أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - الندم الأول














المزيد.....

الندم الأول


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 12:09
المحور: الادب والفن
    


( لقد سبق السيف العذل )
تعرفتْ عليها ، زوجة أحد أقربائها ، جاءت من بلد آخر ، تزوجتْ ابن عمها وقَدِمَتْ من اجله ، أصبحتا صديقتين ، تعلق وحيدها بها منذ كان طفلا في سنته الأولى ، وعندما أصبح في التاسعة أخذ يروي لأصحابه في المدرسة كل قصص طفولته التي سمعها من صديقته الكبيرة صديقة أمه فبالرغم من شقاوته وعناده مع الجميع فإنه يستسلم ويهدأ عندما تروي له حكاياتها التي لا تنضب .
الشارعُ يمتد عميقا وقد ظللته أشجار باسقات أستمدت نموهامن ماء النهر الذي أمتد بمحاذاتها ، كان بيتها هناك فقد أُنشئ على أرض كانت موطنا لبساتين النخيل على دجلة ، رأتها وقد بدت أصغر سنا وأكثر جمالا مما هي عليه ، مرتدية فستانا ورديا أضاف الى بشرتها البيضاء ألقا ، أمسكت بيدها ابنها الوحيد أبن الخامسة ،لابساً بدلة بلون فستان أمه ، طلبت من أختها التي تسوق السيارة أن تسير مسرعة كي تلحق بها قبل أن تركب سيارة أُجرة ، لم تصل اليها فقد أختفت كما ظهرت .
كيف يمكن أن تراها ثانية ، قشعريرة انتابتها من مجرد التفكير برؤيتها ، مر زمن طويل منذ أن زارتها آخر مرة ، عشرون عاما لم تستطع رؤيتها خلالها ، الخوف غلف كل خطوة تخطوها ، لاتدري بالضبط بما هي متهمه ، كل جريمتها أنها تفكر بصوت مسموع كأبيها ، بحثها عن الحرية ، تمردها على اللاحرية التي ظلت تجابهها في كل زمان ومكان غير آبهة بما سيحل بها ولذا نبذها من الأصدقاء من أخافته صداقتها وآخرون تقربوا اعجابا وتأييدا ، أما صديقتها فكانت محايدةلم تبتعد عنها بل حاولت نصحها بتجنب ما من ِشأنه جذب الأذى لها فقد أحبتها كأخت لها .
ابتعدت عنها هربا من نصائحها ، ومرت سنون وتغيرت أحوال وبالرغم من هدوئها وابتعادها عما يدور حولها بقيت أصابع الشك توجه لها ، بعد مرور عشرين عام أبلغها أبوها أن صديقتها اتصلت به ، تود رؤيتها قبل رحيلها الى ابنها الذي يدرس في الخارج وقد لاتعود ثانية الى هنا ، أسى ومرارة بالرغم من القطيعةكانت تشعر بوجودها وتسمع أخبارها ، لكن السفر البعيد والقطيعة التي مابعدها لقاء لم تضعه في حسابها ، حاولت الأتصال بها ، مرات كثيرة تذهب الى دارها تجده مغلقا ولا من مجيب ، مرت أيام وتلتها سنين أُخر وفي كل مرة تُأمّلُ نفسها بأنها ستلتقي بها لكن شيئا من هذا لم يحدث ، الحلم يكبر والحياة تسير بأيامها ولياليها متشابهة لاجديد فيها سوى عمر يضاف .
حنين لليالي الصيف المقمرة يتجاذبن شتى الأحاديث يستطبن برودة الهواء على السطح وبينهن ذلك الطفل الذي لابد أن يكون قد بلغ مبلغ الرجال .
لم يكن مايجري من أحداث بعيدا عنهم بل مسهم في الصميم ، ولم يكن ما أتخذته من قرار الرحيل سوى إنعكاسا لما مسهم من أذىً كانوا بعيدين عن السياسة وحواراتها ، انصب اهتمامهم على التراث وما يدور في فلكه ، وبين ليلة وضحاها وجدوا رجال الأمن يغزون مكتبتهم لينتزعوا منها عيون الأدب وروائعه ويستولوا عليها ، لم تمر الحادثة عليهم بسلام بل أصابتهم بأمراض مزمنة في القلب وضغط الدم وقد رافقه بلوغ ابنهم سنا يأهله للخدمة العسكرية فلم تجد صديقتها أمامها وسيلة للخلاص وانقاذ ابنها من مصير محتوم وخاصة والبلاد قد انتهت للتو من حربها الأولى واقبلت على حرب ثانية سوى السفر معه الى الخارج أو الرجوع لديارها ، بعد جهد مرير استحصلتْ جوازا لابنها أما الأب فقد مُنع من مرافقتهم .
في يوم بلغ بها الشوق والحنين لها مبلغه ارادت من أبيها أن يأخذ عنوان صديقتها من زوجها فهو يلتقيه بين الحين والحين ، واذا به يخبرها أنها ماتت بنوبة قلبية في غربتها ، جدارٌ من اليأس والحزن نما وتشعب واصبحت رؤيتها محض حلم جاء بعد فوات الأوان .




#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعاصير
- تاريخ أسفارنا /الفارزة الأولى والثانية
- تاريخ أسفارنا / الفارزة الثانية
- في يوم ما
- صورة
- مكتبتي
- جنون
- لحظة من لحظات الحرب
- لاشيء يعدل الحرية
- المحبرة
- القداس
- إمرأة تتسلى في الشرفة


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - الندم الأول