|
القيادة الثورية عند نزول الشعب الى الشارع
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8143 - 2024 / 10 / 27 - 14:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ترى . هل يمكن تصور نزول الشعب ، كل الشعب ، وفي كل ربوع المغرب الى الشارع ، اذا لم يكن وراء الدعوة للنزول الى الشارع ، قيادة وطنية تقدمية وثورية ، يؤمن بها الشعب ، لأنها تشكل ضميره ، وتدفع به مرة ، ومرات ترشده الى خلل ما ، او الى مساس بحق من حقوقه ، او من اجل الاحتجاج على تنزيل مرفوض الرفض القاطع ، لأنه ضار بالشعب ، وضمير الامة الحاضر وليس الغائب ، يرشده لرفض التنزيل ، ويرسم له الخطوط العريضة التي يجب ان تشغلها العملية السياسية ، التي تصب في صالح الشعب لا ضده .. بل وضمير الشعب ، القيادة الثورية الديمقراطية والتقدمية ، تستند الى الشعب الذي نزل الى الشارع غاضبا ، عندما يقع المس بقضية قومية أصبحت وطنية ، وتعرضها الى الإبادة الجماعية ، تحت انظار المجتمع الدولي الذي استحلى التفرج .. اذن . لا يمكن تصور نزول الشعب والجماهير الى الشارع ، اذا لم يكن وراء الدعوة ، قيادة ثورية تقدمية وديمقراطية ، كما ان القيادة ضمير الشعب الحاضر وليس الغائب ، لا يمكن ان تتصرف في القرارات الاستراتيجية ، من دون موافقة ورضى الشعب والجماهير التي تحتكم في حسم النزاعات السياسية الى الشارع ، اخطر قلعة ، واخطر ميدان وساحة ، لحسم النضالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، أي قلعة حسم الصراع السياسي .. اذن . ان هذه العلاقة الممتازة بين الجماهير والشعب ، وبين القيادة النزيهة الديمقراطية والتقدمية ، لم تأت من فراغ ، او هي تعبير عن نزوة سياسية طائشة ، بل يكون النسيج المجتمعي بين الشعب وبين القيادة ، وليد تراكمات سياسية وتاريخية ، ووليد محطات نضالية متعددة ، تصهر القيادة في الشعب ، والشعب يتعامل معها تعملا خاصا ، لأنها وكما قلت سابقا ، تشكل ضمير الشعب والجماهير ،عند مواجهات الاستحقاقات المختلفة . واذا كانت هذه العلاقة بين القيادة وبين الجماهير والشعب ، توصف بالمثالية ، والطهارة ، فهذا ليس معناه ان القيادة السياسية يجب ان تكون تنتمي طبقيا الى الشعب ، لان الانتماء الطبقي ، لا يحول دون ربط علاقات شراكة نضالية ، لان الانتماء الطبقي للقيادة ، او لجزء منها ، بالارتماء الشامل في هموم الشعب ، لا يعتبر انتحارا طبقيا ، بل يعتبر مراجعة مفاهيمية للتموضعات وللتموقعات ، التي تربط بين القيادة الطبقية او بين جزء منها ، وبين الشعب ، باعتبار ان هذه العلاقات ترجع الى أصولها الفلسفية ، وخطوطها الإيديولوجية ، دون نفي احدهما للأخر ، او اعتباره نقيضا طبقيا ، لن يفيد شيئا في الصراع الاجتماعي والسياسي الذي يجري باسم الشعب ، ومن اجل الشعب .. فمثلا رغم انتماء " المهندس بلفريج " وبلفريج الاب يشتغل كمستشار عند الحسن الثاني ، الى الفئة البرجوازية العليا ، او الطبقة الاجتماعية العليا ، فأنيس بلفريج ، وجد نفسه يناضل ضمن صفوف منظمة ، تحمل فكرا وخطوطا أيديولوجية ثورية ويسارية ، هي منظمة الى الامام الماركسية اللينينية ، التي كافحت من اجل الجمهورية الديمقراطية الشعبية . فعوض جريان أنيس بلفريج وراء طبقته الاجتماعية ، وجد نفسه يدافع عن العمال وعن الفلاحين ، وعن الطلبة الثوريين ، وعن كل الشعب الكادح المفقر .. ونفس الشيء نقوله عن ابراهام السرفاتي ، الذي بسبب تكوينه كمهندس من مدرسة القناطر الباريزية ، وديانته اليهودية ، كان سيحتل مرتبة متقدمة بالطبقة البرجوازية ، لكنه وجد نفسه يدافع عن العمال والفلاحين والشعب الكادح ، ويناضل من اجل جمهورية ديمقراطية شعبية ، العدو الأساسي والرئيسي للنظام الملكي الطقوسي .. اذن . لا نحكم على ممارسات القيادة ، بالانتماء الطبقي ، بل نحكم عليها بالانتماء الفعلي وسط الجماهير ، ووسط الشعب ، خاصة اذا كان شعبا مظلوما مقهورا ، يعاني عذاب الاخرة في الدنيا قبل الاخرة .. اذن . اذا كان نزول الشعب الى الشارع لا يحصل صدفة ، وانما يحصل بدعوة القيادة ، فالنزول الى الشارع بدعوة القيادة ، كان يتخذ اشكالا مختلفة ، يتداخل فيها السلبي والايجابي ، وكانت أحيانا تخدم مخططات وسياسات ، تخدم الانتماء الطبقي والسياسي للقيادة ، او لجزء من القيادة ، التي لا علاقة لها بحقوق الشعب وبحقوق الجماهير . ونظرا لامية الشعب ، واحيانا حتى الجهل ، كانت القيادة تستعمل الإطارات المختلفة ، وطبعا باسم الشعب ، لتحقيق مطالب سياسية للقيادة لا للشعب او الجماهير ، او الطبقة الشغيلة من مختلف الألوان والمراتب .. والذي كان يحصل ، انّ عند استجابة الشعب والجماهير المعنية بالدعوة للنزول الى الشارع ، حتى تصبح القيادة والمرتبطين بها في واد ، وجماهير النازلين في اخر ، لان الدعوة وان كانت موجهة لعينة من النقابيين والسياسيين ، فعند النزول كم تحولت المسيرات الى مطالب ضد القيادة التي لم تبق ضميرا للامة ، فيصبح الشعب ، الشعب الحقيقي ، هو المسيطر على الشارع ، خاصة عندما يشرع النازلون في ترديد شعارات تدعو الى اسقاط النظام ، وتدعو الى الجمهورية الشعبية الديمقراطية .. لان المسيرات سيطر عليها الشعب الحقيقي الذي سماه الحسن الثاني ب ( الاوباش ) ، وسماهم ادريس البصري ب ( شهداء كوميرة ) .... وهنا يتحول الانزال الى الشارع ، لقلعة وساحة معركة حقيقية ، حيث تصبح القيادة لا تمثل ضمير الامة الذي يصبح غامضا ، وتصبح المواجهة بين الشارع الحقيقي وبين النظام الذي يدافع عن مصالح القيادة ، رغم انتسابها الى ( الشعب ) صوريا . اذن ، عند الانزال والنزول ، وفي الكثير من الحالات ، يصبح النزول متجاوزا من قبل الشعب الحقيقي ، الذي يسيطر على المسيرات بالشعارات الثورية ، وتصبح شعارات القيادة تلهت وراء الشعب الذي يتحكم في المسيرات . سيما وان وسط الثائرين على النظام والقيادة ، توجد بينهم اطر مثقفة ثقافة سياسية رزينة ، ونظرا لماضيها ، ولتهميشها من قبل القيادة ، تجد في الانزال الشعبي الى الشارع ، فرصة لراديكالية التوجه الثوري . فمثلا ان الفريق التقدمي الديمقراطي ، رغم انه شارك في اضراب 1981 ، الذي تحول الى هزة شعبية ، فهو كان يعرف انّ مِنْ وراء الدعوة الى الاضراب ، ليس حقوق العمال او زيادة عشرة سنتيمات في ثمن الخبز ، لكنه كان يعرف ان الدعوة لإضراب 1981 ، كان سياسيا يخص التفاوض على عدد المقاعد البرلمانية ، التي يجب ان يحصل عليها الذي يسيطر على النقابة ( ك د ش ) ( C D T ) و USFP . اما الادعاء بالملف المطلبي ، فكان من اجل توظيف الاضراب ، وتوظيف المضربين ، لتحقيق مكاسب سياسية للقيادة التي لم تعد تاريخية .. وبالرجوع الى مختلف الهزات الاجتماعية ، ونزول الشعب الى الشارع لحسم المعركة ، فان هذه الهزات الاجتماعية والسياسية ، كانت وراءها دعوات القيادة للنزول الى الشارع .. فمثلا . ان نزول الشعب الى الشارع في سنة 1965 ، كانت وراء الدعوة له ، اسرة رجال التعليم ، والشعب الذي كان وعيه السياسي جد متقدم ، خاصة ربطه بالقضية الفلسطينية ، حيث كان القومي يخضع للوطني ، كان واعيا سياسيا .. فالشعب حين خرج ، خرج من اجل التعليم ، خاصة حرمان أبناء هذا الشعب من التمدرس ومن التعليم .. وحين خرج الشعب ونزل الى الشارع ، كانت بقايا أحزاب البرجوازية المتوسطة ، من خلال نقابة C D T ، الاتحاد الاشتراكي حزب زمان ، ويسار الحزب ، واليسار الماركسي ، وراء دعوة النزول الذي اصبح عاما ، وتجاوز مطالب USFP و CDT .. ليصبح النزول جماهيريا وثوريا ، عندما تم رفع شعارات الجمهورية ، واجمعت دعوات المتظاهرين على حتمية اسقاط النظام الملكي الطقوسي ، الذي اصبح متجاوزا بالأحداث التي تجاوزته ، وكبلته ، وجعلته هو في واد ، والشعب في واد اخر .. ونفس الشيء بالنسبة لنزول الشعب ، وهذه المرة اكثر في يناير 1984 ، التي اغرقها النظام في بحر من الدم . فالنازلون في الجنوب " مراكش " كان اليساريون الماركسيون ، واساسهم منظمة الى الامام ، وفي الشمال كان النازلون الذين خرجوا من المساجد ، ومن الاحياء الفقيرة ، يرددون شعارات الإسلام السياسي ، وكانوا يرفعون صور آيات الله الخميني .. فالانتماء الطبقي ل الى الامام ، ول الإسلام السياسي ، ليس هو الانتماء الطبقي للشعب المدمر والمفقر .. ونفس الشيء كان وراء نزول الشعب الى الشارع في سنة 1990 / 1991 . فنقابة UGTM ، والحركات التي نزلت وحفزت الشعب على النزول ، فمصالحها ليست بمصالح الشعب .. لكن باسم الشعب ، تم النزول ، واصبح النازلون الذين لا علاقة لهم ب UGTM وبغيرها ، هم المسيطرون على الشارع ، حينما رددوا شعارات الجمهورية واسقاط الملكية .. لكن ماذا عن اليوم الذي أضحت فيه الساحة فارغة من قيادات الصف الوطني الديمقراطي التقدمي ، وحتى الثوري .. فهل هذا الفراغ حصل صدفة ، ومن دون وعي وادراك بالمرحلة السياسية الخطيرة ، التي اصبح عليها الوضع ، طبعا وضع المغرب الاجتماعي والسياسي . فمنذ تولي عبدالرحمان اليوسفي الوزارة كوزير اول ، وليس رئيسا للوزراء ، لان مجلس الوزراء يترأسها الملك وحده دون غيره ، اللهم ان حصل تفويض في بعض القضايا المحدودة ، وليس في كلها .. وحتى الوصول الى المرحلة التي اصبح فيها " حزب الاسلاموي " وليس الإسلامي برئاسة بنكيران يقودون كمعاول حكومة الملك ، حصلت اكبر ازمة اقتصادية ، ذهب ضحيتها ولا يزال الشعب ، والجماهير المستعدين للتضحية . لكن لن تكون هناك تضحية ، ولن تكون في اشراك الجميع الفاعلين ( السياسويين ) مع المؤامرة التي كانت ضد الشعب المغربي ، حيت سيتم رفع الأسعار بشكل جنوني لم يسبق له مثيل في تاريخ صراع الاثمنة ، اثمنة المواد الغذائية ، وتم الاجهاز بالكامل على المدرسة العمومية ، كما تم الاجهاز على السياسة الصحية التي أصبحت سلاحا في يد النظام لتقليم وللتحكم في الشعب الذي لم يعد بشعب كما كان ، وارتمى الجميع في سياسة الدروشة والمسكنة ، بل اصبح المواطن الرعية ينوء من المرض ومن الجوع ، في الوقت الذي تضاعفت ثروة الملك ، وثروة اسرته ، وثروة عائلته ، كما تضاعفت ثروات أصدقائه ، وشبه أصدقائه كأخنوش التي اتهموه بسرقة سبعة عشر مليار درهم من البنزين ، مع العلم ان اخنوش تم اتهامه كوزير اول ، في حين ان رئيس الوزارة الذي سكت عن ( سرقة ) اخنوش ل 17 مليار ، هو الرأس المدبر ل 17 مليار، ولأكثر من 17 مليار في ميادين أخرى . فصندوق محمد السادس باسم كورونا ، جمع اكثر من ثلاثين 34 مليارا درهما ، من مغاربة الداخل ، وجمع ملايين ، وأؤكد ملايين الدولار والأورو .. في الوقت الذي وجه فيه الملك خطابه للرعية التي لم تبق شعبا ، يخبرهم فيه بان الدولة لم تعد مسؤولة عنهم ، وان يتدبروا امرهم بأيديهم ، في دولة طبقية ، اساءت الى الشعب واضرته ، بل تبرئت منه ، حين حملته مسؤولية الازمة التي هي ازمة دولة ، وليت ازمة شعب غير موجود في اجندة الدولة الطبقية .. فرغم خطورة الوضع ، وتحول المغاربة الى متسولين ، لم ترفع نقابة ما الدعوة الى الاضراب العام ، ولم يستنكر حزب من الأحزاب الملكية USFP و CDT و UMT ... الوضع الاجتماعي المُزْري الذي اصبح فيه وعليه الشعب .. بل سنجد ان رغم الوضع الخطير الذي اصبح فيه الشعب ، ترفع CDT و USFP .. وكل المشاركين في مؤامرة ذبح الشعب ، دعوات الى الاستمرار في السلم الاجتماعي الذي استغرق حوالي أربعين سنة ، والشعب يتحمل الجرائم تلو اختها ، ولا من اشفق عليه حتى بكذبة من أكاذيب التحالف ( الطبقي ) الذي اصبح همه إرضاء وخدمة الملك ، لا غير الملك .. لان الحكومات التي تشكلت كانت حكومات الملك ، والبرلمان برلمانه ، ليصبح الوزراء والبرلمانيين موظفين سامين بإدارات الملك المختلفة .. فعندما استقبل الملك ( زعماء ) الأحزاب ، و ( زعماء ) النقابات ، كاستقباله للأموي ، حتى تغير كل شيء ، واصبح التحالف الطبقي المصنوع ، تحالفا ضد الشعب ، وللأسف يشتغل باسم الشعب الذي اصبح رعية حقيقية ، تجسد عيش الرعية في الدولة الرعوية .. لكن . هل هذه المؤامرات التي كانت خيانات ، وتؤامرا على الشعب ، نجحت في الفرز بالساحة بين أعداء الشعب ، وبين محبي الشعب .. وهل الوضع الحالي للنظام ، مريحا لما قد يتصور ، او يحدث في القادم من الشهور ، انْ لم يكن القادم من الأيام اخطر واصعب .. النظام السياسي الملكي الطقوسي ، المزاجي Pile au face ، ورغم الارتماء في حضن إسرائيل ، لتعويض الوصاية الفرنسية والغربية ، فهو ليس في مأمن ، عن ما يحاك ضده بالمنطقة الجغرافية ، وما يحاك ضده من قبل دول بالاتحاد الأوربي ، كما انه اسير قرارات لمجلس الامن ، وللجمعية العامة للأمم المتحدة ، لا تخدم مغربية الصحراء . بل ان مشكل الصحراء الغربية ، لم يعد قابلا للتفسير وللحل ، ضد مصالح النظام ، بل ان التحول الدولي الذي يتحكم فيه الكبار ، أصحاب الفيتو ، وأصحاب القرارات الاستراتيجية الاقتصادية بالأمم المتحدة ، اصبحوا مقتنعين بان نزاع الصحراء الغربية ، هو الباب الرئيسي للدخول الى قلب المنطقة ، لتغييرها التغيير الذي يكبلها ، ويجعل منها كانتونا من الكانتونات بيد الاستعمار كما درج على ذلك منذ مشاريع Sayks et Picot . الازمة الاقتصادية والاجتماعية ، هي من الخطورة بمكان ، وانّ رغم هذا الواقع والوضع الخطير ، فخطورته انه مائل للانزلاق ضد النظام كنظام مؤسساتي .. فنزول الشعب والجماهير الى الشارع للاحتجاج ، اذا كان في السابق وراءه دعوة او دعوات القيادات التقدمية والديمقراطية ، وحتى الإصلاحية الراديكالية ، فالنزول الجماهيري المرتقب والمنتظر ، هذه المرة ، سيحصل من دون دعوة قيادة ، لان القيادات او القيادة غير موجودة ، ولا يمكنها ان تصل قوة الصراع الاجتماعي والسياسي طيلة الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي .. ورغم عدم نجاحها في التأسيس للدولة الديمقراطية ، لان الصراع العالمي الذي غدته الحرب الباردة ، وجد فيه النظام مخرجه الذي كان يحظى بالتغطية من قبل فرنسا مثلا ، لأنه يلعب دور الدركي المحافظ على مصالح الغرب ، فان الغياب الكلي لهذه القيادات بسبب التقدم في السن ، وبسبب دهاء النظام في شراءها ، لأنها باعت كل شيء تاجرت به في حربها الأولى مع النظام ، وباسم الجماهير والشعب .. لا يعني ان الوضع اليوم احسن ، بل ان الوضع يحمل من المخاطر ما لم يسبق للنظام ان اجتازها مثل الانقلابات العسكرية للضباط الوطنيين الاحرار .. فالنزول الجماهيري والشعبي الى الشارع ، سيحصل من دون قيادة لم تعد موجودة ، لكن سيكون عند حصول الفراغ الكبير في النظام بموت الملك .. فيجب توقع نزولا كبيرا ، لكنه قد يتخذ صورتين متناقضتين . اما ان يكون النزول تعاطفا مع وفاة الملك ، وبما تفرض طقوس الجنائز ، من خشوع . وهنا هل للدولة البوليسية من عمالة الخطابات حتى يبقى النزول نزول خشوع الجنائز ، ويتم انتقال الحكم الى ولي العهد السجن سلميا ، وبرضى جمهور النازلين ، وهنا يمكن تصور تحول النزول ، وبتوجيه عمالة الخطابات الى نزول شوفيني تصبح أساسه الجزائر ، التي تهدد المغرب وتضمر شرا بملكهم ، وبجغرافية بلدهم .. وان سار النزول في ترديد الشعارات الشوفينية ، سيتم تحويل النزول الى نزول شعبي مساند للملك ، ومساند للدولة التي تتربص بها الأنظار لضبط أي خطأ للانتقلاب عليها .. وهذه الصورة تبقى محتملة ، في نزول النازلين من دون دعوة لقيادة غير موجودة ، كما كان عليه في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي .. لكن تمة صورة أخرى للنزول الى الشارع عند شغور الفراغ الكبير كموت الملك ، ولتبدأ الشعارات تتناسل من هنا وهناك ، ونظرا لعدم وجود قيادات كالسابقة ، قد يقدم النازلون في ترديد شعارات ، من هنا وهناك ، ومن خلال نوع الشعارات التي سيرددها النازلون ، ترسم فكرة أولية عن نوع وطبيعة التشكيلات السياسية الفاعلة رغم انها ليس مرخصا لها ، وتصبح الجماهير النازلة تردد شعار من الشعارات ، لكن هنا ان غالب الشعارات سيتغلف بالاسلاموية السياسية الراديكالية ، ومنها من سيستخدم وزن الشعارات الاسلاموية ، للدفاع وللحفاظ على نموذج الدولة الرعوية التي تمثل حقيقة النظام المزاجي المخزني ، وطبعا هنا ، وحتى يتمكنوا من إيجاد اذن صاغية وسط النازلين سيرددون شعارات شبه مزعجة ، وربما شبه جماهيرية ، للسيطرة على الشارع ، او على الأقل للسيطرة على جزئه الكبير ، وهنا سيتداخل عمل اشباه الاسلامويين ، بعدل البوليس وبعمل الجهاز السلطوي ، خاصة تهيئ وتحضير الغير المتسيسين ، لبناء جبهة بالساحة وبالشارع تحت عنوان " من اجل الدفاع عن الملكية " .. فظهور هذا النفر الانتهازي باسم الإسلام ، وباسم الدفاع عن امارة امير المؤمنين ، يجب انتظاره ، لان عجلات الدولة المخزنية تدور و تدور ، ولن تبقى دائخة بمراسيم الجنائز ، للتغلب عن مظاهر سياسية قد تطرح في كل وقت وحين .. وهنا سيظهر عبدالاله بنكيران جديد ، وسيظهر حزب اسلاموي على غرار ( حزب العدالة والتنمية ) .. ليكون الدول الذي سيلعبه حاسما كما في ازمة 20 فبراير .. لكن ماذا اذا أضحت الأغلبية النازلة تردد شعارات ضد الدولة الرعوية المخزنية المزاجية ، وطبعا ستكون شعارات إسلامية ، ترفع دعوة الخلافة ، او دعوة الجمهورية الإسلامية .. ، ورغم انهم سيكونون الأكثرية ، فمن جهة انهم رغم راديكالية الشعارات المرفوعة ، فالأغلبية غير منظمة في تنظيمات إسلامية ، وانما انساقوا وراء الشعارات باسم الاسلام ،وراء دعوات النظام السياسي ( خلافة او جمهورية إسلامية ) ، ومن جهة فالشعارات اللائيكية التي سيرفعها اليساريون ، والتقدميون ، اما انها ستندمج ضمن الشعارات الاسلاموية ، او انها ستتجه ضدها بدعوى الحيلولة دون النظام الاسلاموي الذي سيكون اخطر وافدح من النظام الرعوي .. وقد يسقط الجميع في Ko ، الذي يؤدي الى الاركاييكية ، أي الى نوع من الفتنة ، التي ستعجل بالحلول الأعنف ، وباستعمال القوة المفرطة ، وسيحظى هذا التصرف بالدعم والمساندة الخارجية التي ترفض الفوضى التي ستتحول الى ظاهرة ممكن اعادتها في كل بقعة من بقع الجغرافية المغاربية .. فالنزول الى الشارع مرشح بكثرة ، لكن امواجه تبقى خاضعة لشروط ، ان لم يتم تدارك اخطارها ، قد تنزع الى دولة الإسلام السياسي التي ستكون اخطر واقبح من الدولة الرعوية البوليسية المزاجية .. ان غياب القيادة الوطنية التقدمية والديمقراطية ، كاحتراز من مشاريع سياسية مزعجة مباشرة بعد دفن الحسن الثاني ، هو ما دفع بجهابدة المخزن ، ان يشتغلوا على اضعاف تلك القوى / القيادة الوطنية الى سفل درك منتظر .. وطبعا ستغيب القيادة ، وغابت مشاريعها وبرامجها الإصلاحية ، لكن الخطر ان الشارع رغم انه يبدو مشلولا ، فغياب الملك سيجعل من الشعب الحقيقي ( الاوباش ) و ( شهداء كوميرة ) اسياد الشارع ، مع ترديدهم للشعارات التي تطالب بإسقاط الملكية ، وتعويضها بالجمهورية .. وهنا ليس فقط القول بالجمهورية ، واسقاط الملكية ، سيكون الخلاص من جميع المشاكل التي تراكمت منذ اكثر من ستين سنة .. بل ان تغيير عنوان الدولة من ملكية الى جمهورية ، مع وضعية المغرب المهترئة ، ستراكم المشاكل نحو اعلى ، وستبقى المشاكل مطروحة بحدة دون تجاوزها .. فالوضع الاقتصادي البئيس والخطير للأنظمة البرجوازية العربية وغير العربية ، خاصة الجمهورية ، اكثر من مقلق ، بل ينذر بالتفجير الكبير .. ان المخزن الحالي مسؤول عن غياب وافتقاد القيادة الوطنية التقدمية الديمقراطية ، حين خلص دهاقنة القصر ، والجهاز السلطوي ، منذ مرض الحسن الثاني بمرض L’emphysème ، لان السؤال . هل ممكن ان يتولى ولي العهد محمد السادس الملك بعد وفاة الحسن الثاني .. ؟ سؤال تم طرحه ، واشتغل عليه ادريس البصري ، واشخاص اخرين ، واجمعوا على تعويض الأمير هشام بولاية العهد بدل محمد السادس .. والحسن الثاني الذي كان موافقا ، سيخيب ظنهم جميعا ، عندما مرض الملك ، وأصبحت حياته حتمية الرحيل . فتم تأجيل تغيير الدستور بما يعطي للأمير هشام تولي ولاية العهد .. وكان جواب لادريس البصري وزبانيته ، في ( حفل ) لقاء " الگولف " الملكي ، وامام كريم العمراني ، وكل من اصبح ساخطا على البصري " الله ينصر من اصبح " .. واستطاع محمد السادس ان يحكم المغرب ، ومن بعيد لما يزيد عن خمسة وعشرين سنة ، ولا يزال ( يحكم / مريض ) بالاسم ، رغم انه خارج المغرب .. ففي عهد محمد السادس ، وبخلاف الحسن الثاني ، لم تحصل 23 مارس 1965 ، و لا الدارالبيضاء في سنة 1981 ، ولا انتفاضة 1984 ، ولا انتفاضة 1990 .. كما انه عهده لم يعرف انقلابات عسكرية ، لقلب النظام الملكي ، وبناء النظام الجمهوري .. فكان غياب الملك خارج المغرب ، اكبر دليل على سكوت الشارع ، لكنه ونظرا للازمة الخانقة ، ونظرا لان المواطنين اصبح لهم دوق سياسي ووعي متقدم ، فغياب القيادة اللاّجمة للتجاوزات ، اصبح يخبئ خطرا في الانزال العفوي للشعب ، واصبح يجهل التأثيرات السياسية التي تنتشر وسط النازلين .. واصبح الخلاص في : --- اما اندلاع مسيرات كخشوع لموت الملك .. وهنا سيلعب أصحاب " سيدنا " " والملك " دورا على تدعيم المسيرات للملك . وهنا يجب انتظار خروج " الشباب الملكي " .. واكثريتهم مجرمون ومن أصحاب السوابق .. --- واما اندلاع مظاهرات بشعارات اسلاموية ، لان القاعدة يؤثر فيها الإسلام ، ترفع شعار الخلافة او شعار الجمهورية الاسلاموية .. ونظرا للخطر الذي سيصبح مهددا عند بناء الدولة الاسلاموية .. فدور الضباط الوطنيين الاحرار ، وتدخلهم المناسب يصبح فرض عين ، وواجب وطني يلقي بالمسؤولية الجسيمة على هؤلاء الضباط البرجوازيين الصغار ، والبرجوازية المتوسطة .. للحيلولة دون الدولة الاسلاموية ، مع مواقف الحذر من الدولة الرعوية التي لا علاقة لها بالديمقراطية .. فما يتم التركيز عليه هو الدولة الديمقراطية ، وتحت أي عنوان . ففي أوربة هناك ملكيات وهناك جمهوريات ، وكلها أنظمة ديمقراطية ، لان الشعب هو من يحكم بواسطة الانتخابات وبواسطة الاستفتاءات .. وهو من يعين قيادة الحكم ، ويعين قيادة الأقلية ، بحيث تصبح الأغلبية في المعارضة ، وتصبح الأقلية في الحكم وهكذا .. فدور الجيش والضباط الوطنيين الاحرار ، فرض عين ، وواجب شرعي ووطني ، لتجنيب المغرب المشاريع العقائدية باسم الدين ، ولتخيير النظام الرعوي بين الديمقراطية ، وبين ان يصبح العدو الأول للشعب وللجماهير .. وهنا لا بد من الإشارة ، الى ان النظرة والعلاقات بين النظام الملكي ، وبين مجلس الامن ، والأمم المتحدة ، والاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، ومحكمة العدل الاوربية ... الخ ، قد تغير بشكل جعل الدولة الرعوية مهددة بالسقوط في كل دقيقة وثانية ... فالاتحاد الأوربي ، الذي فرنسا عضو فاعل به ، واسبانية ... ساوى بين الدولة الرعوية ، وبين جبهة البوليساريو ، عند بحث ومناقشة القضايا التي لها علاقة بنزاع الصحراء الغربية . فالاتحاد الأوربي اعترف بجبهة البوليساريو ، عملا بالحكم الذي أصدرته محكمة العدل الاوربية الذي نفى النفي المطلق مغربية الصحراء .. فعندما يتلاقى موقف الاتحاد الأوربي ، وكل دوله من دون استثناء ، ومجلس الامن الذي به دول تنتمي الى الاتحاد الأوربي ، وبدول أعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة ... فلا مناص من التدبير العقلاني لنزاع الصحراء الغربية ، والا سيكون سقوط النظام .. حيث لن يبكيه احد ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشارع
-
كيف يمكن تغيير النظام .
-
مجلس الامن يقترح حلا لنزاع الصحراء الغربية بين جبهة البوليسا
...
-
فرنسا لا تعترف ولم تعترف بمغربية الصحراء ، شأن مدريد ، وشأن
...
-
مرة أخرى نعود لتوضيح موقف دول الاتحاد الأوربي ، من حكم محكمة
...
-
اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار
-
اصبح موقف الاتحاد الأوربي من نزاع الصحراء الغربية ، موقفا وا
...
-
هل ستتشبث دول الاتحاد الأوربي بقرار محكمة العدل الاوربية ؟
-
وجهة نظر قانونية حول حكم محكمة العدل الاوربية الصادر في 04 /
...
-
حلف عسكري جزائري إيراني روسي مع حزب الله اللبناني . وحلف عسك
...
-
محكمة العدل الاوربية تصدر حكما يرفض أطروحة مغربية الصحراء ..
...
-
يوم 4 أكتوبر الجاري ، سيكون موقفا اوربيا حاسما من نزاع الصحر
...
-
قتل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني
-
الجزائر تفرض التأشيرة فقط على المغاربة
-
القضية الصحراوية والقضية المغربية
-
الرعايا التائهة
-
هل حصلت صدفة ، أم هو مكر التاريخ
-
المغرب الى اين ؟ هل نحن نعيش حالة استثناء ، وهل قدرنا نظام م
...
-
دور المثقف في الصراع الطبقي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
المزيد.....
-
ميغان ماركل تنشر فيديو -نادرا- لطفليها بمناسبة عيد الأب
-
مصدر لـCNN: إيران تبلغ الوسطاء أنها لن تتفاوض مع أمريكا لحين
...
-
منصة مصرية لإدارة الأمراض المزمنة والسمنة
-
لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى
...
-
إسرائيل تستشيط غضبًا بعد إغلاق أربعة أجنحة تابعة لها في معرض
...
-
إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية وسط التصعيد م
...
-
مفوض أممي يحث على إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة
-
اكتشاف دور للسكر في حماية الدماغ من الشيخوخة
-
طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد
-
ما الذي يسبب العدوانية غير المنضبطة؟
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|