تحالف الخوف

شابا أيوب شابا

الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 16:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نشرت جريدة " الشيوعي" الشهرية في عددها الأخير الصادر في بداية شهر شباط/ فبراير والتي يُصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي مقالاً بعنوان: تحالف الخوف
بقلم: هنريك ستامر هيدين (*)

الولايات المتحدة وغرينلاند – والدنمارك وأوروبا

أُثيرت ضجة عندما أعرب دونالد ترامب مرة أخرى عن شهيته لغرينلاند في يناير/كانون الثاني ٢٠٢٥ وفي الوقت نفسه، وضع نُصبَ عينيه كندا (واحدة من أكبر الدول في العالم من حيث المساحة)، والتي يرغب أن تصبح جزءاً من الولايات المتحدة، وبنما، التي ينبغي تجريدها من سيادتها على القناة المهمة التي تمر عبر البلاد. وعندما سُئل ترامب عما إذا كان سيستخدم القوة العسكرية أو الاقتصادية لتحقيق هذه الأهداف، أجاب بأنه لا يستطيع أن يستبعد ذلك.

هل ستهاجم الولايات المتحدة الدنمارك لغزو غرينلاند؟

يَزعَم ترامب أن غرينلاند تريد الانفصال عن الدنمارك. على الأقل العديد من سكان غرينلاند يرغبون ذلك، ولسبب وجيه. لقد عَملتْ الدنمارك بنشاط على خفض عدد سكان غرينلاند، وكان لدى السياسيين الدنماركيين أفكار مُفادها أنه سيكون من الأفضل لسكان غرينلاند إذا تم نقلهم بعيداً عن صحرائهم الجليدية.

ولكن ليس هذا هو ما يكمن وراء مصلحة أميركا؛ إن الموارد الكامنة تحت الأرض في غرينلاند هي التي يتجاهلها الساسة الدنماركيون.

وبينما تتم قراءة هذا الخبر، أصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة مرة أخرى. ومن غير المعروف حتى وقت كتابة هذا التقرير ما إذا كان سيلتزم بخططه العدوانية عندما يدخل المكتب البيضاوي. ومع ذلك، انتشر الذعر في المكاتب الحكومية في جميع أنحاء العالم وبين الناس العاديين في كل من الدنمارك وغرينلاند. ولم يكن هناك نقص في الأصوات المطمئنة أيضا: فهو وحدهُ ترامب، وما يقوله ما لا يمكن الاعتماد عليه.

استراتيجية الولايات المتحدة

لكن ليس ترامب هو الذي يدفع بالولايات المتحدة لشن حرب ضد ما يسمى بحلفائها. ففي شمال سوريا، تخوض الولايات المتحدة وتركيا، الشريكتان في حلف شمال الأطلسي، حربا بالوكالة، حيث تدعم الولايات المتحدة الأكراد وتركيا تدعم ميليشيا جهادية عربية تُقاتل الأكراد. لذا فإن الجنود الأميركيين والأتراك لا يواجهون بعضهم البعض بشكل مباشر، ولا يزال بإمكان قادة البلدين تقديم أنفسهم كحليفين جيدين.

وهذا الوضع يرجع إلى بايدن وليس ترامب. كما كان بايدن هو أول من جعل الدنمارك تستعد لإنشاء نورد ستريم 2، ثم هدد بتدمير خطي أنابيب نورد ستريم، وأخيراً جعل التهديدات جدية - وفي هذه الحالة ربما أيضا من ينوب ، سواء كان حفنة من العملاء الأوكرانيين على متن يخت، أو كانَ تواطؤاً دنماركيا أو سويدياً أو نرويجياً، كما يُزعَمْ أيضاً. في جميع الحالات، كان الهدف الفعلي للتخريب هو ألمانيا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي، وبالتالي الاتحاد الأوروبي، الذي يَنظر إليه حكام الولايات المتحدة بشكل متزايد على أنه تهديد للهيمنة على العالم.


هل كانت هناك احتجاجات أم مجرد انتقادات خفيفة من المستشار شولتز؟
الجواب: مُطْلَقاً. كما أخذت مِيتا فريدريكسن رئيسة وزراء الدنمارك تهديدات ترامب على محمل الجد. ولا يجرؤ أي منهم على التحدث علناً ضد الولايات المتحدة. ويُواصل كلاهما الحديث عن "التحالف" وحتى "الصداقة" مع الولايات المتحدة.

لكن ليس للولايات المتحدة أصدقاء. كما أن الولايات المتحدة ليس لديها حلفاء بالمعنى الحقيقي، أي ليس لديها شُركاء في التعاون المتساوي بشأن المصالح المشتركة. فالولايات المتحدة لديها إِمَّا أتباع أو أعداء. إن حلف شمال الأطلسي هو الإطار الذي تحكم به الولايات المتحدة أتباعها في أوروبا.

منذ عام 1949، انقلب الشيوعيون الدنماركيون ضد حلف شمال الأطلسي، وعارضوا المزيد من التكامل مع حلف شمال الأطلسي كلما أمكن ذلك، وحذّروا من أن حلف شمال الأطلسي لا يشكل حماية لأمن الدنمارك وسيادتها، بل يشكل تهديداً لها.
فإذا لم يكن بالإمكان من رؤية هذا التهديد من قبل، فيجب أن يكون واضحا الآن.

كان الخوف هو الذي دفع الدنمارك إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ـ وليس الخوف من تهديد متخيل من الشرق، بل الخوف من الولايات المتحدة. وهو نفس الخوف الذي يُبقي الدنمارك (وغرينلاند) في حلف شمال الأطلسي، والذي دفعَ الحكومة الدنماركية الآن إلى السماح بإقامة قواعد أمريكية على الأراضي الدنماركية.

إن هيمنة أميركا على العالم تعتمد على التخويف. هكذا كان الأمر في عهد بايدن. و هكذا سيكون الأمر في عهد ترامب.

(*) هنريك ستامر هيدين هو قيادي في الحزب وعضو اللجنة المركزية

ترجمة وإعداد: د. شابا أيوب

Sent from Outlook for Android

#شابا_أيوب_شابا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات