أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عزيز عمانوئيل - على حافة اللاشيء














المزيد.....

على حافة اللاشيء


نشوان عزيز عمانوئيل
Nashwan Aziz


الحوار المتمدن-العدد: 8142 - 2024 / 10 / 26 - 07:43
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة جدا






ستوكهولم
October 2024



فتحت عيني ببطء، لأجد نفسي ممددًا في غرفة بيضاء وسرير يشبه أحلامي التي لاتعني شيئاً ، الطبيبان على يساري، يبدوان وكأنهما جزء من لوحة فنية سيئة الرسم، مجرد خطوط ملونة بلا معنى. نظرت إلى الجدار المقابل، كان مغطى بمعادلات رياضية تطير كفراشات منسية. لحظة واحدة... هذا ليس الواقع. لكن، من قال إن الواقع موجود أصلًا؟ أغمضت عيني مرة أخرى، علّني أعود إلى اللاوجود. ذلك المكان الرائع، حيث لا شيء يعني شيئًا.

في سري، قلت بصوت لم يسمعه أحد:
Fu** me
"ليس مرة أخرى!" لم أكن بحاجة لأن يسمعني أحد، فالأنابيب التي تملأ جسدي كانت كافية لإخراسي. هل هو السبت؟ الأحد؟ سألت الممرضة، فجاء الرد: "الأربعاء." الأربعاء؟ مضحك. الأيام هنا ليست سوى أسماء مجردة، لا تختلف عن تلك المعادلات المتطايرة على الجدران. أردت أن أضحك، لكن جسدي كان منهكًا، مثقلًا بعبء الحياة التي لم أطلبها.

بدأت أفكر. كيف جئت إلى هنا؟ ومن أتى بي؟ الأهم، ما الذي يعرفونه عني؟ هذه ليست المرة الأولى التي يحاولون فيها حبسي هنا. لكن هذه المرة، الأمور أكثر تعقيدًا. كنت عاريًا، بلا متعلقات، بلا هوية، بلا حذاء حتى.
الثلج في الخارج ينتظرني كعقاب صامت. لكن لا يهم. كل ما أحتاجه هو الوقت. سأتحسن جسديًا، سأنفي عن نفسي التهم، سأقنعهم أنني طبيعي تمامًا، أو على الأقل طبيعي بما يكفي ليتركوني أخرج.

الأيام تمر، وأنا أحاول التوازن على حافة اللامعنى. كان جسدي يتعافى ببطء، لكن نفسيتي؟ لا أحد يسأل عن ذلك. ربما لأنهم يعلمون أنها ليست موجودة أصلًا. كانوا يريدونني أن أكون مستقرًا، أن أبدو طبيعيًا. ففعلت ما يطلبونه. ابتسمت عندما يجب أن أبتسم، ولمحت ببعض التفاؤل الزائف في نظراتي. كل ذلك كان جزءًا من خطتي. كنت بحاجة إلى الخروج. ليس لأن الحياة تنتظرني بالخارج، بل لأنني أردت أن أكون في مكان آخر، أي مكان آخر.

مر الوقت ، وبدأت أستعيد قوتي. كانوا يراقبونني، لكنهم لم يروا شيئًا. كانوا يتوقعون أن أنفجر، أن أظهر لهم أنني محطم، لكنني لم أفعل. كنت هادئًا كالموت، باردًا كالجليد الذي ينتظرني في الخارج. ثم جاء اليوم. وقفت أخيرًا، أرتدي جوارب المستشفى، وأتخيل نفسي أخطو على الثلج. كانت خطواتي الأولى نحو الحرية، أو نحو العبث ذاته.

الآن، بعد عدة أسابيع ، أكتب هذه السطور. ولا شيء تغير. الذكريات هي مجرد شريط ملون، لا طعم له ولا رائحة. بيني وبين تلك اللحظات، هاوية من اللاشيء. كل ما أعرفه هو أنني كنت هناك، ثم لم أكن. كانت تلك أجمل لحظة في حياتي، أو ربما أكثرها عبثًا.



#نشوان_عزيز_عمانوئيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغنية النهر
- الإنجاب بين الغريزة والواجب الأخلاقي
- لغة النار
- ثلاث قصص قصيرة
- سمفونية الفراغ
- قصة قصيرة إلينورا
- قصة قصيرة
- أرواح الليل
- مرايا الليل
- همسات مجهولة
- قصائد هايكو
- مسرحية
- وجهة نظر.... الفلسفة
- وقفة نقدية
- الأماكن الفارغه
- نون النسوة
- قصة قصيرة. طائرة ورقية
- لن تهدأ.. قراءة نقدية
- ضوء
- وجع الغيمة


المزيد.....




- قضية صور ريهام عبد الغفور.. نقابة المهن التمثيلية تتدخل وتتخ ...
- إعلان بيع وطن
- أفلام من توقيع مخرجات عربيات في سباق الأوسكار
- «محكمة جنح قصر النيل تنظر دعوى السيناريست عماد النشار ضد رئي ...
- منتدى الدوحة 2025: قادة العالم يحثون على ضرورة ترجمة الحوار ...
- بدا كأنه فيلم -وحيد في المنزل-.. شاهد كيف تمكن طفل من الإيقا ...
- -رؤى جديدة-.. فن فلسطيني يُلهم روح النضال والصمود
- رسائل فيلم ردع العدوان
- وفاة محمد بكري، الممثل والمخرج الفلسطيني المثير للجدل
- استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عزيز عمانوئيل - على حافة اللاشيء