|
الاجتهاد الفردي محفز للإصلاح و التغيير
احسان طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1677 - 2006 / 9 / 18 - 09:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد التصريحات الأخيرة للبابا بندكتوس و التي عاد فيها الى القرون الوسطى بما تحمله من انغلاق و تعصب تنوعت و اختلفت ردود الفعل الإسلامية و الدولية على تلك التصريحات و اتفق الجميع عل خطأ الصياغة و التوقيت و اختلفوا في تقدير النوايا و الأهداف و لعل ما توقف عنده البابا من انتقادات للفكر الديني الإسلامي لم تكن جديدة أو مستحدثة فهو عاد ما يقرب من سبع مئة عام لينقل كلمات رأى فيها البعض تجنيا و عدها آخرون فرصة للمراجعة و البحث إن صدمة العالم و الشعوب الإسلامية ليست مع البابا و ما يحمله قوله من نقد بل هي في الواقع صدمة من الجرأة و القدرة على توجيه النقد من الخارج الذي يمثل الأخر و العدو انه شعور بالإهانة من قيمة ينبغي لها العمل على إرساء قواعد التسامح و التعايش و التحاور و التقارب ، لقد فسرها الشارع الإسلامي رغبة من الغرب في إذلال المسلمين عن سبيل التطرق لأفكار و مفاهيم غير مستقرة أو نهائية عند المسلمين . و بالرغم من القسوة أو الشدة التي انطوت عليها كلمات البابا فإنها كانت فرصة أو دافعا لدى بعض الكتاب للمراجعة و البحث ، و كان من جملة النقاط التي توجه إليها التطرق مسألة المرجعية و الجهة المناط بها الرد او تحديد الموقف المناسب . أيهما الأفضل المرجعية الفردية أم الجماعية :
ربما كان من مزايا الإسلام السني إبقاء مسألة المرجعية فرديه أي أنها مرتبطة بقنا عات المسلم وما ينشرح له قلبه ، ، والمفروض من حيث المبدأ الوصول بناءا على المرجعية الفردية إلى حرية أوسع لإعمال الفكر و العقل في الاستنباط و الفهم ضبابية مفهوم المرجعية في المذهب السني فتحت الباب أمام الفوضى في حيز الإفتاء و الفهم و التفسير و التأويل ، ومع العلم بإشكالية السماح بالفتوى و الاجتهاد لكل مستطيع أو غير مستطيع فان ذلك ينبغي أن يكون سببا للتجديد و الإصلاح الديني غياب المرجعية المعتمدة يعود إلى التصور الإسلامي لعلاقة الفرد بالخالق التي لا تحتاج إلى واسطة كذلك الأمر في العودة إلى القران الكريم و السنة النبوية الشريفة ، فهي لا تحتاج الى و سيط بقدر ما تحتاج الى دليل يسمح للفرد بالوصول مباشرة الى النص المقدس بدون عقبات أو عوائق و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر فالأصل هو الرجوع مباشرة إلى النبع لاستخلاص الأحكام و المفاهيم و بالنظر إلى صدر الإسلام لا نجد سيرة الصحابة أسست لمرجعية واحدة أو محددة يكون لها الحكم الفصل في الخلافات ، كان هناك تشاور و تساؤل و لم يكن هناك إجماع على مرجعية غير النص القرآني الكريم و أحاديث الرسول (ص ً) و كان الفصل في الحكم الفقهي عائدا الى أمير المؤمنين رئيس الدولة و رأس النظام السياسي القائم آنذاك . و منطق الاجتهاد الذي ينبغي ان يظل بابه مفتوحا يلغي مبدأ العودة في الأحكام و التفسيرات و التأويل لأكليريوس إسلامي ، حيث أدوات و وسائل و لوازم الخوض في غمار العلوم الدينية متاح و متوفرا كثر من أي زمن مضي مما يفتح الباب مشرعا أمام طلبة العلم و الباحثين ليس فقط لتعلم و الوصول الى ابعد و أعمق النقاشات و الجدالات و الاختلافات في التراث بل أيضا لمناقشة ما توصلوا له مباشرة و مشاركة اجتهادا تهم و قناعا تهم الجديدة مع الآخرين و سماع ردود الأفعال و الانتقادات و التوجيهات عبر المنتديات و شبكة ألنت المفتوحة . و نستطع الوقوف هنا أمام أمرين ينبغي التضحية بأحدهم أو وضع ضوابط للجمع بينهما ، الأول ترك باب الاجتهاد و الفهم و التفسير مفتوحا مع ما يمكن إن يتسبب ذلك من فوضى و إشاعة للبلبلة و التخبط في الشارع الإسلامي نتيجة لما يمكن إن يطرح من تفسيرات أو فتاوى ذات ارتدادات عنيفة أو متطرفة تشتمل على اتجاهي الإفراط و التفريط ، كل ذلك يعد وجهة نظر سلبية للمرجعية الفردية إلا انه يعتبر أمر محفزا و دافعا لتوجه البحاثة و العلماء غير التقليديين نحو النص المركزي بما يحقق مقولة قدرته على توليد و استيلاد