أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز؛ التناقض كجوهر للوجود الفكري/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري














المزيد.....

بإيجاز؛ التناقض كجوهر للوجود الفكري/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 07:06
المحور: الادب والفن
    


إذا كان هناك أي شيء يحدد الحالة الإنسانية، فهو ليس اليقين، بل التناقض. فنحن في نفس الوقت المادة والفكر، والغريزة والعقل، والدقة والرغبة في الخلود. الإنسان ليس كائناً ثابتاً، بل حقل من القوى المتعارضة التي تتوتر دون أن تحقق أبداً توازناً محدداً. ولعل وظيفتنا الحقيقية ليست القضاء على هذه القوى المتضاربة، بل تحويلها إلى جوهر، وقبول حقيقة مفادها أنه في المفارقة نصبح كاملين. بل تحقيق مرآة لوجودنا المتخفي. إن شئتم.

منذ الحركات الفلسفية الأولى، سعت البشرية إلى حل هذا التوتر. حاول أفلاطون (427 ق.م - 347 ق.م) تحقيق التوازن بين نقص العالم الحساس وكمال الأفكار، ووازن أرسطو(384 ق.م - 322 ق.م) بين المادة والشكل، وتأرجح القديس أوغسطين (354م - 430م) بين الجسد والتعالي. لكن نيتشه (1844 - 1900) هو الذي كشف عن هذا البحث عن الوحدة باعتباره رغبة في الهروب، ورفضاً لمواجهة الواقع كما هو: غير مستقر، ومتناقض، ولا يمكن التوفيق بينه.

إن النفس البشرية ليست كذلك مكونة من كتل متجانسة، بل من نبضات متناقضة تتصارع وتتكامل مع بعضها البعض. لقد كشف فرويد (1856 - 1939) أنه لا يوجد "أنا" متماسك، بل معركة سرية بين الرغبة والقمع، بين مبدأ اللذة ومبدأ الواقع. لقد ذهب يونغ (1875-1961) إلى أبعد من ذلك وأظهر لنا أننا نحمل في داخلنا نماذج أولية متعارضة: الحكيم والأحمق، البطل والجبان، النور والظل. لا يستطيع الإنسان أن يبتر أجزاء من نفسه دون تشويه نفسه؛ بل يجب أن يدمج أضداده، حتى لا يجعل التناقض فشلاً، بل قوة.

لكن المجتمع الحديث يحاول أن يفرض علينا فكرة التماسك القسري، ومثالاً للهوية الثابتة، والقناعات غير القابلة للتغيير. يُتوقع منا أن نكون دائمًا عقلانيين، ومنتجين، وإيجابيين، وأن نزيل الشكوك والغموض والفجوات. لكن التماسك المطلق خيال. نحن كائنات من عدم اليقين، وفي هذا عدم الاستقرار يكمن عمقنا. إن الإنسان الذي يثبت نفسه على قطب واحد من وجوده ـ سواء كان قطب العقل الخالص أو قطب التسليم غير العقلاني ـ يخسر لعبة الحياة، لأنه يصبح عاجزاً عن الإبحار في تيارات الواقع.

إن تحويل التناقض إلى جوهر يعني قبول حقيقة مفادها أن الحياة تتكون من طرفين متناقضين يتعايشان معاً. والحكمة الحقيقية لا تكمن في إنكار الشك، بل في امتلاكه؛ ولا تكمن في الاختيار بين الفوضى والنظام، بل في معرفة كيفية الرقص بينهما. وكما قال بيرسون: "كن متعدداً مثل الكون!"، اسمح لنفسك بأن تكون متعدداً دون خوف من فقدان نفسك، واقبل أن الحقيقة تتكون من شظايا وأن عظمة الوجود تكمن على وجه التحديد في استحالة حلها.

وأخيراً، ربما يكون هذا هو دورنا: ألا نحارب التناقض، بل أن نحوله إلى فن، في الفكر، في الحركة. لا نبحث عن معنى واحد، بل نتعلم كيف نخلق المعاني داخل التدفق اللامتناهي من عدم اليقين. ذلك أن الحياة تكشف عن نفسها في توتر الأضداد، وفي أننا لا نجد إجابة، بل جمال الاستمرار في السؤال . بل هو مبحث أبدي من أجل تحقيق مرآة لوجودنا المستور. إن شئتم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيو ـ 02/12/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسمالية لا تفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (6- 7)/ الغزالي ال ...
- النزاع حول التاريخ الحقيقي
- إضاءة: رواية -كما أحتضر- لويليام فوكنر/إشبيليا الجبوري - ت: ...
- الرأسمالية لا تُفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (5 - 7)/ الغزالي ...
- إضاءة: رواية -السقوط- لألبير كامو/ إشبيليا الجبوري - ت: من ا ...
- الرأسمالية لا تُفسر بمنطق --رأس المال- فحسب (4 - 7)/ الغزالي ...
- الليل داكن - هايكو - السينيو
- إضاءة: رواية -الاراضي القروية العظيمة: المسارات-/ لجواو غيما ...
- الرأسمالية لا تُفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (4 - 7)/ الغزالي ...
- إضاءة: رواية -فترة ويعود أوغستو ماتراغا- لخواو غيماريش روزا ...
- قصة قصيرة: -مرآة الموت-/ بقلم ميغيل دي أونامونو - ت: من الإس ...
- -السونتات 1-20- لشايكسبير - ت: من الإنكليزية أكد الجبوري
- إضاءة: -تأملات دون كيخوته- لخوسيه أورتيغا إي غوست / إشبيليا ...
- الرأسمالية لا تفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (3- 7)/ الغزالي ال ...
- إضاءة: رواية -لمن تقرع الأجراس- لإرنست همنغواي/إشبيليا الجبو ...
- الرأسمالية لا تُفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (2- 7)/ الغزالي ا ...
- إضاءة: رواية -حكاية الجزيرة المجهولة- لجوزيه ساراماغو/إشبيلي ...
- صراع التكنولوجيا والديمقراطية/ لموروزوف - ت: من الإنكليزية أ ...
- الرأسمالية لا تُفسر بمنطق -رأس المال- فحسب ... (1- 7)/ الغزا ...
- إضاءة: الرسم: فلسفة الشغف لدى رينوار/إشبيليا الجبوري - ت: من ...


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز؛ التناقض كجوهر للوجود الفكري/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري