رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8138 - 2024 / 10 / 22 - 00:40
المحور:
قضايا ثقافية
من أجمل ما قيل في اللغة: إنني لغتي*، فاللغة ليست كلمات ننطقها لنتواصل بها مع الآخرين فحسب، بيننا وبين اللغة نسب، يربط أفكارنا ومشاعرنا بها، فضلًا عن ثقافة بيئتنا وحضارتها.
كلما كنت دقيقة في الألفاظ التي أنطقها وأقصد بها ما أتحدث به، كنت أقرب من الحقيقة، وبيني وبين اللفظة التي أنطقها رابط وكأنها كائن حي يترجم أفكاري ومشاعري.
أضطر أحيانًا أن ألفظ كلمات دارجة مرغَمةً، خشية أن أثير الغرابة بتسمية الأشياء بمسمياتها العربية الأصيلة، فأضطر مثلًا أن أقول للبائع: أريد كوت ـ وهو لفظ بعيد مني بسنين ضوئية ـ بدل أن أقول "مِعطَف"، خشية أن أثير غرابته فضلًا عن ضحكه.
أتمنى لو تكون كلمة معطف ذات يوم كلمة دارجة ومألوفة يستخدمها الكثير، فلا نكتفي بكتابتها أو قراءتها في القصائد والروايات فحسب، تأملوها كلمة معطف من كلمة شاعرية، هي مشتقة من العطف/ عطف ، تأملوا معناها، وكأن المعطف بدفئه كالأم لطفلها.
أما لفظة كوت coat فأراه لفظًا غريبًا وغامضًا - بغض النظر عن معناه - وأراه مُعضِلة، كأنني تذوقت طعامًا لم يعجبني واحترت ما بين ابتلاعه أو لفظه، ماذا يُقصَد به؟ من أي جذر اشتُقَ؟ أو أي شيء حسي نُسب إليه؟ لا أعرف شيئًا عن تفاصيله، سوى أنه معنى معطف، وهو لا يذكرني في الإنگليزية سوى أنه شبيه كلمة گوت goat والتي تعني معزة!
أما كلمة قاپوط العامية في مدينتنا الموصل، والتي لا أراها إلا كما يُصَرّفها البعض في العامية بكلمة تقوپط كناية عن الوقوع في ورطة!
المقولة "إنني لغتي" للفيلسوف والأديب الفرنسي جان بول سارتر.
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