|
هل ستتشبث دول الاتحاد الأوربي بقرار محكمة العدل الاوربية ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8125 - 2024 / 10 / 9 - 16:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" البوليس ( السياسي ) المجرم ، قطع الكونكسيون عن منزلي .. سأتوجه الى Cyber " ونضيف . هل حقا ان الحكم التاريخي والنهائي للمحكمة التي قضت بأبطال الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوربي كاتحاد وليس كدول ، وبين النظام المخزني المزاجي والتائه ، الذي تظاهر بتجاهله حكم المحكمة ، انه لا يعنيه ذاك الحكم في الشيء ، ولا يهمه اطلاقا ، ومن ثم فهو لا يعنيه . أي تحدي النظام للاتحاد الأوربي ، عندما رفض الحكم ، واعتبره كأنه لم يكن ؟ هناك قراءتان للحكم الصادر عن محكمة العدل الاوربية . قراءة موضوعية ، وقراءة غير موضوعية . فأمّا القراءة الموضوعية ، فحقا ان النظام المزاجي المخزني والبوليسي التائه ، ليس ملزما بقبول حكم المحكمة لعدة أسباب : --- 1 ) من حق النظام المخزني ان لا يبالي بالحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية ، لأنه ليس اوربيا ، والمحكمة تختص بالنظر في القضايا والموضوعات والنزاعات اوربية – اوربية . لان هذه الاحكام والقرارات تصدر بطابع السلطة والضبط والجبر . لكن كما قلت ان المعني فقط الدول الاوربية . --- 2 ) لا يمكن ان تجري كل اطوار المحاكمة ، والمحكمة المختصة ، تكون قد اهملت النظام المزاجي ، ولم تعره اهتماما ، مثل انه بدوره لم يعر اهتماما لحكمها الذي تجاهله النظام بالمرة ، وليس فقط لم يعره الاهتمام . وهنا يمكن للنظام ان يتدرع بالانتماء الجغرافي الافريقي وليس الأوربي ، لتبرير التجاهل . --- 3 ) لقد تم رفع دعوى الإلغاء للاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوربي كاتحاد وليس كدول ، وبين النظام المخزني المزاجي والتائه ، من طرف محام اوربي الجنسية . لكن رغم جنسية المحامي الاوربية ، فافتقار صاحب الدعوة للجنسية الاوربية ، وافتقار النظام المزاجي اليها كذلك ، علة كافية لعدم قبول الحكم ، بل وتجاهله بالمرة ، وان كان النظام يلعب مسرحياته الأخيرة .. لان في تجاهل النظام البوليسي لحكم المحكمة الاوربية ، فان النزاع سيتطور من نزاع قضائي ، الى نزاع سياسي ، حين ستلتزم دول الاتحاد بنص الحكم جملة وتفصيلا .. وقد سبق للاتحاد الأوربي ، وعلى لسان فرنسا ، ان رفضت تجديد الاتفاقيات المبرمة بين النظام المزاجي وبين الاتحاد الأوربي ، بدعوى انها تتعارض مع القرارات القضائية التي تصدرها المحكمة الاوربية ، وربطت بين الاتفاقيات المبرمة وبين موقف الاتحاد الأوربي ، بالتشبث بالمدنية ، وبالأخلاق ، وبالقوانين ، واحكام المحاكم الاوربية ، التي تلزم التنفيذ عندما تصبح نهائية ، أي عندما تحوز على قوة الشيء المقضي به ، وتصبح متحصنة من أي طعن اخر .. وهنا فان التبرير الأوربي الذي كانت فرنسا من وراءه ، كان بعد اشتداد الخلاف بين محمد السادس وبين Emanuel Macron ، بسبب فضيحة وجريمة Pegasus Gate ، ولم يكن بسبب احترام روح القوانين ، وقرارات واحكام المحاكم الاوربية .. فاقدم الاتحاد الأوربي على تجديد الاتفاقيات التي تم الغاءها بالحكم الصادر عن محكمة العدل الاوربية ، رغم مساس التجديد ، بالدولة المدنية والدولة الحضارية . وان رفض الاتحاد الأوربي مؤخرا تجديد تلك الاتفاقيات ، قبل ان يقول القضاء كلمته النهاية ، كان في اصله بالقرار السياسي ، الذي وظف القضاء لتبرير الطابع السياسي ، وعلى رأسه فضيحة وجريمة Pegasus Gate .. --- 3 ) ان الخطر في نص القرار الذي خرجت به محكمة العدل الاوربية ، وبشكل نهائي ، ليس في القرار نفسه ، لكن الخطر من الحكم الصادر ، انه انهى العلاقات الثنائية بين النظام المزاجي التائه ، وبين اية دولة من الدول الاوربية ، فأصبحت الحالة بعد صدور الحكم الأخير وبصفة نهائية ، بين الاتحاد الأوربي كاتحاد ، وبين النظام المخزني .. فمثلا لا يمكن لإسبانية ان تبرم اتفاقيات تخص الصيد البحري ، بشكل مستقل عن دول الاتحاد ، بل اصبح المرور لإبرام مثل هذه الاتفاقيات ، الاتحاد الأوربي لا الدول الاوربية .. ويكون حكم المحكمة ، والتفسير القضائي المغلف بالهدف السياسي ، هو حرمان العلاقات الثنائية والثلاثية ، بين احدى دول الاتحاد ، وبين النظام المزاجي . أي قطع منابع وصنوبر الفساد كما ظهر في فضيحة Morocco Gate .. --- 4 ) المحكمة قد تجاوزت اختصاصاتها القضائية ، لتصبح تشرع في الأمور السياسية ، وامور القانون الدولي . فعندما تم رفع دعوى البطلان للاتفاقيات المبرمة بين النظام المزاجي وبين الاتحاد الأوربي ، فكان على المحكمة ان تتقيد بأصل وفحوى النزاع الذي هو . هل تعتبر مشروعة الاتفاقيات التي أُبرمت بين النظام المزاجي المخزني ، وبين الاتحاد الأوربي ، ام انها ليست مشروعة .. هنا يتحدد الاختصاص القضائي لمحكمة العدل الاوربية ، دون ان تذهب بعيدا في ممارسات سياسية ، من اختصاص مجلس الامن ، واختصاص الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي تبحث نزاع الصحراء الغربية ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار.. فلس من حق المحكمة ان تنوب عن مجلس الامن مثلا ، بقول ان الصحراء تحت الاحتلال ، الصحراء ليست مغربية ، الشعب الصحراوي صاحب الحق في الصحراء ... الخ . مع العلم ان ليس فقط مجلس الامن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة من تشتغل على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ، وفي الاستفتاء المشروع ، بل ان الملك محمد السادس اشهر اعترافه بالدولة الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، وامام العالم ، واصدر ظهيرا وقعه شخصيا ، يؤكد ويقر فيه بهذا الاعتراف ، ونشره في الجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 / يناير 2017 .. فالاعتراف بالوضع السياسي لشعب الصحراء الغربية ، تبقى الأمم المتحدة ، خاصة قرارها 34/37 ( 1979 ) ، الذي اعتبرت فيه الجبهة الشعبية بمثابة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي .. فكان اذا جاز تمرير هذه التصرفات الخارجة عن اختصاص محكمة العدل الاوربية ، ان تعترف المحكمة مثل محمد السادس بالجمهورية العربية الديمقراطية الصحراوية . والحال ان مجلس الامن لم يعترف ابدا بالدولة الصحراوية ، التي اعترف بها محمد السادس ، ويركز على الاستفتاء وتقرير المصير ، وتحت الاشراف الفعلي لمجلس الامن . وطبعا فان نتيجة الاستفتاء ، هي من سيحدد الوضع القانوني للصحراء ، ويحدد جنسيتها .. لذا فتصرف المحكمة هنا ، كان خارجا ومتعارضا مع الاختصاص ، الذي يعود وحده الى محكمة العدل الدولية ، لا الى محكمة العدل الاوربية .. --- 5 ) حين صدر حكم المحكمة في يوم 04 / 10 /2024 ، فالمشكل الذي سيعاني منه الصحراويون ، رغم الحكم الذي قضى بالإلغاء ، هو افتقار هذا الحكم الى سلطة الالزام والجبر ، لأنه صدر كقرار استشاري ، ولم يصدر كقرار ملزم .. والسبب طبعا ، ان القرارات التي تخرج بها المحكمة استشارية ، لان احد أعضاءها ليس اوربيا ، يحمل جنسية أخرى غير الاوربية . والسؤال هنا . ما الفائدة من صدور قرار مجرد استشاري ، اذا لم يخضع لسلطة الحبر والضبط ؟ لان ليس هناك من قوة تلزم النظام المزاجي المخزني ، بتنزيل قرارات من محكمة اوربية ، عندما تكون الاحكام والقرارات استشارية .. فالحكم الذي أصدرته المحكمة في هذا الحال ، سيبقى مثل سابقيه من الاحكام التي صدرت في نفس الموضوع . فالفائدة منها توسيع الثقافة القضائية العالمية وليس الاعتكاف فقط على القضايا الاوربية – الاوربية .. أي ما يسمى بالاجتهادات القضائية ... وبخصوص القراءة غير الموضوعية ، فالقصد هنا ، انتظار تطورات سياسية سيعاني منها النظام المزاجي المخزني ، وسيعاني منها كثيرا اذا عمدت دول الاتحاد الأوربي ، الى التشبث بنص القرار الذي خرجت به محكمة العدل الاوربية .. فالاتحاد الأوربي اجمع وحتى قبل ان تصدر المحكمة حكمها الذي اعتبرته نهائيا ، على رفضه تجديد الاتفاقيات المبرمة مع النظام المزاجي . ان رفض تجديد توقيع الاتفاقيات ، يعني ان النظام المخزني المزاجي ، اصبح لوحده قوة ، تضاهي قوة كل الاتحاد الأوربي . فهل النظام يملك من القوة ما يجعله يتحدى الاتحاد الأوربي اكبر قوة اقتصادية في العالم ؟ الاوربيون سيلتزمون بنص الحكم الصادر ، وسينفدونه عن عجالة ، دون استشارة مع النظام .. فهل النظام سيقبل العودة الى الوضع السابق ، بعزل ثروات الصحراء الغربية ، واخراجها من الاتفاقيات الموقعة ؟ فان ركع النظام لحكم محكمة العدل الاوربية ، التي ترفض الاتفاقيات في شق ثروات الصحراء الغربية ، فسيكون بمن يؤيد حكم القضاء الأوربي ، وسيكون الأول بمن يعترف بعدم مغربية الصحراء ، ويكون اعترافه الأحادي الجانب بالدولة الصحراوية وبالشعب الصحراوي ، الرصاصة التي ستنهي اطروحته المتناقضة ، وطبعا الإسراع بتنظيم الاستفتاء ، لان كل الإجراءات من قبل النظام ، كالدخول الى وادي الذهب سنة 1979 ، تصب في عدم مغربية الصحراء ، وفي احتلالها .. فهل النظام المزاجي التائه قادر على مواجهة الاتحاد الأوربي ، ومواجهة مجلس الامن ، والجمعية العامة ، والقضاء الدولي والاوربي ، وقدر على البقاء في الصحراء .. ؟ اما بالنسبة للاتحاد الأوربي ، فتراجعه عن صلب حكم محكمته الاوربية ، وهو لا يعترف بمغربية الصحراء ، بمثابة عودة طبيعية الى الوضع القديم او الأول قبل صدور قرار المحكمة .. وهنا وفي حالة تصرف الاتحاد الأوربي مع قرار محكمته ، فان التصرف يبقى طبيعيا ، لأنه حصل باسم القضاء ، ويكون القضاء من ثم قد تم توظيفه لخدمة النزاعات السياسي ، بين فرنسا Emanuel Macron ، وبين نظام محمد السادس .. فهل الاتحاد الأوربي أصاب بتشبثه بقرار المحكمة ، الذي يبعد منتجات وثروات الصحراء من الاتفاقيات الموقعة ، ام وفي حالة تصدعه سيكون النظام المزاجي قد تجاوز درجات الخطر الذي تسببه له الصحراء .. وخاصة ان بعض العواصم الاوربية تشتغل ومن بعيد ، على مشروع اسقاط النظام المخزني لمحمد السادس المعزول، وباب السقوط سيكون طبعا الوضع القانوني والسياسي للصحراء ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجهة نظر قانونية حول حكم محكمة العدل الاوربية الصادر في 04 /
...
-
حلف عسكري جزائري إيراني روسي مع حزب الله اللبناني . وحلف عسك
...
-
محكمة العدل الاوربية تصدر حكما يرفض أطروحة مغربية الصحراء ..
...
-
يوم 4 أكتوبر الجاري ، سيكون موقفا اوربيا حاسما من نزاع الصحر
...
-
قتل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني
-
الجزائر تفرض التأشيرة فقط على المغاربة
-
القضية الصحراوية والقضية المغربية
-
الرعايا التائهة
-
هل حصلت صدفة ، أم هو مكر التاريخ
-
المغرب الى اين ؟ هل نحن نعيش حالة استثناء ، وهل قدرنا نظام م
...
-
دور المثقف في الصراع الطبقي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( الفصل السابع )
-
تجليات الموقف الاسباني من نزاع الصحراء الغربية .
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( تابع )
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( 6)
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( 5 )
-
على هامش اللقاء بين الاتحاد الافريقي والصين
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( 4 )
-
سلسلة دراسات ثقافية سياسية وتاريخية ( 3 )
المزيد.....
-
بيسكوف يؤكد عدم وجود أساس للتفاوض مع أوكرانيا.. ويعبر عن الا
...
-
الفصائل المسلحة السورية تتقدم وتقترب من حماة واشتباكات عنيفة
...
-
ناصر: رحلة الأمل من غزة إلى حياة جديدة في بورتلاند
-
كأس ألمانيا ـ ليفركوزن يقصي بايرن عقب واقعة طرد تاريخية!
-
بمشاركة RT.. العاصمة الليبية تستضيف -أيام طرابلس الإعلامية 2
...
-
ماكرون يرد من السعودية على دعوات استقالته ومغادرة قصر الإلي
...
-
بيدرسن يدعو إلى نزع فتيل التصعيد في سوريا ويؤكد عدم وجود حل
...
-
المجموعة العربية بمجلس الأمن تدعو إلى حل الأزمة في سوريا بقي
...
-
كييف تكثف مساعيها للانضمام إلى الناتو قبل تولي ترامب السلطة
...
-
شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|