أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عزيز عمانوئيل - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


نشوان عزيز عمانوئيل
Nashwan Aziz


الحوار المتمدن-العدد: 7918 - 2024 / 3 / 16 - 04:49
المحور: الادب والفن
    


همسات من العدم!!

قصة قصيرة..

هذه قصة حقيقية من قلب الخيال وليس لها علاقة بالواقع....

لم أكن أتخيل يومًا أن دخولي منزل جارتي القريب من الغابة جنوب ستوكهولم سيقلب مفهومي عن الواقع رأسًا على عقب.
كانت جارتي السويدية الشقراء قد غادرت المدينة لأسابيع قليلة، وطلبت مني رعاية نباتاتها خلال غيابها. بدا الطلب بسيطًا وعاديًا، لكني كنت على وشك الدخول في دوامة من الأحداث الخارقة.

في أول زيارة لي للمنزل، كان الجو ملبدًا بالغيوم والرياح تعوي معلنة عن عاصفة قادمة. لم يكن هناك ما يثير الريبة في البداية، فالمنزل كان عاديًا من الخارج، واقعًا في حضن الطبيعة، ويبدو كأي منزل آخر في تلك المنطقة. لكن، بمجرد أن وطأت قدمي داخله، شعرت ببرودة غريبة تسري في الأجواء، برودة لا تنسجم مع حرارة الصيف خارج الجدران.

كنت أسير في الممرات، أتفقد النباتات وأسقيها، عندما لاحظت أن بعض الأشياء لا تبدو على ما يرام. الأثاث كان يبدو كما لو أنه تم تحريكه بشكل طفيف من مكانه، والصور على الجدران كانت مائلة بزوايا عشوائية. في البداية، اعتقدت أن ربما الرياح القوية قد تسببت في هذا، لكن كيف يمكن للرياح أن تؤثر على الأشياء داخل المنزل المغلق؟

أصوات خافتة بدأت تتسرب إلى أذني، أصوات تبدو كهمسات لا يمكن تفسيرها. في البداية، ظننت أنني أتخيلها بسبب الهواء الذي يتسرب من النوافذ، لكن الهمس استمر، أصبح أكثر وضوحًا، كأنه يدعوني نحو الغابة المظلمة خلف المنزل. شعرت بالرغبة في الفرار، لكن فضولي دفعني لاستكشاف المصدر.

وصلت إلى الباب الخلفي الذي يفتح نحو الغابة، وبينما يدق قلبي بشدة، فتحت الباب لأجد الظلام يلتهم كل شيء. لم يكن هناك شيء مرئي بالخارج سوى ظلمة الغابة التي تبدو كأنها تحبس أنفاسها في انتظار شيء ما. عدت أدراجي إلى الداخل، محاولًا إغلاق الباب خلفي، لكني شعرت بيد باردة تلمس كتفي. استدرت بسرعة لأجد... لا شيء. لم يكن هناك أحد.

تلك الليلة، لم أستطع النوم. الأحداث التي شهدتها كانت تدور في ذهني، ترفض الاستقرار. في الصباح التالي، وجدت نفسي مدفوعًا برغبة لا يمكن تفسيرها للعودة إلى المنزل، لاكتشاف ما يحدث حقًا. لكني كلما اقتربت من الحقيقة، كلما ازدادت الأمور غموضًا.

كل زيارة تالية للمنزل كشفت مزيدًا من الألغاز. الأشياء كانت تتحرك من تلقاء نفسها، والأصوات أصبحت محادثات غير مفهومة تهمس من خلال الجدران. بدأت أشعر بأني لست وحدي في هذا المنزل، بل هناك من يشاطرني الإقامة، كائن لا يمكن رؤيته لكن يمكن الشعور به.

في إحدى الليالي، قررت البقاء حتى وقت متأخر في المنزل، مسلحًا بالشجاعة ومصباح يدوي. جلست في الصالة، النقطة المركزية للأحداث الغريبة، وانتظرت. لم يمض وقت طويل حتى بدأت الهمسات مجددًا، تتبعها خطوات خافتة تصدر من الطابق العلوي. تبعت الصوت بحذر، متتبعًا كل خطوة حتى وصلت إلى غرفة كانت دائمًا مغلقة خلال زياراتي السابقة.

