أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نعيم مرواني - تهافت اقتصادنا -17















المزيد.....

تهافت اقتصادنا -17


نعيم مرواني

الحوار المتمدن-العدد: 8298 - 2025 / 3 / 31 - 07:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في فصل المشكلة الاقتصادية في نظر الاسلام وحلولها ص 346، يقول المؤلف ان الراسمالية تعتقد ان المشكلة تكمن في قلة الموارد الطبيعية ومحدودية الطبيعة التي لايمكننا زيادتها. أما المشكلة الاقتصادية من وجهة نظر الماركسية،فيقول ان الماركسية تراها تتمثل بالتناقض بين شكل الانتاج وعلاقات التوزيع ومتى ماتم التوافق بينهما استقرت الحياة الاقتصادية.
أما الاسلام، يقول المؤلف، فهو لايتفق مع الراسمالية في تشخيصها للمشكلة الاقتصادية بل يجادل حول قدرة الطبيعة على ضمان توفير كل حاجات الحياة التي ،مالم يتم اشباعها، تؤدي الى مشكلة حقيقية في حياة الانسان. ويقول لايرى الاسلام ان المشكلة هي التناقض بين شكل الانتاج وعلاقات التوزيع كما تقرر الماركسية " وانما المشكلة -قبل كل شيء- مشكلة الانسان نفسه، لا الطبيعة، ولا اشكال الانتاج."
ولتأكيد جدليته يقتبس الآيات 33-35 من سورة إبراهيم وتبدا: " الله الذي خلق السموات والارض،" وتنتهي ب " إن الانسان لظلوم كفار."
اي ان الله وفر للانسان كل مايحتاجه وسخر له الطبيعة ولكن الانسان جاحد بنعمة ربه وظلوم. ويعود هنا الى من حيث بدأ كتابه ليخبرنا ان العلم غير قادر على كبح نزوع الانسان الفطري الى التعدي على حقوق ومقدرات غيره ولاحاجة لنا بعلوم مثل علم الاجتماع او الاقتصاد او الانسان أو النفس او الفيزياء، وان الوعظ الديني وتدريس اللاهوت كفيلان بتهذيب سلوك الانسان واماتة غرائزه الجسدية فيسود العدل وتستقر الحياة.
لايمكن استعمال الكتب السماوية لثني الانسان عن تطوير العلوم الطبيعية، ببساطة لان هذه العلوم تمثل توسعة لما جاء بتلك الكتب- وليس نقضا لها - ذلك لانها تبحث في اسباب كون الانسان كما وصفته تلك الكتب. تبحث في الاسباب كي تجد السبل التي يمكن من خلالها وضع قوانين وقواعد اجتماعية واقتصادية علمية من شانها ضبط سلوكيات الانسان والمحافظة على الطبيعة وتوزيع ثرواتها بشكل عادل ولو نسبيا.
لجأ الانسان الى العلوم الطبيعية لايجاد حلول لمشاكله الحياتية بعدما عجزت المثالية الماورائية عن حلها بل لعلها ساعدت على تفاقمها، لذلك سوف لن يجد الناس جدلية العودة الى ترسيخ اللاهوت كفيلة بحل مشاكلنا الاقتصادية لان "المُجَرَّب لايُجَرَّب" ومن الغباء ان تكرر نفس التجربة بنفس الطريقة وتتوقع نتائج مختلفة، حسب انشتاين.
في ص 348 يقول المؤلف: " وضع الاسلام جهاز التوزيع للمجتمع الاسلامي بالشكل الذي تلتقي فيه حقوق الفرد بحقوق الجماعة. فلم يحل بين الفرد وحقه واشباع ميوله الطبيعية، كما لم يسلب الجماعة كرامتها ولم يهدد حياتها." ومرة اخرى نؤكد على ماقلناه سابقا ان كل مايدعو اليه هو اعادة اختراع الديمقراطية الاشتراكية ظانا انه اخترع نظاما اقتصاديا جديدا أطلق أنصاره لاحقا عليه النظرية الثالثة.
والنظام الديمقراطي الاشتراكي الذي تبلورت مبادؤه عام 1860 يحرص بشكل عام على تحقيق التوازن بين الفرد والمجتمع، حيث يعطي الأولوية للحرية الفردية مع الاعتراف في نفس الوقت بأهمية العمل الجماعي لضمان الرفاهة الاجتماعية والمساواة بين جميع المواطنين؛ ويدعو إلى التنمية الفردية في ظل مجتمع داعم.
ومن النظام الديمقراطي الاشتراكي نهل مؤسس دولة الرعاية الاجتماعية (Welfare State) الامريكي لستر فرانك وارد Lester Frank Ward)) مبادءه عام 1930 (أي باكثر ن ثلاثين سنة من تأليف كتاب إقتصادنا) ودعا الى الوسطية والتوازن بين الفرد والمجتمع. ويبدو ان المؤلف لم يطلع على تلك الافكار الاقتصادية الوسطية قبل ان يبشرنا بالنظرية الثالثة في كتابه موضوع البحث التي ماهي الا نبيذ جديد في برميل عتيق.
ثم يقارن (ص350-352) بين تعريف القيمة عند الاقتصاد الاشتراكي الماركسي وبين تعريفها الاسلامي. فيقول حسب " القاعدة الاشتراكية فان العمل سبب لقيمة المادة وبالتالي سبب تملك العامل لها." واما القاعدة الاسلامية، يجادل المؤلف، ففيها " العمل سبب لتملك العامل للمادة وليس سببا لقيمتها. ثم يضرب مثلا: "فالعامل حين يستخرج اللؤلؤ لايمنحه بعمله هذا قيمته وإنما يملكه بهذا العمل."
إما نحن فنتفق مع التعريف الاشتراكي للقيمة ونختلف مع التعريف الاسلامي لها – حسب مايراه المؤلف.
فالقيمة نوعان: قيمة معنوية Sentimental Value))وقيمة حقيقية او سوقيةTrue´-or- Market Value ) (، والقيمة المعنوية لاتخضع لمعادلة المادة الاولية والجهد المبذول والانتاج والتوزيع والعرض والطلب التي عادة ماتعرف القيمة الحقيقية للمنتج. القيمة المعنوية تحددها المشاعر والاحاسيس لا الحسابات الرياضية المجردة، كأن تكون ساعة أهداكها ابوك حين تخرجت من المدرسة الثانوية أو لوحة رسمها لك صديق عزيز ثم مات بحادث سير أو قلادة اهدتكها حبيبتك أو قميص فنانة عالمية او قنينة عطر ديكتاتور اطيح به بثورة شعبية أو شظية من قذيفة أخطأتك في حرب كنت فيها مقاتلا...الخ.
