نحو أنثروبولوجيا أفريقية بأصوات أفريقية

محمود محمد رياض عبدالعال

الحوار المتمدن-العدد: 8323 - 2025 / 4 / 25 - 09:06
المحور: قضايا ثقافية
    

نحو أنثروبولوجيا أفريقية بأصوات أفريقية: إعادة بناء المعرفة من الداخل
في العقود الأخيرة، برزت دعوات متزايدة بين الباحثين الأفارقة والمهتمين بدراسة القارة لضرورة تأسيس أنثروبولوجيا أفريقية بأصوات أفريقية، أي أنثروبولوجيا تُكتب من قبل الأفارقة أنفسهم، تعكس رؤيتهم الذاتية لتاريخهم وثقافاتهم وتحدياتهم، بعيدًا عن الصور النمطية والتحليلات الخارجية التي هيمنت على الدراسات الأنثروبولوجية الكلاسيكية عن أفريقيا.
إشكاليات الأنثروبولوجيا الاستعمارية
1. المركزية الأوروبية: كثير من الدراسات الأنثروبولوجية المبكرة عن أفريقيا كُتبت من قبل باحثين غربيين، ركزت على "الآخر الغريب" ووصفت المجتمعات الأفريقية بمنطق التخلف أو الغرابة.
2. الإسقاطات الخارجية: تم تفسير الظواهر الاجتماعية الأفريقية عبر نظريات غربية لم تأخذ في الاعتبار السياقات المحلية والمعاني العميقة للثقافة.
3. إسكات الأصوات المحلية: تجاهل الكثير من الأدبيات مساهمات المفكرين الأفارقة في فهم مجتمعاتهم، مثل أعمال ج.ك. مبيتي حول الفلسفة البانتو، أو إفيه أماديومه حول النسائية الأفريقية.
أسس الأنثروبولوجيا الأفريقية الجديدة
1. إزالة الاستعمار الفكري: تفكيك النظريات الموروثة وإعادة بناء منهجيات بحثية تعتمد على المفاهيم والمصطلحات الأفريقية (مثل "أوبونتو" في جنوب أفريقيا، أو "كا" في الثقافة المصرية القديمة).
2. الاعتماد على المصادر الشفوية: توثيق الروايات التاريخية والمعرفية المتناقلة شفويًا، والتي ظلت لقرون أرشيفًا حيًا لتجارب الشعوب.
3. السياق التاريخي: ربط الممارسات الثقافية بالتحولات الاجتماعية الكبرى مثل الاستعمار، والعبودية، والتحضر، بدلًا من دراستها كظواهر معزولة.
4. المشاركة المجتمعية: جعل البحث الأنثروبولوجي عملية تشاركية، حيث يصبح أفراد المجتمع شركاء في إنتاج المعرفة، وليسوا مجرد "موضوع دراسة".
نماذج مُلهمة
- بولين هونتونجي (الفيلسوف النيجيري): دعا إلى "إزالة الاستعمار من العقل الأفريقي" ونقد تبني النظريات الغربية دون تمحيص.
- زيريسكيار ياسك (إثيوبيا): أعادت قراءة الطقوس الأفريقية عبر منظور داخلي يُبرز دورها في التماسك الاجتماعي.
- مدرسة "أوجيري" (كينيا): جمعت بين الأنثروبولوجيا والأدب لتسجيل التاريخ المحلي بلغات أفريقية.
التحديات
- هيمنة الأكاديميات الغربية التي لا تزال تتحكم في معايير النشر والنظريات "المعترف بها".
- محدودية التمويل لمراكز البحث الأفريقية.
- تنوع اللغات والثقافات داخل أفريقيا، مما يتطلب فريقًا متعدد التخصصات.
الأنثروبولوجيا بأصوات أفريقية ليست مجرد رد فعل على التمركز الغربي، بل هي مشروع تحرري لإعادة تعريف الذات، واستعادة الحق في سرد القصص، وبناء نظريات تنطلق من واقع القارة وتطلعاتها. يتطلب هذا تعاونًا بين الجامعات الأفريقية، ودعمًا مؤسسيًا، وربطًا بين المعرفة الأكاديمية والحركات الاجتماعية.
"لا يمكنك فهم أفريقيا إذا قرأتها من الخارج فقط، كما لا يمكنك فهم النار وأنت تخاف من لمسها." — مثل إيغبو (نيجيريا)
هذه الحركة ليست فقط عن الأنثروبولوجيا، بل عن عدالة معرفية تكرس حق الأفارقة في أن يكونوا سادة سرديتهم الخاصة.

#محمود_محمد_رياض_عبدالعال (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل