الشيوعي الدنماركي: لا توجد كرونة واحدة تذهب لإعادة التسلح

شابا أيوب شابا

الحوار المتمدن-العدد: 8207 - 2024 / 12 / 30 - 04:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بقلم البروفيسور نيلز روزندال ينسن (١)

تُريد حكومتنا أن تذهب آخر الكرونات المدفوعة لمديرية الضرائب إلى الحروب، ومن ثم تتم التضحية بالجهود المبذولة لمكافحة التشرد والفقر وصحة المواطنين.

هذا ما نشرته جريدة الحزب الشيوعي الدنماركي الشهرية في عددها الأخير لشهر كانون الأول/ديسمبر الحالي.

قد يدخل ترولز لوند بولسن (٢) في موسوعة غينيس للأرقام القياسية باعتباره الشخص الذي قام بالمزايدة على جميع الأطراف المتحاربة الأخرى في البرلمان الدنماركي . إنه يرغب في إصدار مشروع قانون يُكلِّفْ السكان قيمة 300 مليار كرونة إضافية لإعادة التسلح.

مُقدما تم تخصيص 200 مليار لنفس الغرض. وبشكل عام، ربما يذهب الاستثمار الأكبر في شيء منافٍ للتحسينات المحتملة على المناخ.

السياسة الليبرالية

وهكذا يتم اختيار التسلح على حساب الرفاهية. ومن شأن هذه المليارات التي ستنفق على التسلح أن تفعل المزيد من الخير في مكافحة التفاوت الاجتماعي. إن فجوة التفاوت الاجتماعي آخذة في الاتساع، وأن التخفيضات الضريبية لا تساعد في الحد منها.

لقد تخلّى الإشتراكيون الديمقراطيون عن أحد مبادئهم الأساسية: وهو وضع الرفاهية الاجتماعية في المقام الأول. وعلى هذا فقد نجح الليبراليون والمعتدلون في إقناع الإشتراكيين الديمقراطيين بالقدرة على تعزيز الرفاهية الاجتماعية وخفض الضرائب في آن واحد.

على حد تعبير يان يورغنسن ( وهو سياسي دنماركي وعضو في البرلمان الدنماركي للحزب الليبرالي Venstre)، فإن الإشتراكيين الديمقراطيين "يساعدون في قيادة سياسة الزُرق العميقة(٣) في الحكومة الإئتلافية الجديدة المكونة من ثلاثة أحزاب وهي الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الليبرالي ( الفنستره) وحزب المعتدلون."، و"لدينا رئيس وزراء إشتراكي ديمقراطي يقول إن الرفاهية الاجتماعية وتخفيضات الضرائب ليسا متعارضين". كما أنه يتفاخر بالمبالغ الكبيرة من المال المخصصة للجيش والدعم القوي لحلف شمال الأطلسي (وهذا حسب ما جاء في جريدة بوليتيكن بتاريخ 24.11.16).

إن عدم المساواة آخذة في الإتساع

إذا أخذنا عدم المساواة في المعادلة، فإن هذا الموضوع يكاد يكون منسياً. وذهبت التخفيضات الضريبية إلى الناس الأكثر ثراء، في حين تم خداع المتقاعدين . والأسوأ من ذلك هو أن حياة الأشخاص ذوي التعليم القصير، وظروف العمل الأسوأ، والدخول المنخفضة، والصحة الرديئة، ما زالوا غير معنيين وقضاياهم مُهمشة. إنهم يمرضون أكثر ويموتون في سن مبكرة مقارنةً بالأثرياء.

إن الإصلاح الصحي الذي تم اعتماده مؤخراً، والذي يحظى بالثناء هنا وهناك، يتضمن في المقام الأول عدم المساواة الجغرافية مع شعارات مثل "القُرب"، و"تفاوت أقل بين المواطنين"، و"المزيد من الأطباء بالقرب من المكان الذي تعيش فيه". بالعكس، فإن عدم المساواة الاجتماعية في مجال الصحة ليست على جدول الأعمال على الإطلاق.

الحرب قبل الرعاية

يجب أن يكون موضوع التفاوت الاجتماعي في قمة المواضيع المطلوب معالجتها، لأنه مشكلة سياسية. تمامًا مثل بيئتنا ونهج الرفاهية، وهذه المشاكل لا يمكن حَلّها إلا سياسياً. لكن هذا لا يَشغَل بال السياسيين. وأنّ أموال الضرائب الأخيرة يجب أن تذهب إلى الحروب، ومن ثم يجب التضحية بجهود مكافحة التشرد والفقر، وخاصةً فقر الأطفال، وصحتنا العامة.

ويجب أن نضيف إلى ذلك الكثيرين من الذين لم يُكمِلوا تعليمهم أبداً.

وعندما نعلم أن ما لا يقل عن 15% من الطلاب لا يستطيعون القراءة بعد الانتهاء من الدراسة، فيجب علينا أن نرتقي تعليمياً بدلاً من الارتقاء عسكرياً.

لم تعد جميع البلديات وبغض النظر عن الحزب الفائز فيها قادرة على مواجهة الأولويات المالية للأحزاب الأم في البرلمان الدنماركي. ولذلك، ربما يصعب العثور على سياسيين محليين يرغبون في المشاركة في السياسة المحلية.

وكما يقول كبير الأطباء والبروفيسور مورتن سودمان: "أنتَ لا تموت بسبب رمزك البريدي، أو لون بشرتك، أو وظيفتك، أو تعليمك القصير - ولكن هذا يساعد".

ومن أجل مكافحة "تقويض نشاط حلف الزُرق"، يتعين علينا أن نعمل على تعزيز الحركات المحلية التي تساوي بين عسكرة الاقتصاد والإخفاقات والحرمان الذي نشعر به في حياتنا اليومية.

أموال الضرائب موجودة لدينا؛ المطلوب مِنّا محاربة الإدارة السياسية الحالية.

(١) نيلز روزندال ينسن - بروفيسور من جامعة آرهوس، مشارك في مدرسة التربية الدنماركية - علم الاجتماع التربوي.

(٢) ترولز لوند بولسن هو سياسي دنماركي، وهو نائب رئيس وزراء الدنمارك وزعيم حزب فينسترا الليبرالي.

(٣) بعد كل انتخابات برلمانية يتشكل تحالف حكومي من عدة أحزاب. وبشكل عام تنضم الأحزاب إلى تحالفين ، تحالف الحمر ويتألف من الأحزاب اليسارية، وتحالف الزرق ويتشكل من الأحزاب الليبرالية واليمينية

#شابا_أيوب_شابا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات