أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - دلور ميقري - تاريخٌ تركيّ ، بلا عِبْرة















المزيد.....

تاريخٌ تركيّ ، بلا عِبْرة


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1805 - 2007 / 1 / 24 - 05:21
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


" إنّ الشعب التركي هو النموذج اللا إنساني الأكبر للإنسانية ، ويجب على العالم المتمدّن أن يطرحه مع أسلحته وأمتعته خارج أوروبة " : هكذا كان تصريحُ غلادستون ، الوزير البريطاني ، عشيّة قمع العثمانيين ، الفائق الوحشية ، لثورة البلقان ، العارمة ، المندلعة في عام 1876 ( من كتاب : السلطان عبد الحميد الثاني وفلسطين ، لرفيق شاكر النتشة ـ القاهرة 1990 ، الصفحة 52 ) . يقيناً ، إنّ هذا التصريحَ ، الشديد اللهجة ، كان سيَصمُ صاحبه بالعنصرية ، لو قدّر له أن يصدرَ في أيامنا هذه عن مسؤول غربيّ ، مهما كان سببه الموجب . وبالمقابل نقولُ ، كم هيَ متشابهة ـ ومتطابقة في الواقع ـ تلك الظروف السياسية ، الناشئة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ، مع مثيلتها في زمننا الحاضر ، الموافق لمستهلّ القرن الحادي والعشرين : فقمع الحكومة التركية لملة الكرد ، اللا إنساني ، بلغ طوال العشرين عاماً ، الفائتة ، حداً قصياً ما عاد له من مثيل ، سوى في عهد جارهم البائد ، صدّام حسين . لم يتبدّل شيءٌ إذاً في " النموذج التركيّ " ذاكَ ، الموصوف آنفاً ؛ وما كانَ يجوز له تبديلا ! فأسلاف العثمانيين هؤلاء ، وبالرغم من حقيقة أنهم الآن في أوج ضعفهم وإهتراء دورهم الإقليمي ( والإستراتيجي خصوصاً ، بزوال الخطر السوفياتي ، السابق ) ما فتئوا على إعتدادهم ، المرضي ، بأنفسهم ؛ بعرقهم النقي ـ كذا ، حتى وهم يستجدون على أبواب أوروبة ، التي سبق أن طردوا منها بأسلحتهم وأمتعتهم .

ما أفدحَ قحّة أردوغان ، رئيس الوزراء التركي ، وهو يتلو التصريح تلوَ الآخر ، عن موجبات تدخل عسكره في العراق ، لوقف ما دأبَ على وصفه : " التغيير الديموغرافي لمدينة كركوك ، الذي يقوم به الكرد على حساب الأكثرية التركمانية " . لن نسألَ هنا دولة الوزير الأول ، عن الطبيعة الديموغرافية لمدن كبرى ، مليونية ، متركنة على خارطة ما يُسمى بـ " جنوب شرق تركية " ـ كديار بكر ، مثلاً ، وما إذا جرى " تكريدها " أيضاً .. ولن نسأل دولته كذلك ، عما إذا كان كرد العراق ، المُحْدِقون بمدينة النفط تلك ، همُ من نفس جنس " أتراكه الجبليين " ، أم لا : فغنيّ عن التأكيد ، على أيّ حال ، أنّ البارزاني الأب ، كان في عام 1974 الميلادية ، قد أعلن ثورته على النظام البعثي التكريتي ، من أجل مدينة كركوك ، بالذات . أم أنّ تلك كانت ثورة تركمانية ، وقائدها كان أباً للترك ( أتاتورك ! ) وليس أبَ مسعود البارزاني ؛ رئيس إقليم كردستان ؟؟ أم أنّ أهل مدينة " حلبجة " ، كانوا ما يزالون على " الهوية العثمانية " حينما نحروا بالسلاح الكيماوي .. وكذا الأمر بالنسبة لضحايا " الأنفال " ، المائة وثمانين ألفاً .. ؟؟ يقيناً ، لو أنّ تركية دولة تحترم بحق نفسها ( ولا نقول : سمعتها ! ) ، لكان حرياً بحكومتها وبرلمانها وصحافتها وجنرالاتها و .. أن يبادروا على الفور للتحقيق في تلك المعلومات ، الأكثر من خطرة ، والتي تمّ تسريبها من محاكمة الأنفال ، عن التعاون التركي ـ العراقي ، الموثق ، في تلك الجرائم ضد الإنسانية ( الجينوسايد ) في منتصف ثمانينات القرن المنصرم . أم أنّ الحال ، وقتئذٍ ، كان واحداً : حوالي خمسة آلاف قرية ، وعشرات البلدات والقصبات ، المحروقة عن بكرة بشرها ، في الجانب العراقي من كردستان ؛ يقابلها العدد نفسه ، تقريباً ، على الجانب التركي من البلاد ذاتها ، المنكوبة بشعب غيرَ مرغوب به من لدن سدَنة البعثية والطورانية ، على السواء .. ؟؟

