أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - ثلاثة كتاب كبار أدركهم الموت قبل نوبل














المزيد.....

ثلاثة كتاب كبار أدركهم الموت قبل نوبل


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


خافيير مارياس، مارتن أميس، وكورماك مكارثي، ثلاثة كتّاب كبار، تركوا بصماتهم عليّ، بل وعلى عصرهم وسجّلوا أسماءهم في مجمع الأدب العالمي.

يمكنني القول إنّهم شكّلوا حالة نادرة. أنتجوا أعمالا تنتمي إلى الدرجة الأولى، روايات سيصمد جوهرها في وجه تعاقب الأزمان.

ومن المضحك أن أحدا من الثلاثة لم يضع اسمه على قائمة جائزة نوبل! كان من المقرر أن يحصل عليها مارياس عاجلا أم آجلا، وربما كان سينتهي الأمر بأميس بالفوز بها، أما بالنسبة لكورماك مكارثي، فإن غيابه عن قائمتها يقول الكثير عن الإهمال الأسطوري لهذه المؤسسة المذنبة في الماضي والحاضر. فهي لم تمنح الجائزة لجيمس جويس، وفيرجينيا وولف، وكارين بليكسن، وألبرت كوهين، وفلاديمير نابوكوف... وكثيرين غيرهم.

من بين الثلاثة، بلا شك، بفضل تنوع أساليبه، وعظمة كتاباته، وطريقته التي لا تضاهى في الإشارة إلى تدهور عالم يبحث عن نفسه، عالم مصنوع من العنف والازدواجية، كان كورماك مكارثي هو الذي ذهب إلى أبعد الحدود في استكشاف الأشكال الروائية القادرة على دعم رؤاه المروعة. يمكنني القول إنه كان فولكنريا وماهلريا (جوستاف ماهلر)، مؤلفا لروايات برائحة الكبريت، حيث انفجر فيها إتقانه المطلق للغة وأسلوب التعبير.

لقد ارتحل بالفن الروائي بعيدا جدا، حتى أن رد فعلي الأول بعد قراءتي رواياته، كان اختبار إحساس يقترب من الرعب من فرط عظمة موهبته. أذهلني نثره، وهو نثر دقيق بقدر ما هو رثائي. أشعر بنوع من الخوف أمام روعة أعماله التي غاصت جميعها في قلب الظلام، في باطن الوعي الموحل، مكان اشتباكات قديمة بين تطلعات الرجال المحبطة.

كان الروائي الأميركي العظيم، الذي تمكن، مثل فولكنر أو ملفيل، من وضع نفسه على قمة الأسطورة والتاريخ. عرف كيفية تشكيل اللغة بطريقته الخاصة لجعلها ملائمة قدر الإمكان لملامح دواره الداخلي. طريقته في تمديد المعنى إلى ما لا نهاية، ساعيا إلى التعبير عن العالم وأصوله، عن جنون الرجال وعظمتهم، عن قوة الطبيعة والرحمة والتعاطف والحياة بكل فائضها المأساوي.

إن عالم خافيير مارياس مناقض تماما لعالم كورماك مكارثي: العنف الدموي في سهول تكساس أو نيو مكسيكو يقابله عالم الجامعات الإنكليزية الأكثر خضوعا، ومعابد المعرفة حيث تلعب النساء والرجال لعبة الإغواء التي تبدو باهتة ومثيرة للشفقة.

لم تكن حبكات روايات مارياس ما جعلتها فريدة من نوعها، بقدر ما كانت موسيقاها ودقة وبساطة لغتها التي تلتف حول الشخصيات قدر الإمكان مثل نسيج حريري لتعبّر عن الجسد في رغباته اللامتناهية.

تتمدد جملة مارياس طويلة ومتعرجة، حسية وملتبسة، معذبة وهادئة في نفس الوقت، مثل نهر كسول، غامض، إلى الدرجة التي تجعل القارئ يصاب بالذهول. قصص جواسيس، وخيانات زوجية، وحب، تشترك جميعها في نفس الهواجس: مرور الوقت، القلوب الباكية المكسورة المدعوة إلى مأدبة الكآبة الكبرى، وذبول الحب، وإرهاق الحياة للحواس. يتطرق خافيير إلى هذا كله بروح الدعابة والشعور بالعبثية الذي جعله أقرب إلى كبار الأدباء الإنكليز الساخرين العزيزين على قلبه.

لعب مارتن أميس باللغة أكثر مما عمل عليها. كان هناك نوع من المتعة في إضفاء روح الابتكار والكوميديا والوقاحة على رواياته، مما جعل قراءتها جذابة. أضف إلى ذلك الحاجة إلى التعبير عن الجنون المتعطش للدماء في القرن العشرين. وهكذا تحصل على مؤلف اجتمعت فيه المشاكسة الغريزية مع الرغبة في تصوير الحالة الإنسانية في أكثر صورها شحوبا. إنه حالة يمكن أن أسميها ابتهاج التشاؤم.

نعم، إن رحيل هؤلاء الكتّاب الثلاثة يشبه في كثير من النواحي أغنية البجعة، وداعنا لفكرة معيّنة في الأدب، لا يُمكن اعتبارها ترفيها مبتذلا، ولكن محاولة لاختبار اللغة وجعلها تتوافق مع ضجيج العالم.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض
- هل ستصبح كندا الولاية الأمريكية 51؟
- مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية كما أراه
- رواية قبل أن تختفي.. ليزا جاردنر
- عن رواية قصة خرافية.. ستيفن كينغ
- ستيفن كينغ والأدب الخفيف
- عن رواية حجر القمر.. ويلكي كولنز
- خواطر
- فرانك.. من مجموعتي القصصية شيء مختلف
- قصة بعنوان توم. من مجموعتي القصصية (شيء مختلف)
- الناقد عمار بلخضرة يكتب عن شيء مختلف
- صباح مقاطعة شامبانيا (فرنسا)
- من سجل تجاربي ٣
- مشيناها خطى كتبت علينا
- الناقد الأستاذ عمار بلخضرة يكتب عن رواية -سقوط-
- من سجل تجاربي ٢
- حوار أجرته معي الكاتبة ياقوت شريط
- سقوط؟
- عن روايتي -سقوط- بقلم الكاتب الطيب صالح طهوري
- لا تغرنكم الألقاب


المزيد.....




- انتحار الممثل جيمس رانسون في ظروف غامضة
- فيلم -القصص- يحصد التانيت الذهبي في ختام أيام قرطاج السينمائ ...
- مدينة أهواز الإيرانية تحتضن مؤتمر اللغة العربية الـ5 + فيديو ...
- تكريمات عربية وحضور فلسطيني لافت في جوائز -أيام قرطاج السينم ...
- -الست- يوقظ الذاكرة ويشعل الجدل.. هل أنصف الفيلم أم كلثوم أم ...
- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - ثلاثة كتاب كبار أدركهم الموت قبل نوبل