة، كُتبت بماء الذهب السياسي لا بحبر العدالة. لكن المفارقة أن هذه الخطوة، التي بدت للبعض "ذكية شيطانية"، انقلبت إلى سلاح ذي حدين. فبدلًا من تحييد إمام أوغلو، أضفت عليه هالة البطل المضطهد، وأشعلت الشارع التركي الذي خرج في احتجاجات متتالية، كأنما يستيقظ من سبات طويل. حتى حليف أردوغان التقليدي، حزب "الحركة القومية" بزعامة دولت بهتشلي، بدأ ينتقد الإجراءات ويطالب بـ"أدلة دامغة" أو إطلاق سراح الرجل. فهل نسمع هنا همسات انقسام في التحالف الحاكم؟

الاقتصاد.. الشبح الذي يطارد القصر
لا يمكن فصل الأزمة السياسية عن الانهيار الاقتصادي المتسارع. فالعملة التركية تتهاوى، والاستثمارات الأجنبية تتراجع، والغضب الشعبي يتصاعد. والأخطر أن "الدولة العميقة" – تلك الكتلة غير المرئية من المؤسسات العسكرية والأمنية – بدأت تُظهر قلقها من تحوّل تركيا إلى "دولة منفعة حزبية" حيث يُختزل القضاء إلى أداة تصفية حسابات، وتُدار المناقصات بالولاء لا بالكفاءة. هذا النموذج، الذي يُذكرنا بأنظمة عربية بائدة، يقوض ثقة المستثمرين ويبعد تركيا عن أوروبا أكثر مما تفعل أي عقوبات. حتى أن الاتحاد الأوروبي ألغى اجتماعين مرتقبين في أنقرة، وكأنما يقول: "لا مكان لكم بيننا ما دامت العدالة مُعلَّقة في الميزان".

سوريا.. المرآة العاكسة للأزمة التركية
هنا تتدخل الجغرافيا والتاريخ ليربطا مصير دمشق بأنقرة بشكل عضوي. فالنظام السوري، برئاسة أحمد الشرع، يُدار – بحسب مصادر موثوقة – كنسخة باهتة من النموذج الأردوغاني: حكم مركزي مطلق، إقصاء للمعارضة، وتهميش للقضاء. والأكثر إثارة أن الميليشيات الأجنبية في سوريا، والتي تتحرك بأذرع مخابراتية تركية، تُستخدم كأداة ضغط لإبقاء الشرع تحت الوصاية. فهل نرى هنا محاولة تركية لتصدير أزمتها الداخلية إلى الجار السوري؟

لكن اللعبة أكبر من ذلك. فالقوميون الأتراك، الذين يخشون من تحول المنطقة إلى "شرق أوسط جديد" يتعاون مع إسرائيل، يرون أن حل "المسألة الكردية" هو المفتاح لدور تركي إقليمي. فبينما تتجه أكراد سوريا والعراق نحو علاقات مع تل أبيب، تريد أنقرة أن تزيح هذه العقبة لتبقى في اللعبة. لكن أردوغان، الغارق في معاركه الداخلية، لم يعد قادرًا على تقديم نفسه كقائد إقليمي موثوق.

خيارات أردوغان: الانحناء أو الانهيار
الرجل الذي قاد تركيا لعقدين يقف الآن أمام خيارين: إما أن "ينحني للعاصفة" – كما فعل في السابق – ويطلق سراح إمام أوغلو، ويُصلح النظام القضائي، ويعيد بناء الجسور مع الاتحاد الأوروبي، أو أن يتمسك بسلطته المطلقة حتى تُدفن معه أحلام تركيا بالانضمام إلى النادي الأوروبي، وتتحول إلى دولة منعزلة، تُحكم بالفساد والقمع.

أما سوريا، فستبقى الساحة الأكثر تأثرًا بتقلبات أنقرة. فكل هزة في النظام التركي ستُترجم إلى زلزال في دمشق، حيث تُمسك تركيا بخيوط اللعبة من خلف الستار. والسؤال الذي يلوح في الأفق: إذا سقط أردوغان، فهل يسقط معه نظام الشرع أيضًا؟

في النهاية، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، لكن هذه المرة كمأساة لا كملحمة. فتركيا، التي حلمت بأن تكون جسرًا بين الشرق والغرب، تكاد تنهار تحت وطأة تناقضاتها. وسوريا، التي أنهكها الحرب، تُساق إلى مصيرها كقطعة في لعبة كبرى لا تُدار من دمشق، بل من قصور أنقرة وأروقة واشنطن.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاصفة الصامتة: كيف حوّلت الصين ساحة الحرب الاقتصادية إلى ر ...
- أطياف النفوذ وسراب القوة: إيران والعراق في متاهة التحولات ال ...
- لعبة المصالح: الدبلوماسية بين الوهم والواقع في ظل صراع الأجن ...
- تأملٌ في متاهات الهويّة وسراديب السلطة
- أحجية السلطة والدماء: سردية القمع في مرايا التاريخ التركي
- رقصة الموتى على أنقاض الضمير: سوريا وتأملات في انكسار المرآة ...
- بين لعنة الجغرافيا وخيانة الجيوسياسة: القضية الكوردية في مهب ...
- أوتار الحرية… بين ناي الصمت وطبول النسيان
- ظلال التاريخ وغدرة الزمان: قراءة نقدية في نوايا تركيا تجاه ا ...
- حين تنحني الكلمات لروحٍ لا تنحني
- بين سيوف الطغاة ومكر الساسة: الأكراد في متاهة الجغرافيا والد ...
- السياسة التركية بين الخوف والتبعية: بين الجغرافيا السياسية و ...
- سوريا: أوديسة الوجود بين صراع الآلهة الأرضية وجغرافيا الدم
- تأمل في سوريا: بين الفوضى والأمل
- متاهة التوافق المدمر: تركيا، إسرائيل والرقص الدقيق للشرق الأ ...
- الكورد، القضية والوجود: بين حلم الدولة وواقع القمع
- الكورد والجغرافيا السياسية: لعبة الشطرنج بين أنقرة وطهران
- في مجاهل العقل وانحناءات التاريخ
- ملحمة الصمود الكردي: فلسفة النضال بين مطرقة القمع وسندان اله ...
- أنشودة التغيير في سماوات سوريا المتأرجحة


المزيد.....




- أولاد عمرو دياب يحتفلون بعيد الأب بصور -دافئة- من طفولتهم
- 128 قتيلا على الأقل بينهم نساء وأطفال في الضربات الإسرائيلية ...
- فيديو متداول لـ-انهيار مبنى- في إسرائيل جراء صاروخ إيراني.. ...
- الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق دفعة صواريخ جديدة من إيران
- +++ هجمات صاروخية متبادلة بين إسرائيل وإيران+++
- دراسة: هكذا يؤثر التوتر على النوم وعلى الذاكرة
- الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق صواريخ من إيران باتجاه إسرائيل
- بوتين: لا يمكن الوثوق بالأعداء
- أردوغان يجري سلسلة اتصالات مع قادة المنطقة على خلفية المواجه ...
- -رويترز-: سماع دوي انفجارات في تل أبيب


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوتان زيباري - أردوغان في متاهة السياسة: بين سندان الداخل ومطرقة الخارج.. هل تنهار التجربة التركية وتجرّ سوريا إلى الهاوية؟