أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إدريس ولد القابلة - ثقافة قول -لا- عند اللزوم














المزيد.....

ثقافة قول -لا- عند اللزوم


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1780 - 2006 / 12 / 30 - 12:29
المحور: حقوق الانسان
    


قول كلمة "لا" عند اللزوم.. قد يبدو الأمر سهلا أو عاديا لكنه في واقع الأمر هو نتاج لثقافة، ثقافة قول "لا" عند اللزوم، وهي ثقافة تتجلى أهميتها بالخصوص في المراحل الانتقالية، الانتقال من مرحلة مؤسسات الدولة إلى مرحلة دولة المؤسسات، ومن قانون وحق الدولة إلى دولة الحق والقانون، ومن موقع الرعية إلى موقع المواطنة، ومن الاستبداد إلى الديمقراطية، ومن الاستفراد بصناعة القرار إلى المشاركة السياسية، ومن الحيف الاجتماعي إلى العدالة الاجتماعية... فكل أنواع هذا الانتقال لا تقع على الدولة فقط، وإنما بالأساس على مختلف الفاعلين السياسيين وفعاليات المجتمع المدني، وإذا لم يكونوا في المستوى المطلوب فإن مسلسل التغيير عموما، ومسلسل الانتقال على وجه الخصوص في المرحلة الحالية سيتعثر، وقد أصبحت معالم تعثره شاخصة للعيان عندنا.
فمن المعلوم أنه في أي مرحلة انتقالية، محكوم على الفاعلين المعنيين بالتواصل والحوار لاستكشاف الفضاءات المشتركة من أجل تنميتها وتطويرها، لتحقيق كل ما من شأنه أن يخدم البلاد. كل هؤلاء الفاعلين سيعون للفعل في الواقع، انطلاقا من رؤى ومن تصورات.. من مشروع مجتمعي يتراءى لهم في الأفق القريب أو البعيد، لذا يمكنهم أن يكونوا أحيانا خصماء في الرأي، إلا أن الحوار من شأنه تقريب الرؤى أو على الأقل تقديم التعرف على الرأي الآخر. وغياب الحوار الجاد و المسؤول من المؤشرات التي تبين شكلية وظاهرية التعددية السياسية، في وقت يبدو فيه بجلاء قبول الخلاف والاختلاف ظاهرة بشرية واجتماعية تؤسس للتنوع، بل هو حقيقة قائمة، تعتبر إحدى عناصر الحركية المجتمعية التي من شأنها ضمان أن لا يخلف المغرب موعده مع التاريخ، وبالتالي عدم تضييعه مثلما كان يقع سابقا. وفي هذا الصدد فإن تحرك المجتمع المدني ظاهرة صحية جدا، تدعو إلى الاطمئنان وليس إلى القلق أو إلى تفعيل الهراوات الأمنية، ولعل أبرز مجال لهذا التحرك هو تفعيل الحوار المجدي بين مختلف فعالياته، وهو الحوار الذي يستوجب الإقرار الواضح بان المجتمع ككل، من حقه المساهمة في رسم الحياة السياسية دون تفويض أو إنابة من أحد. فرغم تباين الأفكار واختلاف المواقف والتصرفات وتنافر معايير النظر والتقييم، فإن قيمة الحرية والإنصاف والتسامح لابد وأن تظل راسخة، وهذا كاف وزيادة لإرساء فضاء للحوار المجدي، حوار بعيد عن التأييد دون شروط أو المعارضة دون نظر، إذن الحوار هو القبول المبدئي بالاختلاف وبالآخر والتعايش معه، إنه قبول تلاقي تجارب ميدانية مختلفة وخلفيات تاريخية وإيديولوجية وربما عقائدية متباينة، إلا أن خلق فضاءات للحوار المجدي يستوجب جملة من الشروط القبلية : احترم حرية الرأي والإقرار بها، وحرية التعبير والإعلام، حرية التجمع السلمي دون الخضوع لإرادة إدارة أو جهة، حرية تأسيس الجمعيات دون قيد أو شرط، وكذلك يستوجب وجود قضاء نزيه مستقل لضمان التمتع بكل هذه الحريات، إنه يتحتم علينا ترسيخ ثقافة الحوار والتواصل لأننا ملزمون بالاقتناع بعدم وجود حقيقة وحيدة، ما دمنا نعيش في فضاء التعددية، في هذا الإطار تتضح أهمية ثقافة قول "لا" عند اللزوم، فالتربية على قول "لا" حين يتعين ذلك لمناهضة ثقافة "نعم" على الدوام، هي ضرورية للتصدي لترسيخ تقليد القول وتكريس الخنوع، فلابد من قول "لا" للظلم، و"لا" للقهر و"لا" للاستعباد و"لا" للإقصاء والتهميش و"لا" للإذلال و"لا" للفساد والإفساد، و"لا" للدوس على الكرامة، و"لا" للاستخفاف بعقول الناس و"لا" للاستبلاد و"لا" للاستحمار، فلا مندوحة عن الاعتياد على قول "لا" عند اللزوم والثبات على قولها وقتما تعين ذلك، في أي موقع ومهما كان الظرف.
وقد تبدو ثقافة قول "لا" عند اللزوم مدعاة لنشر ثقافة الضد لما هو سائد، ولكنها تظل من بين المؤشرات المهمة في حد ذاتها ولذاتها، لأنها أولا تعتبر تخطي لحاجز القدسية للسلطة والخوف المسبق منها، وهذه هي الخطوة المبدئية الأولى لتقبل المجتمع للجديد من الحلول والأفكار. ومن المعلوم أن هذه الثقافة غير منسجمة، إذ كل منّا ينطلق من اختيار اللغة التي تناسب وعيه وقناعاته في التعبير عن حالته الرافضة للسلطة، وطبعا هذا لا يعني أن انتشار ثقافة قول "لا" عند اللزوم هي خلق حالة انتفاضية رافضة لكل شيء في المجتمع، فهي نوع من أنواع ثقافة الرفض البناء للسلطة وتكون مؤشرة أو محددة لحالة نضوج الثقافة الديمقراطية، علاوة على أنها مؤشر واضح على عجز كل نوع من أنواع السلطة الاستبدادية والمهيمنة، عن إنجاز مهامها التنموية والثقافية.
وتتخذ هذه الثقافة أشكالا متعددة، قد يكون التعبير عن الرفض بنكتة ساخرة أو بموقف صريح أو بانتقادات عابرة، هي غالبا ما تنبع دون أي تأطير أو تنظيم، خلافا للثقافة الديمقراطية المبنية على مبادئ وقيم محددة، لكن ثقافة قول "لا" عند اللزوم تؤسس للثقافة الديمقراطية إن أحسنت القوى الديمقراطية استغلالها والنهوض بها من حالتها السلبية إلى حالتها الإيجابية، فلماذا إذن نتخوف من ثقافة قول "لا" عوض تشجيعها؟
إدريس ولد القابلة
رئيس تحرير أسبوعية المشعل



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا مواطنة مع الإقصاء والتهميش
- هل يصرح الملك بممتلكاته ليكون قدوة للآخرين؟
- كيف يتحكم الجنرالات في السياسة بالمغرب؟
- جودة التعليم والسكن اللائق حلمان أجهضا منذ سنوات
- الجدال حول -لا إنسانية- عقوبة الإعدام لم ينضج بعد
- القضية رقم 502/2006 لماذا لم يجرد بيريتز من جنسيته المغربية؟
- مفهوم العمل التطوعي بالمغرب
- الشبابقراطية ضرورة تاريخية
- حل قضية الصحراء لازال بعيدا والخوف كل الخوف من تدخل أمريكي ب ...
- الأيدز بالمغرب إلى أين؟
- جولة سريعة في كتاب -ضباط جلالة الملك-
- هل ممكن محاكمة المغرب
- القضاة يحكمون باسم الملك لكن هل يثق المغاربة ب قضاءهم؟
- إعدام عقوبة الإعدام بالمغرب
- زكاري كاتنيلسون – محامي جمعية - روبرايف-
- الجنرال حسني بنسليمان رمز من رموز سنوات الجمر و الرصاص بالمغ ...
- فؤاد عالي الهمة رجل الدولة القوي الذي أنقذ العنيكري
- سبع سنوات من حكم الملك محمد السادس ، هل الملك في ورطة ؟ الجز ...
- إدريس البصري و مسؤولية قتل 5000 مغربي
- الدكتور المهدي المنجرة النص الكامل للقاء الذي أجرته معه قناة ...


المزيد.....




- سوناك: تدفق طالبي اللجوء إلى إيرلندا دليل على نجاعة خطة التر ...
- اعتقال 100 طالب خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة بوسطن
- خبراء: حماس لن تقايض عملية رفح بالأسرى وبايدن أضعف من أن يوق ...
- البرلمان العراقي يمرر قانونا يجرم -المثلية الجنسية-
- مئات الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن الأسرى بغزة ...
- فلسطين المحتلة تنتفض ضد نتنياهو..لا تعد إلى المنزل قبل الأسر ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون نتنياهو بإعاد ...
- خلال فيديو للقسام.. ماذا طلب الأسرى الإسرائيليين من نتنياهو؟ ...
- مصر تحذر إسرائيل من اجتياح رفح..الأولوية للهدنة وصفقة الأسرى ...
- تأكيدات لفاعلية دواء -بيفورتوس- ضد التهاب القصيبات في حماية ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إدريس ولد القابلة - ثقافة قول -لا- عند اللزوم