أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد خليل - ‎قصة: -رهان الظلال-














المزيد.....

‎قصة: -رهان الظلال-


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8149 - 2024 / 11 / 2 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


‎كان عاصم شاباً في الثلاثينات من عمره، يعمل ليلاً ككاتب يكتب لمنشورات صحفية عابرة، ويقضي نهاره محاولاً كتابة قصة عظيمة تتجاوز حدود حياته البسيطة. كل ليلة، كانت تلازمه فكرة واحدة: أن يكتب شيئاً خالداً، قصة تأسره وتُبقيه في ذاكرة الناس حتى بعد رحيله.
‎ذات مساء، بينما كان يسير وحيداً في زقاق ضيق مظلم، توقفت إلى جانبه سيارة سوداء، ليخرج منها رجل غريب يرتدي معطفاً طويلاً ونظارات تعكس ضوء الشارع. كان مظهره غريباً، يجمع بين المألوف والغريب، بين الحقيقة والوهم.
‎اقترب منه الرجل، وقال بصوت هادئ يشوبه الغموض: "أسمع أنك تريد أن تكتب قصة عظيمة."
‎شعر عاصم بأن قلبه يقفز في صدره. "كيف تعرف؟" سأل بصوت مضطرب.
‎ابتسم الرجل ابتسامة غير واضحة المعالم، ثم أجاب: "لأنني هنا لأعقد معك اتفاقاً."
‎تردد عاصم قليلاً، لكنه في النهاية سأل: "أي نوع من الاتفاق؟"
‎قال الرجل وهو ينظر بعينيه المخفية خلف النظارات: "سأعطيك عاماً لتكتب قصة تستحق الخلود. إذا كتبتها، سأحقق لك شهرة عظيمة لا تُمحى. ولكن... إن فشلت، ستظل عالقاً في ظلال النسيان إلى الأبد."
‎أحسّ عاصم برعشة خفيفة، ولكن الشغف الطاغي دفعه للقبول. لم يكد الرجل يغادر حتى بدأت الأفكار تتزاحم في ذهنه. وشيئاً فشيئاً، انجذب إلى دوامة من الكتابة المكثفة، الأيام تتلاحق كأنها ساعات، والعالم من حوله بدأ يتلاشى. كانت حياته تتقلص لتصبح مجرد سلسلة من القصص التي يكتبها، يجرب فيها كل العوالم والشخصيات، يُسقط روحه على الورق حتى كاد يفقد ذاته.
‎مضت الشهور ببطء، وكل قصة يكتبها كانت تبدو ناقصة، كأن هناك شيئاً خفياً ينقصها.
‎قبل ليلة من انتهاء العام، جلس عاصم على مكتبه، محاطاً بالورق، يعصف به شعور بالإحباط والهزيمة. وبينما هو غارق في تفكيره، سمع دقات على الباب. فتح الباب، ووجد الرجل الغريب واقفاً هناك، يراقبه بصمت. دون كلمة، دخل الرجل وراح يتصفح القصص التي كتبها عاصم خلال العام.
‎وقف عاصم بصمت وهو يراقب الرجل، تملؤه مشاعر من الخوف والانتظار. انتهى الرجل من القراءة، والتفت إليه قائلاً: "قصصك جميلة، لكنها ليست خالدة."
‎صُدم عاصم وسأله: "لماذا؟! ماذا ينقصها؟"
‎رد الرجل بصوتٍ عميق: "إنها تعبر عن الخوف، الخوف من الفشل، من النسيان. أنت لم تكتب بروح حقيقية، بل بروح مهووسة بالمجد، والهوس لا يُنتج خلوداً."
‎فجأة، أدرك عاصم شيئاً، لكنه لم يكن واعياً تماماً لماهية هذا الإدراك. جلس بصمت، وحدق في القصص المتناثرة حوله، كأنها أشباح غير مكتملة. شعر أن الحروف تخونه، كأن قصته الحقيقية لم تبدأ بعد.
‎وفي اللحظة التي همّ الرجل فيها بالمغادرة، لم يكن هناك اتفاق ينتهي، ولم يكن هناك انتصار أو هزيمة. فقط بقايا أحلام لم تتحقق، وغموض لا إجابة له.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندئذ…
- إيماءات
- مزيج غامض
- هو أنت…
- طيف السراب
- مسارات أزلية خارج الزمن ( رواية مكثفة )
- العلم والدين: تكامل ديناميكي - ونقد لأعداء الروحانية برؤية ح ...
- جرعات بنكهة السخرية
- في قيد الزمان
- ظلال الخيانة-سردية فلسطينية
- هوى بحري
- اغنيات لا تكتب في النهار
- أنشودة فلسطين الخالدة
- الإعلام الإسرائيلي: أداة في خدمة الاستعمار ومنظومة الأمن
- انطباع أولي حول رواية النهار بعد ألف ليل لمحمد هيبي
- مد لي يدك
- مد لي يدك
- مجموعة شعرية
- مدن الفراغ
- الضربة الإيرانية لإسرائيل: قراءة عسكرية ودلالات سياسية ثورية


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد خليل - ‎قصة: -رهان الظلال-