أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مزوار محمد سعيد - على ذلك المجرى














المزيد.....

على ذلك المجرى


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 02:10
المحور: كتابات ساخرة
    


العيش على أرض القراصنة، يتطلَّبُ شجاعة منقطعة النظير، خاصة إن كان للفرد الإنساني الحق في الاختيار، ليختار مواجهتهم بقلب حيّ، فؤاد ينبض ومبادئ ثابتة لا يمكن زحزحتها بسهولة؛ لهذا فإنَّه سيبقى يقاتل على الكثير من الجبهات حتى يأتيه اليقين، إمَّا رنين، أو أنين!
وَمِن أسوأ ما يمكن أن يعيشه القراصنة، تلك اللغة التي تتفشى داخل آخر خراب للروح، حيث يعشش الدمار ليطوف حول الكسل، فتجد القرصان يتمسك بالفراغ كتمسك الغريق بآخر خشبة بين الأمواج، لأنَّ العمل وبذل الجهد في قواميس هؤلاء القوم، ما هو سوى جريمة، يُعاقَبُ صاحبها بالإقصاء والتهميش، وكلُّ جريمة يمكن أن تُغتَفَر، إلاَّ جريمة أن تكون عاملا، مجتهدا في عملك، فهي جريمة لا مفر من تلقي عقابها مهما سار بك الزمن.
قبل أيام، أراد الفيلسوف – الذي يعيش على أرض القراصنة – التطوع لتدريس طلبته ساعات إضافية، ومن لباقة الموقف، أراد أن يأخذ ترخيصا من الإدارة ليكون كل شيء على ما يرام، لكنه قوبل بتلك التعقيدات الإدارية البائسة، قذفها في وجهه "ستيفن" بكلِّ فرح، ليتراجع هذا الفيلسوف، ويلغي مشروع دعم الطلبة بالدروس كليا.
الجاهل لا يربي، لا يدرِّس وبالمنطق السليم وطبيعة الحياة، وباستنتاج بسيط، فإنَّ الجاهل لا يمكنه أن يسيِّر مؤسسة حساسة للغاية تسمى بالمؤسسة التربوية؛ لهذا فإنَّ كلَّ مؤسسة خاضعة لشهوات "ستيفن" هي بالقوة والضرورة مؤسسة فاشلة، بائسة قد بلغ بين جدرانها العبث مبلغا لا يمكن لأيٍّ كان أن يحسدها عليْه.
السقوط بين براثين الروح أمر لا مفر منه على أرض جرداء التفكير وقاحلة التدبير، السقوط في هكذا وضعيات يصبح حقا طبيعيا، عندما يعيد الإنسان ترتيب القضايا وفق مرجعه الذي تاه وسط زحام الأعذار والأقدار معًا، أن تسعى إلى تحقيق الذات، فتلك مِن مزايا الطبيعة البشرية، لكن أن تستأنس فراغ المعنى خلال أيامك، فذاك هو البؤس مجردا من كل زينة مهما كان تألقها.
منذ البدء والفرد الإنسانـي يحاول تحقيق ما لم يسبقه إليه غيره، ورغم التحديات على اختلافها، فقد نجح في قيادة شغفه باتجاه اختراق كلِّ ما يمكن الوصول إليْه، وعلى سبيل الاجتهاد، هانت أمام العزائم مختلف العوائق والعقبات، ليصبح الفرد الإنساني حرا إلى حد الجنون، ويمزج بين الخطر والاندفاع ضمن قاعدة تحطيم كلِّ القواعد على اختلافها، ليسمو بشكل غير مسبوق.
كلُّ مجرم يخاف من توثيق جرائمه خوفا من العقاب، وكلُّ فرد من القراصنة يخاف الكلمة التي يعتبرها توثيقا لجريمة ما يكون قد اقترفها ونسي إخفاء الدليل عن الكاتب أو الصحفي، لهذا تجد القراصنة على اختلاف مواردهم وروافدهم يهابون النصوص وكأنها سهام وسيوف تنهال عليهم دون مواعيد.
ولتلك القصة لغز آخر، حين ارتجف "ستيفن" مِن كلمات "الفيلسوف" وكتاباته، حين وجد أمامه كائنا يكتب: أيُّ مصيبة حلَّت على هذا الـ: ستيفن؟
الإنسان الشفاف هو الذي يحمل أفكاره ويترجمها إلى معاني وعبارات، ينشرها ويتقبل النقد بسببها بكل فرح، بينما المجرم، مهما كانت جريمته، هو الذي يحاول إخفاء الشمس بإصبعه، لربما يبهجه الوهم، ليسير على طريق السراب دون تنبيه، نعم! الكلمات منبهات، يرفضها كلُّ قرصان يعمل على تحطيم الأيام وسحق الأمل، بينما تجد النبلاء يرصفون الكلمة بعد الكلمة، والجملة بعد الجملة، بطريقة أشبه بترتيب الطاولات في قاعات الحفلات الفاخرة.
يخيب "ستيفن" في كل زمان ومكان، يسقط فراغه في الفراغ الأبدي، وقتئذ ينتابه شعور مرعب، ليلتفت نحو الظلام فيبكي النور، ثم يلتفت نحو العذاب فيبكي ما صنعته يداه، قبل أن يحكم عليه الضمير بالجفاء، فيسقط في السحيق.