قضمَت الدولة الكمالية ، عام 1939 ، لواء إسكندرون ، السوري ، وألحقته بخريطتها منذئذٍ ، مستعينة بقوتها العسكرية ومتحدية ً الإحصاء السكاني الذي كان قد سبق لعصبة الأمم ، وقتذاك ، أن أجرته في عموم اللواء : كانت نسبة الترك ، بحسب أرقام اللجنة الدولية القائمة على الإحصاء ، لا تتجاوز 9 % من السكان ! نفس الواقعة ، كما هوَ معروف ، كررها العسكر التركي في جزيرة قبرص ، عام 1974 ، حينما إجتاحها بشكل فظ ، بحجة حماية " مواطنيه " هناك . لقد تمّ الإستيلاء على أكثر من نصف أراضي الجزيرة تلك ، اليونانية ، لخاطر ما زعم أنه حماية " الأغلبية التركية " في شمالها ، والتي لم تتجاوز نفوسها عامئذٍ العشرين بالمائة من السكان ! .. تلك الواقعة ، الأولى ، التي هُضمَ فيها الحق العربي ، أضحتْ ملكاً للتاريخ . ولكنها ، على كل حال ، تحيلنا إلى تبجحات السلالة الكمالية ، الحالية ، عن حقوق " الغالبية التركمانية " في كركوك ، وغيرها من المدن الكردستانية : فاللعبة ذاتها ، يتعيّن على الحكومة التركية القيام بها في العراق ، ما دامت قوتها العسكرية ، الضاربة ، قد حُشدت هناك على الحدود الشمالية ، منذ لحظة سقوط الطاغية التكريتي . إنها لعبة ، ما عادتْ تأبه بأسطورة " الغالبية التركمانية " ، التي كانت إلى الأمس القريب تقدّر تعداد نفوسها ، بنفسها ، بثلاثة أربعة ملايين : إذ تجلت الأرقام الحقيقية في إنتخاب البرلمان العراقي ، لما فاز " ممثلو " هذه الملة نفسها بمقعد واحد وحيدٍ ، شبيهٍ بالصفر الرنان ! .. هؤلاء الأخيرون ، وقد عاينوا بحنق تبدد أوهامهم وإختلاقاتهم ، ما عاد لهم من شاغل غير التغني بالدولة العراقية ، المركزية : عجباً من منطقهم ، وهمُ الممثلون المفترضون لمجموعة عرقية ، عانت ما عاناه غيرها من أقليات العراق تحت سلطة الدولة القومية الواحدة ( العروبية ) ، ثمّ لا تجدُ حرجاً من المطالبة بعودة السلطة ذاتها ، بإسمها ورسمها وعلمها .. وصدّامها ربما !؟

