أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - دلور ميقري - ناصر 56 : الأسطورة والواقع















المزيد.....

ناصر 56 : الأسطورة والواقع


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تستعادُ اليومَ صورة ناصر ، مشفوعة ً بأسطورة " نصره " فيما أضحى معروفاً في التاريخ ، بالعدوان الثلاثي عام 1956 . صورة ، تتغنى بها مسلسلاتُ الدراما المصرية ، المنذورة لسيَر فنانين وفنانات ، من أم كلثوم ، مروراً بالعندليب الأسمر وإنتهاءً بسعاد حسني ؛ مسلسلاتُ التخلف العقلي ، التي تريد إقناع جمهورها بأنه ما كان ثمة شاغل للزعيم الأوحد سوى الإطمئنان ، شخصياً ، على هذه المغنية أو ذاك المطرب (!) . علاوة على هذ الفيلم السينمائيّ ، الذي لا يقلّ سقامة ، وفيه شاء البطل أن يخلدَ إسمَه عبْرَ إسم الشخصية الناصرية ، البطلة ؛ عبْرَ السيناريو العجيب الملحق بعجائب الدنيا ، السبعة ، بما فيه من وقائع ملفقة ومواقف مصطنعة . الأفدح من هذا وذاكَ ، نهوض بعض فضائياتنا إلى إنتاج أفلام وثائقية ، غثة ، تسترجع ذلك الماضي " التليد " مقروناً بحاضرنا البائس ؛ إلى إستضافة شخصياتٍ سياسية ، تنتمي للمنقرضات ، كيما تستهلك أوقات المشاهدين بثرثرة لا نهائية عن المآثر القومية ـ كذا ـ التي أنجزها العهد الناصريّ . وبما أنّ الأسطورة ، عموماً ، تستعيرُ لسانَ الراوي ومخيلته سواءً بسواء ؛ فلا غروَ إذاً أن تترسخ في أذهان الناس صورة عبد الناصر ، الأسطورية لا الواقعية .

جاز للبعض ، من حكمائنا ، نعتَ جمال عبد الناصر بـ " المستبدّ العادل " ؛ مماهين إسمه وشخصه ومصيره بخلفية تاريخية ، متمثلة بالملك الناصر ، صلاح الدين الأيوبي : ولنتذكر أنه ما كان ، إتفاقاً ، أن يحملَ فيلمُ المخرج يوسف شاهين ، المشهور ، " الناصر صلاح الدين " ذلك المعنى ، الموصوف . فحينما بدأت فكرة الفيلم بالتنفيذ ، كان قد مضى سنوات أربع تقريباً ، على أزمة قناة السويس تلك ؛ التي بمقتضى نتائجها ، عُدّتْ نصراً مؤزراً للبكباشي عبد الناصر وزمرته الإنقلابية . ذلك الحدث ، ما كان له إلا أن يعصفَ بسكينة الجماهير العربية ، ويشعل حماستها من المحيط إلى الخليج . وفي سورية ، على سبيل المثال ، بلغت شعبية الزعيم المصريّ قمتها ، فغطى إسمه على أسماء ساستها المخضرمين والمحنكين ، سواء من الذين كان لهم باع جسيم في دحر الإحتلاليْن ، التركي والفرنسي ، أو أولئك المسهمين في تأسيس الأحزاب العقائدية ، الشعبية ؛ كشكري القوتلي وهاشم الأتاسي وخالد العظم وأكرم الحوراني وخالد بكداش .. وغيرهم . المفارقة ، أنّ هؤلاء الزعماء ، هم من كانوا في تلك الأيام الحماسية يقرعون في الطبل ، الأجوف ، للزفة الناصرية ؛ وهم بأنفسهم من إستقدموا لاحقاً " عريسها " ليقترنَ بالأم ، سورية : إنه مثالٌ بغاية الأهمية ، في مغزاه ؛ حينما تتبرع قوى حزبية في دولة دستورية تسودها التقاليد الديمقراطية ، بأصوات صحافتها ورجالاتها دعماً لنظام مستبدٍ في دولة عربية اخرى . إنه مثالٌ ، متكرر في زمننا الراهن ؛ في الأردن وتونس ولبنان .. وغيرها من الدول العربية .

مثالنا ، آنف الذكر ، يبيّن لنا ما تصنعه البروباغندا ، في هكذا مفاصل تاريخية ، من نماذج تسلطية لقيادة الدول والشعوب العربية ؛ لم تعدُ عن كونها نسخاً محلية من نماذج ، " أصيلة " ، لأباطرة الفاشية في أوروبة الثلاثينات من القرن المنصرم . ففكرة القائد الملهم ، الفاشية ، التي كانت مع نهاية الحرب العالمية الثانية ، قد أضحت في القبر مع أصحابها ودعاتها ؛ هكذا فكرة ، يبدو أنها كانت مختمرة ما تزال ، في ذهن هذا الضابط المصريّ أو زميله العراقيّ ، وتنتظر الفرصة المناسبة لإنبثاقها ، المجيد : وكانت حرب فلسطين في عام 1948 ، هيَ المناسبة المؤملة . وما عتمَ أولئك العسكريون ، القادمون من أعماق القرية بأفكارهم المتخلفة وعصبياتهم الضيقة ، أن أوجدوا تكتلهم المغامر ، الإنقلابيّ ، تحت مسمى تنظيم " الضباط الأحرار " . وفي مصر ، فإنّ ما كان من فساد الملك فاروق وحاشيته ، علاوة على فقر الرعية وبؤسها وجهلها ، هي أمورٌ معروفة وثابتة ، لا يمكن إنكارها . إلا أنّ ما صار يُعرف منذئذٍ بـ " ثورة يوليو " ، إنتقل بالدولة خطوة إثر خطوة إلى الحكم الفرديّ ، الإستبداديّ ، المغيبّ فيه أي شكل لحرية التنظيم والتعبير والتفكير والإنتخاب ؛ وبالتالي ، رَهَنَ المجتمعَ إلى مفاهيم مستحدثة ـ مناقضة للحداثة ؛ مفاهيم ريفية ، حلت بمحل تلك المدنية ، بكل ما فيها من رؤى وقيم وأعراف وعادات وتقاليد .

خمسون عاماً ، إذاً ، على أزمة السويس . النصرُ المزعوم ، الأسطوريّ ، ما كان في حقيقته أكثرَ من مبادرة دولية ، أسهمتْ فيها يداً بيد الدولتان العظميان آنذاك ؛ الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي . أما على أرض الواقع ، فقنال السويس إحتلت من لدن القوات الأنكلوفرنسية ، مع مدينة بورسعيد المشرفة عليها ؛ إضافة لإستيلاء إسرائيل على كامل صحراء سيناء . بيْدَ أنّ بقاء النظام الحاكم ، لوحده ، يكفي أن يُعدّ إنتصاراً معظماً ، في قاموسنا الإعلاميّ ، الرسميّ ؛ فما بالك برحيل القوات المعتدية عن الأرض المحتلة . وعلى كل حال ، فما أن كدنا نتجاوز تلك المأثرة " السويسية " ، إلا لتجدنا متعثرين بعدئذٍ ، وفي كل خطوةٍ سياسية وعسكرية ، بأزمة هنا ونكسة هناك : فحلم الوحدة العربية ، المتحقق عام 1958 ، أفاق منه شعبا سورية ومصر على كابوس الديكتاتورية السافرة والهجوم على الحريات . فما مضت أعوام ثلاثة إلا وإنهار مشروع الجمهورية العربية المتحدة ، ليعقبه في كلا البلدين إضطرادُ هيمنة العسكر على شؤون الدولة والمجتمع ، وإنتهاء الأمل بأي إصلاح جديّ أو إزدهار إقتصاديّ . وما لحقت مشاهدُ فيلم " الناصر صلاح الدين " ، المنتصر على الفرنجة والموحّد للمسلمين ، أن تغيب عن ذاكرة المشاهدين ، إلا لتحلّ بمحلها مشاهد حرب حزيران 1967 ؛ أكبر هزائم العرب في القرن العشرين . وبين الحدثيْن ، الجسيميْن ، كانت حرب اليمن الدموية ، العبثية ، التي هدرتْ دماءً عربية غزيرة ، مجاناً ؛ أو بثمن بخس ، لا يعدو عن كونه ترسيخ الأسطورة الكاذبة ، المزيفة ، لرائد القومية العربية . ثم رحل ناصرُ ، وحملَ آخرون من عتاة الطغاة رسالته ، الخالدة ؛ من القذافي إلى صدام ومروراً بالأسد . وما فتئت الأرضُ سليبة ، والمجتمعُ مسلوباً ومنتهكاً ، والبلادُ مزرعة ً .



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلاتٌ إلى مَوطن الجرْمان 3 / 3
- النظامُ القرداحيّ والقرون اللبنانيّة
- رحلاتٌ إلى مَوطن الجرْمان 2 / 3
- صدّام ؛ صورٌ شخصيّة للطاغيَة
- مشاهدات : جولة في دمشق العثمانيين 2 / 2
- مشاهدات : جولة في دمشق العثمانيين 1 / 2
- رحلاتٌ إلى مَوطن الجرمَان 1 / 3
- الحارَة ؛ بابُها وبشرُها
- مشاهدات : جولة في دمشق صلاح الدين 2 / 2
- زبير يوسف ؛ في منحَتِ الحَديد والتحدّي 2 / 2
- مشاهدات : جولة في دمشق صلاح الدين 1 / 2
- زبير يوسف ؛ منشدُ الأزمان القديمة
- إسمُ الوردَة : ثيمة الجريمة في رواية لباموك
- أورهان باموك والإشكالية التركية
- معسكراتُ الأبَد : شمالٌ يبشّر بالقيامَة 2 / 2
- العثمانيون والأرمن : الجينوسايد المتجدد
- غزوة نوبل ، العربية
- معسكراتُ الأبَد : إلتباسُ التاريخ والفنتاسيا
- مقامُ المواطَنة ، سورياً
- الوحدة الوطنية ، المفقودة


المزيد.....




- سمكة قرش تهاجم طفلة.. والجراحون يعيدون ترميم يدها الممزقة
- وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق لـCNN: الولايات المتحدة -تمتلك ...
- عُيّن خلفا لغلام علي رشيد.. الجيش الإسرائيلي: اغتيال قائد مق ...
- السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة ...
- تقرير: العالم يتجه نحو سباق تسليح نووي جديد
- تواصل التصعيد بين إسرائيل وإيران ـ ترامب يطالب بإخلاء طهران ...
- ‌‏الجيش الإسرائيلي: قتلنا رئيس أركان الحرب الجديد في إيران ع ...
- نتنياهو يزعم أن إيران حاولت اغتيال ترامب
- بقصف إسرائيلي.. مقتل 20 شخصا على الأقل من منتظري المساعدات ا ...
- السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - دلور ميقري - ناصر 56 : الأسطورة والواقع