أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - هل يصرح الملك بممتلكاته ليكون قدوة للآخرين؟















المزيد.....



هل يصرح الملك بممتلكاته ليكون قدوة للآخرين؟


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1779 - 2006 / 12 / 29 - 11:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تقديم جانبي
مع حلول العهد الجديد أرسل الملك محمد السادس جملة من الإشارات، سارت في اتجاه الحث على ضرورة اعتماد الشفافية كأنجع سبيل لتخليق الحياة العامة. وفي هذا الإطار كثر الحديث مؤخرا حول قانون التصريح بالممتلكات، "حفيد" الشعار الذي تم رفعه منذ الاستقلال، "من أين لك هذا؟"، وتناسلت تساؤلات حول هذا القانون وحول المعنيين به وحول حق الشعب المغربي في معرفة ممتلكات القائمين على الأمور وعلى رأسهم الملك.. وفي خضم هذه التساؤلات، برز سؤال استأثر باهتمام الكثيرين، وهو: هل يصرح الملك بممتلكاته ليكون قدوة للآخرين؟ علما أن أجر الملك لا يعتبر أعلى أجر بالمغرب.
+++++++++++++++++
على سبيل البدء
التصريح بالممتلكات، قانون وضع ضمن رؤية حددت مقاصد توفير آليات وسائل لتخليق الحياة العامة، التي ظل ينادي بها الجميع منذ حصول البلاد على استقلالها. وقانون التصريح بالممتلكات هو إحدى هذه الآليات، ورغم أنه أقل أهمية مقارنة بآليات أخرى، فإنه مدخل لا مندوحة منه. وباعتبار أن الملك محمد السادس، في ظل عجز الأحزاب السياسية عن القيام بالدور المنوط بها كاملا غير منقوص، وفي ظل البطء الشديد لأداء الحكومة، وأحيانا لعثراتها، دأب على أخذ المبادرة لتسريع الوتيرة، فارتفعت أصوات تنادي بقدوم الملك على التصريح بممتلكاته ليكون قدوة للآخرين في هذا المجال، كما سبق له وأن كان قدوة في مجالات ومناسبات أخرى. إلا أن المواقف تباينت بهذا الخصوص؛ فهناك موقف يرى أن على الملك، كقائم على الشأن العام، أن يصرح بممتلكاته عملا بمقتضيات دولة الحق والقانون وقواعد التجاوب الحضاري، في حين يرى البعض الآخر أن الملكية بالمغرب فوق الدستور والقانون، وبالتالي لا يمكن تصور تحقيق مثل هذه المبادرة، حتى لو كانت غايتها إعطاء المثل وتشكيل القدوة.
ومهما يكن من أمر، إن الملك بالمغرب يسود ويحكم، ويتدخل في مختلف المجالات. يعين الوزير الأول، وهو رئيس السلطة التنفيذية، ويمكنه الإقرار بقوانين بواسطة الظهائر الملكية، ولا يمكن تطبيق أي قانون دون المصادقة عليه من طرفه، وله صلاحية رفض أي مشروع قانون وإعادة عرضه على البرلمان قصد التعديل، وليس من حق هذا الأخير أن يمتنع عن ذلك، وإن لم يتم التعديل، فللملك حق اللجوء إلى الاستفتاء. فالملك بالمغرب مؤسسة تحتكر السلطة، وهو سلطة لا تحاسب ولا تساءل، لا سياسيا ولا قضائيا. وعلى هذا الأساس يرتكز أصحاب الرأي، الذي يستبعد قيام الملك بمبادرة التصريح بممتلكاته ليكون قدوة للآخرين.
لكن من جهة أخرى، إن ثروة الملك بالمغرب لم تعد سرا، ولم تعد تحجبها الخطوط الحمراء، وقد ساهمت الصحافة المستقلة في تكسير الطابو المرتبط بها، وكذلك – وهذا غالبا ما يتناساه الكثيرون – ساهم في تكسيره استعداد الملك محمد السادس، عبر جملة من الإشارات، لاعتماد الشفافية كركن من أركان الحكامة الجديدة، كما أن الميزانية العامة هي التي تمول راتب الملك وأعوانه والعائلة الملكية ومصاريف القصور والإقامات الملكية والحاشية والخدم والعاملين بالهيئات المحدثة خارج إطار الحكومة والهيئات المخصصة لبعض الجهات، وهذا هو المدخل الذي يرى من خلاله البعض إمكانية تحقيق قيام الملك بمبادرة التصريح بممتلكاته.
فهل يمكن مطالبة الملك بذلك، ليكون قدوة للمسؤولين الكبار والقائمين على الأمور للقيام بالمثل، ليس لمجرد تطبيق إجراءات ينص عليها القانون وإنما توخيا للشفافية؟
+++++++++++++
التصريح بالممتلكات.. هل ينطبق على الملك؟
التصريح بالممتلكات إجراء ينطبق على أصناف من المسؤولين والقائمين على الشأن العام بالمغرب، لغاية معلومة ومقاصد محددة، فهل ينطبق على رئيس الدولة؟
في واقع الأمر، وحسب اتفاق الكثير من المحللين السياسيين والمفكرين، إن إشكالية التصريح بالممتلكات مرتبطة أساسا بالانتقال من دولة الأشخاص إلى دولة المؤسسات، والمغرب قطع أشواطا هامة في عهد محمد السادس على درب ترسيخ هذه الدولة.
لقد تأكد منذ فاتح نونبر 1999 أن الملك محمد السادس يريد تفعيل قانون التصريح بالممتلكات، وهذا ما أكدته الرسالة الملكية الموجهة للمناظرة، حول دعم الأخلاقيات في المرفق العام، المنعقدة بالرباط في غضون شهر أكتوبر من سنة 1999، والتي جاء فيها: "لابد من تفعيل قانون الإقرار بالممتلكات حتى يستجيب للآمال المنوطة به لوقاية الصرح الإداري من كل ما يخل بالسلوك المرغوب فيه"؛ وقد تزامنت هذه الرسالة مع الإقرار بأن المعطيات المتوفرة لدى العام والخاص تؤكد أن العديد من الأشخاص اغتنوا بمجرد دخولهم دواليب السلطة والسياسة، خاصة وأن التلاعبات في مجال الصفقات والأموال العمومية شكلت سبيلا من سبل الاغتناء المفضوح. ومما زاد الأمر تعقيدا إنه لا يمكن للمواطن الإعلام بالشبهات حتى ولو رآها بعينه، سواء تعلق الأمر بسرقة المال العام أو عمليات الارتشاء؛ ومن هنا تتأكد صعوبة متابعة أو ضبط المرتشين المتلاعبين بأموال ومؤسسات البلاد، مما فاقم هذه الصعوبة وجعلها من المعيقات الأساسية لنوايا الإصلاح إن وجدت.
وحسب الكثيرين، تتأكد مبادرة الملك بالتصريح بممتلكاته كقدوة في ظل استمرار تعطيل تفعيل هذا القانون، هذا في الوقت الذي أضحى يتبين فيه أن غنى المسؤولين أصبح يتم بطرق "شبه شرعية"، مادامت لهم القدرة دائما على تأسيس شركات لأفراد عائلتهم وتكوين شبكات لتبادل الصفقات، ومادامت الأساليب متوفرة ومتعددة، بفعل تعدد ثغرات القوانين واستشراء الفساد والرشوة. علما أنه كيف ما كان الحال لن يكون التصريح بالممتلكات على شاكلة تصريح من أين لك هذا؟
من البديهي أن الملك غير ملزم من الناحية القانونية بالتصريح بممتلكاته أو بتأدية أي حساب كما يقال، لكن من الناحية الأخلاقية يمكن أن يقوم بذلك ليمثل القدوة الواجب إتباعها من طرف كبار المسؤولين والقائمين على الأمور عندنا، وإن الوضعية الاعتبارية ستجعل لهذه القدوة تأثيرا مباشرا وفوريا على أرض الواقع، أكثر من أي قانون مهما كانت قوته.
ومن المعلوم أيضا أن قانون التصريح بالممتلكات بالمغرب ليس جديدا، وإنما سبق العمل به، إلا أن الصيغة التي طبق بها لم تترك أي أثر على أرض الواقع المعيش. وإذا كان شعار "من أين لك هذا؟" معروفا منذ فجر الاستقلال، فإن قانون التصريح بالممتلكات أثار لغطا وسخطا منذ منتصف السبعينيات.
وبالرجوع إلى التاريخ يلاحظ أن شعار من أين لك هذا؟ هو شعار استقلالي بامتياز (نسبة لحزب الاستقلال)، وجاء آنذاك كمطالبة مباشرة لضرورة محاسبة ومساءلة القائمين على تدبير الشأن العام. لكن مع الأسف الشديد، وبالرغم من طرحه مبكرا، فقد ظل شعارا بدون محتوى وبدون آليات التفعيل. وأقصى ما وصل إليه سياسيونا أنهم دأبوا على استعماله لمجرد التلويح في الحملات الانتخابية، وللمزايدة في المعارك السياسية والصراعات الداخلية، وكانت النتيجة على أرض الواقع المعيش تزامن التلويح بهذا الشعار مع استفحال الثراء غير المشروع على حساب قضايا مصيرية كبرى وعلى حساب مصالح أوسع فئات الشعب المغربي؛ وقد ساعد على تكريس هذا الوضع اعتماد النظام على الامتيازات والولاءات، وتشجيع اقتصاد الريع وحشد آلياته وتوسيع دوائره بفضل المصاهرات العائلية والمحسوبية والزبونية.
ومن المعلوم كذلك أن التصريح بالممتلكات أثار ضجة كبيرة قادتها المعارضة منذ 1995، ورغم الإقرار به ظلت كل إجراءات تفعيله مهملة وبذلك لم يتم تفعيله. وهذا رغم أن الذين رفعوا شعار "من أين لك هذا؟" أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، هم الذين تحملوا تدبير شؤون البلاد منذ سنة 1998، سواء ضمن حكومة عبد الرحمان اليوسفي أو حكومة إدريس جطو، ولم يخف على أحد أن المغاربة ظلوا ينتظرون على امتداد 50 سنة تفعيل "من أين لك هذا؟" ولم يسبق أن تم تفعيله ولو مرة واحدة، وبالمقابل ظلوا يعانون مختلف ألوان نهب الثروات والثراء غير المشروع على حساب الصالح العام ومستقبل البلاد.
وبموازاة مع هذه السيرورة لم يتم الاهتمام قطعا بإشكالية ضرورة إعادة النظر في نمط توزيع الدخل والثروات، رغم أنها تشكل حجر زاوية أي تغيير فعلي، من شأنه تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع المعيش بالنسبة للأغلبية الساحقة من المغاربة.
ومن هنا يبرز التساؤل: لماذا مازال القائمون على الأمور عندنا يتجنبون التطرق لهذه الإشكالية الجوهرية، إذ لا إصلاح ولا تغيير فعليين دون المرور عليها.
وتظل الغاية من قانون التصريح بالممتلكات، هي التمكن من كشف حجم تطور ثراء الموظفين السامين والقائمين على الشأن العام وأصحاب المواقف النافذة لمصادر المال العام والاحتراز من الغنى غير المشروع.
وهو ما يدخل في إطار توفير الشروط لمناهضة استغلال النفوذ والتصرف في المال العام دون وجه حق، وقطع الطريق على المرتشين والمتاجرين في الذمم على حساب الصالح العام. والتصريح بالممتلكات، في مناخ تسود فيه الديمقراطية، هو بمثابة وعد باعتماد النزاهة والشفافية اللتين بدونهما لن يستقيم تخليق الحياة العامة.
لكن يبدو أن هناك أسبابا ودوافع ساهمت بقوة في عدم تفعيل قانون التصريح بالممتلكات وتطبيق ما يترتب عنه من إجراءات، فالأمر لم يكن يوما مرتبطا بفراغ قانوني وإنما بالإرادة السياسية، فلو حضرت الإرادة الصادقة لحماية المصلحة العامة، فإن المغرب يتوفر الآن على ترسانة من القوانين والآليات، على علتها ونواقصها، لكان تم تفعيلها إيجابيا.