الأفكار و المعاني إلى جانب احتوائه على منطلقات و أسس و قواعد و حكم تسمح بإيجاد حلول ومخارج لازمة الفكر الديني المنغلق بين جدران النص و ما اثر معه مت فهم و تفسير ، أما الثاني فهو العمل المؤسساتي المنظم من قبل الهيئات و المنظمات و الجامعات ذات الصفة الرسمية للدول على تحديد جهة أو قبلة واحدة يعود إليها البت في إصدار المواقف و الفتاوى و التفسيرات و يعد ما يصدر عنها معتبرا و مقبولا. بالتجربة التاريخية نجد أن المؤسسات المشار إليها ظلت أسيرة للنظام السياسي و الفهم الشعبي الجمعي لعامة المسلمين و لم تتمكن من طرح الجديد أو المتطور و اقتصر دورها على ترويج و جهة النظر الرسمية و تحريك الشارع الديني و فق متطلبات و مصالح النظام السياسي التابعة له فضلا عن عدم قدرتها على الوصول إلى اتفاق أو تفاهم في العديد من القضايا التي تتعارض فيها الأنظمة الملحقة بها ( الموقف من الحرب الأخيرة في لبنان مثالا ) فالأزهر الشريف منضبط بتوجهات الحكومة المصرية و لا يشذ و لا يخرج عن افقها العام و هيئة كبار العلماء في السعودية كذلك مرتبطة و ملتزمة بما تمليه المصالح العليا التي تقدرها الحكومة السعودية . و في المقابل نجد أفرادا ممن تخرجوا أو تتلمذوا داخل تلك الهيئات و المؤسسات و كسروا قيد مرجعيتها تمكنوا من تحقيق إنجازات علمية و فكرية و معرفية عجزت المراجع الجماعية عن الوصول إليها، فنصر حامد أبو زيد و المرحوم فرج فودة مثلا كان لهم فضيلة الريادة في تحريك الفكر الديني نحو البحث في التجديد و الإصلاح، و كان ذلك بجهود ذاتية فريدة ، كذلك ننظر بإعجاب إلى محمد أركون الذي بحث في تاريخية العقل الإسلامي و اتاح للعقل المسلم فرصة التأقلم من جديد مع المناهج و الأدوات و الأساليب العلمية و المعرفية الحديثة في محاولة للنهوض و الانطلاق نحو العصرنة و الحداثة مع الالتزام بالأصالة و الاستفادة من الموروث . كما أننا نقدر الإنتاج الثري لحسن حنفي و محمد عابد الجابري و هي كانت أعمالا و جهودا حملت بالأساس طابعا فرديا أي لم تكن نتاجا أو إعمال أفرزتها جهات أو منظمات جماعية أو رسمية ، و ما اشرنا ليه هنا هو على سبيل المثال ليس الحصر لكي ندلل عل قيمة المرجعية الفردية و عظيم إنجازها الذي لم تصل إليه أو حتى تقترب من المرجعيات الجماعية
#احسان_طالب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زواج أم اغتصاب
-
الأصولية تطيح بأحلام الديمقراطية
-
الوعود المقدسة و السلام الراحل
-
الغبار النووي الإيراني يعصف بأمن الخليج العربي - اكتشاف اليو
...
-
مرحلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي
-
ايها المسؤولون العرب اعتصموا في بيروت و اوقفوا الكارثة
-
نشوة نصر الرب
-
المصالح المشتركة في إضعاف الدولة اللبنانية
-
اكتبوا ما تريدون دون اتهام أو إهانة
-
هل خفف الوعد الصادق من آثار الوهم المتبدد
-
النصائح المؤلمة
-
لبنان يدفع الثمن من يحصد النتائج
-
وليمة أوراق
-
أسلمة النظم و القوانين وعلمنتها
-
الحل في عودة فتح إلى السلطة
-
الحل في عودة فتح إلى السلطة التي لم تخرج منها
-
كل الأحبة نسوك
-
فلسفة الغزاة الجدد
-
موت الزرقاوي يحيي تبرير الهزائم
-
أنا لم أ ستفغر للبابا ! أنا لم استغفر للمشركين
المزيد.....
-
إسرائيل: اليهود المتشددون ينددون بـ-حرب- من الحكومة لفرض الخ
...
-
إسرائيل.. اليهود المتشددون يصعدون ضد الخدمة العسكرية
-
المرشد الأعلى الإيراني يعين مسئولين سابقين في مجلس الدفاع ال
...
-
على خلفية رفض تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي.. الزعيم الروحي لل
...
-
قوات الاحتلال تعتقل 12 مواطنا من محافظة سلفيت
-
أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
-
أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى!
-
عالم دين سني يطالب الأمة بالإستشهاد بطريقة الامام الحسين (ع)
...
-
خبيرة دولية: الحوار بين الأديان أصبح أداة لتلميع صورة الأنظم
...
-
رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا: الجزيرة صوت ال
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|