أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز؛ المثقف بين الوجودية الإنسانية وهاوية الحرية/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري














المزيد.....

بإيجاز؛ المثقف بين الوجودية الإنسانية وهاوية الحرية/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 01:06
المحور: الادب والفن
    


يولد وعي المثقف محكومًا عليه بالحرية، كما شخّص سارتر (1905-1980)() بدقة، وهذه الإدانة جوهر معاناته المثقف/الإنسان. مُلقىً في العالم بلا جوهر سابق، بلا حجاب يفرضه نظام متسامٍ، إذ يجد المثقف نفسه أمام ما لا يُتصوّر: ضرورة خلق الذات دون ضمانة ميتافيزيقية. إذا "مات الله" - كما أكّد لنا نيتشه (1844-1900)() - فإن المثقف يصبح صانع مصيره الوحيد، موعودًا بلا قيود إلهية، ولكنه أيضًا بلا دليل إرشادي لعبء وجوده.

ومع ذلك، فإن هذه الحرية التي تبدو للمثقف، للوهلة الأولى، هبة، تكشف عن نفسها كعبء لا يُطاق للكثيرين. سبق أن تحدّث كيركيغارد (1813-1855)() عن يأس الإمكانيات اللانهائية، عن دوارٍ ناتج عن حقيقة أن المثقف، كونه كل شيء إنسانيًا، ليس شيئًا مُسبقًا. والعدم، هذا الرعب الوجودي يُفرغ الفراغ، يبتلع الروح غير المُستعدة لمسؤولية خلقها. من الألم ينبثق مساران رئيسيان: إما أن يستسلم المثقف للحرية ويتجه نحو الأصالة، أو أن يرفض الألم ويحتضن عزاء الخيالات الإيديولوجية المريحة.

الأصالة، بالمناسبة، ليست هبة، بل إنجاز. إنها تفترض الوجود كمشروع مفتوح، مدركًا أن كل فعل يُعرّفنا، دون نصوص مُعدّة مسبقًا. على العكس، فإن الحقد() - وهو مفهوم سارتري آخر - هو إنكار لهذا المشروع، ومحاولة للاختباء وراء الأدوار الاجتماعية والعقائد وخداع الذات التي تحمينا من دوار الحرية. وهكذا، يمكن للمثقف أن يختار أن يكون آلة، وأن يُكرّر الأعراف، وأن يعيش في راحة هياكل جاهزة - لكنه بذلك ينكر نفسه مع كونه إنسانًا حقيقيًا. يصبح شيئًا، كائنًا بين الأشياء، كائنًا يتخلى عن جوهره غير المكتمل مقابل الأمان النفسي.

مفارقة الوجود هي أن المثقف، في سعيه وراء اليقينيات، يخون طبيعته. إنه يرغب في المعنى، لكن المعنى لا يُمنح له؛ يرغب في البقاء، لكنه يُلقى في تيارٍ لا يلين من التغيير؛ يرغب في غايةٍ كونية، لكنه يجد كونًا صامتًا لا مباليًا. وهكذا ينشأ الكرب الوجودي: لا أرضٍ صلبة، ولا معانٍ بديهية، وكل لحظة من لحظات الوجود خيارٌ يثقل كاهلنا كثقل أطلس.

ولكن ربما يكون فيه جمال. إن لم يكن هناك معنى جاهز، فالمثقف على استعدادٍ لاختراعه. إن كانت العبثية حالتنا، فكما يقترح كامو (1913-1960)()، يمكنه التمرد عليها وتأكيد الحياة حتى قبل صمت الآلهة. يبدع الفن، وينسج السرديات، ويحب، ويقاتل، ويرتكب الأخطاء - وفي هذه الحركة المتواصلة، وللمفارقة، يصبح أكثر إنسانية. قد لا تُضفي الحياة معنىً مطلقًا، لكن كل خيارٍ أصيلٍ يُنيرها بشراراتٍ من الدلالة.

في النهاية، الردُّ الوحيدُ الصحيحُ على الكرب الوجودي هو الالتزامُ بالوجود نفسه. أن يكون المثقف حرًا ليس امتيازًا، بل مسؤولية. إذا أُلقي في العدم، فليكن على الأقل بارع في مواجهته. إذا لم يكن هناك إله يرشده، فليكن إله لنفسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيو ـ 03/25/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب والسياسة في العصر الرقمي وفقًا لآلان باديو/ شعوب الجبور ...
- الحداثة الرقمية في استنزاف صراع الأجتماع التنظيمي السياسي
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الثالث والأخير
- بإيجاز: رواية -الأسس- لإسحاق أسيموف
- مراجعة كتاب؛ -ظاهراتية التساؤل- لجويل هوبيك/ شعوب الجبوري -- ...
- بإيجاز: أزمة المثقف بين حكمة الشك و هشاشة الحقيقة/ إشبيليا ا ...
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الثاني - ت: من الياباني ...
- بإيجاز: أزمة المثقف بين حكمة الشك وهشاشة الحقيقة/ إشبيليا ال ...
- مراجعة كتاب؛ -ظاهراتية التساؤل- لجويل هوبيك
- لا يوجد وقت للنهاية / بقلم خوسيه لارالدي
- بإيجاز: رواية -الأسس- لإسحاق أسيموف/ إشبيليا الجبوري
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ...
- مراجعة كتاب؛ -ظاهراتية التساؤل- لجويل هوبيك/ شعوب الجبوري - ...
- بإيجاز؛ شر القطيع و العزلة الباهرة/ إشبيليا الجبوري - ت: من ...
- بإيجاز؛ مقومات ثقافة الفردانية الجماعية
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول -/ ت: من الياباني ...
- -هل المعرفة أداة للسيطرة؟- وفقا لميشيل فوكو/ شعوب الجبوري - ...
- تركت رأسي يرتاح للأسف/بقلم إميليو أدولفو ويستفالن
- حين تركت رأسي يرتاح للأسف/بقلم إميليو أدولفو ويستفالن
- الاختزالية الأيديولوجية في رواية --البؤساء- لفيكتور هوغو /إش ...


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز؛ المثقف بين الوجودية الإنسانية وهاوية الحرية/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري