|
على باب االجنّة
احسان طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 13:48
المحور:
الادب والفن
وقف أحمد بن حسن بن فاطمة بين الجموع الغفيرة تعلو وجهه الابتسامة و تغمر الغبطة قلبه . لقد أمسك كتابه بيمينه منتظرا خلف سلسلة طويلة من البشر ليصل إلى باب الجنة و يلج بعد ذلك نحو نعيم لم تره عين و لم تسمع به أذن و ما خطر على بال بشر . لم يدر أحمد كم وقف من الوقت هل هي ساعات أم أيام بل شهور انه في الحقيقة لا يدري. لكنه في النهاية وصل بحماس ونشاط . قدم كتابه للملاك الواقف على باب الجنة فتلقفه الأخير بالبشر وبدأ يتصفح الكتاب ثم طواه وأعاده إليه وتوجه نحوه قائلا ً : لديك مشكلة بسيطة ينبغي عليك مراجعة قسم المحاسبة لا تهتم كثيرا ً الأمور ستحل بسرعة . رغم تفاؤله الشديد أحس أحمد بالشكوك تساوره حيال تلك المراجعة و المشكلة البسيطة ، بعد طول مسير تحت شمس حارقة وصل إلى المكان المطلوب و أدلى بكتابه نحو الملاك المسؤول . بلهفة شديدة وخوف سأله ما المشكلة يا سيدي ؟ تصفح الملك الكتاب و قال له : إنها فعلا مشكلة بسيطة , لقد سبق و استدنت مبلغا نقديا من فلان بن فلان بن فلانة، و لم ترده له و المفروض أن تعود إليه و تسوي الأمر بينك و بينه ، فتساءل أحمد بدهشة و استغراب : و كيف لي أن أجد فلان بن فلان بن فلانة ؟ ! لقد تذكرته جيدا كان من أثرياء الحي . فقال الملك اذهب إلى باب رقم واحد من أبواب النار و ستجده هناك في الانتظار . و ضع أحمد كتابه فوق رأسه عله يتقي شيئا من القيظ و الحر ، وبعد مسير طويل و عدة استفسارات وصل إلى المكان المطلوب و هاله كم الزحام و الأجساد المتراكمة حول الباب ، اندس بين الجموع و هو ينادي يا فلان بن فلان بن فلانة ، و يكرر نداءه بدون انقطاع , و بعد مدة رد عليه صوت خافت منهك ضعيف مرتعد : من الذي يناديني ألا يكفيني همي ، أما زال الآخرون يسألونني العون أو الدين ، أنت أنت يا أحمد تتبعني إلى هنا أرجوك ابتعد عني فقال أحمد :انتظر يا عزيزي هناك مشكلة بسيطة لا يحلها أحد سواك - ماذا تريد لقد سئمت منك ومن أمثالك في الدنيا - قال أحمد هل تذكر أنك في الحياة الدنيا قدمت إلي قرضا قيمته خمسون ليرة اضطررت إليها من أجل شراء أدوية لأمي المريضة - - نعم اذكر و لم تردها لي - صدقني يا فلان أنني لم أتوفر على فائض بقيمة خمسين ليرة طيلة حياتي لأردها إليك ، و أرجو منك التكرم بالذهاب معي إلى قسم المحاسبة لتسوية الأمر. تردد فلان كثيرا قبل الاستجابة لطلب أحمد لكنه و نظرا لما يتوقعه من جحيم و يؤس قرر أن يقوم بآخر عمل خير قبل نهايته المأساوية . وقف الاثنان في قسم المحاسبة فتوجه الملك نحو فلان بن فلان وقال له : إن لك بذمة ذاك الرجل ديناً هل تود استرجاعه ؟ فأجاب فلان : نعم .. نعم .. نعم .. بكل تأكيد . فأسرع أحمد بالقول : ومن أين لي أن آتي لك بمال حيث لا درهم ولا دينار . وبعد جدال طويل تدخل الملك لفض المسألة قائلا ً : إنها قصة بسيطة جدا ، ً يمكنك يا أحمد سداد دينك لفلان من حسناتك ، وإذا رغبتما فقد ما لي كتابكما وسأسوى المسألة. لم يمض وقت طويل حتى عاد كل من أحمد وفلان لاستلام كتابيهما ، وانطلقا في اتجاهين متعاكسين . وصل أحمد إلى باب الجنة وقدم كتابه للملاك المسؤول فاستلمه منه وأعاد مراجعته ثم طوى صفحاته ونظر نحو احمد بأسف وأسى ـ أعتذر منك يا صديقي لا يمكنك الدخول هنا . تجمد الدم في عروق أحمد ! ماذا تقول يا رجل كتابي سليم مئة في المئة وحسناتي تؤهلني للدخول عندكم . فرد عليه الملك : كان ذلك قبل تسوية مشكلتك مع فلان ، على أية حال لا تأخذ الموضوع بانفعال .. عد إلى باب النار وتكلم معهم هناك ستجد أن المسألة أبسط مما تظن . جر أحمد قدميه قاطعا ً الطريق الطويل ثانية وهو يتمسك بحبل الأمل ويتعشم بحل أو فرج . نظر في عيني ملك النار وقال له : هل لك يا عزيزي أن تخبرني كم المدة التي سأمكث فيها لديكم ؟ فأجابه الملاك : لا تحزن يا أحمد أنت رجل طيب وسأختار لك مكانا ً أقل حرارة وقيظا ً ، أنت رجل طيب وكلها بضعة أيام . بضعة أيام فقط بشرك الله بالخير . فأجابه الملك : نعم هي بضعة أيام ولكني لا اعرف حقيقة تلك الأيام فاليوم هنا ليس كأيامكم هناك ، قد يكون اليوم سنة أو خمسين سنة أو ألف وفي بعض الحالات قد يصل أي منها إلى الخمسين ألف سنة لكنك ستخرج في النهاية . بالمناسبة يا أحمد هل تعرف بأن فلان بن فلان استطاع النجاة بالحسنات التي أخذها منك ، تفضل بالدخول ألقاك بعد سنوات . احسان طالب
#احسان_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجهة نظر في ابن تيمية
-
قراءة لخطاب حسن نصر الله
-
!الاستبداد و تمكين القاعدة
-
مستويات من الأصولية
-
نقد المشروع الليبرالي العربي
-
أحيانا عقوبة الزواج غير المتكافىء القتل
-
الاستعلاء و تغير الآخر معوقات لحوار الحضارات
-
الاجتهاد الفردي محفز للإصلاح و التغيير
-
زواج أم اغتصاب
-
الأصولية تطيح بأحلام الديمقراطية
-
الوعود المقدسة و السلام الراحل
-
الغبار النووي الإيراني يعصف بأمن الخليج العربي - اكتشاف اليو
...
-
مرحلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي
-
ايها المسؤولون العرب اعتصموا في بيروت و اوقفوا الكارثة
-
نشوة نصر الرب
-
المصالح المشتركة في إضعاف الدولة اللبنانية
-
اكتبوا ما تريدون دون اتهام أو إهانة
-
هل خفف الوعد الصادق من آثار الوهم المتبدد
-
النصائح المؤلمة
-
لبنان يدفع الثمن من يحصد النتائج
المزيد.....
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
-
بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ
...
-
مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل
...
-
الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع
...
-
ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع
...
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|