أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريما كتانة نزال - في القدس














المزيد.....

في القدس


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1794 - 2007 / 1 / 13 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


وصلت باكرا الى الحاجز الحدودي الذي يطلق عليه حاجز قلنديا؛ وكنت قد انقطعت عن الذهاب الى القدس بقرار الواقع الجداري، وللقدس مكانها ومكانتها في ذاكرتي؛ منذ اصطحبتني جدتي ذات زمن وحرصت أن أظهر نشاطا وحرصا على ممتلكاتها الصغيرة الضرورية لعلها تصطفيني من بين اخوتي دائما في زياراتها للحرم، حرصي جعل النسوة يحسدن جدتي على "خادمتها الواعية"، تمنيت يومها لو أن الأرض تبتلعني على احتمال نكات إخوتي على لقبي الجديد.
على أعتاب المدينة تنبعث ذاكرة القدس من جديد؛ وللمكان ذاكرة الصديق الوفي على العكس من ذاكرة الزمان الغدار، ففي رائحة كعكها وتوابلها ايحاء حميم، وفي ملمس حجارتها ترقد حواس ترغب في اختصارالكون واحتضانها بمسام الشعر، مرة أخرى أعود دون قوة خارجة ولكن بوهم إرادي أفترضه، فكان أن حصلت على تصريح يؤهلني الدخول والبقاء فيها لمدة أربعة عشرة ساعة بالتمام والكمال.
وضعت خطتي للتحرك لأغبّ مفردات مدينة لا تفصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، اتحرك برؤيا مجنونة لتفاصيل لقاء مرسوم بأحجيات ورموز، سأطمئن على الأسوار في مكانها وبقاء حجارتها متراصة؛ وأعدّ بعضها الذي انهار حديثا وأضيفه على المسجل في الذاكرة، وسأذهب الى الصخرة المعلقة بالفضاء بخيوط مقدسة ، وسأتذكر أن أضع غطاء على رأسي احتطت على وضعه في حقيبتي؛ لأوفر على نفسي الشجار مع احد شيوخ الجامع الذي اعتاد أن يضطهدني في كل زيارة سابقة للمسجد بسبب كشفي لرأسي؛ على الرغم من غضه النظر عن آلاف السائحات السافرات، هذه المرة أحرص على عدم التجاوب مع استفزازاته رأفة به وبحالي، فلا أريد إفساد وجدي ولهفتي رغم اشتياقي لمناكفاتي السابقة، وأحدث نفسي بأن حالي قد تغير ونالت من عزيمتي سنين الحصار، وسأسعى ذهابا وإيابا في الطريق الواصل بين القيامة والأقصى فهذه الطريق صلاة وجمال؛ وسأجدد وعدا أقطعه دائما في الزقاق بتنظيم فعالية لا أعرفها في تلك الفسحة التحفة؛ وسأتسكع في الأسواق وسأهدر بعض المال على هوايتي النسوية في حب إقتناء القديم من الحليّ.
أطمئن على الزواريب والمشربيات والبوابات والجداريات والسراميك ، اربت على ظهور النسوة في باب العامود يبعن الزعتر والأعشاب والخضار التي تبدو لي دائما أكثر اخضرارا من أي مكان في الدنيا؛ وبعد الاطمئنان على الحوانيت ذات الأقواس الصغيرة وألاحظ أنها لا تزال تسمي نفسها بأسماء السلام بكل اللغات؛ أركض باتجاه القنصلية بيت قصيدي وأحصل على فيزا للقيام بمهمة الأمهات الصالحات لدى استقبال الأحفاد القادمين إلى الدنيا من بوابة العم سام، وهناك أمام القنصلية كنت في موعدي المحدد؛ انضم إلى الطابور المختلط مع أبناء العمومة ويحلو لي أن أتشاءل بأننا متساوون على السطر ذاته، وتختلط اللغات الثلاث وتلتحم ومن ثم تعود وتنفصل، وأستمر بالتأمل في ملامح الوجوه حولي بينما الوقت يطول بالانتظار؛ وأصنف الجنسيات حسب سحناتها من قاموس واقعي وآخر نمطي في رأسي، ويختلط الأمر علي بين نساء يهوديات محجبات كثر يعقصن أغطية الرأس الى الخلف؛ وسأتعرف عليهن من رجالهن ذوي القبعات والمعاطف السوداء الطويلة والشعور المجدولة الهابطة من فوق السوالف، وأستمر في تسليتي وسأعتقد بأن الرغبة في الهجرة لديهم تفوق رغبتنا.
أستلم الفيزا كرأس كليب وغيي يدفعني الى جولة جديدة؛ استكمل فيها طقوس عشق أفقي وعمودي للقدس مدته أربعة عشرة ساعة دون أيّ وهم، وأحرص في ساعة الصفرعلى أن أكون على سوار المدينة الأخيرفوقتي مصنوع من حواجز وممنوعات.



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعبر الى العام2007 ممزقين
- دور الاعلام الفلسطيني في مواجهة العنف ضد المرأة
- مطلوب مبادرة للمرأة الفلسطينية لتحريم الاقتتال الداخلي
- من خواطر الحرب على لبنان
- ضوء على معاناة المرأة الفلسطينية اللاجئة
- أحمد سناكرة يخرج حيا من تحت الأنقاض
- وداعا ممدوح نوفل
- من يوميات الحصار في نابلس
- هل أصبحت الرواتب كأحد بنود وثيقة الحوار الفلسطيني!
- الدكرى العشرون على استشهاد خالد نزال
- هل تحرر الطفل نور من سجنه
- أجمل الأمهات-سمر صبيح-
- يوم قائظ في أريحا
- يوم المرأة كنقطة اشتباك في المجلس التشريعي الفلسطيني
- الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والمرأة
- اصطياد الجياد في نابلس
- تخوفات مشروعةعلى مكتسبات المرأة الفلسطينية
- لننتخب مرشحات الدوائر للمجلس التشريعي الفلسطيني لشجاعتهن
- لماذا هربت المرأة الفلسطينية من الترشح من خلال الدوائر للمجل ...
- المرأة الفلسطينية في الانتخابات المحلية بين قانونين


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريما كتانة نزال - في القدس