|
كتاب -زهرات في قلب الجحيم-[*] للمحامي حسن عبادي
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 18:43
المحور:
أوراق كتبت في وعن السجن
رائد الحواري| فلسطين ما نمر به من مجازر وقتل وتشريد وتدمير يجعلنا نبتعد عن الكتب القاسية، والمشاهد المؤلمة، فلم نعد نقدر على تحمل المزيد، لكن للأسرى مكانة خاصة، تجعلنا نعض على الجراح؛ لنعرف أحوالهم وما يمرون به، فما بالنا عندما يكون الأمر متعلقاً بالأسيرات، الرقيقات اللواتي، لا يتحملن الأذى الجسدي ولا النفسيّ"؟ وبما أن "حسن عبادي" كان قد نشر هذه الزيارات على صفحته الخاصة، وأطلعنا عليها، أولاً بأول، وهذا أسهم في إيصال فكرة الكتاب لنا، فهو كتاب متعلق بلقاء "حسن" بالأسيرات، وهذا ما قربنا من الكتاب أكثر. المحامي "حسن عبادي" في كتابه "زهرات في قلب الجحيم" ينقل لنا لقاءاته مع الأسيرات في سجون الاحتلال، راصدا أحوالهن كما سمعها وشاهدها منهن مباشرة، يبدأ بالحديث عن زيارته الأولى "الأربعاء 19/5/2021 لخالدة جرار، وينتهي عند زيارة "ديالا عبده" الخميس 29/2/2024، فالفترة الزمنية طويلة، وهذا ما جعله يتناول الأسيرة الواحدة بأكثر من زيارة، وبما أنه كان في اليوم الواحد يقابل أكثر من أسيرة، فقد وجدنا لديهن انطباعا واحدا تجاه بعض الأحداث/ الأشياء/ الأشخاص، مثل معاملة السجانين لهن مثل "العقربة السوداء" التي ذكرتها أكثر من أسيرة وسوء معاملتها وقسوتها معهن، فكان لقبها وهيئتها متناسبا مع طبيعتها المتوحشة وأفعالها القاسية. وهناك البحر الذي تريد كل أسيرة أن تشاهده، من هنا كان بعضهن تنسى أنها مريضة وتطلب مشاهدة البحر، فهو الدواء/ البلسم/ الشافي لهن. الأسيرة والعائلة: يتناول "حسن عبادي" علاقة الأسيرات بأسرهن، والكيفية التي تتعامل الأسيرة مع عائلتها، فهناك أسر وجدران وسجان يقف حائلا بينهما، من خلال الحوارات التي تمت بين "حسن" والأسيرات نجد الكثير من المضامين، الأفكار، الأحداث، المواقف، الرؤى، وهذا يستدعي التوقف عند بعضها، فعندما توفيت "سهى" ابنة "خالد جرار" ورفضت سلطات الاحتلال إطلاق سراحها مؤقتا لتشرك في تشيع جنازة ابنتها: "رفضت خالدة مجرد التفكير بأن تشارك الجنازة بصحبة رجال الشاباك أو حراس السجون كي لا تتدنس المقبرة، ولأن سهى لن تقبل بهذا ولن تسامحها إن قبلت" ص 24. هذا الموقف لا يمكن أن يأتي من أم عادية، بل من أم (فولاذية) لهذا تحاملت على جرحها كأم فقدت ابنتها، وتحاملت على كونها أسيرة تتوق لروية الحياة/ الناس خارج الأسر، وآثرت البقاء في الأسر، حتى لا يدنس جنود الاحتلال المقبرة، ويلوثوا مكانة وهيبة الجنازة، لتبقى "سهى" طاهرة/ نقية بعيدا عن التلوث والأمراض المعدية التي يحملها جنود الاحتلال، فمثل هذه المواقف تعطي المتلقي دفعة من المعنويات وتجعله أكثر تحملا للوجع/ للألم. فالاحتلال هو العقبة، هو الموت، هو الشيطان الذي يمنع الخير عن الناس. "ختام السعافين" أسيرة إدارية، بمعنى أنه لا توجد تهمة تدينها، بل هناك خوف أمني عند الاحتلال، يجعله يبقيها معتقلة لمدة تصل إلى سنوات، يتم تجديدها كل ستة أشهر: "كان من المفترض أن تتحرر من الاعتقال الإداري يوم 1/3/2021 لتكون جانب ابنتها دينا ساعة الولادة، ولكنها اعتقلت عند بوابة السجن يوم تحررها لتحرم تلك المتعة!" ص 29، هذا هو الاحتلال، هذه هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، فيا لها من دولة تمارس الديمقراطية/ العدالة بكل دقة وإتقان! "شروق دويات" تتوق للتحرر "لتزور قبر خالتها منيرة، وعدتها عبر الإذاعة بقعدة على أسوار القدس وتوفيت دون وداع" ص 40، مثل هذه المواقف تؤكد متانة/ محبة/ العائلة الفلسطينية، فهي عائلة منسجمة ومتوحدة، تتألف فيما بينها. أما "إيمان الأعور" فإنها "ما زالت قلقة على خالة أمها المريضة فطمأنتها عنها" ص 47، هذا القلق يشير إلى إنسانية الأسيرة، وإلى عاطفتها الجياشة، فهل يمكن لمن يحمل هذه المشاعر والأحاسيس أن يكون مجرما؟ على الاحتلال وسجانيه الإجابة، فمن يعتقل مثل هذه المشاعر هو المجرم بعينه. البحر: أكثر من أسيرة تحدثت عن البحر، فهو بحرنا؛ بحر فلسطين، البحر السوري، وهو يقربنا من فلسطين الواحدة الموحدة، من هنا العديد من الأسيرات يتشوقن لرؤيته والتمتع بمشاهدته، "شذى الطويل" أثناء ذهابها للمحكمة رأت البحر: "في طريقها للمحكمة شافت البحر عبر طاقة البوسطة ولم تصدق عينيها/ أهو حلم أم حقيقة!" ص 30، اللافت في هذا الموقف ليس انفعال شذى بقدر الرؤية لفضاء الحرية الذي تحمله الأسيرة داخلها، فالبحر يمثل المكان الفلسطيني، ويمثل الحرية، ويمثل الانطلاقة نحو الحياة، وهذا يعني التخلص من الاحتلال وزواله، هذا هو البحر بالنسبة للفلسطيني. أما "روان أبو زيادة" عندما ذهبت للعلاج فكان هدفها هو: " وربما تكون محظوظة وتشاهد البحر عن قرب" ص 35، فالبحر الذي أتى على لسان أكثر من أسيرة، ما هو إلا المخلص/ المنقذ لهن، وهو الحبيب، الفارس المنتظر. هذا هو بحرنا، بحر حيفا، بحر فلسطين. "شروق دويات" (تفشل) في رؤية البحر، فتحاول أن تعوض هذا (الفشل) من خلال هذا الموقف: "لم تنجح برؤية البحر من البوسطة للمستشفى، فوعدتها بجولة في الكرمل وحيفا والبحر يوم تحررها، واشترطت أن نطعمها أكلة سمك في ذلك اليوم المنشود" ص 40، الدعابة، نسيان الأسر وما فيه، يكمن فيما قالته "شروق" التي أرادت أن تعوض (خسارتها) بحلم كبير وكبير جدا، تحررها من الأسر. الحرية: كل الأسيرات يحلمن بالحرية والانطلاق نحو الحياة: "أماني حشيم" صاحبة كتاب "العزيمة تربي الأمل" تتحدث عن يومها الأول نحو الحرية: "تحلم بساعة التحرر آملة أن تفتح بوابة السجن بيديها لتمشي في الشارع دون مرافق، لتتجول في شوارع حيفا بسيارة مكشوفة السقف، وموسيقى عالية لتصل البحر مع جاط فواكه مشكلة" ص 49، في هذا المشهد نرى الحرية بكل تجلياتها، حرية الحركة، حرية مشاهدة الفضاء المفتوح، البحر، المدينة، حرية التمتع بما في الحياة من وسائل ترفيهية، "سيارة مكشوفة" التمتع بألذ الأطعمة، فاكهة متنوعة، كل هذا يجعلنا نقول إن الأسيرات يحملن مشاعر إنسانية، وهذا ما يجرم المحتل أكثر. المحتل الذي يعتقل النساء لمجرد رفضهن الاحتلال ووحشيته. أما "شروق دويات" فترى الحرية من منظور آخر: "حدثتني عن الطيور المهاجرة حين تعبر فوق السجن، بصير منع تجول اختياري لمشاهدتها لتتساءل بينها وبينها: "هل مرت هذه الطيور بأهلي وبيتي وحارتي؟ هل مرت من فوق ياسمينتي؟ تتوق لعناق شجرة الأسكدنيا (والفرع الداخل للمطبخ وسرقة حباته الخضر) والياسمينة في حاكورة بيتها وخوفها أن يقص أهلها الياسمينة قبل تحررها" ص 60، نلاحظ العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل، فقد استطاعت "شروق" في هذا المشهد أن تأخذنا إلى أكثر من مكان وحالة، فهناك الماضي الجميل، والحاضر البائس، والمستقبل المجهول، وهذا الترتيب/ النظرة تمثل صورة (واقعية/ حقيقية) عن حياة الأسيرات في سجون الاحتلال. وإذا ما توقفنا عند (السبب) الذي دفعها لتتحدث عن هذه الثلاثية فنجدها "الطيور المهاجرة" بمعنى أن الأسيرة تتأمل، تتوقف/ تتمتع بمشاهدة الطيور، وهذا يؤكد إنسانيتها، وتمتعها بمشاعر مرهفة/ حساسة، فكيف لمن تحمل هذه المشاعر أن تكون خلف الجدران؟ التعليم: الكثير من الأسرى والأسيرات يهتمون بالتعلم والثقافة، فهما إحدى وسائل مواجهة الاحتلال الذي يريد قتل أي طاقة إبداعية في الأسرى والأسيرات، من هنا يلجأ العديد منهم إلى الكتاب، وما وجود مجموعة كبيرة من الكتاب والأدباء إلا خير شاهدا على انتصار الأسير/ الأسيرة على واقعه. "تسنيم الأسد" تتحدث عن هذا الأمر: "حدثتني عن حياة الأسر قبيل بداية تعليمها العالي، ها هي تتقوى بالإنجليزية للالتحاق بالجامعة حين تحررها، تقرأ وتمارس الرياضة وتدرس الإسبانية، وتعلم العبرية لمجموعة بنات" ص 53، هذه الأسيرة نموذج من القوة والإرادة والإدارة الناجحة في مواجهة السجن والسجان، تتعلم، تعلم، تطور معرفتها وثقافتها رغم الظروف القاسية، هذه هي المقاومة بعينها. أما "مرح بكير" فتقول عن الثقافة والكتابة: "بلشت أكتب، حضر حالك تكتب حصتك ب"الميمعة" ص 97، عندما يتحول السجن إلى مكان للإبداع الأدبي فهذا يعد انتصارا على الاحتلال، فبالكتابة وبالتعليم تنتقل الأسيرة من حالة الضعف إلى حالة القوة والتألق والإبداع. المعنويات: العديد من الأسيرات يتمتعن بروح عالية، رغم ما بهن من ألم، فلكل ظرف/ ساعة/ يوم/ حالة خاص بها، تجعل الأسيرة تنتشي أو تيأس، من هنا لا يمكننا القول إن الأسيرات يعشن في بحبوحة، لكنهن يتكيفن مع واقعهن. يتحدث "حسن عبادي" عن "أماني حشيم" والمعنويات التي تتمتع بها: "بدل أن أشد من عزيمتها وجدتها تمدني بالطاقة والحماسة" ص 55، ويحدثنا عن "إيمان الأعور" فيقول: "قسوة وجبروت السجان والعنف الذي مارسه تجاهها وزميلاتها وآثار 3 بوكسات على الوجه والعينين ومخالب/ أظافر السجانة عالقة على كتفها اليمين ورغم هذه "المعنويات فولاذ والصحة حديد وهاي مجرد كدمات وبتروح" ص 56، إدخال ما قالته "إيمان" وباللغة المحكية ذاتها، يعطينا صورة عن صلابة الأسيرة وثوتها، فرغم ما تعرضت له من ضرب ووحشية إلا أنها تتمتع برؤية إيجابية، فالأيام ستزيل هذه (الخدوش) وتعود لحياتها السليمة والصحيحة. أما "مرح بكير" فلها حالة أخرى: "حين سألتها عن سر الضحكة الملازمة أجابتني بعفوية مطلقة: "لكل من اسمه نصيب، وأنا أسمي مرح، اسم على مسمى" ص 57، حكمة، فلسفة لا تأتي إلا ممن هي حرة، تحيا حياتها بسوية كاملة، وهذا التصرف ذروة الانتصار على الاحتلال. رغم قسوة ممارسات الاحتلال بعد السابع من تشرين، عام 2023، ورغم ما تعرضت له الأسيرات من قمع وتنكيل وضرب وظروف قاسية، إلا أنهن بقين يتمتعن بمعنويات عاليةـ فأكثر من أسيرة قالت