لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين

محمد حمد

الحوار المتمدن-العدد: 8328 - 2025 / 4 / 30 - 17:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يعلم القاصي والداني أن مهرج اوكرانيا زيلينسكي لا يملك أوراق ضغط ذات أهمية يمكن استخدامها في اية مفاوضات محتملة مع روسيا. فبعد الانتكاسة والهزيمة التي تكبّدتها قواته في مقاطعة كورسك الروسية، والتي أعلنت روسيا عن تحريرها بالكامل، لم يبق في جعبته ما يسمح له بالاستمرار في القتال ورفض اية حلول الّا الحلول التي يطرحها هو لا غيره. مع العلم أن الخاسر والمهزوم لا يمكنه ان يطرح حلولا أو يفرض شروطا من طرف واحد.
ان مشكلة زيلينسكي ذات أبعاد مختلفة. فهي ليست بالضرورة من صنع يديه فقط. فالرجل، الغريب عن السياسة المعاصرة والاعيبها، وضع كلّ بيضه في سلّة من هم ابعد الناس عن مصالح ومستقبل اوكرانيا وشعبها المغلوب على أمره. ويبدو أن علاقته، المبنية على المصالح الشخصية الضيقة إلى حد ما، مع الرئيس الفرنسي ماكرون، وضعته في زاوية ضيقة لا تسمح له بالمناورة بشكل سليم ومستقل. فماكرون هذا تدفعه احقاد دفينة ضد روسيا الاتحادية، وفي الوقت ذاته يبحث، ولو على خراب اوكرانيا، عن موطيء قدم على أرض السياسة الدولية. خصوصا بعد أن أقصاه الرئيس الأمريكي ترامب عن المشهد، مع أمثاله من دعاة الحرب، وجعلهم يتشبثون بتلابيب المهرج زيلينسكي خوفا من هزيمة نكراء يمكن لتبعاتها أن تطاردهم إلى آخر يوم في حياتهم.
ان السلام، كما ييقول معظم الخبراء والمحللين السياسيين، ليس من مصلحة مهرج اوكرانيا زيلينسكي. لان الاستمرار في الحرب هو افضل طوق نجاة بالنسبة له وللزمرة المحيطة به. فثمة اسئلة حرجة ومحرجة جدا تنتطرهم في اكثر من مكان، اذا وضعت الحرب أوزارها. وبالتالي فهو ماضٍ، بغطرسته وغروره واوهامه، في تحدّي الغالبية العظمى من الدول التي اقترحت وقدّمت الكثير من الخطط والمشاريع لوقف الحرب وبدء مفاوضات بناءة وجدية وصريحة.
في يوم ما قد "ينزعج" الرئيس الأمريكي ترامب ويوفف مساعيه "المشبوهة" لانهاء النزاع بين موسكو وكييف. لان الأطراف المتصارعة غير مقتنعة بخطته، وربما بنواياه، ولا بجولات وصولات من يمثله في هذا الملف. ولكن هذا لا يعني أن أمريكا سوف تتخلى عن الممثل الكوميدي زبلينسكي. فهم، اي الامريكان، ما زالوا يمدونه بالأسلحة والذخيرة بشكل غير مباشر وعبر "الكرم الحاتمي" لبعض دول حلف الناتو.
وفي رأيي المتواضع من السذاجة وقلّة الحكمة منح الإدارة الأمريكية، مهما كان الرئيس فيها، ثقة زائدة ومجانية. فالامريكان سرعان ما ينقلبون على حليف الامس المفضّل لاتفه الأسباب، ليتحول في نظرهم إلى عدو لدود يجب التخلّص منه بأية وسيلة.
وثمة ما يكفي ويزيد من الامثلة في هذا الموضوع. ولا حاجة بنا إلى تذكير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحديث النبوي الشريف "لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين". فلعلّ بوتين سمع بهذا الحديث الذي يصلح لكل مكان ولكل زمان ولكل مؤمن، وان اختلفت ديانته وملّته والرب الذي يعبده...

#محمد_حمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات