نبيل السهلي
كاتب وباحث فلسطيني
(Nabeel Sahli)
الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 12:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التشبت بالوطن في مواجهة مخططات الطرد الإسرائيلية
بتصريحات ترامب حول ضرورة استقبال كل من الاردن ومصر لعدد من أهالي قطاع غزة ؛يستكمل الرئيس الأمريكي وعوده وصفقاته لحكومة نتنياهو الأكثر إجراماً في تاريخ دولة الإبادة الجماعية إسرائيل . بات واضحاً أن من أهم أهداف العدوان وارتكاب المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 ،هو ترحيل الفلسطينيين إلى خارج وطنهم فلسطين، وبالتحديد الى سيناء المصرية والأردن؛ لكن صمود وثبات الشعب الفلسطيني أفشل وسيفشل مخطط الترحيل الجديد الذي يعتبر عقيدة صهيونية وإسرائيلية ومدعومة هذه المرة من فبل إدارة ترامب .
فشل ذريع
التشبث بالأرض ولانكبة بعد النكبة الكبرى ومشهد عودة أهالي غزة إلى أرضهم في شمالها بعد (471) من الصمود ، تشكل بمجملها المعادلة التي يعتمدها الشعب الفلسطيني لمواجهة مخططات الطرد الإسرائيلية . عودة اتبعت الحركة الصهيونية ووليدتها الدولة المارقة إسرائيل وسيلتين لتحقيق غاياتها في فلسطين، تمثلت الأولى في ارتكاب المجازر بحق أصحاب الأرض الشرعيين لدفعهم إلى الهروب خارج وطنهم فلسطين، وتالياً العمل على تهيئة الظروف لجذب مزيد من يهود العالم إلى فلسطين عبر طرق مختلفة، وبهذا كان اليهود الركيزة الأهم لقيام الدولة المارقة اسرائيل واستمرارها على حساب فلسطين الوطن والشعب. في عام 1948 طردت العصابات الصهيونية بفعل ارتكاب عشرات المجاز (850) ألف فلسطيني كانوا يمثلون آنذاك (61) في المائة من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ مليونا وأربعمائة ألف فلسطيني أنذاك ، وتركز معظم اللاجئين الفلسطينيين إثر نكبة عام 1948 في المناطق الفلسطينية الناجية من الاحتلال، أي في الضفة والقطاع (80.5%), في حين اضطر (19.5%) من اللاجئين الفلسطينيين إلى التوجه للدول العربية المجاورة لفلسطين ، سوريا، والأردن ولبنان، ومصر والعراق، ما لبث العديد ممن توجهوا إلى الدول العربية للسفر إلى مناطق جذب اقتصادية في أوروبا وأميركا واستراليا وكندا ودول الخليج العربية، في حين بقي في المناطق الفلسطينية التي أنشئت عليها الدولة المارقة إسرائيل والبالغة (78) في المائة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة 27009 كيلومتراً مربعاً، بقي نحو 151 ألف فلسطيني تركز غالبيتهم في الجليل الفلسطيني، وصل عددهم خلال العام الحالي 2025 إلى أكثر من مليونين ونصف المليون عربي فلسطيني ،وتقدر نسبة الفلسطينيين المقيمين في فلسطين وحولها في الدول العربية المجاورة (80) في المائة من مجموع الشعب الفلسطيني خلال العام الجاري والبالغ (14) مليون ونصف المليون فلسطيني ، وباقي النسبة من الشعب الفلسطيني وتصل إلى (20) في المائة تتوزع في الدول العربية غير المجاورة لفلسطين وأوروبا وأميركا، وبهذا فشلت الدولة المارقة وداعميها في تحقيق الهدف الديموغرافي التهويدي الاحلالي.
المذابح مقدمة للطرد
"إن الوضع في فلسطين سيسوى بالقوة العسكرية"؛ لخص ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي، المنطلقات الإستراتيجية للحركة الصهيونية وإسرائيل أهم المنطلقات لاحتلال فلسطين ، ويكرر هذه المقولة الان رئيس الوزراء الارهابي نتنياهو واركان حكومة العدوان.
لم تبدأ المجازر الصهيونية في عام 1948، ففي ليلة 15 تموز (يوليو) 1947، دخلت قوة للـ "هاغانا" بستان الحمضيات الذي يملكه رشيد أبو لبن، ويقع بين يافا وبتاح تكفا. وكانت عائلة من سبعة أشخاص نائمة داخل منزلها وتسعة عمال آخرين نائمين خارجه. ووضعت القوة المهاجمة عبوات ناسفة، وأطلقت النار، فقتلت 11 عربياً بينهم امرأة وبناتها الثلاث اللواتي كانت إحداهن تبلغ من العمر سبع سنوات، والثانية ثماني سنوات، والابن ثلاثة أعوام. وفي 29 أيلول (سبتمبر) 1947، هاجمت "الهاغانا" أيضاً، سوق حيفا فدمرت متجر أحمد دياب الجلني بعبوات ناسفة، وفي 12 كانون الأول (ديسمبر) 1947، دخلت قوة من "الأرغون" ترتدي بدلات عسكرية بريطانية، بلدة الطيرة في قضاء حيفا، وقتلت 12 عربياً وجرحت ستة آخرين. وبعد يوم من هذه المجزرة ألقت عصابة "الأرغون" قنابل على تجمعات عربية عند باب العمود في القدس، فقتلت أربعة من العرب، وفي اليوم نفسه هاجمت تلك العصابة الصهيونية مقهى عربياً في مدينة يافا، في شارع الملك جورج، وقتلت ستة من العرب، وتبعاً لأرقام إحصائية، استشهد في 13 كانون الأول في كافة المدن الفلسطينية من جراء المجازر الصهيونية المنظمة 21 مدنياً عربياً. وتابعت العصابات الصهيونية مجازرها المنظمة في القرى الفلسطينية المختلفة. لكن المجزرة الأكبر كانت في 30 كانون الأول 1947، حين رمت جماعة من "الأرغون" صفيحتي حليب تحويان قنابل على مجموعة من نحو مئة عامل فلسطيني، كانوا واقفين أمام مصفاة النفط في حيفا لتسجيل أسمائهم للعمل، وقتل في الهجوم ستة من العرب وجرح 46 آخرون، وفي الاشتباكات داخل المصفاة قتل العرب دفاعاً عن النفس 41 يهودياً وجرحوا 48. ارتكبت العصابات الصهيونية أثناء فترة الانتداب البريطاني 12 مذبحة، في حين ارتكبت 13 مذبحة بعدها، ضد الفلسطينيين العزل. وتابعت هذه العصابات مجازرها وتدمير المنازل، والضغط على الفلسطينيين في القرى والمدن الفلسطينية كافة خصوصاً خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) 1948 وحتى أيار (مايو) من العام ذاته، وكان الهجوم يتم من ثلاث جهات، في حين تترك الجهة الرابعة كمنفذ وحيد لهرب الفلسطينيين الناجين من المجازر، حاملين معهم أخبار ما حدث إلى القرى القريبة، حتى ينتشر الرعب في قلوب الأهالي. وتوجت المجازر الصهيونية بقتل الوسيط الدولي السويدي الكونت برنادوت في القدس في 18 أيلول 1948، على يد العصابات الصهيونية وكان من بينها رئيس الوزراء الأسبق إسحاق شامير، بعدما حمّل الوسيط الدولي في تقريره إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل مسؤولية بروز قضية اللاجئين. وأكد أن أي تسوية لا يمكن أن تنجح من دون عودتهم إلى ديارهم. وبناءً على تقريره، صوتت الجمعية العامة على القرار 194 بتاريخ 11 كانون الأول 1948. ومن جديد ارتكبت الدولة المارقة اسرائيل المجازرالمروعة في قطاع غزة وتكرره في الضفة الغربية على مدار الساعة منذ اوكتوبر 2023، بغرض دفع الفلسطينيين الى خارج وطنهم ، لكن ثبات أهالي غزة والضفة الغربية بما فيها القدس والداخل المحتل ، رغم الالم وعملية التقتيل للأطفال والاعتقال أفشل وسيفشل دون شك مخطط الترحيل القديم الجديد . ومن نافلة القول أنه يتركز (50) في المائة من إجمالي الشعب الفلسطيني يتركزون في وطنهم والنصف الباقي في المهاجر القريبة والبعيدة.
ومن نافلة القول أن تشبث الشعب الفلسطيني بوطنه الوحيد فلسطيني والمطالبة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إليه هي معادلة إحقاق الحق للفلسطيني والحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية فوق وطنه بمساحته البالغة (27009) كيلوا متر مربع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
#نبيل_السهلي (هاشتاغ)
Nabeel_Sahli#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