معنى في رعاية الرحمن

للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 08:26
المحور: قضايا ثقافية
    

"في رعاية الرحمن" عبارة تعكس أسمى معاني التوكل على الله والاطمئنان إلى حمايته وعنايته الشاملة التي لا تنقطع. إنها دعاء جميل يحمل بين حروفه السلام النفسي والسكينة، حيث يتوجه الإنسان إلى ربه مستشعرًا رحمة الله الواسعة وقدرته التي تحيط بكل شيء. عندما يردد المسلم هذه العبارة، فإنه يعبر عن ثقته الكاملة بأن الله وحده هو الملاذ والحصن الحصين الذي لا يخيب من يلجأ إليه، وأن كل أموره موكولة إلى تدبير الرحمن ورحمته.

الرحمن، وهو أحد أسماء الله الحسنى، يشير إلى الرحمة الواسعة الشاملة لكل مخلوق، تلك الرحمة التي تغمر السماوات والأرض وتفيض على كل ما خلق الله. لذلك فإن الدعاء بأن يكون الإنسان في "رعاية الرحمن" يعني التماس هذه الرحمة التي لا حدود لها والتي تضمن للمرء الأمان في الدنيا والآخرة. إن هذه العبارة تختصر المعاني العميقة للإيمان والتسليم بقضاء الله وقدره، وتذكّر الإنسان بأنه ليس وحده في هذه الحياة، بل هناك دائمًا رعاية إلهية تحيط به، حتى في اللحظات التي قد يشعر فيها بالعجز أو الوحدة.

إن العيش في رعاية الرحمن يمنح الإنسان شعورًا بالطمأنينة والثقة، إذ يدرك أن كل ما يمر به من محن أو صعوبات ليس إلا جزءًا من حكمة إلهية عظيمة لا يعلمها إلا الله. هذا الإيمان يحرر النفس من القلق والخوف، ويغرس فيها التفاؤل بأن كل أمر، مهما بدا عسيرًا، يحمل في طياته خيرًا ورحمة. إن الله لا يترك عباده أبدًا، ومن عاش في رعاية الرحمن أدرك ذلك في كل تفاصيل حياته، من أصغرها إلى أكبرها.

الدعاء بأن نكون في رعاية الرحمن ليس مجرد كلمات نتفوه بها، بل هو حالة إيمانية نعيشها ونتذوق أثرها في حياتنا اليومية. هذه الرعاية تتجلى في صور شتى، منها الرزق الذي يصلنا من حيث لا نحتسب، والحماية من المخاطر التي قد لا ندركها، والشعور الداخلي بالسكينة والرضا حتى في أصعب الظروف. إنها دعوة لنا لنتذكر دائمًا أن الله أرحم بنا من أنفسنا، وأنه وحده القادر على أن يجلب لنا الخير ويدفع عنا الشر.

إن العيش في رعاية الرحمن يعني أن نسلم أمورنا لله، وأن نثق بتدبيره الحكيم، وأن نعلم أنه لا يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا، وكل ما كتبه فهو خير. هذه الثقة تدفعنا للعمل والسعي في الحياة دون خوف من المستقبل أو قلق بشأن ما قد يحدث، لأننا نعلم أن الله لن يخذلنا أبدًا. كما أن هذا الإيمان يدعونا إلى أن نكون مصدر رحمة وسلام لمن حولنا، فننشر الحب والخير ونتجنب إيذاء الآخرين، لأننا بذلك نكون عونًا في إيصال رحمة الله إلى خلقه.

الرغبة في العيش في رعاية الرحمن تحثنا أيضًا على التقرب إلى الله بالطاعات والعبادات، مثل الصلاة والدعاء والاستغفار، لأنها وسائل تربطنا بالله وتفتح لنا أبواب رحمته. كما أنها تحثنا على الإحسان إلى الناس، لأن الله يحب من يرحم عباده ويكرمهم، ومن كان في عون أخيه كان الله في عونه.

ختامًا، "في رعاية الرحمن" ليست مجرد عبارة تُقال في لحظة وداع أو تودد، بل هي أسلوب حياة يذكّرنا دومًا بأننا لسنا وحدنا، وأن هناك قوة عظيمة ترعانا وتحمينا برحمة لا حدود لها. إذا جعلنا هذه العبارة جزءًا من حياتنا اليومية، فإننا سنعيش في ظل أمان إلهي، وسنتعامل مع تحديات الحياة بروح ملؤها الثقة والرضا، لأننا نعلم أن كل شيء في يد الله، وأنه أرحم الراحمين.

#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات