أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سميرة الوردي - اللهب















المزيد.....

اللهب


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 1797 - 2007 / 1 / 16 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نهضت مبكرة ، جفاها النوم ، الإستحمام صباحا يُنعش النفس ويخفف همومها ، تحسست الماء النازل من الحنفية ، تجمعه بكفيها ينساب ثانية بين أصابعها ، استرجعت ما مر بها خلال رحلة الماء والصابون على جسدها ، وقتها فائض ، الطريق إلى الدائرة لا يستغرق أكثر من ساعة ، لارغبة لها في قراءة شيء حتى لو كانت خطوط كفها ، تباطأت في كل عمل تقوم به ، لم ينقض الصباح إلا بتثاقل ، أدارت مفتاح العربة ، رجعت الى الخلف تاركة كراج البيت ، أوراق العنب تساقطت من كرمة الكراج على مقدمة السيارة ، الخريف حل ، عاصفة شديدة أكتسحت كل الأوراق المتناثرة في الشارع ترفعها الى أعلى لتعيدها ثانية الى حواف الرصيف .
انقضت سنة منذ انتهاء حرب تشرين ومازالت الأخبار في كل الإذاعات تتحدث عن النصر . إذا لماذا أوقفت الحرب ! ولم يحققوا نصرهم النهائي . تصاعد صوت فيروز من مذياع السيارة ( يا قدس ) .
تمر في نفس الطريق الذي يقف فيه كل يوم ، ينتظرها كل صباح لينطلقا معا إلى ذات الدائرة ، وجدته واقفا كعادته ، ارتفع صوت فيروز (نطرتك أنا ) حدقت بنظرات فارغه ، تجاوزته متفحصة ، أندهش ثم تراجع ، تصاعد الدم من قلبها إلى رأسها ، احتشاء داخلي ، وخفقان متواصل أرعش جسدها ، نظرت إليه من مرآة السيارة ، أدركت الخيبة في نظراته . وصلت إلى الدائرة وكل كيانها انقلب ، ركنت السيارة في الموقع المخصص لها . لملمت نفسها ، سارت كالطاووس ، تتضاربها مشاعر شتى ضيم حب حنين غضب ، قهر تجمع لينصب في جسدها ألما طاحنا ، لابد من القسوة على النفس أولا وعليه ثانيا . بين الإعجاب بالنفس وتدميرها بون شاسع وبين الحب والكراهية خيط رفيع قد ينقلب أو ينقطع .
( انتهى الدوام ) فاجأتها زميلتها في العمل بلملمة المكتب كما تفعل كل يوم ، اعتادت على توصيلها بعد أن تأخذ ابنها من الحضانة ، انتهى الدوام ، أعادتها مرتين وبإلحاح ، تمنت لو تعتذر عن توصيلها هذا اليوم لكنها خجلت ، سألتها زميلتها عما بها فهي على غير طبيعتها ، رغبتان تتصارعان ، الإفضاء بمكنونها أو إضماره لئلا يُساء فهمها .
ـ مشاكلٌ في البيت .
قطعت عليها تكرار السؤال . وصلتا إلى الحضانة ، أخذت ابنها ثم أوصلتها إلى دارها ، دعتها إلى الغداء معها ، اعتذرت منها ، التوحد مع ذاتها هو كل ما تحتاجه في وضعها الراهن . أكملت الشارع الى نهايته ثم استدارت ، رغبتها أن تبقى تدور في الطرقات وأن يمتد بها إلى مالا نهاية ، تذكرت جدتها ، كانت تحل أزماتها بصعودها الى أول باص يمر أمام بيتها ويبقى يدور بها حتى يوصلها ثانية إلى بيتها ، تهدأ سورة غضبها وتتبدد ، وقد تكون توصلت إلى حلول لمشاكلها ، أرادت أن تفعل الشيء نفسه ، لكنها لم تجد مكانا آمنا لسيارتها ، ذهبت الى حديقة قرب شاطئ النهر ، الطريق مكتظ بالأشجار العاليه العريقه في القدم ، ِشارع يقصده من يحتاج الى خلوة مع نفسه أو مع الآخرين ، في الظهيرة يخلو من الزائرين وطالبي التسلية وعند الغروب يمتلئ بالناس من طالبي المتع البريئة إلى طالبيها غير الأبرياء ، الطريق ممل ، عادت الى البيت أُمنيتها أن لاتصل مطلقا ، لم تعد للطرقات ألوانها ، اصطبغت جميعها بلون رمادي باهت ، تعمدت التباطىء في شارع الزيتون المؤدي إلى بيتها استدارت به عدة دورات لم تعد الشمس النافذة بين وريقات أشجاره كلألاء تثير فيها تلك المشاعر الرقيقة ، أدارت مذياع السيارة لتسمع ما يسليها ، لم تستسغه ، أغلقته وصلت باب الدار وقد أتعبها الملل ، ركنت السيارة في الباب تعاجزت من إدخالها . استقبلتها أمها بلهفة
ـ أين كنت ؟ تأخرت ! قلقت عليك ؟ ! اعتذرت من أمها ، سألتها أمها بإلحاح ، عما بها قائلة
ـ: تبدين على غير حالك ؟ أجابتها
ـ : مشاكل عمل .
ما إن حل المساء حتى صعدت الى غرفتها متسلقة السلم بين إلحاح أمها عليها للعشاء وبين رغبتها في الهرب من كل شيء حتى نفسها .
استلقت على فراشها تسترجع ما مر بها. اختلط بريق دموعها ببريق النجوم النافذ من شباك الغرفة ، فراشها جمر ، جسدها يتبعثر ويتجمع ككائن إسفنجي ، هزمها واليوم هزمته ، انكشف أمامها ، انزاحت عنه هالة الحب التي ربطتهما وشكلت عالمها السحري كيف انتهى الحب بهذه السرعة ، ليت ما حدث لم يحدث ، اكتشفت علاقته بأخرى تعرفت عليها عن طريق الصدفة في حفلة عند صديقتها وبعد أن تأكدت منها بصور شاهدتها له لما اقتنعت بما يجري حولها ، هالها أن تكون العواطف رخيصة بهذا الشكل ، أحبته بصدق ولكن الحياة لن تتوقف بدونه ، لم تعد تدري اتكرهه أم تحقد عليه ، صحت من نومها مبكرة ، نسيت كيف ومتى نامت ، خيوط الفجر تُلقي ضياءها على ستائر النافذة أصبح لون الغرفة حميما ، نزلت بنشاط استحمت ، تزينت ، لبست أجمل ثيابها ولم تنس أن تضع قطرات العطر . تناولت إفطارا خفيفا ، وخرجت الى الدائرة سالكة طريقا جديداً ، كعادتها كل صباح فتحت المذياع وأذا بفيروز تردد ( أنا وشادي) ، نظرت في المرآة طالعتها عيناها بالرغم من انتفاخهما كانتا جميلتين نظرت إلى رزنامة صغيرة ثبتتها أمامها ففوجئت اليوم يوم ميلادها .
أيمكن أن يكون ما يمر بالبشر من أحداث وأفراح وآلام محض حلم لن يعود او وهم رحل تاركا في الذاكرة بقايا صور وألم وأمل في عودة ما كان ، قد يكون هوسا لذلك الماضي البعيدكم تمنت أن يكون مشرقا خاليا من الهموم . داعبت قدميها موجة البحر الهائجة أيقظتها من ذكرياتها التي استقرت فيها كل هذه السنين ، موج بحر لم تألفه الا حديثا ، ساقتها اليه الظروف لتحط رحالها جنبه فهو أقرب اليها من نبضها ، تطالعه ليل نهار ، كلما يعاودها الحنين تسكنت الى أمواجه التي تستقر وتهدأ صباحا لتعاود الهياج قييل الظهيرة ، تتصاعد ، تبلغ ذروتها فتصطدم في الشاطئ تضمحل متلاشية في الرمل لتأتي أمواج جديدة . مع كل موجة تأتى تعاودها ذكرياتها التي عاشت معها .
