أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل الفتلاوي - العار أصبح ترنداً .. معركة الحياء في السوشيال ميديا ..














المزيد.....

العار أصبح ترنداً .. معركة الحياء في السوشيال ميديا ..


عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث

(Aqeel Al Fatlawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8300 - 2025 / 4 / 2 - 19:13
المحور: الادب والفن
    


في عصر التكنولوجيا والانفتاح الرقمي، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ساحة مفتوحة للجميع، يُعرض فيها الصالح والطالح، المحترم والمبتذل. وفي خضم هذا الفيض من المحتوى، نلاحظ تراجعًا ملحوظًا في قيم (الحياء والعفة )، تلك الفضائل التي كانت حصنًا يحمي كرامة الفرد والمجتمع. فما الذي حدث لهذه القيم؟ ولماذا صارت المشاهد المخلة بالحياء تُعرض بكل جرأة، وكأنها (موضة) العصر؟
الحياء ليس مجرد خجل عابر، بل هو خلق رفيع يمنع صاحبه من فعل ما يُعاب، أو قول ما يُستقبح. يقول النبي ﷺ ( الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ ). أما العفة، فهي ضبط النفس عن الشهوات المحرمة، والتحلي بالطهارة في القول والعمل.
لكننا اليوم نرى انقلابًا في الموازين؛ فبدلًا من أن يكون الحياء زينة الإنسان، صار البعض يعدونه (ضعفًا) أو (تخلفًا)، بينما يُروج للجرأة المفرطة والإباحية على أنها (حرية شخصية، وانفتاح). والأخطر أن هذه الأفكار تُغذى عبر منصات التواصل، حيث تُعرض مقاطع خادشة للحياء بذريعة الفن أو الفكاهة أو حتى (التوعية)!
لا ننكر أن لوسائل التواصل فوائد جمة، لكنها أيضًا أصبحت أداة لنشر الرذيلة. فبمجرد تصفحك لبعض المنصات، قد تظهر لك فجأة مقاطع غير لائقة، تعرض فيها النساء والرجال أنفسهم بطريقة مبتذلة، أو تُنشر تعليقات تسخر من العفاف وتستهزئ بمن يتمسك به.
بل وصل الأمر إلى حد التحديات المشينة، حيث يقلد الشباب والمراهقون سلوكيات مخلة بالأدب، ظنًا منهم أن ذلك يجعلهم (مشاهير). وهنا يبرز سؤال مهم: أين دور الرقابة الأسرية؟ وأين ضمير من ينشرون هذه المواد ويُروجون لها؟
في خضم هذه الفوضى الأخلاقية، تبقى هناك نماذج مشرقة تُذكرنا بقيمة الحياء،
قصة الأعرابية : عندما أضاعت ابنها في السوق بين زحام الناس، أشار عليها أحدهم: ( اكشفي وجهك لعله يراك فيهتدي إليك! )، فردت بكل شموخ: (ضياع أبنائي ولا ضياع حيائي! ) ثم أنشدت:
يَعِيشُ المَرءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ
وَيَبْقَى العُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ
فَلَا وَاللهِ مَا فِي العَيْشِ خَيْرٌ
وَلَا الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الحَيَاءُ
هذه الكلمات تُجسد قيمة الحياء الذي لا يُضحّى به حتى في أحلك الظروف. فما بالنا اليوم بمن يبيعون حياءهم مقابل ( لايكات ومتابعين) ؟
أن فقدان الحياء أشد خطراً من أي وباء، لأنه يدمر كيان الأمة من الداخل. فالأوبئة تُهاجم الأجساد، ولكن انعدام العفة يهدم الأخلاق، ويُفكك الأسر، ويُربي أجيالاً بلا قيم.
ولقد حذر النبي ﷺ من ذلك فقال (إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ). أي أن من يفقد حيائه، لا يتردد في فعل أي منكر، وهذا ما نراه اليوم في بعض وسائل التواصل، حيث تُنتهك الحرمات دون خجل.
وقد يسأل البعض، كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا والمجتمع من هذا الانحدار ؟
1. التربية الإيمانية : غرس قيمة الحياء في الأطفال منذ الصغر، وتعليمهم أن العفة ليست عيبًا، بل شرف.
2. الرقابة الذاتية : اختيار ما نتابعه ونشاركه، فليس كل محتوى يستحق المشاهدة، حتى لو كان (ترندًا). .
3. مواجهة التطبيع مع الرذيلة : عدم السكوت عن المنكر، والرد بحكمة على من يسخرون من القيم، وبيان خطر الانحلال.
4. دعم المحتوى الهادف : تشجيع الصفحات التي تنشر الأخلاق والآداب، بدلًا من تلك التي تروج للانحلال، والتي تبيع العري باسم (الحرية).
وختاماً لن يعود الحياء والعفة إلا إذا أدركنا خطورة ما نستهلكه ونشاركه على صفحات السوشيال ميديا، فلنحفظ حياءنا، فهو آخر ما تبقى من كرامة في زمنٍ باتت فيه القيم تُباع بأرخص الأثمان.



#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)       Aqeel_Al_Fatlawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضربة استراتيجية تشلّ (هاري ترومان) وتُغيّر قواعد اللعبة
- الطبيعة أم التطبع: أيهما يغلب في الآخر؟
- الفاشنيست الدينية: حين يتحول الخطاب المقدس إلى سلعة رقمية..
- الأفكار النمطية: قيود نصنعها بأيدينا
- التكتلات الإعلامية والتحكم في تدفق المعلومات
- من الملعب إلى البرلمان.. هتافات غير لائقة تعيد النفط إلى واج ...
- ثقافة الاستقالة معدومة في العراق: اتحاد اكرة القدم نموذجًا..
- من سيملأ الفراغ السياسي في العراق؟ السيد مقتدى الصدر ينسحب م ...
- بين الإنقاذ والتراجع
- الرقابة الأبوية على المراهقين بين حرية المقاهي وسلطة الأهل
- التحديات الأمنية والاقتصادية لتهريب النفط في الخليج العراق و ...
- كيف يتحكم الإعلام في عقولنا؟ صناعة الموافقة الخفية
- هل دخلت أميركا وكر الأفعى بضربها اليمن وصدامها مع أتباع الحو ...
- صناعة الأصنام والطواغيت: مجتمع بين عبادة الماضي واستغلال الح ...
- برمجة الأطفال والإعلان: كيف نصنع جيلًا واعيًا رقميًا؟
- العنف التلفزيوني: متعة بصرية أم خطر يهدد المجتمع؟
- النزاهة والشفافية: ركيزتان لإعادة بناء الثقة في الحكومة العر ...
- صناعة الوهم في عصر السوشيال ميديا
- فتوى الدفاع الكفائي.. هل كانت الحل الأمثل لدرء فتنة انهيار ا ...
- وداعًا يا أبا حمزة صوت العزة الذي لن يصمت


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل الفتلاوي - العار أصبح ترنداً .. معركة الحياء في السوشيال ميديا ..