أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزوار محمد سعيد - أعلنتُ عليك حربًا يا وجعي (الورقة الثامِنَة)














المزيد.....

أعلنتُ عليك حربًا يا وجعي (الورقة الثامِنَة)


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 6501 - 2020 / 2 / 28 - 14:49
المحور: الادب والفن
    


في كثير من لحظات الحياة، يقف الإنسان أمام ذاته مُحاسِبا، غير قادر على إدراك ما يحدث له وحوله، ليجد عقله غريبا وسط أمواج عاتية من التعقيدات، هي قدرة مفارقة تبتلع الجميع دون استثناء، لكنَّ الإنسان مكتوب له النجاة مِن نفسه كما اَعتقد، وغالبا ما ينجو هذا الكائن المرعب، حتى ولو كانت هذه النجاة ظرفية غير متجددة، حتى ولو كانت هذه الخاصية لحظية لا تعود، لكنَّها تقبع في مخزن الروح البشري، لتجد لها المنفذ الخاص فتعود للبروز، وكأنَّها العنقاء الخفية، دائما تُدير الحياة، لكنَّها لا تتجلَّى سوى في لحظات الجديَّة، حين يشعر الإنسان بالاختناق من كلّ شيء، حتَّى مِن نفسه، فهي تهبُّ على استحياء لإنقاذه، ليعبِّرَ عن ذلك المتنبِّي قائلا:
لم تلق هذا الوجه شمس نَهارُنا * إلاّ بوجه ليس فيه حياء
وبين كلِّ هذا التراكم الهام لقضايا الإنسان، فإنَّ الفرد يتعثَّر وهو يمشي على مسار طريقه المميَّز، تجده يحاول الجلوس بجوار القداسة، متَّخذا محراب العصمة دِرعًا واقيا، مبررا به زلاّته الكثيرة وأخطاءه المتنوِّعة، ولعلَّ أوضح طوق نجاة يتعلَّق به الإنسان، هو الظَّرْفُ الذي يمرُّ به، ليصبغه بالصعوبة، ويقدِّمه على أساس مهتز، يجعله يفقد بوصلات الزمن أكثر من حين، ويرميه في قاع آبار الانكسارات أحيانا أخرى، وعليه فإنَّ "الظروف مجرَّد سبب تافه نجعل منه نحن سببا قويًّا نبرر به أفعالنا غير المنطقية. وأفعالنا غير المنطقية هي مجرَّد ردود فعل تعكس في مرآة الواقع حجم الضعف الذي نرتديه في الفترة الصعبة التي نمرُّ بها حتى الآن" (مِن أقوال أسماء سنجاسني).
لا أفهم لما نعاني مِن الصعوبة؟ لما نهاب الصعب؟ هل الصعب هو القسوة؟ وهل نحن مجموعة خائفين مذعورين من كلِّ صعب (قاسي)؟
ينسى الإنسان أنَّه مولود مِن الألم الذي يخشاه، يخرج الجنين إلى الحياة تحت وَقْعِ صرخات أحبِّ مخلوق إليه، ألا وهي أمّه (الغالية)، ولادته تمثل كابوسا مِن آلام المخاض، لتنتشي بعدها الأمّ برؤية مولودها الجديد، ولا يهنأ بالها إلاَّ إذا سمعت صرخاته تدوِّي في الأرجاء، معلنا عن بداية حياته.
إذن الصعوبة يعتبرها الإنسان جزء مِن الألم، هي الأخت بالرضاعة للقسوة، وكلاهُما ينهلان مِن الألم لدى ذهنية الإنسان، لهذا يرى الفرد الأمور الصعبة كحمولات ثقيلة تذكِّره بالذي يخشاه منذ ولادته، وبمصادفته للصعوبة في حياته، هو يعيش لحظات ضدَّ إرادته، وكلُّ ما هو ضدَّ الإرادة هو صعبٌ لأنَّه مؤلِمٌ، يقسو على النفس، فبعض اللحظات "صعبة... لأنّه تحدث فيها أشياء غير التي كنّا نريدها" (مِن أقوال أسماء سنجاسني).
حتى ختام الحياة صعب، نعتبره كبشر مِن أصعب اللحظات رغم قدومه الحتميِّ إلينا، نجزع منه ونبكي بحُرقة عند فقدان الأقربين إلينا، رغم علمنا المسبق أنَّهم سيرحلون عن هذه الحياة آجلا أم عاجلا، نقيم مراسيم العزاء، معتبرين أنَّ تلك اللحظات، لحظات الفقد عبر الموت، مِن أعصب اللحظات في حيواتنا الغريبة.
كلّ ثانية يعيشها الفرد ثقيلة على الفؤاد صعبة المرور على الروح، كلَّ ما نحن متورطين فيه كأحياء يقتات مِن الصعوبة التي نمقتها ونحاربها، كمَن يحارب سبب وجوده واستمراره في طريق يعشقها لكنه يكره سبب بقائه في نطاقها.
لا يوجد في الحياة أمر سهل، السهولة مِن نسج الخيال الذي يعبث بصرامة العقل، وبسبب آليات العقل الذي يُلزمه بصناعة ضدِّ لكلِّ مرادف، فإنَّ هذه الآلة العقلية قد صنعت لنا ضدّ الصعوبة، ألا وهي السهولة، لكنَّها ليست مِن واقعنا، والدليل أنَّ لكلِّ حركاتنا وسكناتنا ثمن، وسواء كانت غالية أو غير ذلك، فإنَّ التفاوت في درجات غلاء تلك الفواتير الدنيوية التي نسددها، لا يعني إحلال السهولة مكان الصعوبة، فكلّ ما نقوم به صعب، لكنَّ الفرق في معايير قياس هذا الصعب، ودرجات حضوره في أيامنا فقط.

"كانت المعرفة العقلية في الرسالة الجزائرية، وهي أقدم نصٍّ للجزائري حول المسألة، هي بمثابة مجرَّد اعتقاد، إنَّها اعتقاد سليم ومستقيم، كما يقول القرصان، لكنّها في نهاية المطاف اعتقاد، وإذا قادتنا إلى الحقيقة، فإنَّها تقودنا إليها بشكل غير مباشر" (مزوار محمد سعيد، تودرومو القرصان، ص: 129)
© www.facebook.com/msmezouar



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فينومينولوجيا المُعاناة، والسبب: قبعَة
- فينومينولوجيا شارع بروفانس
- السبب الذي دفعني لكتابة -العالَم الجزائري- بالفرنسية
- الشعوذة المثقفة
- الثقة العربية
- في الجزائر: الظلم موجود، الأمل مفقود والخارج منها مولود
- حاكم حضاري تعرف على النساء عبر جواهرهن
- سلام يا أرض القراصنة
- أعبّر عن المستحيل بشكل إضطراريّ
- مدار التعقيم النهائي
- غريبة أنت أيتها المرأة الجزائرية
- فيدل كاسترو آخر حرّاس جزيرة القرم الفكرية
- أحب نفسك أوّلا
- علاج السخافة بالرداءة
- دونالد ترامب رئيسا على طريقة أنا ربكم الأعلى
- في الجزائر المستقلة لا يزال هناك عبيد
- الجذور الإسلامية للجمهورية الفرنسية
- هارب من شاطودف
- فلسفة البخار عندما ترغب في الإعتذار بدل سرد الأعذار
- الطرف الأيمن على العتبة اليسرى


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزوار محمد سعيد - أعلنتُ عليك حربًا يا وجعي (الورقة الثامِنَة)