العلاج بالفن

محمود محمد رياض عبدالعال

الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 11:05
المحور: قضايا ثقافية
    

العلاج بالفن (Art Therapy) هو أحد أشكال العلاج النفسي الذي يستخدم الفنون البصرية مثل الرسم، والنحت، والتلوين، وغيرها كوسيلة للتعبير عن المشاعر وتطوير الوعي الذاتي وتحسين الصحة النفسية. يُستخدم هذا النهج مع الأطفال والكبار لمعالجة مجموعة متنوعة من المشكلات النفسية والعاطفية وحتى الجسدية.
أهداف العلاج بالفن:
1. التعبير عن المشاعر: يساعد في إخراج المشاعر المكبوتة أو الصعبة بطريقة غير لفظية.
2. تقليل التوتر والقلق: يُستخدم كأداة للاسترخاء وتخفيف الضغوط.
3. تحسين المهارات الاجتماعية: خاصة عند الأطفال أو الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في التواصل.
4. معالجة الصدمات: مثل حالات الاكتئاب، القلق، أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
5. تعزيز الثقة بالنفس: من خلال الإبداع وإنجاز الأعمال الفنية.
من يمكنه الاستفادة من العلاج بالفن؟
- الأشخاص الذين يعانون من:
- الاكتئاب أو القلق.
- اضطرابات الأكل.
- اضطرابات ما بعد الصدمة.
- صعوبات التعلم أو التوحد.
- الأمراض المزمنة (مثل السرطان) لتحسين جودة الحياة.
- كبار السن (مثل مرضى ألزهايمر أو الخرف).
كيف تتم جلسات العلاج بالفن؟
1. توجيه المريض: قد يُطلب منه رسم مشاعره أو إنشاء عمل فني حر دون قيود.
2. المناقشة: يحلل المعالج العمل الفني مع المريض لفهم رموزه ودلالاته النفسية.
3. التكامل مع علاجات أخرى: يمكن أن يكون العلاج بالفن جزءًا من خطة علاجية تشمل العلاج السلوكي أو الأدوية.
أنواع الفنون المستخدمة:
- الرسم والتلوين.
- النحت والعمل بالطين.
- الكولاج (لصق مواد مختلفة).
- التصوير الفوتوغرافي العلاجي.
- الفن الرقمي.
فوائد العلاج بالفن:
- لا يتطلب موهبة فنية، فالأهم هو العملية وليس النتيجة.
- يوفر مساحة آمنة للتعبير دون حكم.
- يساعد في اكتشاف المشكلات العميقة بطريقة غير مباشرة.
العلاج بالفن من المنظور السوسيولوجي (الاجتماعي) لا يُعتبر مجرد أداة فردية للعلاج النفسي فحسب، بل هو أيضًا ممارسة اجتماعية تعكس التفاعلات الثقافية، والطبقات الاجتماعية، والقوى المؤسسية. إليك بعض الزوايا السوسيولوجية لتحليل هذا النهج:
الفن كأداة لتمكين الفئات المهمشة
- يُستخدم العلاج بالفن في سياقات اجتماعية مثل السجون، مخيمات اللاجئين، أو أحياء الفقراء كوسيلة لإعطاء صوت لمن يُسكتهم المجتمع.
- مثال: مشاريع الفن مع الأطفال في مناطق الحروب تساعدهم على التعبير عن الصدمات الجماعية.
- من منظور بيير بورديو، قد يُشكّل الفن وسيلة لتحقيق "الرأسمال الثقافي" لدى الفئات التي تفتقر إلى الموارد التقليدية للتعبير.
التفاوتات الاجتماعية في الوصول إلى العلاج بالفن
- الخدمات العلاجية بالفن غالبًا ما تكون متاحة للأفراد القادرين ماديًا أو المنتمين لمجتمعات ذات بنية تحتية صحية متطورة.
- النقد الماركسي: قد يصبح العلاج بالفن سلعةً في المجتمعات الرأسمالية، يُسوَّق كرفاهية للنخب، بينما يُحرم منه الأكثر احتياجًا.
الدور المؤسسي والسلطة
- ميشيل فوكو قد يرى أن العلاج بالفن جزء من "نظام التحكم" في الأفراد عبر مؤسسات الصحة النفسية، حيث تُفرض معايير "الصحة" و"المرض" اجتماعيًا.
- بعض المؤسسات (مستشفيات، مدارس، سجون) تستخدم الفن كأداة لضبط السلوك، مما يثير أسئلة حول حدود التحرر vs. السيطرة.
الهوية والتمثيل الثقافي
- الفن يعكس الهويات الثقافية والجماعية. في العلاج، قد يُعيد المريض إنتاج صور نمطية اجتماعية (مثل أدوار الجندر، العنصرية) أو يتحداها.
- مثال: امرأة ترسم جسدها في ثقافة تُحكمها تقاليد صارمة قد تكون وسيلة لمقاومة التهميش.
الفن كحركة اجتماعية
- بعض الجماعات تستخدم الفن العلاجي كجزء من **النشاط الاجتماعي** (مثل حملات التوعية بالصحة النفسية عبر الجداريات).
- في سياقات الاحتجاج (كالانتفاضات)، يصبح الفن تعبيرًا عن الوعي الجمعي (مثلًا: رسومات الثورة السورية).
التأثير المجتمعي للفن العلاجي
- قد يُحدث تغييرًا في الوصمة الاجتماعية حول المرض النفسي عندما يُعرض الفن علنًا (معارض لأعمال مرضى الاكتئاب مثلًا).
- يُظهر كيف أن الصحة النفسية ليست قضية فردية بل بنية اجتماعية تتأثر بالسياق
العلاج بالفن ليس محايدًا اجتماعيًا؛ فهو يتقاطع مع السلطة، الطبقة، الثقافة، والتمثيل. تحليله سوسيولوجيًا يكشف كيف أن "التعبير الفني" يمكن أن يكون أداة للتحرر أو لإعادة إنتاج الهيمنة، حسب السياق.

#محمود_محمد_رياض_عبدالعال (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل