أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - خمس منطلقات في المسألة الديمقراطية والانتخابات .















المزيد.....



خمس منطلقات في المسألة الديمقراطية والانتخابات .


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 8162 - 2024 / 11 / 15 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عند كل محطة من محطات الانتخابات ، يجري التحضير لها من قبل جميع الفرق السياسية ، فتبدأ التكهنات حول مدى اتساع او ضيق ما يسمى ب " الانفتاح المخزني " ، وحول دور المعارضة الملكية ، في المؤسسات الملكية ، قبل وبعد الاجراء الانتخابات ، وإعادة تصفيف الأحزاب التي ستلعب دور المعارضة الملكية للطقوس المخزنية ، في مؤسسات صورية تعتبر ملكا للملك لا ملكا للشعب ، الذي تنوب عنه الأحزاب الملكية ، في اسماع صوته لذا الدولة المخزنية .. لان ما يحصل عند كل انتخابات ، يكون اكبر من مجرد " لعب ديمقراطي " ، ولان دروس التجربة الميتة ، تبقى حية في اذهان الناس ، الذين لا حول ولا قوة لهم ، في رسم قواعد الديمقراطية الحقة ، للتباهي بها امام الجيران ، او امام " المانحين " الأوروبيين حتى يستمروا في منح عطاءاتهم المتنوعة للنظام المزاجي المخزني ، لضمان بقاءه واستبعاد سقوطه او اسقاطه ، بلعبة دولية مفضوحة ومكشوفة . فكما نفهمه ويفهمه كل التقدميون الديمقراطيون ، فان الانتخابات ليست ضامنة للدولة المزاجية ، لان شروطها منتفية في النظام الطقوسي المخزني المزاجي ، بل جد متعارضة مع دولة نيوبتريمونيالية ، نيوبتريركية ، كمبرادورية ، (ثيوقراطية) ، ورعوية .. فالديمقراطية تستبعد هذا النوع من التسميات الغريبة ، التي تتعارض مع الديمقراطية ، ومع الدولة الديمقراطية الحقيقية . أي ديمقراطية القوانين المبنية على الدستور الديمقراطي المفروض انه دستور الشعب ، لتصبح الديمقراطية تعرف بالتعريف الكوني ، لا بديمقراطية الأشخاص كالديمقراطية الحسنية والديمقراطية المحمدية ... وهكذا .. يصبح للدولة الديمقراطية الحقيقية ، وللديمقراطية ، اهداف ووسائل ، ويصبح النضال لحقيقة الوضع الجاري ، وضوح الخط الذي هو شرط سلامة الممارسة الديمقراطية ، وابتعادها حتى عن انصاف الحلول السلبية ، وعن عقم الخط الانتخابي الضيق ..
فتنظيم الدورات الانتخابية ، ليس هي من تجيز تسمية العمليات الجارية بالديمقراطية ، اذا لم تنظم الانتخابات ضمن الدستور الديمقراطي الذي هو دستور الشعب ، وليس بدستور الحاكم ، خاصة اذا كان حاكما طقوسيا.
--- المنطلق الأول : " الاقطاعية السياسية " ، عدوة الديمقراطية ومدمرتها .
ان المسألة الديمقراطية في المغرب ، تطرح اول ما تطرح ، التساؤل الجذري حول مشروعية الملكية ، المبنية فقط على القمع واللجم وعلى الطقوسية ، وهذا ندلل عليه بكل سهولة من جمع النظام المزاجي بين دستور ملك مكتوب ، وبين دستور اعظم من الدستور المكتوب ، هو دستور غير مكتوب يسمى ب " عقد البيعة " ، لنجد ومن الفهم ، ان الدستور الذي له ( حق ) الأفضلية في التنزيل عند بحث إشكاليات خاصة ، يكون دستور " عقد البيعة " الغير مكتوب ، على الدستور المكتوب الذي يسمى كذلك بدستور الملك . وكأننا امام دولتين تحكمان بدستورين ، واحد مكتوب والأخر غير مكتوب ، في دولة رعوية اميرية امامية ، مقابل دولة ( عصرية ) لباسها وطرق تصرفها لا علاقة لهما بلباس أصحاب الدستور المكتوب الموجه بالضبط للدول الاوربية وللدول المانحة ، كالولايات المتحدة الامريكية .. فعندما يتصرف رئيس الدولة داخليا ، وخاصة مع الرعايا ، فهو يتصرف كراعي على رأس دولة رعوية ، وامام ، وامير ، والدولة تعد امارة سلطانية ، ومن يتعامل معهم بخطاباته هم مجرد رعايا ولن يرتقوا ابدلا الى مواطنين فأحرى ان يصبحوا شعبا .. لكن نفهم من الدستور المكتوب ، ومن تسمية رئيس الدولة بالملك ، وعند توجيه خطاباته ، فالمقصود الأوروبيين والامريكيين والمجتمع الغربي ، وليس المقصود الرعايا الخاضعة لدستور عقد البيعة الغير مكتوب ، والذي يعطي للأمير الراعي سلطات استثنائية خطيرة ، تفوق كثيرا السلطات التي يعطيها الدستور المكتوب للملك كملك ، وليس كأمير وسلطان وراعي ، أي حاكم طقوسي لاهوتي ..
ان المسألة الديمقراطية في امارة الاقطاع المخزني الطقوسي ، تطرح اول ما تطرح ، التساؤل الجذري حول مشروعية الملكية والامارة والسلطنة . فالإقطاعية السياسية التي تشكل جوهر النظام المخزني القائم ، تنفي بالمطلق مبدأ الديمقراطية ، لا سيما من خلال :
--- " أنا الدولة . الدولة أنا " . أي الاستيلاء بالقوة ، ومدعما هنا بدستور البيعة الغير مكتوب ، على كافة السلط ، من تشريعية ، وتنفيذية ، وقضائية ، فالقضاء في السلطنة وفي الدولة الرعوية ، غير موجود كسلطة ، ولا كهيئة ، ولا حتى كسلك . ان القضاء في الدولة الاميرية الرعوية والامامية ، هو من وظائف الامامة ، والامام الكبير هو من يرأس قضاء الامامة ، والقضاة يسموْن بالمأمونين ، الذي يتولى تعيينهم وترقيتهم وحتى تأديبهم الامام الذي يعتبر رئيسهم . فالأحكام يصدرها المأمومون " القضاة " باسم الامام ، وتنفد باسمه ، والسجون هي سجونه . والموظفون الذين يتولون هذه الاعمال ، هم موظفون بإدارة الامام ، حتى اخر درجة في سلم حراس السجون .
فالأمير في النظام المخزني السلطاني ، هو الدولة ، والدولة هي السلطان .. وهنا ويا للعجب ، ان من يدعي التقدمية والديمقراطية ، اصبح يشارك في استحقاقات الراعي الكبير والأمير كأمير للمؤمنين ، لان الانتخابات انتخاباته ، نظمها دراعه وزارة الداخلية ، والبرلمان برلمانه ، فيصبح البرلمانيين ببرلماني الأمير ، لا ببرلمانيي الأحزاب التي رشحتهم للمشاركة في الانتخابات ، ومن ثم تكون الحكومة التي تكونت بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات ، بحكومة الملك ، أي هم والبرلمانيين بمثابة موظفين سامين بإدارة الملك ، يسهرون جميعا على تنزيل برنامج الملك الذي لم يشارك في حملة انتخابية ، ولم يصوت عليه احد ، يصبح برنامج الملك لا ببرنامج الأحزاب ، التي رمت ببرامجها التي خاضت على أساسها الانتخابات ، وليحصل لها شرف تنزيل برنامج الملك السلطان ..
--- عدم الاعتراف بالأحزاب والهيئات السياسية التي يشم منها رائحة المعارضة ولو المحتشمة . أي عدم الاعتراف بها حتى في الحدود الدنيا كمؤسسات ذات تمثيلية .. مع الفصل أصلا ، بين التمثيلية وبين الانتخاب ، بل واعتبار العلاقة " مباشرة مع الشعب " الذي يتم التعامل مع افراده ك " رعايا " لا كمواطنين فأحرى التعامل معهم كشعب .
--- فرض مبدأ قداسة الحكم التي لا يجوز معارضة سياسته او المس بها ، او حتى التفكير في ذلك . فأي عمل او تعامل سياسي يجب ان يندرج ، وفقا لقانون النظام الملكي الطقوسي ، في اطار احترام القيم السياسية الرعوية المخزنية الاقطاعية السائدة ، حيث يستمد العمل السياسي مشروعيته من مشروعية النظام القائم ، وليس العكس .. أي من الطقوسية والقمع واللجم .
في نظرنا ، هذا هو جوهر الحكم المزاجي المخزني المطلق ممارسة ودستورا ، حيث عكست الدساتير التي انفرد القصر دائما بوضعها ، تقنينا لأوضاع السلطة الاستبدادية الاقطاعية والطاغية ، التي لم تجعل من الديمقراطية في يوم من الأيام ، هدفا ولا طريقة في الحكم ، بل عملت دوما على محاربتها ، والتحالف تاريخيا وحاليا ، مع القوى الاستعمارية لإحباط أي تطلع شعبي نحوها .وهذا ما يدفعه الى طرح مفهومه السياسي الخاص للديمقراطية ، على انها صيغة " للتساكن " بين النظام المخزني السلطاني المزاجي ، وبين المحكومين .
وهكذا حرص النظام على افراغ الديمقراطية من مدلولها الحقيقي ، وتمييعها بجعلها لعبة تنافس سياسي ، يتصدر دفتها القصر من موقع " الحكم " الابوي ، أي البتريركي الذي تتهافت عليه كل الأطراف للتظلم والتباكي على اعتابه ( الشريفة ) ، للاستفادة من اراداته المتنوعة ومن التسهيلات ، و لاستمداد المشرعية منه لا من غيره .
قد يبدو هذا التحليل مجرد تكرار للبديهيات . لكن ما الذي جعل بديهيات الامس ومسلماته تصبح اليوم موضع طعن وتشكيك من طرف البعض ؟ وما الذي تغير في جوهر النظام وطبيعته حتى يتسابق هذا الغموض اليوم مثل الامس ، على دور " المعارضة البناءة " ، رافضا استخلاص الدروس ، ومتماديا في تحريفه وتزييفه الخاص للديمقراطية ؟ فما هي الدروس أولا ؟ .
--- المنطلق الثاني : وظائف الانتخابات السياسية .
اذا كانت الاقطاعية السياسية والجبر والقمع والطقوسية ، هي جوهر الحكم المطلق الدكتاتوري ، فان الطابع السائد في الخطاب الأيديولوجي والسياسي للنظام البتريركي البتريمونيالي الرعوي ، والثيوقراطي المفترس .. يبقى هو الازدواجية ، حيث نجد من جهة ، المفاهيم الغارقة في التخلف الطقوسي المخزني السلطاني والمفترس لثروة الرعايا المفقرين ، ومن جهة أخرى ، التهافت ( اللبرالي ) في الشكل واللهجة . وهو ما يسميه النظام المزاجي الطقوسي الجمع في آن واحد بين " الاصالة والمعاصرة " . وهذا طبعا يطرح المعادلة القائمة على الصعيد الاجتماعي ، بين الأصول الاقطاعية للدولة الرعوية البتريركية البتريمونيالية .. ، والتطلع نحو ( اللبرالية والعصرنة ) ، ومن خلال ذلك اخضاع البرجوازية الوطنية لإملاءاته وطقوسه وجذبته ، وكذلك سجن الفئة العليا من البرجوازية الصغيرة في دور لا يمس الهياكل الأساسية ، أي المخزنية ، بل يسعى فقط الى ترميمها واصلاحها ومعارضتها " المعارضة البناءة " ، وقد لاحظنا هذا اثناء جلسات ما يسمى ب ( جبر الضرر ) حين اصبح من كان يرفع شعارات الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، من اكبر المدافعين عن النظام الطقوسي المخزني ، وليصبح ما يسمى ب " اليسار الجديد " مجرد بوق من الابواق المهللة لدولة المخزن المزاجي ، وتناسوا سريعا مقولات الصراع الطبقي ، البروليتارية ، المواقع الحمراء الثابتة والمواقع الحمراء المتحركة ... الى غير ذلك من الاناشيد التي تسببت في تشريد جيلين باسم الماركسية والستالينية والماوية .. فتم استيعاب الكل بالدرهم ، دون المساس بالهياكل الاساسية ، بل فقط الترميم والاصلاح ولعب دور المعارضة " البناءة " .
ومن هنا كان الحرص الدائم لذا النظام المخزني ، هو احداث اكبر ما يمكن من الرواج السياسي ، لكن في اطار لا يتجاوز حدود " الطبقة السياسية " ، سيرا على مبدأ " السياسة مع النخبة ولها " . وهكذا هو تكتيك الانفتاح الذي مارسه وكرره ، في جميع الاستحقاقات التي نظمها ، أي (تعديل ) الدستور في 2011 . وهنا نود التذكير انه بمجرد الحملة الانتخابوية لسنوات 1962 و 1963 ، أي مباشرة بعد انقلاب القصر ( الحسن الثاني ) وانفراده بالسلطة ، او في سنة 1965 على اثر انتفاضة الجماهير في 23 مارس 1965 ، او سنوات 1971 و 1972 ، على اثر انقلاب الضباط الوطنيين الاحرار في انقلاب الصخيرات وانقلاب الطائرة .. ان هذا يعني ان ( الانفتاح ) المُتغنّى به ليل نهار ، وبصيغه العملية وهي الانتخابوية ، يؤدي عدة وظائف ، نوجزها اجمالا في ثلاثة : إضفاء المشروعية (الشعبية) على الحكم ، وتجديد ( التحالف ) الحاكم ، أخيرا تقنين أساليب القمع السياسي والايديولوجي . فلننظر عن قرب الى هذه الوظائف على ضوء ( التجارب الديمقراطية ) الماضية ، وخاصة منها ما استدرج تحت نعت ( مسلسل التحرير والديمقراطية ) :
ا --- اذا كانت الاستفتاءات الدستورية قد استهدفت إضفاء المشروعية على طبيعة الحكم المطلق ، فان الانتخابات تعدت ذلك نحو فرض مشروعية الوضع الاستبدادي بترتيبه الجديد ، أي بتكامل الصفة المخزنية للحكم ، مع واجهة ليبرالية شكلية مركبة من برلمان ومجالس وهيئات موازية كالمناظرات وغيرها .
وهكذا ، فبعد ان تمكن النظام من فك ولو نسبيا عزلته خارجيا وداخليا ، واضفى على نفسه طابع الوطنية مكان الخيانة الواضحة ، لم يتردد في تسجيل مكاسبه هذه ، بعد زيارة Emanuel Macron ، والارتماء في علاقاته مع تل ابيب ، عن طريق تقنين وضعيته بنيل " تزكية وطنية " للدستور 2011 ، وللدساتير السابقة التي قاطعتها القوى التقدمية الوطنية كموقف تاريخي ثابت منذ استقلال Aix-les Bains .. ثم عادت في الاستفتاءات التي نُظمت الى المشاركة في استحقاقات الملك ، مزكية الدساتير السابقة ، ودستور 2011 ، وهو ما عجز النظام عن تحقيقه منذ ستينات القرن الماضي ..
ب --- اما الوظيفة الثانية ، وهي تحديد ( التحالف الحاكم ) ، فتبرز من خلال ظاهرتين ، أولهما تذويب البرجوازية المتوسطة ، او على الأقل الفئة العليا منها ، في اطار الطبقة الاقطاعية الرأسمالية ، وتجريدها من كل صفات الوطنية ، ومن إمكانيات التطور المستقل المتبقية لديها . هذا في الوقت الذي اندحرت الفئات السفلى منها . وباختصار ، فان ما حدث هو تفكيك البرجوازية الوطنية كطبقة .
والظاهرة الأخرى من هذه الوظيفة ، تكوين اطر جديدة للملكية ، فتح باب أوسع للتمييع والارتشاء ، والتدرب على أساليب الحكم المخزنية ، والعمل على استقطاب العناصر المشاركة في ( التجربة ) على اختلاف مشاربها ، وبناء تصوره الذي يعتبر الأحزاب مجرد مدارس لتكوين اطر سياسية ، قد لا يستحيل استيعابها ودمجها في جهاز الدولة المخزني .
ج --- غير ان الوظيفة الحاسمة للانتخابات تبقى هي احتكار النظام المزاجي المخزني ، سلطة تحديد الحقل السياسي المشروع ، ورمي أي عمل او نضال ديمقراطي غير انتخابوي في اللاشرعية . فعلى عكس ما يذهب اليه أصحاب الخط الانتخابوي من ان ( المسلسل الديمقراطي ) سمح للجماهير باقتحام الساحة السياسية ، اعتبرنا بعد ان حللنا اللعبة الانتخابوية من أولها حتى نهايتها ، ان هذا المسلسل لم يكن الا تطبيعا للمزيد من تهميش الجماهير الشعبية ، وانتهاك حقوقها الدنيا ، باسم الديمقراطية هذه المرة . وهكذا بقيت تلك الجماهير مبعدة ، ولا يتم اللجوء اليها الا بشكل ظرفي ، سواء من طرف القصر ، او من طرف القيادات العاجزة ، لتزكية وضع من الأوضاع ، كما كان الشأن في " المسيرة الخضراء " التي تصحرت ولم تبقى خضراء ، او في الحملات الانتخابوية ، الشيء الذي طبع المسلسل الديمقراطي المزعوم ، بطابعه النخبوي الواضح . وهنا يكمن الدور الأيديولوجي للانتخابات . فقد اثبت القمع الجسدي مثلا لانتفاضة يونيو بالدارالبيضاء ، وانتفاضة 1984 ، ان محاولة إضفاء المشروعية مخزني لا شرعي باسم الديمقراطية ، ليست في نهاية الامر ، سوى شكل من القمع الأيديولوجي . الم يعتبر الحسن الثاني بنفسه ، غداة تلك الانتفاضة ، انها كانت خروجا عن الديمقراطية ؟ . نعم انها خروج عن مفهوم النظام للديمقراطية التي يريدها حزاما واقيا ، وقيدا على النضال الشعبي . ولهذا كانت مثلا انتفاضة يونيو وانتفاضة يناير حسما شعبيا مع شعارات النظام ، واعلانا عريضا عن نهاية وهم ( الاجماع الوطني ) ، وحجة قاطعة على الطابع الهامشي النخبوي لما سمي بالتجربة الديمقراطية وافلاسها .
--- المنطلق الثالث : مفهوم النضال الديمقراطي بين مغالطة ( الاجماع الوطني ) و الخط الوطني المستقل .
لقد أدى اختلاف التعامل مع المنطلقين اللذين ذكرنا ، الى فرز فهمين وممارستين متعارضتين للعمل الديمقراطي . الأولى تقوم على قاعدة عدم بمشروعية النظام البتريريكي البتريمونيالي والرعوي والطقوسي .. القائم ، بل والمساهمة في تثبيت تلك المشروعية بالضبط واللجم والقمع ، تحت شعار ( الاجماع الوطني ) الذي يؤلف بين مكونات النخبة السياسية المغربية على اختلاف مواقعها ، سلطة ومعارضة . وعلى هذه القاعدة ركب التيار ( الإصلاحي ) موجة " التحرير والديمقراطية " ، منطلقا من ان :
-- الانتخابات وسيلة لتحسين ( صورة ) المغرب وسمعته لذا الرأي العام الدولي ، وبالتالي ، دعم المعركة الدبلوماسية المغربية في معركة الصحراء الغربية .
-- الانتخابات توفر للبلاد مؤسسات ديمقراطية ، مما يشكل دعما ( للجبهة الداخلية في وجه المناورات والاعتداءات الخارجية .
-- ومدخلا لتطبيق برنامج انقاد وطني ، وبخاصة في المجال الاقتصادي الذي وصل مشارف الكارثة .
في حين كان موقف القوى اليسارية والتقدمية الحقيقية ، ان النظام يتعامل مع قضية الصحراء الغربية ، بمقياس دعم مصلحته السياسية الخاصة ، وان تقديم هذه المصلحة على انها مصلحة وطنية منزهة عن الصراع الدائر بين النظام والجماهير الشعبية ، انما هو تزييف لطبيعة القضية نفسها ، واقحام للعمل السياسي كله في خط النظام ، وابعاده عن الخط الوطني المستقل . فالتبريرات المقدمة للتورط في هذا المستنقع الذي فشل ، تنقصها الجدية والقدرة على الاقناع ، لا سيما وان دخول التيار الإصلاحي ( معركة الديمقراطية ) من باب ( الاجماع الوطني ) ، قد قاده سريعا الى بث الخلط والغموض حول طبيعة هذه المعركة أيضا ، التي تحولت الى معركة " دونكيشوتية " ضد " أعداء الديمقراطية " المجهولين ، الذين لا يعرفهم الا اقطاب الإصلاح ..
ان اكبر وهم حاول هؤلاء زرعه في اذهان المناضلين والجماهير عامة ، هو نزاهة الحكم وبراءته من كل الخروقات والممارسات اللاديمقراطية . والصاق التهمة بالجهاز السلطوي التي يتصرف خارج تعليمات القصر ... وكأن هؤلاء تحركهم العفاريت ، لا التوجيهات السمية نفسها .
لقد انفضح الطرح الإصلاحي للديمقراطية عند الخاص والعام ، وبات طرحا معزولا في الساحة بعدما جمع ما جمع من دخلاء ومنتفعين ، وبعدما تحطمت مغالطة ( الاجماع الوطني ) تحت ضربات الموقف الشعبي ، وتضحيات القواعد المناضلة ، التي رسمت باستماتتها ووفاءها للعمل الثوري خطا وطنيا مستقلا في كل القضايا الوطنية منها والديمقراطية ، رافعة شعارا دقيقا يربط بين المهام المرحلية والتطلعات الاستراتيجية ، الا وهو شعار فك الاجماع حول العرش والتقدم نحو الوحدة الشعبية الحقيقية . وقد كان هذا الشعار ولا يزال ، بممارسته التنظيمية والجماهيرية ، مقياس فرز جوهري داخل الحركة التقدمية المغربية . بل والساحة السياسية ككل ، ذلك انه أعاد وضع الصراع الديمقراطي على حقيقته ، أي كواجهة أيديولوجية وسياسية وطبقية لسياسة الحكم ومفاهيمه الي غلفها بشعار ( المسلسل ) . والتقت فيها مصلحته مع مصلحة فئات أخرى ، عبرت عنها تنظيمات ثورية وقوى متباينة ، هي البرجوازية المتوسطة من خلال حزبها ، والإصلاح من خلال مواقعه ( القيادية ) .
وباختصار ، فان الخط الوطني المستقل ، بتمكنه من عزل اطروحات النظام والإصلاح معا ، وتطويق اثرها السلبي على الجماهير ، قد أعاد الاعتبار لمفهوم النضال الديمقراطي بمعناه الثوري ، ومن خلاله السيادة الشعبية ، في انصهارها مع النضال الاجتماعي اليومي للجماهير المفقرة والكادحة .
--- المنطلق الرابع : إقرار سيادة الشعب كأفق ثوري للنضال الديمقراطي .
ان الديمقراطية إما ان تكون واقعا يسود العلاقات الاجتماعية والسياسية او لا تكون . ليست الديمقراطية يافطة تعرض على السواح . انها حقيقة يجب ان تفتح لكل واحد إمكانية التقدم والمعرفة ، وتتطلب تنظيما اجتماعيا يحتاج هو نفسه الى تغييرات في الهياكل ، وليس فقط ، مراجعة دستور في غياب الممثلين الحقيقيين للجماهير الشعبية . ان تطبيق الديمقراطية على الحياة السياسية ، يعني البحث عن الماسكين الحقيقيين بزمام القوة السياسية ، لإخضاعهم لإرادة الشعب . بهذا الوضوح حدد الشهيد المهدي بن بركة المضمون الاجتماعي للديمقراطية ، الذي يعني استحالة الجمع بين واقع ىالقهر والهيمنة ، وبين إيجاد مؤسسات ديمقراطية فعلية .
ان النضال الديمقراطي يجب اذن ، ان يبقى وفيا للهدف الاستراتيجي الثابت ، الذي هو : تحقيق السيادة الشعبية ، وبالتالي ، فعليه ان يتجنب الفخ الذي ينصبه الحكم باستمرار ، لمحاولة حصره في افق ضيق ، وجعله في نهاية الامر ، يخدم المشروعية القائمة ويرممها ، ويسمح للنظام بإيجاد واجهة شكلية تصونه من العزلة الداخلية والخارجية . ان أي انزلاق في هذا الاتجاه ، او أي مبادرة تضع الالتزام بالعمل على تحقيق سيادة الشعب جانبا ، وتتوهم إمكانية الإصلاح الإيجابي للأوضاع القائمة ، لا يمكنها ان تنعكس الا بمردود سلبي . وهذه حقيقة نستنتجها من المنطلق الأول ، أي من تحديد طبيعة الحكم الراهن التي تجعله غير راغب ، بل غير قادر على تحقيق اية تجربة ديمقراطية ليبرالية ، عدا التجارب البرلمانية المزيفة والمشوهة ، التي تبقى في كل الأحوال ، سجينة الأيديولوجية الاقطاعية ، عدوة الديمقراطية ومدمّرتها .
ان وضع النضال الديمقراطي في افقه الثوري الصحيح ، يعني انه لا يشكل اختيارا تكتيكيا تفرضه ضرورات الرواج السياسي ، بل محورا أساسيا لكفاح الجماهير وقواها الحية . ان تحقيق السيادة الشعبية كهدف ثوري لهذا الكفاح ، يقتضي بدوره ، نهج أساليب ثورية في تثقيف وتنظيم الجماهير ، لا أساليب التسلط والانحراف ، والتعامل مع المناضلين بنفس المنطق المخزني المزاجي الذي يشكل عماد الحياة اللاديمقراطية ، المفروضة على الشعب المغربي .
ان النضال الديمقراطي ، مثل كل المعارك النضالية ، اذا لم ينطلق من وضوح تام في المواقف ، إزاء النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم . واذا لم يتبلور هذا الوضوح على مستوى الشعارات والمهام النضالية اليومية بوضع الخط الفاصل مع الطبقة السائدة ، وسياساتها وشعاراتها ، فانه لن يؤدي الا الى نتائج عكسية ، تضر بالمسيرة النضالية الثورية .
لا غرابة اذن ، مرة أخرى ، ان يؤدي خوض " المعركة الديمقراطية " بمنطق ( الاجماع الوطني ) ، ووسائله وضوابطه ، الى عزلة أصحابها وبقائهم سجناء " أنصاف الحلول السلبية " ، ومؤسسات النظام النخبوية والهامشية ، وانفضاح امرهم على الصعيدين الوطني والديمقراطي ، عند الخاص والعام ، كما اسلفنا القول .
ولا بأس ان نلخص مع الشهيد المهدي بن بركة ما آلت اليه سياسة ( الاجماع الوطني ) :
" انه من البديهي ان من يكتفي بالخطة التكتيكية " المرحلية " ، دون ان ينطلق من افق استراتيجي ، يكون مصيره إمّا ان يسرق منه الخصم سياسته ، وإمّا ان يظهر بمظهر الانتهازية . " ..
--- المنطلق الخامس : الجبهة الوطنية الديمقراطية التقدمية تجسيدا للخط الجماهيري المستقل .
المقصود بالجبهة او الكتلة ، اجماع مجموعة من الأحزاب والتنظيمات السياسية ، بحيث تكون القيادة واحدة ، مع الاحتفاظ باستقلالية التنظيمات بعضها عن بعض .. أي دون الوصول الى الادماج ، الذي لا علاقة له لا بالجبهة ولا بالكتلة .. وباستقراء الفعل السياسي الحزبي منذ استقلال Aix-les Bains ، كان الجميع يتحدث عن الجبهة كخلاص وحيد لولوج وتنزيل الديمقراطية ، أي دمقرطة الدولة . لكن المشكل ، ان من كان ينادي بالجبهة ، هو من يعطل بناءها ، بل وتصرف أحيانا وبوجه مكشوف لصالح خيارات لا علاقة لها بالبناء الجبهوي .. وكأن ترديد مصطلح الجبهة كان للتهافت السياسي لا غير ..
وبالرجوع الى تاريخ تطور التنظيمات والأحزاب ، لا نجد ان جبهة من الجبهات قد نجحوا في بناءها ، ولو بالشعارات ، لاننا نحن فقط شعب الشعارات وشعب الطاووسية ، التي تتوقف عند اقتراب الشعارات من ملامسة الهدف الذي هو بناء الجبهة .. والسؤال . لماذا رغم الدعوة الى الجبهة ، فالجميع كان يشتغل ضدها ، خاصة بقربهم من النظام ، او اندماجهم مع النظام ، ولو بشكل شبه خفي ..
ان الحديث عن الجبهة ، هو حديث عن التنظيمات السياسية والحزبية المعنية بالجبهة ، لمواجهة النظام في إشكالية فهم المغزى الواجب من الجبهة ، ومن شكل الدولة الديمقراطية .. واذا كانت الأحزاب والتنظيمات التي روجت للجبهة لم تنجح في إقامة جبهة ، بل كانت تتصرف ضد شعاراتها ، فهل يحق اليوم الاستمرار في الحديث عن الجبهة ، والأحزاب المعنية بها ، لم تنجح في بناءها حتى والظروف السياسية الداخلية ، والخارجية خاصة نزاع الصحراء الغربية ، كانت مسهلة لبناء أي عمل جبهوي ينشد الديمقراطية ، وينشد بناء الدولة الديمقراطية .. فمثلا اذا لم يتم بناء جبهة باسم (اليسار) حين كانت الأحزاب تقدمية في بعض مواقفها ، ورجعية في أخرى ، فكيف سيتم النجاح لبناء جبهة ، من أحزاب لا علاقة لها بمطالب الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي .. وحتى نبسط الشرح اكثر . اين هو حزب " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، وما تفرع عنه من مكونات سياسية ك " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " " منظمة 23 مارس " ، حزب التحرر والاشتراكية / التقدم والاشتراكية ، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي OADP .. .. دون نسيان " ك د ش " عند بزوغها في سنة 1978 ، والمنظمة الطلابية " الاتحاد الوطني لطلبة المغرب " .. فهل نموذج هؤلاء اليوم هو " الحزب الاشتراكي الموحد / نبيلة منيب " ، حزب " المؤتمر الوطني الاتحادي " الذي كان هو " ك د ش " في صورة مصغرة .. وهل حزب الطليعة اليوم ، هو حزب الطليعة وقبل تأسيسه في سنة 1991 بترخيص من وزارة الداخلية .. وأين جماعة " الوفاء للديمقراطية ، الذين تعود جذورهم الأولى الى الحزب الأصل " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، وشاركوا كفاعلين أساسيين ، في المؤتمر الذي كان بأوامر الحسن الثاني وتوجيهاته ، للانتهاء من تجربة " ا و ق ش " UNEP ، والمقصود هنا المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 ، الذي صفى حساباته مع تجربة خط " ا و ق ش " الراديكالي ، الذي صنفوه ب " البلانكي " الذي يريد الانقضاض على الحكم من فوق .. فالاتحاد الاشتراكي كان في اوج شعارات التقدمية سواء الإصلاحية ، او الانقلابية ، حزبا ملكيا اكثر من الأحزاب التي انشأتها وزارة الداخلية ، كالتجمع الوطني للأحرار " بأمر من الحسن الثاني لخلق " المعارضة البناءة " ، " الاتحاد الدستوري " ، و " الحزب الوطني الديمقراطي " ... واسسها القصر كحزب " الحركة الشعبية " و " جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية FDIK .. الخ .
نتساءل . هل خطورة انشاء ( تحالف ) باسم " الفيدرالية .. " تكوّن من " حزب اليسار الاشتراكي الموحد " و " حزب الطليعة " و حزب " المؤتمر الوطني الاتحادي " . كافيا لبناء جبهة . او هل الفدرالية هي بمفهوم الأعضاء جبهة ، او نوعا من الجبهة .. مع العلم ان نبيلة منيب ، وحتى تدخل الى البرلمان ، كان اهم شيء قامت به لصالح القصر ، هو تشتيتها لأحزاب الفدرالية ، وارتماءها في حضن القصر ، الذي جازها بمقعد في البرلمان .. فخلال الانتخابات الأخيرة ، حصل حزب الاشتراكي الموحد على مقعد واحد كان لنبيلة منيب ، وحصل حزب المؤتمر الوطني على مقعد واحد ، وحصل حزب الطلعة على صفر 0 مقعد .. فهل هذه الأحزاب الأكثر من ضعيفة ، هي المخاطب ب " الجبهة " ، وما موقع " جماعة العدل والإحسان " الاخوانية من هذه الجبهة التي لن ترى النور ابدا ، لانها خاوية الوفاض ولا قواعد لها بالمرة .. ومع ذلك واثناء حركة 20 فبراير ، كانت الأحزاب الثلاثة ، تركز كل خرجاتها على ابعاد " جماعة العدل والإحسان " ، وهي هنا كانت تقدم خدمة للنظام وللدولة ، وحين خرجت " جماعة العدل والإحسان " وانسحبت من 20 فبراير ، حتى انتهت الحركة ، لان حركة 20 فبراير كانت كحركة لجماعية العدل والاحسان ، التي سيطرت عليها مائة بالماءة ..
فهل ثلاثة أحزاب جد ضعيفة ، تؤمن بالدولة وبقوانينها ، وبمقدساتها ، ستبني تنظيم الجبهة ، التي ستبقى جبهة ملكية ، شاركت في انتخابات الملك ، لانها تريد الدخول الى برلمان الملك ، ولما لا تعيين أعضاء منها كوزراء ، يصبحون مع برلماني الملك ، مجرد موظفين سامين بإدارة الملك ، يسهرون ان يحصل لهم الشرف لتنزيل برنامج الملك ، الذي نزل من الفوق ، ولترمي ببرامجها الحزبوية ، بسلة القمامة .. .
وسنطرح سؤالا : لماذا لم تبلغ ما يسمى ب " معارضة الخارج " مستوى المعارضة السورية ، والمعارضة العراقية ، والليبية ، والتونسية .. الخ . حيث هي معارضة بارعة فقط في السب والشتم وكل الأساليب اللاأخلاقية .. ولا علاقة بالأصول الأخلاقية التي لمسناها عند معارضي الشرق الأوسط ..
وحتى نكون واضحين وليس ببغاويين ، ومن خلال تحليلنا للخريطة الحزبوية المغربية . نؤكد . اذا كان النضال الديمقراطي ، بمعناه الأصيل ، وليس بما أُلصق به من تشويهات ، وتحريفات ، ومنزلقات خاصة عندما تكون انتخابوية ضيقة ، يقتضي فرز العدو الأساسي ، والحيلولة دون تلغيمه للصف الوطني ( وهو صف للأسف انتفى ولم يعد موجود ) ، والتصدي لتكتيكه السياسي بخط وطني مستقل ، فان الانفتاح يجب ان يسود في الحقيقة ، هو بين القوى الوطنية والتقدميةالمناضلة ، الذي بينها هدف إقامة سيادة الشعب ، وتحرير البلاد من السيطرة الأجنبية بكل مظاهرها المقززة . وللأسف ان هذا القوى التي كانت موجودة في ستينات وسبعينات القرن الماضي انتفت بالكامل من الساحة ، ولم يبق منها شيء يذكر ، غير صرد الذكريات بحلوها ومرها .. لذلك نقول للشعب المغربي وللشباب المغربي ، التحرك في كل المغرب ، لإنشاء قوى ديمقراطية تقدمية ونظيفة ، لان الساحة فارغة اليوم . والوضع الذي يمر به النظام ، يخيفه اكثر عند طرح مشاريع سياسية عبثية غير وازنة . أي السبق للسيطرة على المجال والحقل السياسي ، حتى لا يصبح عرضة لجماعات ( العقيدة ) ، وللجماعات البلانكية ، والجماعات الاناركية .. وتكون الخطوة الأولى بالنزول الى الشارع ، والعالم سيكون في صف الشعب .. ولن تتكرر مجازر 23 مارس 1965 ، ويونيو 1981 ، ويناير 1984 ... الخ ، ستكون مراقبة وليست ملاحظة من قبل مجلس الامن ، الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الاتحاد الأوربي ، الاتحاد الافريقي ، محكمة العدل الدولية ، المحكمة الجنائية الدولية ، وحتى الماكم الاوربية .. والنظام لن يطلق رصاصة واحدة على النازلين سلميا الى الشارع ، والمعتصمين سلميا به ، من اجل المطالبة بالدولة الديمقراطية ، وبالنظم والمؤسسات الديمقراطية ، والحقوق المحرومين منها كل شرائح الشعب المفقر .. سيما وان الملك تساءل حين قال : اين الثروة ..
ونعود ونكرر لنقول . لا اجماع حقيقي في شكل جبهة او كتلة تاريخية ، غير الاجماع الشعبي حول ضرورة الديمقراطية الحقيقية ، كعنوان استراتيجي التحرر الوطني بكاملها .
ان الديمقراطية اذ تعتبر بهذا المعنى ، معركة شاملة ، فهي تتطلب استعدادا شاملا ، يدمج كل القطاعات الشعبية والتنظيمات التقدمية التي ستخرج للساحة في نضال يومي في سبيل إيقاف عدوان الحكم البوليسي المزاجي التائه على المستضعفين ، إيقاف انتهاك الحقوق الديمقراطية ، انهاء الاعتقال السياسي ، وإقرار مواطنة المواطنين ، وبكلمة ، في سبيل مواجهة الحكم المطلق ودولة الاستبداد البوليسي .
ان الجبهة الوطنية التقدمية التي سترى النور في كل المغرب بعد وفاة الملك ، يجب ان تكون تجسيدا متكتلا لهذا التطلع الديمقراطي ، واطارا وحدويا لتحقيقه من خلال :
--- تكثيف الدعاية للمفهوم التقدمي الحقيقي للديمقراطية .
--- الجواب على الوضع القائم حاليا ، لتعميق القطيعة مع الطبقة السائدة ، والنضال ضدها في كل الواجهات السياسية والنقابية والثقافية .
--- تنمية وتطوير الفرز الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي ، على طريق بلورة الأداة الثورية .
ان تعميق التوجه الوحدوي الجبهوي على أساس هذه المهام ، هو الكفيل بتوفير شروط العمل الجبهوي ، وشق الطريق نحو بناء الجبهة الوطنية التقدمية العريضة ، من دون اقصاء احد ، كهدف ثابت وبُعد استراتيجي للممارسة الآنية .
والخلاصة هي ان القضية الديمقراطية شكلت ولا تزال ، محور الصراع في مجتمعنا ، وستظل كذلك ، لغاية حل التناقض الرئيسي في البلاد ، وفرض السلطة الوطنية الديمقراطية .
ان المعركة الديمقراطية بهذا المفهوم ، معركة دائمة ومستمرة ، ولا يمكن اختزالها في لعبة انتخابوية فوقية . انها معركة شاملة غايتها الاسمى إقرار سلطة الشعب ، بتصفية سيطرة الطبقة السائدة التي تقف عائقا في وجه التحرر الوطني الديمقراطي .
--- محطة إضافية للإحاطة : تاريخ ( الكتل والتحالفات ) الانتخابوية الانهزامية .
طبعا هناك تساؤل يجب طرحه ، هو . هل لم يسبق تكوين تجمعات حزبية وسياسية في تاريخ العمل السياسي المغربي .. ان القول بخلاف ذلك ليس صحيحا ، وان كانت اللقاءات مصلحية ، وانتهازية . لقد قمنا بمجهود للوصول الى هذه التجمعات التي ماتت حتى قبل ان تكون حقا اطارا وحدويا .. بل منها من تصرف ضد الشعارات التي رفعها غداة التأسيس . وسنرتب هذه التجمعات في شكل " كتلة " ، رغم تقمصها لمصطلح الكتلة ، التي لا علاقة لها بتعريف غرامشي المثقف العضوي لمفهوم الكتلة .
1 ) كتلة العمل الوطني / تاريخ التأسيس 1934 / مكوناتها اشخاص او شخصيات وليس تنظيمات . علال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني . / برنامجها المطالبة بالإصلاحات السياسية ، وتطبيق بنود اتفاقية او معاهدة الحماية / عوائقها . اختلاف بين علال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني حول زعامة الكتلة ، فتشتت في سنة 1937 .
2 ) ميثاق كتلة الشمال / تأسست في سنة 1941 / مكوناتها . حزب الوحدة المغربية و حزب الإصلاح الوطني ( نازي ) . / برنامجها . الاستقلال . الملكية . الإسلام / عوائقها . اختلاف بين عبد الخالق الطريس ومكي الناصري ، بخصوص الحرب العالمية الثانية . الطريس ساند المانيا النازية و مكي الناصري ساند إنجلترا والحلفاء .
3 ) الجبهة الوطنية المغربية . تأسست في سنة 1951 ./ مكوناتها . حزب الشورى والاستقلال . حزب الاستقلال . حزب الوحدة المغربية . حزب الإصلاح الوطني . / برنامجها . الاستقلال . الإصلاحات السياسية . رفض التعامل مع الشيوعيين . / عوائقها . لم تكن الجبهة مهيكلة بشكل جيد . ميثاقها لم ينص الا على لجنة تنسيق . خلافات بين حزب الوحدة المغربية وحزب الإصلاح الوطني بحصوص الموقف من اسبانيا .
4 ) جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية FDIC / تأسست في سنة 1963 / مكوناتها . حزب الاحرار المستقلين . الحركة الشعبية . حزب الدستور الديمقراطي . عدد من الشخصيات المستقلة ./ برنامجها الدفاع عن الملكية والمؤسسات الدستورية ، في مواجهة حزب الاستقلال و الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ./ عوائقها . لم تكن تركيبتها سليمة . انسحاب الحركة الشعبية منها سنة 1964 .
5 ) الكتلة الوطنية . تاريخ التأسيس 1970 / مكوناتها حزب الاستقلال . الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ./ برنامجها . مواجهة حالة الاستثناء . مقاطعة الاستفتاء على دستور 70 والانتخابات التشريعية التي اعقبته . مقاطعة الاستفتاء على دستور 70 . / مكوناتها . حزب الاستقلال و الاتحاد الوطني للقوات الشعبية .. فالكتلة كانت فوقية ولا علاقة لها بقاعدة الحزبين .. انقسام الاتحاد الى جناحين . جناح الدارالبيضاء وجناح الرباط في سنة 1972 . الاختلاف الأيديولوجي بين حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية .
6 ) الجبهة الماركسية اللينينية / تأسست في سنة 1970 / مكوناتها . منظمة الى الامام ومنظمة 23 مارس / برنامجها الجمهورية الديمقراطية الشعبية / عوائقها . الاعتقالات التي طالت القيادة . الانقسامات التي حصلت في قلب التنظيمين ، وبين التنظيمين . بروز قضية الصحراء الغربية ، ومساندة 23 مارس مغربية الصحراء رغم اتفاقية مدريد . نتائج تجربة الجبهة الماركسية اللينينية على ا و ط م UNEM بعد المؤتمر الوطني الخامس عشر 15 .
7 ) الكتلة الديمقراطية . / تاريخ التأسيس 1992 . / مكوناتها . حزب الاستقلال . الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية . منظمة العمل الديمقراطي الشعبي . حزب التقدم والاشتراكية . / برنامجها . الانتخابات التشريعية . الحكومة القوية . تقوية سلطات البرلمان . المحاسبة . / عوائقها . افتقار الأحزاب التي كونتها الى التجانس الأيديولوجي والسياسي . ترديد بعض الشعارات الفضفاضة . عدم الجرأة في حسم العمل السياسي . الانتقاء في التكوين . تكونت فوقيا . الصراعات التي تنخر بعض احزابها . عدم تفتح الكتلة على الفعاليات السياسية الأخرى الموجودة في الساحة مثل التيار الإسلامي او الإسلام السياسي ، وحزب الطليعة واليسار الماركسي . تضارب مصالح أحزاب الكتلة .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الصحراء الغربية بين النظامين المخزني المزاجي والنظام الج ...
- حركة التحرر العربية : أزمة عارضة أم بنيوية ؟
- حتمية انتصار الخط الوطني الثوري التقدمي . والمستقبل للشعب ال ...
- من دون الجيش لن يتحقق التغيير الوطني الثوري التقدمي
- ما هي دلالات الموقف الفرنسي الأخير من نزاع الصحراء الغربية – ...
- اسبانية – فرنسا ونزاع الصحراء الغربية
- الآن توضح الموقف الاسباني والفرنسي من نزاع الصحراء الغربية .
- القيادة الثورية عند نزول الشعب الى الشارع
- الشارع
- كيف يمكن تغيير النظام .
- مجلس الامن يقترح حلا لنزاع الصحراء الغربية بين جبهة البوليسا ...
- فرنسا لا تعترف ولم تعترف بمغربية الصحراء ، شأن مدريد ، وشأن ...
- مرة أخرى نعود لتوضيح موقف دول الاتحاد الأوربي ، من حكم محكمة ...
- اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار
- اصبح موقف الاتحاد الأوربي من نزاع الصحراء الغربية ، موقفا وا ...
- هل ستتشبث دول الاتحاد الأوربي بقرار محكمة العدل الاوربية ؟
- وجهة نظر قانونية حول حكم محكمة العدل الاوربية الصادر في 04 / ...
- حلف عسكري جزائري إيراني روسي مع حزب الله اللبناني . وحلف عسك ...
- محكمة العدل الاوربية تصدر حكما يرفض أطروحة مغربية الصحراء .. ...
- يوم 4 أكتوبر الجاري ، سيكون موقفا اوربيا حاسما من نزاع الصحر ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يرصد دفعة صواريخ إيرانية جديدة.. وموسوى يدع ...
- -لا تحاولون العودة-.. الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا عاجلا إلى ...
- هل ينجر ترامب لحرب إسرائيل ضد إيران؟
- مصدر أمني إيراني: طهران على تواصل مع موسكو وتعول على دور روس ...
- الخارجية الروسية: حياة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ف ...
- الرئيس الإسرائيلي يزور معهد -وايزمان- المتضرر جراء القصف الإ ...
- -سي إن إن- ترجح ميل ترامب لاستخدام القوات الأمريكية لضرب الم ...
- باكستان تجلي عائلات الدبلوماسيين من إيران والبعثات لا تزال م ...
- الجيش الإيراني يعلن تدمير 28 هدفا إسرائيليا معاديا خلال الـ ...
- مباحثات مصرية أمريكية إيرانية لوقف التصعيد بين طهران وتل أبي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - خمس منطلقات في المسألة الديمقراطية والانتخابات .