أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - حكايةُ الجماعة في هذه الجُمعة وفي كُلّ جُمعة














المزيد.....

حكايةُ الجماعة في هذه الجُمعة وفي كُلّ جُمعة


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 8106 - 2024 / 9 / 20 - 16:21
المحور: الادب والفن
    


في قصة "بول دي سويف" *Boule DE Suif لـلكاتب الفرنسي "غي دي موباسان"، نجد مجموعة أشخاص يجتمعون في عربة، ويُسافِرونَ معاً دون أن يسبق لهم معرفة بعضهم بعضاً.
كان هدف الرحلة المشترك لجميع الركاب هو الهربُ من الحربِ الشرسة التي كانت تدور بين القوات البروسية الألمانية وبين القوات الفرنسية آنذاك.
جميع الرجال في العربة كانوا ينتمون اجتماعياً إلى الطبقة البرجوازية الفرنسية، وكانت معهم "سيدة" تسافُرُ وحيدة، سرعان ما تبيّن أنّها "فتاةُ هوى".
ورغم "وحدة المصير" التي كان يجب أن تجعل جميع الركاب "مُقاتلينَ" في "جبهةٍ" واحدة، من أجل تحقيق هدفٍ واحد، فقد "توافقَ" برجوازيو "العربة" على نبذِ تلك السيدة، لأنّ "أخلاقها لا تتفّقُ مع اخلاقهم".. وهكذا فقد تجاهل هؤلاء "وحدة الهَمِّ" و "وحدة المصير"، وتعامَلوا مع تلك السيدة بمزيجٍ من الاحتقار والتجاهل.
لكنّ الذي سيحدثُ لاحقاً هو أنّ العربة ستصل ذات لحظة إلى حاجزٍ للجيش الألماني، وسيتعامَل الضابط الألماني المسؤول عن الحاجز مع الرجال بكثيرٍ من القسوة باعتباره "قائداً" في جيش الاحتلال المُتحكِّم بمصائر البلاد والعباد.
وحين يكتشف الضابط وجود سيدة في العربة، سيعرِضُ على بقيّة المسافرينَ "صفقةً" مفادها، أنهُ سيتركهم يمضون إلى حال سبيلهم بسلامٍ آمنين، إن هو تمكّنَ من الحصول على تلك السيدة.
لكن السيّدةَ ترفضُ هذه الصفقة، استناداً إلى منطقٍ "وطنيٍّ" تحديداً، فهي لا تريد الاستجابةَ لرغبات ضابطٍ في جيشٍ "مُحتَلٍّ" لبلدها.
غيرَ أنّ هذا الموقف المُبرَّر وطنيّاً، سرعان ما سيتحوّل إلى عبءٍ هائلٍ على كاهل المسافرين الآخرين، الذين يجِب أن لا يَقِلّ منسوبُ "الوطنيّةً" لديهم، عن مستوى "وطنيّة" هذه السيدة، التي "تركَبُ" معهم في "العربة" ذاتها.
وهكذا.. وبدلاً من احترام الرجال لموقف السيدة الوطني، فإنهم يتوسّلونَ إليها لكي تقبل طلب الضابط، وتؤجِّلُ "وطنيتها"، وتُقلِّل منها "مرحليّاً" بعض الشيء.
في نهاية المطاف تقتنع السيدة بأنّ تضحيتها بجسدها ستكونُ في هذه الحالة "خدمةً للوطن"، فتستجيب لرغبات ضابط الاحتلال، ولو على مضض.
في صباح اليوم التالي، سيُتابِعُ جميع الركاب رحلتهم بسعادةٍ غامرة، باستثناء السيّدة "بول دي سويف" التي اعتقدت أنّها بالتضحية التي بَذَلَتها ستنالُ شيئاً من احترام "مواطنيها"، لتكتشِفَ أنّ احتقارهم لها قد زاد.
فهي الآن، في نظرِ جميع رُكّاب "عربةِ الوطنيّة"، لم تعُد مجرّدَ "فتاةِ هوى" تبيعُ جسدها لمن يشتري من "مواطنيها"، بل أصبحت "خائنةً" أيضاً، تُمارِسُ "وظيفتها" الأزليّةِ القذِرة مع "الأعداء"، ودون مقابل.
لقد تناسى رجالُ العربة "الباسِلونَ-الأشاوس"، إنّهم هم من كانوا يتوسّلونَ تلك السيدة أن تفعلَ ذلكَ قبل ساعات قليلة، من أجل انقاذهم من المصير البائس الذي كان بانتظارهم.

* هناك فيلم بذات الاسم عن القصة ذاتها.
- (نقلاً- بتصرُّف- عن مقال إبراهيم العريس.. على الرابط:
https://www.independentarabia.com/node/608137/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9/%D8%B9%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%B5%D8%B1%D8%AE%D8%A7%D8%AA-%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%B2%D9%88%D9%84%D8%A7-%C2%A0



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوحُ على الشاطيء.. ينتظرُ العائلة
- تارا التي لا تُحِبُّ الجنود
- دفاترُ الوقتِ طويل الأجل (2)
- أنا و يوسفُ الأسى وخلاصةُ خذلاني
- كَهفٌ واسعٌ لقلبي القديم
- انتِفاخ وتلاشي الفُقاعة العقارية في العراق(2021-2024)
- كَهفٌ واسعٌ لقلبي الوحيد
- محنةُ المُعاقين في الدولِ المُعيقَةِ والمُعاقَة
- الفتاة الذهبيّة ودولة السِكراب الصَدِئة
- دفاترُ الحرب (4) .. مقاطع من هذيانات جندي مُسِنّ، من بقايا ا ...
- السياسة النفطية في العراق واشتراطات تحالف (OPEC PLS)
- وقائعُ تاريخِ المِحنة في العراقِ الراهن
- كلفة التنمية وعائد التنمية وإدارة التنمية في العراق
- كُلُّ احتلال.. وأنتِ روحي
- سرقات اليوم الواحد وفساد القرن الكامل في العراق (2)
- سرقات اليوم الواحد وفساد القرن الكامل في العراق (1)
- هديلُ الحَمامِ الوحيد في كوكبِ المُشتري
- سرقات اليوم الواحد وفساد القرن الكامل في العراق (3)
- تلكَ الحياةِ المريرة
- كلفة التنمية وإدارة التنمية في العراق


المزيد.....




- حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
- عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و ...
- عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا ...
- كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ ...
- الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على ...
- مهرجان نوفا للموسيقى: قصص لم تُروَ من قبل ناجين من هجوم حماس ...
- لأول مرة.. الكشف عن مخطوطات قديمة من مكتبة خان القرم
- روسيا.. تدريب روبوت على الرسم بأسلوب الفنان التشكيلي
- في الذكرى السنوية للسابع من أكتوبر.. خامنئي يغرّد باللغة الع ...
- شموع وصلوات وموسيقى في إسرائيل لإحياء ذكرى هجوم 7 أكتوبر


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - حكايةُ الجماعة في هذه الجُمعة وفي كُلّ جُمعة