أما القيمة الحقيقية او السوقية للمنتج ،وهي موضوع البحث، فانها تخضع لعوامل عديدة منها الندرة والجهد المبذول وتقلبات السوق والعرض والطلب وتخمين شدة الحاجة المستقبلية لها ...الخ ، لكن أهمها على الاطلاق هو عامل التوفر إذ لاقيمة للاشياء التي يستحيل الوصول اليها. فلاقيمة للؤلؤ وهو في قاع البحر، إنما قيمته أتت من عمل الغواص الذي جلبه من قاع البحر الى قاعة السوق. مثال آخر على علاقة التوفر بالقيمة: ماقيمة كيلو واحد من تراب الشمس؟ لاقيمة له. لماذا؟ لان لااحد قادر على جلبه الى السوق وبالتالي فمالايمكن توفره بالسوق لاقيمة له. ماقيمة النجوم؟ ماقيمة كنز في اعماق البحار لايمكن الوصول اليه؟ لاقيمة لهذه الاشياء ذلك لاستحالة توفرها بالسوق.
ثم أن لاقيمة للاشياء دون الانسان. ماقيمة الماس او الذهب على الارض لو لم يكن الانسان موجودا. اذن ليس للاشياء قيم قائمة بذاتها انما قيمها تأتي من عناصر اخرى أهمها العمل والتوفر وكائنات راغبة في اقتنائها.
فالذهب مثلا لم تكن له قيمة تذكر وكان التجار يبادلونه بالملح حتى قرر الانسان في قرون لاحقة ان يرفع قيمته من خلال ربطه بالعملات وتصنيع الحلي والتحفيات. اي ان قيمته اتت من العمل (اي بعد جمعه وتنقيته وصياغته باشكال مختلفة). وتجارة الملح وتبادله بتراب الذهب كانت رائجة في غرب افريقيا في عصور ماقبل التاريخ، إذ كان الملح أهم بضائع قوافل البربر التي تتاجر بين شمال افريقيا وغربها. وهذا يعطيك تصور عن مصادر قيم المواد وعوامل تغيرها.
وحول التوزيع، يختلف المؤلف مع الشيوعيين ومع الاشتراكيين الماركسيين لانه يقول باعتماد الشيوعيين في التوزيع على الحاجة والاشتراكيين على العمل. بينما يجادل هو في ان التوزيع يجب ان يعتمد الاثنين: الحاجة والعمل. يجادل في ص 352: " ان العمل هو الاداة الرئيسية الأولى في جهاز التوزيع، بوصفه أساساً للملكية... والاداة الاخرى التي تساهم في عملية التوزيع مساهمة رئيسية هي الحاجة." ويكمل قائلا ان العمل والحاجة يلعبان دورا مشتركا وهما مجتمعان يحددان الشكل الاولي العام للتوزيع في المجتمع الاسلامي. ولايضاح هذا الدور المشترك، يقسم المجتمع الى ثلاث فئات حسب الحاجة: "فئة قادرة -بما تتمع به من مواهب وطاقات فكرية وعملية - على توفير معيشتها في مستوى مرفه غني، وفئة أخرى: تستطيع ان تعمل ولكنها لاتنتج في عملها الا مايشبع ضروراتها ويوفر لها حاجاتها الاساسية، وفئة ثالثة: لايمكنها ان تعمل لضعف بدني او عاهة عقلية وما الى ذلك من الاسباب."
"فعلى أساس الاقتصاد الاسلامي، تعتمد الفئة الاولى في كسب نصيبها من التوزيع على العمل... فيحصل كل فرد من هذه الفئة على حظه من التوزيع وفقا لامكاناته الخاصة، وان زاد ذلك على حاجاته، فالحاجة اذن لاتعمل شيئا بالنسبة لهذه الفئة، وانما العمل هو أساس نصيبها من التوزيع.
وأما الفئة الثانية: " تعمل ولاتجني من عملها الا الحد الادنى من المعيشة فهي تعتمد في دخلها الى الحاجة والعمل معا. فالعمل يكلف لها معيشتها الضرورية والحاجة تدعو – وفقا لمبادئ الكفالة والتضامن – الى زيادة دخل هذه الفئة، باساليب وطرق محددة في الاقتصاد الاسلامي، ليتاح لافراد هذه الفئة العيش بالدرجة العامة من الرفاه."
"ويعتمد دخل الفئة الثالثة وكيانها الاقتصادي في الاسلام على أساس الحاجة وحدها، لان هذه الفئة عاجزة عن العمل فهي تحصل على نصيب من التوزيع يضمن حياتها كاملة على اساس حاجتها، وفقا لمبادئ الكفالة العامة والتضامن الاجتماعي في المجتمع الاسلامي."
وسواء اكان العمل ام الحاجة ام كليهما معا أساسا للتوزيع فالنتيجة التي خلص اليها المؤلف في كيفية التوزيع بين فئات المجتمع الثلاث حسب الاقتصاد الاسلامي سبقه اليها الرأسماليون. فحتى في امريكا -التي تمثل أعلى درجات الرأسمالية الجشعة- فان نظامها الاقتصادي يتكفل بتوفير حاجات تلك الفئات بما يمكنهم من حياة حرة كريمة.
فوفق الرأسمالية الأمريكية، تتمتع الفئة الاولى بماكسبت من عملها وقدراتها الفائقة وتدفع ماعليها من ضرائب ورسوم، وتعوض النقص المالي الحاصل لدى الفئة الثانية من خلال دفع الفارق بين مايحصل عليه العامل وبين مايحتاجه ليعيش حياة كريمة فهناك برامج مثل (welfare) و ( Section8)و Medicare)) فالاول هو تعويض مادي والثاني تعويض عن تكالف السكن والثالث ضمان رعاية صحية. وأما الفئة الثالثة فهي مشمولة بدخل ضمان اجتماعي تكميلي (Supplemental Security Income) يعوضها عن عجزها عن العمل بسبب الاعاقة البدينة او الذهنية ويضمن لها حياة كريمة.
تنويه: هذا واحد من سلسلة مقالات نقدية تشخص مكامن الخلل في كتاب "اقتصادنا" لمحمد باقر الصدر. لكي تتكون لديكم صورة مكتملة عن موضوع البحث، أدعوكم، سادتي القراء، لقراءة المقالات السابقة ذات العلاقة.



