أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى حقي - (2) السعي خلف الغنائم ....؟















المزيد.....

(2) السعي خلف الغنائم ....؟


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1802 - 2007 / 1 / 21 - 12:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(لمحة عن الكاتب علي الدشتي وأعماله في مطلع مقالنا- معجزة القرآن) الحوار المتمدن تاريخ 10/12/2006
ومحمد كان أيضاً رجل سياسة ، وفي أذهان رجال السياسة الغاية تبرر الوسيلة . وغاية محمد كانت أن يرسّخ الإسلام ، وأن يستأصل فساد المشركين والمنافقين، وأن يقيم دولة عربية موحدة تحت راية الإسلام . وكلّ خطوة تفضي إلى ذلك الهدف الرفيع كانت جائزة ومسوغّة .
وما كان ينجم عن تلك الهجمات والغزوات كان يُستَخدَم لخير الجماعة المسلمة التي كانت لا تزال قليلة العدد , وليس لمنفعة النبي الشخصية . فهو نفسه كان قانعاً بطريقة عيشٍ جدّ متواضعة. وبعد الاستيلاء على بيوت بني قريظة وممتلكاتهم ، طالبته نساؤه بزيادة نفقتهنّ من الغنائم الكثيرة ، لكنه خيرّهنّ بين القناعة بما لهنّ من نفقة وبين الطلاق .
أما صحابة النبي الكبار فقد ساروا على خطاه وعاشوا عيشة متواضعة مثل عيشته . وما دام حياً ، لم يدع أحدٌ منهم لنفسه أن تقع في قبضة الطمع . غير أنّ كثيراً منهم أذعن لتلك القبضة بعد وفاة النبي ، خاصة بعد تدفق الغنائم تدفقاً عظيماً من البلاد المفتوحة البعيدة عن حدود جزيرة العرب.
ولقد حرص عمر، الخليفة الثاني، على إبقاء يد الحزم مرفوعة على الدوام . ولدى تقسيم الغنائم والأعطيات على قادة المهاجرين والأنصار وسواهم من المستحقين في المدينة ، كان يبدي التواضع دوماً ويعمل تبعاً للعدل والإنصاف . ولحرص عمر على أن يظل القوم في الطريق التي سار عليها النبي ، فقد ارتضى لنفسه أن يعيش حياة الزهد . ويُنْقَل عن سالم ( وهو عبد مُعْتَق ومن أوائل نَقَلَةَ الحديث ) أنّ قيمة لباس عمر، بما في ذلك عمامته وحذاؤه ، لم تتجاوز في خلافته الأربعة عشر درهماً ، في حين كانت تبلغ الأربعين دينارا قبل ذلك . ولقد بلغت صرامة عمر في الاقتصاد والتدبّر في الإنفاق حدّ أن اشتكت قريش في العام الأخير من خلافته . فلما سمع ذلك ، كما ينقل الطبري ، قام فقال : ألا إني قد سننت الإسلام سن البعير يبدأ فيكون جذعاً ثم ثنياً ثم رباعياً ثم سدسياً ثم بازلاً ألا فهل ينتصر بالبازل إلا النقصان ! ألا فإنّ الإسلام قد بزل ! ألا وإنّ قريشاً يريدون أن يتخذوا مال الله معونات دون عبادة ؛ ألا فأما وابن الخطاب حيّ فلا ! إني قائم دون شعب الحرّة آخذٌ بحلاقيم قريش وحجزها أن يتهافتوا في النار . وينقل الطبري أيضاً أن عمراً كان قد حصر أعلام قريش من المهاجرين في المدينة وحجر عليهم الخروج في البلدان بإذن وأجل، وكان يقول لهم : إنّ أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد. فإذا ما استأذنه الرجل في الغزو وهو ممّن حُبِسَ في المدينة من المهاجرين ، كان عمر يقول : قد كان في غزوك مع رسول الله (ص) ما يبلغك وخير لك من الغزو اليوم ألا ترى الدنيا ولا تراك .
وفي سياق تناوله دقـّة عمر وصرامته ، كتب الباحث المصري المعاصر والثاقب طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى( وهو في جزأين، القاهرة 1947و1953) أن عمراً : ( لم يخف الفتنة من أحد كما خافها من قريش ، ولم يخف الفتنة على أحد كما خافها على قريش؛ لأنه كان يعرف هذا الحيّ من العرب حق المعرفة ، وكان يعرف بنوع خاص مواطن القوة القوية فيه كما كان يعرف مواطن الضعف الضعيف. فقد كانت قريش التي نشأ فيها عمر قبل أن تُدعى إلى الإسلام ممتازة بالقوة والضعف جميعاً. وكانت قوتها تأتيها من مكانها حول البيت واستئثارها