كلما ضايقتها المحن تتذكر ذلك الوجه الطفولي القابع في قرية تقع قرب مدينة تجارية وسياحية تعج بأشكال الناس . بالرغم من ازدهارها بشتى الحضارات إلا أن القرى المجاورة مازالت تحيى على بدائيتها تأبى أن تتماس معها ، كانت تسير في طرقات تلك القرية مع قريبتها ، أحد الأكواخ فتحت بابه كعادة الناس في أفراحهم وأحزانهم ، اقترحت عليها قريبتها أن يدخلا الكوخ ويشاهدا فرحا أقيم فيه ، لم يكن الكوخ سوى باحة صغيرة وداخلها باحة أصغر هُيأت كغرفة نوم ، شُيد من سعف النخيل ، فتاة صغيرة جميلة الملامح جلست على كرسي قديم غُطي بشرشف جديد لا يتناسب والمكان ، ما إن دخلتا حتى استقبلتهن مجموعة النسوة المتحلقات حول الفتاة ، بادرت إحداهن إليها ، أمها ، طالبة منها أن تُجمل ابنتها لتعدها للزفاف ، يبدو أن ملابسها المدنية هي التي جعلتهم يضعون ثقتهم فيها ويطلبون منها هذا الطلب ، ارتبكت فلم يسبق لها أن أستعملت أي نوع من أنواع المكياج لكنها لم تعتذر عن العمل ، وضعن أدوات الزينة في صينية صغيرة أمامها ، بدأت عملها بهمة ونشاط ، ليس من المروءة إحباطهن في يوم كهذا ، ما أن جاست يدها وجه عروسها حتى أحست بالخذلان في نظراتها ، حسرة انطلقت من صدرها ، تهاوت دموعا رغما عنها ، حاولت أستكشاف سر الحزن في عينيها ، عيون النسوة المتطلعة الى ذاك الوجه الحزين حال دون ذلك ، وصل موكب الرجال وإذا بالعريس بعمر والدها أو أكبر قليلا ، خرجت وقريبتها من الكوخ والكآبة تجتاحهما وتمنتا لو لم تتطفلا .
أفي اجتلاب الذكريات راحة للنفس ، أم هو ملءٌ لفراغ قسري ، لا تريد أن تبرر السبب في استحضارها ، البحر بغموضه وجبروته يشعرها بضآلة البشر فهم مهما ارتقوا وتحضروا أرقاء عابرون .
ماذا فعلت سكينة تلك الخياطة التي شقت طريقها بقسوة ، قاومت حتى بنت كيانها الاقتصادي والأجتماعي ، مرت سنتان على أرتباطها بخطيبها وهما ينتظران ملاءمة الظروف ، التي أشتعلت بحرب ضروس ، جُند فيها خطيبها كآلاف الشباب ، وحينما طالت المدة ولم تلح في الأفق أي بادرة لإنتهائها ، قررا أن يتزوجا في أقرب إجازة يحصل عليها ، أعدت العدة لاقامة حفل الزفاف ، حان الموعد ، لكن العريس لم يأت ، استشهد في المعركة .
ماذا حل بسكينة بعد هذه السنين هل سَتُوفي لرجل فكّر بالأرتباط بها ولم يعد ، أم أنها ستختار بديلا له كما فعلت جارتها بزوجها عندما فُقد ، إذ أنها سرعان ما ارتبطت برجل آخر تناست أطفالها الأربعة ،تناست زوجه وطفليه لترتبط به ، معتقدة أنه سيكون حاميا لها من غدر الزمان ، رحل الزمان الى غير عودة ، وفي أحد الأيام طرق بابها رجل اُستلبت سنوات العمر منه فبدا أكبر عمرا ، خرج اليه زوجها . سأل الطارق
:ـ أهي دار عبد الرحمن ؟ أجابه الرجل نعم هي . ولكنه استدرك الا أن عبد الرحمن فُقد و قيل استشهد ، ولا نعرف عنه شيئا . في تلك اللحظة تخطا عتبة الدار صبي صغير ، لم يستغرب الطارق ملامحه بل بدا قريبا جدا له (حسان ) قالها مع نفسه متلهفا لاحتضانه تركه يحبو ، نظر الصبي إليه ، ملتفتا الى الرجل الذي بجنبه متسائلا
:ـ بابا ألا تعرفني بالعم !