د. مزوار محمد سعيد
بورتون أون ذا ووتر
© قاتلي يتدرَّب في شيكاغو



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أومبرتو إيكو بين الصمت وعدمه
- قراءة -العلم المرح- لفريدريش نيتشه
- دخان الهيجل: تأملات في فلسفة التاريخ
- أعلنتُ عليك حربًا يا وجعي (الورقة الثامِنَة)
- فينومينولوجيا المُعاناة، والسبب: قبعَة
- فينومينولوجيا شارع بروفانس
- السبب الذي دفعني لكتابة -العالَم الجزائري- بالفرنسية
- الشعوذة المثقفة
- الثقة العربية
- في الجزائر: الظلم موجود، الأمل مفقود والخارج منها مولود
- حاكم حضاري تعرف على النساء عبر جواهرهن
- سلام يا أرض القراصنة
- أعبّر عن المستحيل بشكل إضطراريّ
- مدار التعقيم النهائي
- غريبة أنت أيتها المرأة الجزائرية
- فيدل كاسترو آخر حرّاس جزيرة القرم الفكرية
- أحب نفسك أوّلا
- علاج السخافة بالرداءة
- دونالد ترامب رئيسا على طريقة أنا ربكم الأعلى
- في الجزائر المستقلة لا يزال هناك عبيد


المزيد.....




- دينزل واشنطن يحظى بتكريم مفاجئ من مهرجان كان السينمائي
- هل تزوج حليم من سندريلا؟.. أسرة العندليب تنهي الجدل
- كان يا ما كان في غزة : عندما يصبح الفيلم وثيقة عن الحياة قبل ...
- أول فيلم نيجيري في مهرجان كان يفتح الباب أمام سينما -نوليوود ...
- صفاء السعدون فنان من بابل العراقية يعرض لوحاته في قازان الرو ...
- مالك حداد.. الشاعر والروائي الجزائري الذي عاش حالة اغتراب لغ ...
- آرت بازل قطر ينطلق عام 2026.. شراكة إستراتيجية تكرّس الدوحة ...
- بعد وفاة زوجها وابنيها.. استشهاد الممثلة الفلسطينية ابتسام ن ...
- زاخاروفا: قادة كييف يحرمون مواطنيهم من اللغة الروسية ويتحدثو ...
- شاركت في -باب الحارة- و-عودة غوّار-.. وفاة الفنانة السورية ف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مزوار محمد سعيد - على ذلك المجرى