بمناسك الحجّ تقيمها للعرب وتتسلط عليهم بها وتتحكم عليهم فيها، وترى لنفسها بذلك امتيازاً لا يشاكها فيه غيرها من الناس؛ فهي تزعم لنفسها أرستقراطية متفوقة ، وقد اعترف لها العرب بهذه الأرستقراطية في جملتهم ، لا لتفوقها في الحرب ولا لتسلّطها بقوة السيف ، فلم تكن قريش قبيلة محاربة، بل لاستئثارها بأمر الدين وامتيازها في الجليل والخطير منه، ثم كانت القوة تأتيها من تجارتها الضخمة التي تفوقت على كل تجارة في العرب أو التي تسلطت على كل تجارة في العرب . أتاح لها ذلك أمنها في الحرم واستقرارها حول البيت ، ومنحها ذلك من الذكاء والدها ونفاذ البصيرة وبعد الهمة ما لم يتح لغيرها من قبائل العرب لا نستثني منها إلا ثقيفاً . فقد كانت قريش صلة بين الشرق البعيد والشرق القريب في التجارة، وكانت بذلك صلة بين الشرق والغرب ، أو قل بين الروم والهند. وقد أفادت من ذلك مالاً كثيراً , وأفادت من التجربة أكثر مما أفادت من المال. وعلّمتها كثرة المال الحرص وحسن المحافظة ودقّة التدبير والبراعة في الاستثمار. وعلّمتها التجربة المتصلة وممارسة الأمم المختلفة وزيارة الأقطار النائية مهارةً في مواجهة المشكلات والنفوذ منها والتغلب عليها؛ فكانت قبيلة ماهرة ماكرة أمكر العرب وأمهرهم من غير شك.
وقد دفعها هذا كله إلى بعد الهمة وامتداد أسباب الطمع إلى غير حدّ ، والصبر على المكروه حتى تظهر عليه، والسخر من العقاب حتى تذللها. بل دفعها هذا كله إلى ما هو أشدّ خطراً، وهو ازدراء القيم المقررة ، والاستهزاء بما تواضع الناس عليه من العقائد والتقاليد ، واستباحة كل شيء في سبيل المنفعة القريبة والبعيدة ، وسعة الحيلة التي أتاحت لها أن تظهر للعرب أمينة على الدين وليست من الدين في شيء. فقد كان السادة من قريش على أقل تقدير ينظرون إلى الدين على أنه وسيلة لا غاية ، وإلى هذه الأوثان المنصوبة على أنها أسباب لكسب الرزق وبسط السلطان لا أكثر ولا أقل . وكان السيد من قريش رجلاً أثِراً شديد الطمع بعيد الهمّ عظيم المكر داهية ، كلما حزبته المشكلات عرف كيف يستقبل ما حزب من الأمر، وكيف يخرج منه سالماً معافى موفوراً .
عرف عمر هذا كله في قريش ، فلم تستطع أن تخدعه عن نفسها، بل لم يستطع إقبالها على الإسلام وإذعانها لسلطانه أن يغيّرا رأيه فيها . وهو من أجل هذا آثر الاحتياط كل الاحتياط في سياستها ؛ فلم يلن لها ولم يرفق بها .
ولقد أثبت سداد آراء عمر وأحكامه ماجرى من حوادث بعد وفاته. فعلى الرغم من أنّ عثمان ترك كلَّ من ولاهم عمر في مناصبهم لمدة عام استجابة لمشيئة عمر ولم يُزحهم إلا بعد ذلك ، غير أنه منذ بداية عهده راح يجزل العطاء للمهاجرين والأنصار من بيت مال المسلمين ، كما ضاعف أعطياتهم في مرّة . ومع أنّ الخليفة الثالث ظلّ على نهج سابقيه في العيش عيشةً متواضعة ولم يستخدم المال العام لأغراضه الشخصية ، إلا أنّ هباته المفرطة أضرمت نار الغيرة والطمع وذهبت بالزهد والإيثار .
وكنا قد أشرنا من قبل إلى لباس عمر وعيشته المتواضعة وهو واحد من أقوى خلفاء المسلمين على مرّ التاريخ وأول من حمل لقب ( أمير المؤمنين) . ومن المشهور عن عليّ أيضاً زهده ، الذي يشهد عليه الأصدقاء والأعداء على حدّ سواء . فلباس عليّ كان ممتلئا ًبالرقع حتى أنه يخجل من كثرة ما كان يأخذه لمن يصلحه . ولقد وبّخ أخاه عقيلاً بقسوة حين سأله هذا الأخير أن يعطيه من بيت مال المسلمين لكي يوفيّ ديناً. أما لجوء عقيل بعد ذلك إلى خصم علي ، معاوية بن أبي سفيان ، فهو تذكرة أخرى بأهمية العامل المالي في اتخاذ العرب مواقفهم .
( من كتاب : 23 عاماً دراسة في الممارسة النبوية المحمدية )
( الكاتب : علي الدشتي برجمة ثائر ديب إصدار رابطة العقلانيين العرب )
يتبــــــع ....



