عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 8147 - 2024 / 10 / 31 - 15:58
المحور:
سيرة ذاتية
لم أكن أريدُ من مدينةٍ مثل بغداد، ما هو أكثرُ من رصيفٍ أستطيعُ المشيَ عليه.
بعد ثلاثةِ وسبعينَ عاماً، لم أعُد قادراً على إيجاد رصيفٍ كهذا، في مدينةٍ كهذه.
في نهايةِ وقتي هذا، ضاقَت علَيّ الدروب، واختفت الأرصفة.. كما اختفت البيوتُ والأشجارُ والبلابلُ والعصافيرُ والأُلفةُ والأصدقاء، وكما ماتَ النخلُ وضاعت ملامحُ النساءُ القديمات.
أتمشّى الآنَ على أرصفةِ مدينةٍ أخرى.. وحيداً.. حزيناً.. صامتاً.. غاضِباً.. خائفاً.. في محاولةٍ أخيرةٍ منّي للتصالحِ مع بلدي، ولتقاسمِ كُلّ هذا الأسى مع روحي، ومع الناس.
بلدي هذا، الخاذِل والمخذول.. والناسُ هؤلاء، الذين كنتُ أُحبُّهم بسذاجةٍ مُطلقة، وأحيا من أجلهم بإيثارٍ غيرُ قابلٍ للسَرد، إلى أن ماتَ فيهم كُلُّ شيءٍ جميل.. من "أبوذيّاتِ" الحزنِ الماطرِ من القَصَبِ الخالقِ لـ "الناي"، إلى "سوناتات" الفرح في بيانو موزارت.
نعم.. موزارت.
موزارتُ هذا.. موزارتُ الميّتُ.. في قلبِ كُلِّ مدينةٍ في هذا البلد، وفي روحِ كُلِّ واحدٍ من هؤلاءِ الناس.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