طعنته كلمة العم ، تساقطت كبرياؤه ، على من يعتب والى من يشكو ، انسحب من أمامهم معتذرا أنه توهم في الدار ، متمنيا لو أن طلقة واحدة من تلك الطلقات التي كانت تنهال عليه كل يوم اخترقت قلبه وأراحته من هذا العذاب
وكيف لها أن تنسى سيف ذلك الطفل الجميل ، يركض كلما رن جرس الدرس خلف امه رافضا أن يتركها تدخل الصف وحدها ، كان قُرب منزلهم من المدرسة يبيح له الدخول والخروج متى يشاء ، فأصبحت تسليته ولعبته المفضلة تسلق سياج المدرسة والجلوس عليه عندما تطرده امه من الدرس ، كان ذا حضوه وحضور لكل من يراه ، يسحر سامعيه بحلاوة لسانه رغم أعوامه الخمسة الكل يتناسون أوامر المدير الصارمة أذا ما حضر ، أمه من بين القلائل اللواتي اجتمع فيها ماتتمناه النساء جمال وشباب وثراء وزوج محب ، لكن الزمن لم يتركها في حالها إذ سرعان ماأُسّر زوجها بعد أن كُلف بمهمة سرية على جبهة القتال ، تاركها وطفليها تجتر الذكريات والهموم حارمة نفسها من كل أنواع الترفيه عن النفس ، القدر لم يكف عن أختبارها ، أذ أصيب ابنها والذي بلغ الصبا بمرض أودى به .
أشعورها برحيل أبهى سنوات العمر وطحنها يثير فيها الحنين لناسها الذين طحنوا ، سنون طوال تبدو كلمحة ومضت وانقضت ولا عودة لها أو لأحداثها ، لكن نتاجها وانعكاساتها تبقى الى اللحظة الأخيرة من حياتها ، هل للموج هذا التأثير في النفس إذ يجعلها تنسى همومها الشخصية واحباطاتها وتتذكر من صادقته او تعرفت عليه ردحا من الزمن
لا تنسى ذلك اليوم الذي تذكرت به صديقتها المقربة في شبابها ، وبسبب الظروف السياسية القاسية جدا أضطرت الى الأبتعاد عنها ، بعد أنقضاء عشرة أعوام وانقطاع أخبارها عنها وغياب جزء من ظروف القسر في البلاد ، حاولت زيارة أهلها لتسمع أخبارها منهم ، سارت في نفس الشوارع التي كن يسلكنها أيام الصباوالشباب ، تذكرت وشوشات الحب الاولى واسراره ونصائح كل منهن للأخرى ، كانت صديقتها تحب طبيبا قريبا لها لم يبادلها المشاعر ، تفاقم ألمها ، كلما اشتد همها هونت عليها فالحب من طرف واحد لايدوم ، لم تكن حياتها عادية فقد سُجن والداها في قضية سياسية وقضت أمها في السجن سنتان أفرج عنها بكفالة ، تحملت حنين مسؤولية البيت كاملة بالرغم من سنيها الثمانية عشر ، تركت دراستها وتعلمت خياطة الملابس ، كافحت لحين أُفرج عن امها ، وكعادة بعض الأمهات حاولت أجبارها على الارتباط بشخص لاتحبه متناسية ماآمنت به وكافحت من أجله وسجنت دفاعا عنه ، وبدأت تضغط على ابنتها طالبة منها الرضوخ لهذه الزيجة تحت دعوى الحاجة لرجل يصرف على البيت ، أفهمت حنين خطيبها انها ليس فقط لاتحبه بل تكرهه ، لكن موقفها منه زاده إصرارا وتمسكا بها مما زاد من حنقها وكراهيتها له .
بدأت حنين رحلة ثانية من رحلات العذاب القسري بين ماتفكربه امها وبين مشاعرها المرهفة والتواقة للحب والحياة ، لم تنته مشاكل حنين الا بعد أن أُفرج عن أبيها ، كان أبا مثاليا محاميا ناجحا ، حررها من ارتباطها ، عادت الى مدرستها ، لكن مشاكلها لم تنته مع امها .
في يوم جاءتها حنين لتخبرها انها ستتزوج وسترحل الى الجنوب خلاصا من تسلط امها ، حاولت أن تثنيها عما اعتزمته ، أصرت على موقفها فالشخص التقته في حفل أصطحبها والدها اليه ، تعرفت إليه وأعجبتها أخلاقه ، اقتنعت قناعة مطلقة بانه الشخص الذي يمكن أن تحيا العمر معه . انقطعت عنها أربع سنوات وكلما سألت امها عنها اجابتها انها بخير ومستقرة مع زوجها وانها أصبحت أما لطفلة وتنتظر طفلها الثاني .لم تنته اشهر حملها الثاني عندما عادت وزوجها للسكن مع اهلها هربا من الأوضاع السياسية القلقة التي لحقتهم في مدينتهم ، لكن هربهم وتخفيهم لم يُجدِ إذ سرعان ما كشفوا مكان زوجها واغتالوه في ظهيرة أحد الأيام تحت مرأى من الناس ، عادت حنين الى معاناة أشد قسوة من السابق فبعد أن كانت تناضل من أجل حريتها ومستقبلها أصبح نضالها من اجل الحفاظ على ولديها ، في البدء سارت الامور بينها وبين امها بشكل طبيعي ، انتهت فترة الهدنه والسلام بينهما بانتهاء اربعين وفاة زوجها . مرت أيام ثقيلة على حنين ، لم تُخَفَف قسوتها الا باشتغالها موظفة في إحدى الدوائر ، لكنها سرعان ماطُردت منها بسبب موقف عائلتها السياسي ، عادت حنين من جديد الى دوامة القلق والمشاكل التي ما أن تتخلص منها حتى تعود ثانية اليها ، لم تجد أمامها الا طريقا واحد سلكته مرغمة ، شدت رحالها مع ولديها تاركة كل شيء .
كل هذه السنين والأحداث تتتالى ، وحنينها لحنين لم ينقطع ، جاءت حنين لزيارة أهلها وزيارتها لكنها لم تستطع أن تلتقي بها .
تسارعت نبضات قلبها كلما اقتربت من بوابة الدار ، مازالت الدار كما هي لم تتغير كما حصل على بعض الدور في المنطقة ، دقت جرس الباب ، لم يجبها أحد ، حديقة الدار كما هي ، الارجوحة التي قضت تتأرجح عليها اجمل ساعات الاصيل مع حنين لم تتغير ، رُفع عنها الفراش فقط ، دقت الجرس ثانية وبالحاح لكن ما من مجيب ، مدت يدها دون ارادتها كما كانت تفعل أيام الصبا ، اصطدمت بسلسة وقفل كبير اُغلقت به باب الحديقة من الداخل بطريقة توحي بأن الدار غير خالية ، بكت بحرقة ، أحست أن ما ضاع لن يعود . سألت الجيران عنهم أبلغوها ان العائلة كلها رحلت بعد موت ابيهم الغامض والمفاجئ .
تراءت كل العيون التي تعرفها منبثة بين الموجات المصطخبة تتطلع اليها حينا وتشيح عنها متبعثرة كالذكريات التي ما أن تلوح في الذاكرة حتى ترحل ثانية .
شباب مارون يحملون مذياع يبث اغنية ياقدس بصوت جديد ، انتفاضة الحجارة مازالت مشتعلة منذ شهرين . مس الماء قدميها داعبتها برودته وصل الى نهاية ساقيها ، تمنت لو يغطيها ولن يرحل ، انحسر عنهامنسابا متلاشيا بين ذرات الرمل كبقايا ثوب زفاف قديم .



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأزهر الشجر
- من أشعل النار فيها
- الندم الثاني
- سعد والله
- زينب والمسرح
- حكاية من زمن الموت
- مناجاة
- التلفاز
- الآن حان الدرس الأول
- الحب بعد الرحيل
- الندم الأول
- أعاصير
- تاريخ أسفارنا /الفارزة الأولى والثانية
- تاريخ أسفارنا / الفارزة الثانية
- في يوم ما
- صورة
- مكتبتي
- جنون
- لحظة من لحظات الحرب
- لاشيء يعدل الحرية


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سميرة الوردي - اللهب