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياقضاة مصر .. عبد الكريم سليمان(كريم عامر) شابٌ حرٌ متحمسٌ أ ...
- (1) السعي خلف الغنائم ...؟
- جنٌّ مسلمون يغتصبون منزلاً ويحرقونه من بالوعة ....؟
- (4).... مابعد النبوّة ...الخلافة
- (3).. ما بعد النبوّة .. الخلافة.
- (‌2 )...ما بعد النبوّة ... الخلافة ..
- (1) ما بعد النبوّة...الخلافة ..؟
- تحية للدكتورة وفاء سلطان على منبر الحوار المتمدن ...
- نشأة الكون وتقسيم الزمن ....؟
- الجنّ والسّحر ...؟
- ..( 4 ) الله في القرآن..
- .. وأد العقل العربي هل تفاقم إلى ظاهرة تراثية إرثية ..؟
- ....(الله في القرآن ...(3
- ..(.الله في القرآن ..( 2
- ..- الله في القرآن ..-1
- ... النساء والنبي -2-؟
- .. النساء والنبي ....-1-..؟
- ... النساء في الإسلام ...؟
- النبوّة والحكم .....؟
- سياسة التقدم نحو السلطة ....؟


المزيد.....




- أحدث كتلة لهب هائلة أضاءت الليل.. شاهد لحظة انفجار صاروخ -سب ...
- -مأساة أمريكية“.. بروس سبرينغستين غير منسجم مع الوضع السياسي ...
- مصمم الأزياء رامي العلي: هذه القطعة يجب أن تكون في خزانة كل ...
- وزنه يفوق طنين ومداه يصل إلى 2000 كلم: ما هو صاروخ -سجّيل- ا ...
- مسؤول إيراني يرد بقوة على ترامب: لا أحد يستطيع تهديد طهران و ...
- الحكومة الإيرانية تعلق صور القادة العسكريين القتلى إثر الهجم ...
- بلاغ للنائب العام: وفاة سبعة محتجزين بقسم العمرانية في أقل م ...
- وسط صمت حكومي.. إسرائيل تفرض أمر واقع جديد في الجنوب السوري ...
- رئيس ديوان المستشارية يؤيد ميرتس ويؤكد دعم ألمانيا لإسرائيل ...
- محافظة دمشق ترد على ما يشاع حول الأعمال الإنشائية على سفح جب ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى حقي - (2) السعي خلف الغنائم ....؟