#نعيم_مرواني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهافت اقتصادنا- 16
- تهافت اقتصادنا 15
- رسالة الى رئيس مجلس وزراء العراق السيد محمد شياع السوداني
- غزة تكشف عورة وسائل الاعلام التقليدي
- تهافت -إقتصادنا- 14
- تهافت اقتصادنا (13)
- احجيتا الغايات والمقادير
- الى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني: هل أدلك على تجارة ...
- تهافت -اقتصادنا- (12)
- لامجال للحريات في ثقافة قبائل الاسلام السياسي
- تهافت إقتصادنا (11)
- تهافت اقتصادنا (10)
- مستقبل مشروع اعادة الخدمة العسكرية الالزامية في العراق
- السياسات المتوقعة لحكومة محمد شياع السوداني
- الانسداد السياسي في العراق . . أسبابه وحلوله
- تهافت -اقتصادنا- (9)
- تخلفنا عن ركب عالم الحقيقة..فهل سنقود ركب عالم -الحقيقة البد ...
- تهافت -إقتصادنا- (8)
- غياب القبس في مقابلات فائق الشيخ علي مع مندوب القبس
- لم تعد اليد الخفية خفية في تحريك الاقتصاد الحر


المزيد.....




- لماذا يترك بعض النيجيريين المسيحية لصالح المعتقدات الأفريقية ...
- TOROUR EL-JANAH KIDES TV.. تردد قناة طيور الجنة على القمر ال ...
- متاحة الآن مجانًا .. أحدث تردد قناة طيور الجنة الجديد على نا ...
- ترمب مازحا: أود أن أصبح بابا الفاتيكان الجديد
- السجن 20 عاما لـ 4 متهمين في قضية الإخوان بالأردن
- خلي أولادك يفرحوا.. اضبط تردد قناة طيور الجنة 2025 على جميع ...
- أحكام بالسجن على متهمين في قضية مرتبطة بالإخوان المسلمين في ...
- الفاتيكان: لن يتم اتباع الأصل الجغرافي للبابا الجديد
- أحلى قنوات الأطفال .. أحدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على جمي ...
- استقبلها بجودة ممتازة .. تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأ ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نعيم مرواني - تهافت اقتصادنا -17