أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين سليماني - موسم شتم ياسمينة خضرا














المزيد.....

موسم شتم ياسمينة خضرا


ياسين سليماني

الحوار المتمدن-العدد: 7321 - 2022 / 7 / 26 - 19:44
المحور: الادب والفن
    


بعض المعارك التي "يُحدثها" المثقفون لا يمكن النظر إليها بوصفها "حدثا" بالمعنى الفلسفي حيث يمكن أن التأسيس والبناء عليها كلحظة فكرية فاصلة وكـ"اختراع" لممكنات أفضل ولكن بوصفها "حدثا" بالمعنى الفقهي القديم الذي يعني النجاسة واختراق طهارة الأشياء، ومن هذه المعارك التي "أحدثها" هؤلاء الهجوم سيئ النية على ياسمينة خضرا بسبب ما رآه هؤلاء من تضخم في الذات وتعال على غيره من الكتّاب الجزائريين في بعض تصريحاته، وبدل القراءة النقدية لكتاباته يتحوّل الموضوع النقدي لخضرا الشخص، وهذا ما يؤكد مجددا ولمرة لانهائية أننا في هذا الزمن الدي أحب تسميته بالزمن الآسن نخجل من النجاح وننجرح منه، نحن نخجل من نجاحات الآخرين لأنه يبيّن عوراتنا الكبيرة ، ونخجل من أنّ خضرا استطاع أن يكتب قصته الشخصية الكبيرة، قصة نجاحه، وجعل من قماشة الكتابة واسعة باتساع العالم، يكره المثقفون كيف لخضرا أن يتجرأ على استضافة الحكايا واللحظات التاريخية والحياة بفوضويتها ومعقوليتها أو لامعقوليتها وبمصادفاتها وجمالياتها أيضا في لغة فرنسية "غير فرنسية" فهو يكتب بوعي جزائري عالمي وليس بوعي فرنسي كما يكتبها الفرنسيون، يكتب خضرا نوعا من الكتابات الجميلة التي تعيدك إلى ذاتك العميقة في شكل هدية لا يمكن ردّها "لسبب واحد هي أنها جزء منسيّ من ثروتك كمواطن في العالم" على لغة فتحي المسكيني. وهو رهان كبير نجح فيه خضرا باقتدار لا تخطئه العين.
سُئل خضرا عن رأيه في المشابهة بين أسلوبه وأسلوب رشيد بوجدرة، وردّ بهدوء أنه يتصور أنهما لا يتشابهان، تحدث بافتخار وباحترام كبير عن بوجدرة وقبلهما عن كاتب ياسين ومالك حداد ومحمد ديب وقال أنه قرأ لهم، كما تحدث عن نجيب محفوظ، وقال أنه إذا كان يمكن أن يقارن أسلوبه بكاتب ما فيمكن المقارنة بأسلوب هنري ميللر. ياسمينة خضرا قطعا ليس المخوّل بهذه المقارنات، فهي مجال النقاد والقراء ولا يمكن للكاتب مصادرة حقهما في رؤية ما يريانه في أسلوبه، لكن ردّ الرجل كان انطباعيا مغلّفا باللطف ويمكن له أن يقول ما يشاء ما دام في إطار الأدب وعوالمه.
لكن المثقف الجزائري لا يحبّ أن يتثاقف مع الآخرين، إنه يكره النجاح ويحترف باقتدار "إخصاء" الثقافة الجزائرية واعتبارها ساحة واسعة للبوار والفراغ، بينما في حديقتنا الجزائرية العديد من الأشجار السامقة التي نفاخر بها، بعيدا عن أية شوفينية، والمثقف الجزائري أيضا ماهر في فلاحة القبح بدل أن يبذر شتلات الجمال، وبدل أن يمتدح الشمعة التي تنير ظلمة ما في هذا الواقع الرديء. وخضرا (وبالطبع غيره من الكتّاب المهمين) يمارس محاولة جادة وجميلة في أن يكتب فنّا "يصلح لتحرير الحياة حيثما وقع سجنها" كما يعبّر جيل دولوز، وهذا هو البعد الجميل في تجربة ياسمينة خضرا الإنسان والكاتب الذي يمارس فعل الكتابة "الرصين" بوصفه فعل تحدّ للبشاعة والقبح وهي أنه يكتب ليس ليقول أنه كاتب، لأنّ الكتابة في عرف العاقلين ليس مزيّة أو مساحة للراحة أو شكلا من أشكال البذخ (إذا استجلبنا قليلا معاني الالتزام كما شرّع له الكثيرون) ولكن ليقول كفى، أو بتعبير آخر ليمارس قطيعة ما، إذ لابدّ -كما يعبّر آلان باديو- أن ننهي مع النهايات أو أن نقطع معها، لابدّ أن نقطع مع التسويق لنهاية الجمال وشرعنة القبح، ولابدّ أن نقطع مع التسويق لنهاية الأمل وشرعنة اليأس، لذلك جاءت روايته الأنيقة "سنونوات كابول" بكل الألم وبكل الحفر في الجرح، مع أنه لم يزر أفغانستان، ولكنّ التجربة الجزائرية مع العنف طيلة عشرية توصف بالحمراء تارة وبالسواء تارة أخرى مع الحجم الهائل من المرئيات اليومية للخراب الأفغاني وضع مادة خاما شكّلها خضرا بمهارته، فالجميع لديه العجينة ذاتها من الكلمات وربما حتى من الخبرات، لكن التطويع والممارسة بُعد ومستوى مغاير يظهر فيه الكاتب الجيد من غيره.
عندما سئل محمد ساري في برنامج في قناة الحياة (وترجماته بالمناسبة واحدة من أسوء ترجمات الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية ولا يمكن أن يضاهي مطلقا قوة وحنكة الراحل مرزاق بقطاش مثلا) عن رأيه في موقف خضرا من أنّ القراء بالعربية لا ينتبهون لكتاباته وأنّ ما يقرؤه له العرب مجتمعين أقل مما يُقرأ له في بلد واحد مثل إسبانيا (وبالمناسبة أعاد هذا الكلام في لقائه مع القراء في وهران السبت الفارط) قال بشكل من أشكال الامتعاض وربما السخرية والاستعلاء ( !!) "ياسمينة خضرا يحب يشكي"، هكذا يحاول من يحسب على الثقافة والكتابة والترجمة إخصاء التجربة الإبداعية واختزال خضرا في صورة الشكّاء البكّاء بهذا التعبير السوقي بدل تحليل الفكرة والرد عليها بطريقة أقرب إلى الموضوعية. بينما قال غيره (وهو لا يستحق التسمية): خضرا ما كان والو (خضرا لا شيء)، هكذا بعض المحسوبين على الثقافة يسوّقون العلف الفكري باعتباره فتحا معرفيا.
في الندوات الثلاث التي قام بها خضرا، أثبت الرجل أنه ناجح وأنّ القراءة فعل حياة مستمر، وأنّ القرّاء الجزائريون موجودون في كلّ مكان، بينما بقي المثقف الجزائري خلف شاشته الزرقاء يكيل الشتائم ويحاول إعادة اختراع العجلة !



#ياسين_سليماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنا ثلاثة، اختار الموت أوّلنا
- زمنهم الجميل هل كان جميلا حقا؟
- الميديا وورقة التوت والمثقف البائس
- أمي...أنت حيوانة؟!
- محطات تلفزيونية أم دكاكين خردة؟ مقال في تعذّر صناعة دراما جز ...
- عيد ميلاد جديد: غابت الطرطة بسبب السيد كورونا
- جهالات عبد العزيز كحيل
- واحد -عيد- ناقص -ذبح- من فضلك
- إنه الفن يا كلاب الجحيم
- كاريكاتورية لافتات -أنا محمد-
- انتبهوا...أنهم يسرقون الله
- كلاب الله


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين سليماني - موسم شتم ياسمينة خضرا