أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين سليماني - احموا التاريخ الجزائري من المسرحيين الجزائريين














المزيد.....

احموا التاريخ الجزائري من المسرحيين الجزائريين


ياسين سليماني

الحوار المتمدن-العدد: 8203 - 2024 / 12 / 26 - 13:24
المحور: الادب والفن
    


كتب الفيلسوف التونسي فتحي المسكيني كتابه الهام "الكوجيتو المجروح" عن الهويات المغاربية والعربية والإسلامية التي لا تزال تعيش مشكلة وجودية مع هويتها، لم تتعرف على أناها الخاص ولا تزال تتخبط أثناء محاولات التعرف -هذه التي لا تتوقف- في استنساخ هويات أخرى وتمثلها من جهة، وتتغرب عن واقعها من جهة ثانية، حيث يتّسع حضور التاريخ إلى درجة التورّم ويتقلّص حضورُ الواقعي واليومي إلى درجة الفناء ويتم ترحيل مشكلات الماضي إلى الآن على أنها راهنية بحيث نتجادل حولها ونتعارك لأن هناك من يريد لنا أن نتجادل حولها وأن نتعارك، وإذا كان الشعب الجزائري قد قام بثورة عبقرية في منتصف القرن العشرين فإن شعوبا كثيرة قامت بحروبها العبقرية التي قطعت مع الاستعمار، ولكن، بينما تجاوزت هذه الشعوب تلك المرحلة لاختراع حاضرها وإبداع مستقبلها ولم ترتهن لها في أعمالها الفنية انكمش الإبداع المسرحي الجزائري في تيمة تكاد تكون وحيدة: الاختصار المخلّ للمسرح في تيمة واحدة هي التاريخ، واختصار التاريخ الجزائري الطويل في فترة واحدة هي الثورة الجزائرية، واختصار هذه الثورة -بكل حمولتها التاريخية والإنسانية وبكل قوتها واتساعها-في عدد محدود من التعبيرات النمطية المعلّبة التي تقتل اللعبة المسرحية وتغتال الفن وتزهّد الجمهور في الذهاب إلى المسرح.
نحن الشعب الوحيد الذي يُراد له أن يكون مرتهنا للماضي، نحن كائنات ماضوية بامتياز، ندخل للمسرح فلا نرى واقعنا بل نرى ماضينا، لكنه ماضي باهت، لأن صانع العرض يقول الجاهز والسطحي والتقليدي ولا يتعب نفسه في النبش في الإنساني المختلف الجميل وهكذا أصبحنا لا نشاهد إلا عروضا تتشابه بلا روح ولا طعم ولا رائحة، تقول المَقول وتحكي المحكي. أي أننا عندما نشاهد عرضا مسرحيا فإنّ تقزيما كبيرا للتاريخ الجزائري يحدث أمامنا، سنشاهد ما حفظته لنا كتب التاريخ بحرفيته التقريرية المدرسية، ومن غير الصحيٍّ بالمرّة أن يتحول فنان المسرح إلى معلّم في مدرسة أو خطيب جمعة بالمعنى الجامد الذي يخلو من الإبداع وجمالياته، ويتوقف عن توفير الدهشة وصنع المختلف والمبهر ويجعل من صنّاع المسرح يتحولون إلى رهائن لدى إرادة آتية من خارج الفن تملي ما يجب عليهم أن يقولوا وبالتالي نجد أنفسنا أمام أعمال ليست في الغالب إلا نتاج ولادات قيصرية متسرعة.
أليس غريبا أن تتناسل العروض التي تتحدث عن الثورة الجزائرية بذات الطرح الفكري والأسلوب الفني وبالاختصارات نفسها والكليشيهات ذاتها بحيث لا يستطيع أغلب هذه العروض أن يحفظ لنفسه مكانا في ربارتوار المسرح الجزائري بل لا يستطيع حتى أصحابها أنفسهم أن يحفظوها في ذاكرتهم فضلا عن جمهورهم؟
يسوّق العديد من المخرجين لهذه الخيارات بأنها إعلاء من شأن الوطن وتاريخه وتمجيد نضالات الشعب الجزائري ومحاولة لتعريف الشباب الجديد بمنجزات آبائهم فالشباب –وهذا الكلام سمعناه يتكرر إلى درجة الابتذال لا يعلمون شيئا عن تاريخهم ولا يفهمون قيمة بلادهم وتاريخها بين الأمم، وهي شعارات لم تعد تجد مصداقية عند المتلقي، لأن الشباب عندما يدخلون المسرح لا يحتاجون إلى دروس في التاريخ تشبعوا منها إلى حدود التخمة في المدارس والجامعات والمساجد لمن يذهب منهم للجمعات ولكنهم بحاجة إلى أعمال فرجوية تمتع وتسلّي وتضيف، وتقول الرسالةَ الفكرية جماليا ولا تتنطّع ولا تفتعل ولا تمارس الشعاراتية، فمقتل الفن في انقلابه على ما هو جمالي لصالح الشعاراتي.
ما الذي نقترحه إذن؟ هل ندعو لتوقف المسرح عن الحديث عن الثورة الجزائرية؟ بعبارة واضحة سنجيب "نعم"، إذا كان صنّاع المسرح يقتلون الثورة الجزائرية بهذا التعليب المخلّ، وبهذا الطرح الفج، وهذه القوالب الجافة وسنجيب بـ"لا"، إذا كان الجماليُّ يتغلّب على الإيديولوجي، والفنيُّ يتفوّق على السطحي، وشعار الإبداع يعلو على إبداع الشعار.



#ياسين_سليماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 70 سنة في غرامك: ثرثرات عن مسرحنا الجميل
- حلاق إشبيلية: النصوص الكلاسيكية لا تزال تبهر
- مهرجان المسرح المحترف في دورته الـ 16: الدروس والعبر
- عرض -أفريكا- إحياء كاكي أم اغتيال له؟
- عرض -ثورة-لمسرح بلعباس: المخرج يعبث مرتين
- هل كان الجاحظ مثليا؟
- موسم شتم ياسمينة خضرا
- كنا ثلاثة، اختار الموت أوّلنا
- زمنهم الجميل هل كان جميلا حقا؟
- الميديا وورقة التوت والمثقف البائس
- أمي...أنت حيوانة؟!
- محطات تلفزيونية أم دكاكين خردة؟ مقال في تعذّر صناعة دراما جز ...
- عيد ميلاد جديد: غابت الطرطة بسبب السيد كورونا
- جهالات عبد العزيز كحيل
- واحد -عيد- ناقص -ذبح- من فضلك
- إنه الفن يا كلاب الجحيم
- كاريكاتورية لافتات -أنا محمد-
- انتبهوا...أنهم يسرقون الله
- كلاب الله


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين سليماني - احموا التاريخ الجزائري من المسرحيين الجزائريين