أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مزوار محمد سعيد - غريبة أنت أيتها المرأة الجزائرية














المزيد.....

غريبة أنت أيتها المرأة الجزائرية


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 5359 - 2016 / 12 / 2 - 01:17
المحور: كتابات ساخرة
    



المرأة الجزائرية كغيرها من نساء الدنيا هي كائن جميل، لطيف وناعم للغاية، ولها ميزات كثيرة تحرّك الوجدان والمشاعر، لتسري في جسد الحياة "vita" سريان الدماء في العروق، لها أصالتها وعمقها التاريخي السحيق في جذور هذه الأرض، فلا يعرف الجزائر سوى نساءها، وإن ما أردت أن تتعرّف على الجزائر حقا عليك بالزواج "sposare" من إحدى بناتها، فستظهر لك الجزائر بشكل عذريّ خالص تماما.
تعلم المرأة الجزائرية أن زوجها المستقبلي سيخونها ومع ذلك تتزوجه، تعلم بأن التقاليد "tradizioni" والأطر الإجتماعية التي تلتزم بها عن ظهر قلب لا محل لها من إعراب العلوم والمنطق والمعقولات والأديان وحتى الأساطير والخرافات، ومع ذلك تقدم عليها بلا كلل ولا ملل، هي سيّدة الحرّاس الذين لا يتركون أي تفصيل لأية صلة تنفك عن وجودها، وهي التي تزاول وجودها عبر حصر ذاتها في قفص " gabbia" صمم منذ الأزل ليحفل ببقائها فيه منذ الأزلية أبد الدهر.
ما أعظم التاريخ حين تسطّره النساء وربات البيوت بالخصوص، ولنا في مجتمعات تقدّس دور العائلات لأمثلة ناصعة في هذا الخصوص، دون أن ننس ما ورد في الأثر الذي يقول: وراء كل رجل عظيم إمرأة.
لقد حكمت ملكة المملكة المتحدة إمبراطورية شاسعة بدهاء شديد ولا تزال تفعل، وهي وريثة الملكة فيكتوريا وعرابة المرأة الحديدية تاتشر، ولا تزال تحكم ميركل العقل الألماني، ولا تزال السيّدة لوبان تتحرش بالعقل الفرنسي، وهي أمثلة ماثلة أمامنا لنساء قويات في عالمنا المعاصر.
وعلى أرض القراصنة "الجزائر" التي لم تحتفل عبر تاريخها سوى بالرواية والروائيين فقد يحضرني إسم آسيا جبار كإحدى الأمثلة التي تؤكد على حضور المرأة الجزائرية في صلب دورها التاريخي والحضاري بعيدا عن سفن العباب بين سلب الذات ونهب الروح.
ما تعان منه المرأة الجزائرية هي الوصاية "tutela"، وصاية الأب ثم الأخ ثم الزوج ثم الابن، ثم الغريب والغرباء، ولا يمكن أن تتخيل نفسها وصية ذاتها لأنها ببساطة لا تشعر بذاتها ولم تشعر بها في يوم من الآيام، وعندما تستشعرها تزهوا بمجون الآخرين بدل أن تحتفي بزهو ذاتها ذاتيا.
في الجزائر فتيات لا يمكن لشاعر واحد أن يتغنى بهنّ كلهن، فعبر عيونهنّ وألوان بشراتهنّ المختلفة يمكن رصد الجمال مزركشا على جوانب خطاب لا يمكن أن يسجنه لا أحد ولا أيّة قصيدة أو كتاب.
في الجزائر الأنوثة معلقة على الأبواب تداعب السراب، تنادي بأعالي أصواتها كصوت آخر مغني يتعمّد بصوته المبحوح كل حين.
في الجزائر الصبايا يتعلّقن بحريتهن المهدورة كالجنين، وهو يحاول أن يكون سعيدا ببكائه، أن يكون فرحا بعالم ولد معه ولم يولد فيه.
في الجزائر آثار على رمال البحر المتوسط، ترسم إبتسامة مؤنثة، تغازل أمواجا مرجانية الحضور، تحضن زمنا إرتمى بكله في جهله، وتمسح دموعا على خد تجاهل قسوة الحياة وانحاز إلى وفاء "fedeltà" مكنون.
لا يمكن أن نستهين بمن أنجبت الثوار وربتهم تحت القصف وبين تسابيح الرصاص، لا يمكن أن نستخف بمن لقنت العالم الحضارة ببداوتها، وصنعت من لدائن أبدان ضعيفة روائيين كبار، ولا يسعنا إلا أن نحترم تلك الذات التي ناضلت من أجل أن تغدق زوجا، وأن تحمي إبنا، وأن تدرّب إمرأة صاعدة في مجال الأنوثة " femminilità".
لولا نساء الجزائر لما كانت الجزائر رغم مكرهن الأنيق، ورغم ما يحيط بهنّ من تحديات يعجز هذا المقام عن ذكرها لصعوبتها على أي كاهل مهما كان قويا، لا يزال الطريق طويلا لتتعرّف المرأة "donna" الجزائرية على دورها، لتلتقي بنفسها بنفسها، وتتصالح مع أنوثتها قبل أن تفتخر بجزائريتها، لأنّ لكل وردة أشواك تدمي قاطفها.



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيدل كاسترو آخر حرّاس جزيرة القرم الفكرية
- أحب نفسك أوّلا
- علاج السخافة بالرداءة
- دونالد ترامب رئيسا على طريقة أنا ربكم الأعلى
- في الجزائر المستقلة لا يزال هناك عبيد
- الجذور الإسلامية للجمهورية الفرنسية
- هارب من شاطودف
- فلسفة البخار عندما ترغب في الإعتذار بدل سرد الأعذار
- الطرف الأيمن على العتبة اليسرى
- لم ندرك هذا سوى بعد ضياع كل الأمور، أدركنا أننا ندور خارج ال ...
- ذاك الذي اعتقد أنه من الآلهة، ذكّره الجزائريون بأنه بشر
- بعض توابل التفكير على الضمير قد تنفع صاحبه
- زحمة يا دنيا زحمة؛ زحمة وتاهوا الحبايب
- حريق على أعتاب دار التفكير إنتقاما من ذاته الموغلة فيه وتحرش ...
- -بريك-إقزيت- عنوان مسرحية خروج شكسبير بوند من إتحاد أوربا
- لا يمكننا شراء الجرءة
- أكتبُ ما يحلو لي رغم أن هذا يسبب لك مشكلة
- معاني أسماءنا المكتوبة على جبين نيويورك
- التفكير في الممنوعات طريق الحرير الجديد إلى الشهرة
- سرقة الزمن كأداة للاضطهاد الجماعي والبؤس الروحي بين أزمة الأ ...


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مزوار محمد سعيد - غريبة أنت أيتها المرأة الجزائرية