الدولة الكمالية ، كما ذكرنا ، سلبَتْ لواءنا ، السوريّ ؛ إسكندرون . والنظام الأسدي ، في عهد الوريث الجمهوري ، قد إعتبَرَ هذه المسألة ، الوطنية ، سلعة للمساومة مع حكومة أنقرة . فما كان من نظامنا هذا سوى التنازل بطيبة خاطر عن الحق التاريخي باللواء ، لقاءَ تعهد تلك الحكومة بالعمل على فك عزلته الدولية ، خصوصاً بعيدَ قضية إغتيال الرئيس الحريري . فتمّ هكذا تغيير خارطة الجمهورية العربية السورية ، رسمياً ، لحذف تلك البقعة السليبة ، أبداً ، من حدودها . وبالمقابل ، فإنّ مطالبة مواطن ما ، كرديّ ، بحقوق المواطنة في سورية ؛ مجرّد مطالبة ، كافية لرميه وراء القضبان ، ومن ثمّ تقديمه لمحكمة أمن الدولة ، بهذه التهمة : " العمل على إجتزاء قسم من الأراضي السورية وإلحاقها بدولة اخرى ".. !! ولا أشنعَ من هذه وتلك ، سوى قيام الأسد الإبن بتحريض الأتراك على التدخل السافر في شؤون جيرانهم ، الداخلية ، تتمة للسياسة الطائشة ، إياها ، المبتدئة منذ عهد الأب ، الراحل ، بما كان يُسمى " الإجتماع الدوري للدول المجاورة للعراق " ، والمتحجج بالحرص على سلامته ووحدة أراضيه . ربما يتناسى حاكمُ الشام ، الحالي ، حقيقة أنّ المهدد الأساس لوحدة العراق ، الجغرافية ، ما هوَ سوى الجار التركي ذاك ، المدجج بالسلاح حتى قمة رأسه ؛ الجار العدواني ، التوسعي ، المافتيء يستعيدُ رويداً وقطعة وراء الاخرى ، أراضي خلافته العثمانية ، الهمايونية ، المنقرضة ـ كما جرى سابقاً لإسكندرون وقبرص ، وكما يعدّ حالياً لكركوك وغيرها . لا عبْرَة لدينا أيضاً ، من ذاكَ التاريخ التركيّ . فعروبيو العراق ، الذين إتشحوا منذ سقوط الصنم البعثيّ براية السنية السياسية ، وقبلوا مبدأ العملية الديمقراطية فضلاً عن نتائج الإستفتاء على الدستور ـ على الأقل ، فيما يخصّ مسألة الفيدرالية لإقليم كردستان ؛ هؤلاء أنفسهم ، يتمّ تحريضهم الآن من لدن منافقي أنقرة ، الإسلامويين ، للنكوص بمواقفهم تلك ومحاولة تخريب البلد . على أنّ المصالح السياسية ، ستكون دوماً فوق مشاعر الأخوة الإسلامية أو القومية ، المزعومة : كما يُعلّمنا التاريخ من شهر العسل التركي مع إسرائيل ، والمتواصل منذ تأسيسها . وهذا ما يُنتظر من حماسة حكومة الباب العالي ، الحالية ، المنافِحَة زوراً عن التركمان ، وهيَ التي تجاهلتهم طوال عقودٍ طويلة من الأعوام ، لقاء العقود التجارية والإقتصادية مع النظام البعثي السابق ؛ والتي لن تلبث أيضاً أن تعيدَ سلوكها نفسه معهم ، ما أن تحصل مجدداً على وعد الدخول للإتحاد الأوروبي .



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيطانُ بازوليني 2 / 2
- الطاغية والطفولة
- أفلامُ عطلةِ الأعياد ، المفضّلة
- السلطة والمعارضة : الإسلام السياسي واللعبة الديمقراطية / 2
- شيطانُ بازوليني 1 / 2
- نفوق الوحش ونفاق الإنسان
- نوتوريوس : هيتشكوك وتأسيس الأدب السينمائي
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 3
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 2
- السلطة والمعارضة : الإسلام السياسي واللعبة الديمقراطية
- النبي ؛ هل كانَ جبرانُ نبأً كاذباً ؟
- الهولوكوست اليهودي والهلوَسة الإسلاموية
- سياحات : دمشق بأقلام الرحّالة 2 / 2
- نادية : نهاية زمن الرومانسية
- العتبات الممنوعة
- العصابة البعثية والتفجير الطائفي
- سياحَات : دمشق بأقلام الرحّالة 1 / 2
- جرائم أجاثا كريستي ، اللبنانية
- الحزب الإلهي وأولى ثمار الحرب الأهلية
- ناصر 56 : الأسطورة والواقع


المزيد.....




- السيسي يكشف عن أرقام مهولة تحتاجها مصر من قطاع المعلومات
- -عار عليكم-.. مظاهرة داعمة لغزة أمام حفل عشاء مراسلي البيت ا ...
- غزة تلقي بطلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- نصرة لغزة.. تونسيون يطردون سفير إيطاليا من معرض الكتاب (فيدي ...
- وزير الخارجية الفرنسي في لبنان لاحتواء التصعيد على الحدود مع ...
- مقتل شخص بحادث إطلاق للنار غربي ألمانيا
- أول ظهور لبن غفير بعد خروجه من المستشفى (فيديو)
- من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما ...
- إصابة جندي إسرائيلي بصاروخ من لبنان ومساع فرنسية لخفض التصعي ...
- كاميرا الجزيرة ترصد آخر تطورات اعتصام طلاب جامعة كولومبيا بش ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - دلور ميقري - تاريخٌ تركيّ ، بلا عِبْرة