أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل الخياط - حكاية - عِجل العباس - وتطابقها مع قصة فيلم - المُصور البشوش - 1 - 2















المزيد.....

حكاية - عِجل العباس - وتطابقها مع قصة فيلم - المُصور البشوش - 1 - 2


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 1793 - 2007 / 1 / 12 - 11:50
المحور: كتابات ساخرة
    


العراقي يعرف ماذا يعني عِجل العباس , لكن للتوضيح : هو الضحية التي تُذبح في اليوم السابع من عاشوراء على ذكرى مقتل العباس بن علي بن أبي طالب في موقعة كربلاء , للتعريف أكثر الشيعة يقسمون مقتل الحسين وأهل بيته في العشرة الأولى من شهر مُحرم أو عاشوراء , بصرف النظر عن الحدث التاريخي الذي يقول إنهم قد قتلوا جميعا في اليوم العاشر , طبعا هو نوع من التقليد والتفاعل مع تلك الذكرى أو الحادثة .
المُهم , نقول إن عجل العباس أو ضحية اليوم السابع لها خصوصية ربما تفوق خصوصية يوم العاشر أو مقتل الحسين وأهل بيته وصحبه جميعا , فالأساطير الشيعية تقول إنه إستطاع أن يزيح أربعة آلاف مقاتل عن نهر الفرات والذين كانوا يمنعون وصول الماء للحسين وأهل بيته وأصحابه , لكنه كان ضحية للغدر فقتل وسُملت عينيه أو أصابتها سهام الغدر وقطعت يديه ! ووفق ذلك فإن شخصية العباس أضحت مميزة سواء للذين قد إطلعوا على الحدث التاريخي , أو بقية عموم الناس العادية الذين يمارسون طقوسهم على أسس تقليدية محضة , ومن هؤلاء هو صاحب حكايتنا وصاحب عجل العباس .

لكن المفارقة في صاحب عِجل العباس هذا , إنه ذات طبيعة من البساطة تفوق الوصف . إسمه - خميس - لكننا نضم الخاء ونفتح الميم فنطلق عليه - خُمَيس - . ماذا يعمل خُمَيس ؟ خُمَيس يعمل زبالا , وهو يُشكل مع - جواد - ثنائي فريد من نوعه في السلوك وإخلاء أكوام الزبالة في زوايا الشوارع بعربتيهما ذوا العجلة الواحدة . بالنسبة إلى - جواد - فهو مجنون , ومجنون فعلا وليس تعبير مجازي , بحيث أن جنونه هذا يدعوه أحيانا إلى ترك الزبالة ولا يكترث لتوجيهات وتوبيخات رئيس البلدية له . أما خُمَيس فهو طاقة رهيبة في العمل , بحيث لو حدث له طارئ ما ترى أكداس الزبالة واضحة في الزوايا والدرابين , ولو أنه لم يحدث له في يوم ما أي طارئ , خاصة طارئ مرضي , رغم جحيم شمس الصيف التي يعمل تحتها حتى تطيح في الأفق , أي أنه يظل يعمل بعد إنتهاء العمل الرسمي بساعتين أو ثلاثة , لا أصابته يوم ضربة شمس ولا تيفوئيد ولا حساسية ولا أي مرض عضال جلدي رغم أنه لا يستحم إلا كل ستة أشهر أو أكثر!!.. وكان يردد عندما نتحدث إليه وهو في ذروة النشاط , يردد :" هذا خُمَيس إلي لعب بيه , حالف على الزبالة اليوم يكظيها - يقضي عليها أو يزيلها من الشوارع - !"

إجتماعيا , يمتلك خُمَيس جيشا من الفراخ , لا تعلم كم , خمسة عشر , عشرين , خمس وعشرين وربما أكثر , زوجته ليست مثل بقية النساء , فهي تفرخ كل ثلاثة أشهر , بحيث أنه لو أراد أن يجمعهم من الزقاق حيث يلعبون طول النهار فإنه لا يعرف إن كان هذا وهذه له أم لغيره , حتى أسمائهم لا يعرفها ربما لتشابهها - هنيوه , نديوه , منيوه أو نحناح , منحاح , وحواح .. أو لأنه أصلا لا يُسميهم ولا زوجته عند الولادة , فلعل الأسماء تنزل عليهم من السماء !! ولا تتخيل كيف ينمو جيش الفراخ هذا وبأجسام قوية وسط اللعب بالقاذورات والسواقي طول النهار وتحت وطأة العوز المُتقع ! فالراتب الذي يتقاضاه خُمَيس محدود جدا , وهو ينفق على هذا الجيش على قدر تلك المحدودية ! يبدو إنه ينمو كذلك بقدرة السماء , أو بقدرة العِجل , فهو ليس عِجلا شريرا مثل عجل بني إسرائيل الذي قادهم إلى التيه في الصحراء أربعين سنة , فعجل خُمَيس هو عجل الخير والشفاعة , ولم لا وهو لأجل العباس قمر بني هاشم , ولذلك ترى خُمَيس يقتطع من راتبه طيلة أيام السنة ليجمع نقود هذا العجل ولا يكترث بعوز فراخه , إلى ذلك أنه يختاره من النوع السمين بحيث إن سعره يكون مرتفعا , كذلك فإنه يشتريه قبل فترة شهر من النحر , وحين تسأله : إذا كنت تختاره سمينا وغاليا , فلماذا تشتريه قبل شهر فربما يحصل له مرض خلال هذا الشهر ويموت وتروح عليك الفدية وصاحب الفدية ؟" فيرد هو بإستهزاء : عجل العباس يموت , هاي شلون تصير , هذا العجل , العباس يحفظه شلون يموت , هو بكيفه يموت ؟!" أظن بل من المؤكد إن خُمَيس يتبرك بهذا العجل طيلة هذا الشهر!! .. ولم يختل إيمان خُميس عندما هربَ العجل , فل وثاقه وهربَ ذات يوم , وهنا هو مربط الفرس , أو لماذا الفرس , فما دمنا نتحدث عن العجل فسوف نغير المثل أو القول المأثور من الفرس إلى العجل فنقول : هنا مربط العِجل .

ومربط العِجل هو أن أحد جيران خُمَيس شخص إسمه ( أبو عهد ) وأبو عهد هذا يعمل في الطرق والجسور , ويوميا يأتي مُتعبا جدا من العمل تحت لفح الشمس , إلى درجة أنه نتيجة هذا التعب يقول لأهله :عندما أعود من العمل لا أريد أحدا يقول لي "الله يساعدك " ولا أريد أحدا يُحدثني عن الغداء , ولا أريد أي أحد يُكلمني في أي موضوع , , أنا سوف أطلب الأشياء بنفسي بعد أن تغادرني شياطين الشغل , هل تفهمون ؟ّ" وبعد أن تغادره تلك الشياطين يأخذ حماما ثم يتناول طعام الغداء ثم يأخذ " ستكان الشاي " معه ويجلس على دكة باب البيت يشرب من الشاي ويُدخن سيكارة , وبالطبع لأن بيته على ضفة الشط الذي يقسم مدينة الشطرة نصفين فإنه يشعر بإرتياح بعد عناء العمل , وطالما أن خُمَيس أحد جيرانه فإنه يأتي إليه يوميا في هذا الوقت ويجلس بجانه ويتحدث إليه . في الأيام العادية ترى حديث خُمَيس إلى أبو عهد عن الزبالة ومغامراته معها , وعن - جواد المجنون - زميله في العمل , وعن رئيس البلدية وأوامره , وعن الراتب الذي لا يكفي و الخ .. ولكون أبو عهد يساريا نوعا ما فإنه كان يتفهم معاناة خُمَيس في العمل .. لكن المصيبة الكبرى هي في شهر العِجل , فعندما يشتري خُميس العجل تكون أحاديثه مُنصبة على العجل وبركات العجل وماذا يأكله العجل وكيف إبتسم العجل في ملاطفات فراخ خُمَيس للعجل وكيف أن العجل يُوقظ خُمَيس للعمل - العجل تحول إلى ديك في عُرف خُمَيس فأخذ يُوقظه كل يوم للعمل - .. وهكذا يوميا على تلك الشاكلة .. وأبو عهد يكبت أو يكظم غيضه على خُمَيس وعِجله , كان يقول له أحيانا : خُمَيس , في السابق كنت تحدثني عن العمل , عن الزبالة , عن رئيس البلدية , عن الراتب .. يعني غير قليلا - شوية - يعني ما عندك سالفة إلا العجل .." فينتفض خُمَيس في وجه أبو عهد : أبو عهد , يا رئيس بلدية , يا زبالة , يا راتب .. هذا العجل , تعرف شنو معنى العجل ؟" .. فيرجع أبو عهد بإسلوب آخر قائلا : أعرف خُميس , أعرف العجل وماذا يعنيه العِجل , بس - لكن - أنت الناس في المدينة تتكلم عن ثقافتك ووعيك , فيجب أن تغير الحديث ." .. حين ذاك يزدهي خُمَيس بنفسه فيقول إلى أبو عهد متسائلا : يعني صحيح أبو عهد الناس تتكلم عن ثقافتي في المدينة ." فيُقسم له ابو عهد بذلك , فيزداد خُميس نشوة بنفسه .. لكنه بعد لحظات يعود للعِجل , فيقول له أبو عهد : ها خُمَيس , قلت لك غير الموضوع , تحدث عن موسوعتك الثقافية ." فيجيبه خُمَيس : ما عندي غير العجل , عن شنو أتحدث , بس قلي عن شنو ؟ ثم يتواصل حديثه عن العِجل .. فيكظم أبو عهد غيضه مرات ومرات وهو يُردد :" لا حول ولا قوة إلا بألله العلي العظيم , أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم , أشهد أن لا إله إلا ألله وأشهد أن محمد بن عبد الله رسول ألله على هذي المصيبة التي حلت علي !" .. وكان من الممكن أن يتواصل كظم غيض أبو عهد حتى ينقضي النحر في يوم السابع وينتهي معه حديث العِجل , فهو مُتعود على تلك الحالة لسنين طويلة في جيرة خُمَيس , لكن الذي ثقب حوصلته أو حوصلة الغيض أو الكظم هو هروب العجل .. فذات يوم من تلك الأيام التي تحدثنا عنها بعد قدوم أبو عهد بعد إنقضاء نهار شاق في العمل , والتي لا يسمح بها حتى بقول : الله يساعدك ." من أهله .. نقول ذات يوم دخل داره , ثم غرفته ومد جسده المُنهك على السرير , وبعد هُنيهة وإذا بطرق قوي بل غير طبيعي على باب الدار , فنهض أبو عهد منتفضا من السرير وهو يتوقع أن مصيبة من نوع ما قد وقعت , وحين فتح الباب وإذا به خُمَيس , فصاح به أبو عهد وهو في ذروة الذهول : هــــــــــــا خُمَيس منو- من هو- إلي مات - الذي مات ؟ فصاح خُميس في وجه أبو عهد : خالي أبو عهد يا منو إلي مات , أنعل أبو إلي مات لابو حتى إلي عِدل - ألعن الذي مات وحتى الذي إنبثق من قبره ( أعتقد ترجمتها مضبوطة) - .. العجل , عجل العباس فلَ الرباط وهرب وأريدك أن تخرج معي حتى نمسكه ! حين ذاك أخذ أبو عهد نفسا عميقا ثم قال لـ خُميس : والله أنعل - ألعن - أبوك لابو العجل لابو العباس يا كلب يا إبن الكلب على هذي المصيبة .. " وصاح على زوجته : إعطيني , بس ناوليني التوثية - الهراوة - اليوم سوف أقتل خُمَيس وعِجله وأروح بهما مؤبد أو إلى جهنم وبئس المصير ."



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفيان الخزرجي وقصة الرابط :
- الشيوعي المُتوسط يُصافح الإسلامي المُتزمت بثورية ماركسية !
- - بغداد - مدينة الرُعب الأولى في العالم اليوم , والعراق لن ي ...
- العربان سبب خسارة منتخب المانشافت
- أحمدي نجاد والرياضة
- العربات الفارغة أكثر ضجيجا .. أحمدي نجاد نموذجا
- هنيئاً للعراقيين فوز الإئتلاف الشيعي الروزخوني الطائفي
- تيسير علوني من الميدان إلى غياهب السجون
- من هم الأكثر شرعية في القتل : عصابات الحكيم والصدر أم التحال ...
- ـــــ كريم جثير ـــــ السريالي الساخر الذي ختم سُخريته بفجيع ...
- ـــــ كريم جثير ـــــ السريالي الساخر الذي ختم سُخريته بفجيع ...
- اللُحى الطاووسية المُذنبة كارثة التسامح الأوروبي ؟! - على ضو ...
- رؤية العُرف العمائمي إلى الفن والعِلم !!
- عنقاء المصحة العقلية
- مُخيلة ـ صبحي حديدي ـ تقلب المجتمع الأميركي بجرة قلم إلى مجت ...
- تنبيه إلى مشايخ ( قطر ) : مُنظر سياسي مُستجد - قطري الجنسية ...
- رسالة من اللجة الأولمبية الدولية إلى - علي خامنئي - حول مشار ...
- فيصل القاسم وعُقدة النقص - هل إستطاع أحد ما أن يستشف أين تكم ...
- حوار نحو العمق - قصة ضياع الشيوعي العراقي بعد سقوط الجبهة ال ...
- مُقترحات قومجية إلى نقابة المحامين الواوية ( الأردنية ) بخصو ...


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل الخياط - حكاية - عِجل العباس - وتطابقها مع قصة فيلم - المُصور البشوش - 1 - 2