رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 21:33
المحور:
قضايا ثقافية
من الصفات التي اكتشفتها فيَّ مؤخرًا صفة المثالية، هذه الصفة التي يشترك فيها الكثير من نساء مدينتي، وأقصد المثالية في أعمال البيت والترتيب والنظافة.
من ثقافة مجتمعنا تهيئة البيت طيلة الأوقات لاستقبال الضيف، واذا جاء ضيف فجأة والبيت غير مهيأ لاستقباله أهل البيت يشعرون بالحرج. ويختصر هذه الثقافة العبارة التي نسمعها كثيرًا من أمهاتنا:
(نظفوا البيت لا أحد يجينا) أو تُمدَح امرأة بمقولة:
( ما شاء الله دخلنا بيتها فجأة فوجدناه نظيفًا)
بعدما صرت ربة بيت وأمًا لأطفال وعشت معاناة الاهتمام بالبيت مع الأطفال، وجدت من الصعوبة أن يبقى البيت مرتبًا طيلة الوقت، فحاولت جاهدة أن أتخلص من هذه الصفة، ألا أتكلف وأنا في بيتي، وألا أشعر بالحرج لو جاءني ضيف فجأة وكنت غير مهيأة لاستقباله، البيت يعني السكن والراحة ويعني أن يكون أحدنا بكامل طبيعته دون أن يكون همه كيف يراه الناس. كم من امرأة شابة في العشرين والثلاثين من عمرها تعاني من آلام العظام والمفاصل بسبب هوس التنظيف المتوارَث هذا، تخسر صحتها من أجل أن تمدح أو ألا تُعاب، أو لفعل عادة متوارثة لا تعي الغاية منها.
في قرآننا ورد أهمية هذا الأمر، وشرع الاستئذان، وعبر عنه بالاستئناس، قال تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تستأنسوا)، والاستئناس يعني أن يكون صاحب البيت مهيأ لاستقبال ضيفه، بأن يكون البيت نظيفًا، أو في هيئة يحب أن يراها ضيفه عن بيته، وأن يكون لديه الطعام الذي يقدمه له، فيأنس أحدهما بالآخر. (من تفسير ابن كثير بتصرف)
نحن اليوم لسنا في زمن حاتم الطائي ولا نعيش في البادية ليضطر أحدنا أن يستقبل ضيفه من غير علم مسبق بقدومه وهو غير مهيأ لاستقباله، بوجود وسائل التواصل يمكننا أن نعمل بآداب القرآن في زياراتنا، فلا تكون عبئًا على الآخرين، وتكون بيوتنا سكنًا، وننظفها ونرتبها في الأوقات التي تناسبنا نحن ومن أجلنا نحن، لا من أجل كيف يراها الآخرون.
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