في تلك اللحظة، شعرت بنفس اليد الباردة تلمسني مجددًا، لكن هذه المرة لم أهرب. استدرت ببطء، وبالضوء الخافت من مصباحي، رأيتها. كانت ظلال شخص، أو شيء، يقف في الزاوية، يراقبني. لم أستطع رؤية ملامحه بوضوح، لكن شعرت بنظراته تخترقني.

"من أنت؟" تمتمت، لكن دون جواب. الظلال تحركت، كأنها تدعوني لاتباعها، وهذا ما فعلت. قادتني إلى غرفة مغبرة، مليئة بالكتب القديمة والصور. في وسط الغرفة، كان هناك صندوق خشبي قديم. فتحته بتردد، لأجد داخله مذكرات ورسائل قديمة تعود لسكان المنزل الأصليين، تحكي قصة حب وفقدان وأسرار دفينة تخص هذا المنزل والغابة المحيطة به.

كلما قرأت، بدأت أشعر بالسلام تجاه الأرواح التي كانت تسكن هذا المكان. كانوا لا يريدون إيذاء أحد، بل كانوا يبحثون عن الاستماع والفهم. قررت إعادة الصندوق إلى مكانه، وعندما فعلت، شعرت بالبرودة تختفي، والهمسات تسكن.

منذ تلك الليلة، لم أشهد المزيد من الأحداث الغريبة في المنزل. بدا كما لو أن الأرواح وجدت الراحة، وأنا وجدت قصة لا تُنسى. عندما عادت جارتي، لم أخبرها بما حدث. بدلاً من ذلك، اكتفيت بسقي النباتات والعناية بالمنزل كما وعدتها. ربما كان من الأفضل أن تظل بعض الأسرار مدفونة، خاصة تلك التي تحمل ثقلاً عاطفيًا كبيرًا وتاريخًا غامضًا.

مع مرور الوقت، بدأت أنظر إلى المنزل القريب من الغابة بنوع من الاحترام والعجب. لم يعد مجرد بناء قديم، بل أصبح شاهدًا على قصة حب خالدة وروابط تتجاوز الزمان. أدركت أن الحياة تحمل في طياتها ألغازًا وقصصًا لا يمكن للعقل أن يفسرها دائمًا، وأن بعض هذه الأسرار يمكن أن يجد طريقه إلى الضوء، بينما يظل البعض الآخر مخفيًا في الظلال، ينتظر من يكتشفه.

في كل مرة أمرّ بجوار الغابة الآن، أرسل تحياتي الصامتة إلى سكان المنزل الغائبين، ممتنًا لهم على تذكيري بأن العالم الذي نعيش فيه مليء بالعجائب والأسرار التي تنتظر الكشف. وبينما تتابع الحياة مجراها في ستوكهولم، يظل المنزل القريب من الغابة جنوب المدينة، بكل ما يحويه من ألغاز، نقطة مضيئة في ذاكرتي، تذكيرًا بأن العالم أوسع وأعمق مما قد نتخيل.

نشوان عزيز
ستوكهولم //



#نشوان_عزيز_عمانوئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرواح الليل
- مرايا الليل
- همسات مجهولة
- قصائد هايكو
- مسرحية
- وجهة نظر.... الفلسفة
- وقفة نقدية
- الأماكن الفارغه
- نون النسوة
- قصة قصيرة. طائرة ورقية
- لن تهدأ.. قراءة نقدية
- ضوء
- وجع الغيمة
- قصة قصيرة.. إشراقة موت
- زمن الكورونا
- قانون الاحوال المدنية العراقي
- قادمون يانينوى
- معركة تحرير الموصل
- رسالة الى العراق
- العراق وابواب الجحيم


المزيد.....




- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عزيز عمانوئيل - قصة قصيرة