أنا بخير وقوية، منهن إخلاص صوالحة: "أنا كثير كويسة" ص 121، تمارا أبو لبن: "يما أنا بخير، خليك مركنة" ص 123، ياسمين أبو سرور: "ما تخفيش عليّ معنوياتي عالية وقوية" ص 125، "شهد عصافرة": "ربنا حطنا باختبار، وإن شاء الله الفرج قريب" ص 127، وهناك طريقة أخرى عبرت بها الأسيرات عن تجاوزهن ظروف الاعتقال القاسية، ما قالته "بدرية حمدان" لزوجها وهي في المعتقل بعد أن وصتها رسالته: "يا ريت انسجنت من زمان ع شان أسمع كلامك الحلو" ص 140 و141، وهذا ما يجعل الأسيرات نموذجا للتحدي والصبر، وقلب المأساة إلى فرح. التعب والوجع: الأسيرات إناث رقيقات، لا يستطعن تحمل القسوة والابتعاد عن الأهل كحال الرجال، من هنا كن صريحات في إظهار مشاعرهن تجاه الأسر، فأكثر من أسيرة قالت: "أنا تعبانة" وما كتاب "أسراء جعابيص" "موجوعة" إلا أحد الشواهد على معاناتهن داخل الأسر. ينقل لنا "حسن عبادي" ما سمعه منهن في هذا الجانب. تقول "أنهار الديك" في نهاية الزيارة: "خلاص، تعبنا وبدنا نطلع" ص 32، مثل هذا القول يؤكد إنسانية الأسيرة، وهذا يكفي لتعرية من يدعي الدفاع عن حقوق المرأة، فهناك عشرات الأسيرات يتعرضن لمعاملة متوحشة، ومع هذا لا نسمع أي إدانة من المنظمات الحقوقية الدولية. أما "إيمان الأعور" فتقول عن واقعها في الأسر: "ما أصعب فقدان قريب أو حبيب دون وداع، وأنت خلف القضبان" ص 63، هذا الألم يكفي لإيصال معاناة الأسيرات والأسرى، فرغم أن القول جاء على لسان أسيرة واحدة، إلا أنه متعلق بكل الأسرى والأسيرات. "أماني حشيم" (القوية، الصلبة) صاحبة كتاب "العزيمة تربي الأمل" تظهر لنا على (حقيقتها) من خلال: "أوصلت لها كرت عرس أخيها وسام، فنزلت دمعة الفرح من عينيها: "أول مرة بشوف كرت عرس من يوم الاعتقال" ص 70، في هذا المشهد يمكن اختزال/ تلخيص كل معاني الإنسانية، وأيضا إظهار بشاعة الاحتلال ووحشية سلوكه تجاه الأسيرات والأسرى. وعن ألمها/ خوفها حين يتم تحررها: "تفكر في ساعة الإفراج، ويشغلها "كيف بدي أتعرف على ولادي من جديد" ص 81، كل هذا يؤكد أننا أمام أنثى رقيقة، أمام أم تفكر في أولادها الصغار وكيف ستربيهم وترعاهم بعد الفراق، فيا لها من أم تلك التي تفكر بأولادها وليس بنفسها، ويا لهم من أبناء أولئك الذي يحظون بأم كأماني حشيم. في لقاء آخر مع "أماني" نجدها ما زالت تفكر بأطفالها: "كبروا وبطلوا أطفال، أحمد إيدو أكبر من إيدي، (صورت لي مشهد قياس الأيدي عبر الزجاج المقيت) مشهد موجع، آخر مرة احتضنتهم قبل الكورونا، وفجأة قالت بحرقة: حاسة أني كثير طولت" ص 99، هذه هي معاناة الأم الفلسطينية، نلاحظ أن "أماني" (تخلت) عن قوتها وعزيمتها، فظهرت لنا (عارية) كاشفة أمومتها دون ستائر، فقد أصبح دور الأم فيها يتقوى على كونها أسيرة، مما جعلها بهذا (الضعف) ويا له من ضعف، ضعف يأخذنا/ يقودنا إلى ذروة الأمومة التي تغذينا وتمنحنا الحب وتبقي الحنان حاضرا فينا. أما "مرح بكير" صاحبة الاسم/ الضحكة فنجد ألمها ووجعها بقولها: "بنسمع بصفقة من يوم الحبسة، والله مستعدة أظل كمان كم سنة زيادة وبس يروحوا المؤبدات" ص 97؟ كل هذا يؤكد إنسانية الأسيرات، وحاجتهن/ حلمهن بالحرية والحياة السوية/ العادية، فكل ما يردنه هو الخروج من السجن وممارسة حياتهن كباقي الناس. أما "روان أبو زيادة" فتتحدث عن ألمها في الأسر: "الكاميرات في كل مكان، كل الوقت، تقيد "نفسي أشلح عن رأسي ع شان أتهوى وأشمس شعري كمان" ص 98، هذا واقع الأسيرات، هذا ألمهن ووجعهن. طوفان الأقصى و7/10/2023: حال الأسيرات تغير كثيرا بعد السابع من تشرين أول، حيث اشتدت عصا الاحتلال وأصبحت أكثر غِلظة، فإدارة السجون شددت من الإجراءات بحق الأسرى والأسيرات، وتم سحب كل الحقوق التي انتزعها الأسرى بدمائهم من المحتل، تتحدث "روضة أبو عجمية" عن حال الأسيرات بعد السابع من تشرين أول: "لحظة مفصلية في تاريخنا، والشدة والمد مع إدارة السجن ورش الغاز وما تبعه، فش فورة ولا كانتينة ولا تلفزيون ولا "بلاطات" ولا "قماقم" ولا تلفونات... حتى برنامج راديو أجيال ولا راديو فلسطين" ص 102، هذه حقيقة الاحتلال وصورته، فكل ما يقال عن (ديمقراطية) الدولة ذهب مع 7/10ـ وانكشفت حقيقتها العنصرية والبربرية، فلا يوجد في التاريخ البشري سلوك همجي كالذي تمارسه دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين. أما "فاطمة شاهين" يحدثنا "حسن" عن اعتقالها والكيفية التي عُوملت بها من قبل الاحتلال: "كانت تمشى بقرب حاجز عصيون البغيض، وفجأة رصاصتان بالعامود الفقري، تم نقلها إلى مستشفى "شعري تصيدق" يلازمها جندي وجندية مدججان بالسلاح طيلة الوقت، مكلبشة على مدار الساعة (إيدين/ إجرين) كلاهما معا... بلاتين بالفقرتين السلفيين، واستئصال كلية، وسم على الكبد، شلل نصفي، والطبيب يتوعد: "مش رايحة تمشي... وأسبوعين دون حمام" ص 103، هذا هو الاحتلال، وهذه حقيقته، وهذه أفعاله الإجرامية، فلا حقوق إنسان ولا حقوق امرأة، فقط هناك القمع، البطش، العنف، الوحشة، فنحن أمام محتل بربري بامتياز. وتتحدث حنان البرغوثي عما جرى بعد طوفان الأقصى: "قمعة الخميس 19 أكتوبر؛ انقضّ السجانون على الغرف في التاسعة صباحا، ورشوا الغاز بوحشية وضخوا مياه الإطفائية دون رحمة، وأخرجوا كل ما فيها، ولم يتركوا سوى طقم ملابس وبطانية، وحتى الصور العائلية التي تزين الحيطان أنزلوها بوحشية سادية مؤلمة، دون مبرر ودون سابق إنذار، وانهالوا بالضرب على البعض، ولم يأخذوا بالحسان أنها مصابة بالسكر وزيادة الكوليسترول، وتعاني من مشكلة الضغط" ص 105، مرة أخرى يكشف الاحتلال حقيقته، ويظهرها للعلن، وما الوحشية التي يمارسها ضد الأسيرات إلا صورة من صوره القبيحة والكثيرة. ولم يقتصر الأمر على التعامل الوحشي مع الأسيرات، بل طال أيضا من يتم اعتقالهن، فالتحقيق معهن كان ساديا، بربريا، تحدثنا "لمى خاطر" عن عملية التحقيق معها بقولها: هددها الضابط: "معي 20 جندي، بدنا نغتصبك مثل ما جماعتك اغتصبوا بناتنا"، وأضاف: "بدي أعتقل أولادك وأحرقهم، هدد كل الوقت قائلا: أنتم أسرى حرب وبطلعنا نعمل فيكم شو بنا" ص 111، إذن الانتقام هو الهدف من الاعتقال وليس لأن هناك (تهمة/ جريمة/ جنحة) اقترفتها الأسيرة، كل ما هناك ردة فعل على الهزيمة التي تعرضوا لها في 7 تشرين أول، فأرادوا (فش غلهم) في الأسيرات والأسرى، ومن يلاقونه في طريقهم يقتادونه إلى معسكرات الاعتقال الصهيونية ليمارسوا طقوسهم الوثنية في مص دماء الفلسطينيين. في نهاية الكتاب وضع الكاتب العديد من التفاعلات التي أبداها القراء على الفيس بوك، حينما نشر تلك الزيارات، وهذه ظاهرة إيجابية، أن يتم وضع مداخلات ومشاركات وانطباعات القراء في الكتاب. [*] الكتاب من منشورات جسور للنشر والتوزيع، عمان الأردن، والرعاة للدراسات والنشر، رام الله فلسطين، الطبعة الأولى 2024.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراع في رواية “كليوبترا الكنعانية” لصبحي فحماوي
-
الأفيون
-
التاريخ وفنية التقديم في رواية -حكي القرايا- رمضان ا لرواشدة
-
التَّعدد والتَّنوُّع في المجموعة القَصصيَّة -طَرْقٌ على جدار
...
-
دفء الآباء عبد السلام عطاري
-
المكان في رواية -كرك موبا، رسائل المدينة- عبد الهادي المدادح
...
-
التميز في رواية خزانة الأحذية تغريد أبو شاور
-
الأحداث السورية في رواية -مدائن الرب-[*] للكاتبة هند زيتوني
-
الموت الناعم في قصيدة نوستالوجيا بعلية مهدي نصير
-
الثبات في ديوان غيم على قافية الوحيد محمد لافي
-
المكان في قصيدة -وردة على باب الحبيبة- علي البتيري
-
البعل والخصب في ديوان -في ظل آب- سلطان الزغلول
-
الحرب والأحداث في رواية أخبار نصف جيدة المتوكل طه
-
السرد وشكل التقديم في رواية أخبار نصف جيدة المتوكل طه
-
طوفان الأقصى في رواية -أخبار نصف جيدة- للمتوكل طه
-
كتاب الصهيونية في أمريكيا محمد حافظ
-
تألق الطفل في رواية حمروش جميل السلحوت
-
الرمزية في رواية أحلام وغيلان محمد السماعنة
-
القسوة والجمال في قصيدة -غرفة الكولونيل- علاء حمد
-
الأصالة في مجموعة -حمالة التعب- سرمد فوزي التايه
المزيد.....
-
استشهاد شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة برصاص الاحتلال بالخليل
...
-
جثث وهياكل عظمية.. مقابر جماعية تكشف عن التعذيب والقتل الجما
...
-
بيان مُشترك: المجتمع المدني يُطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة
...
-
الأمطار والرياح تزيد من معاناة النازحين في غزة وتغرق خيامهم
...
-
الجلسة.. كواليس الفرصة الأخيرة لطالبي اللجوء في فرنسا
-
بنفس المدينة.. حكم باعتقال نتنياهو وآخر يدعم تسليح إسرائيل
-
النمسا تعرض على اللاجئين السوريين -1000 يورو- للرحيل
-
المستشار الألماني لا يرغب في إعادة اللاجئين السوريين المندمج
...
-
بالأسماء.. RT تحصل على قائمة معتقلين فلسطينيين من الضفة وغزة
...
-
النمسا تقدم عرضا مغريا للاجئين السوريين.. ماالقصة؟
المزيد.....
-
١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران
/ جعفر الشمري
-
في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية *
/ رشيد غويلب
-
الحياة الثقافية في السجن
/ ضرغام الدباغ
-
سجين الشعبة الخامسة
/ محمد السعدي
-
مذكراتي في السجن - ج 2
/ صلاح الدين محسن
-
سنابل العمر، بين القرية والمعتقل
/ محمد علي مقلد
-
مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار
/ اعداد و تقديم رمسيس لبيب
-
الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت
...
/ طاهر عبدالحكيم
-
قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال
...
/ كفاح طافش
-
ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة
/ حـسـقـيل قُوجـمَـان
المزيد.....
|