+++++++++++++++++++++++++++++++
الملك فاعل اقتصادي
يذهب أصحاب الرأي القائل بتصريح الملك بممتلكاته، انطلاقا من كونه القائم الأول على الشأن العام بالبلاد، لكن بجانب هذا الدور الأصلي الذي يقوم به الملك، فهو كذلك فاعل اقتصادي مهم بالمنظومة الاقتصادية الوطنية. وقد تباينت الآراء بخصوص الدور الاقتصادي للملك، فهناك من يراه عاديا لا يدعو لاستغراب، وهناك من يرى في هذا الوضع موطنا لتضارب المصالح بامتياز، وبالتالي فإنه لا يستجيب للمفهوم الليبرالي ومن شأنه أن ينال من شروط المنافسة.
هكذا، وبالاعتماد على جملة من المعطيات المتوفرة، يقر البعض أن الملك أضحى الآن رجل الأعمال الأول والمقاول الزراعي الأول ممثلا إحدى أهم ثروات البلاد، إن لم تكن أهمها إطلاقا.
إن الملك بالمغرب الآن فاعل اقتصادي أساسي، وفي هذا الصدد يعتقد البعض أن عليه أن يتخلى عن ممارسة أي نشاط اقتصادي. وأصحاب هذا الرأي يذهبون إلى حد المطالبة بتعديلات دستورية تنص على عدم ملاءمة السلطة الملكية مع أي نشاط اقتصادي، ويستدل هؤلاء بما عليه الحال بالمغرب بخصوص بعض الوظائف والمهن، فمثلا القضاة ممنوعون من ممارسة أي نشاط اقتصادي أو تجاري، وكذلك الأمر بخصوص المحامين.
كما يعتبر أصحاب هذا الرأي أنه في ظل مرحلة الانتقال الديمقراطي، وجب تفادي وضعية تضارب المصالح، وبهذا الخصوص يرى هؤلاء إيجابية تخلي الملك عن لعب دور رجل الأعمال الأول والفاعل الاقتصادي الأساسي بالبلاد، حتى لا ينافس المقاولين ويسيطر على المنظومة الاقتصادية الوطنية، لاسيما وأن دوره حقق الهدف المنتظر منه، إذ عمل على تغيير وجه الرأسمالية المغربية كضرورة، لتأهيلها للتصدي لانعكاسات العولمة ومسايرة مقتضياتها.
على هذا المسار واستجابة لضرورات ظرفية فرضها المناخ العالمي والتحولات الكونية، عمل الملك على تقوية موقع العائلة الملكية المالي والاقتصادي. وبذلك أصبح الفاعل الاقتصادي الأول، ويمكن ملاحظة هذه الحقيقة من خلال امتداد الحياة اليومية؛ فالحليب ومشتقاته والسكر وحلويات بيمو بمختلف أنواعها وزيت المائدة والماء المعدني ومصبرات السمك (مارونا) وغيرها، كلها من إنتاج شركات ووحدات تابعة لـ "سيجر" أو "الشركة الوطنية للاستثمار" أو "أونا"، وكذلك الأسواق الكبرى التي تعرض بها في مختلف كبريات مدن المغرب (أسيما ومرجان)، ونفس الشيء بالنسبة لأهم مؤسسة بنكية موجودة حاليا بالمغرب (التجاري وفا بنك)، وهو ما يبين بجلاء ثقل المصالح الاقتصادية الملكية، ضمن المنظومة الاقتصادية المغربية.
في بداية عهد الملك محمد السادس راجت بعض الإشاعات، مفادها أن العائلة الملكية تسعى لتخفيف ثقلها الاقتصادي، آنذاك قيل بأن الأمير السعودي وليد بن طلال، مهتم باقتناء مجموعة "أونا"، إلا أن العكس هو الذي حدث، حيث تقوى موقع العائلة الملكية في الدوائر الاقتصادية بالبلاد. وقد تحقق ذلك بفضل الفريق الاقتصادي والمالي للملك، وهؤلاء أشخاص يحيطون بالملك، كفاعل اقتصادي ورجل أعمال، بعيدا عن السياسية وقضايا تدبير الشأن العام، وتتكون نواتهم من منير الماجدي (سيجير، الكتابة الخاصة للملك)، سعد بنديدي (أونا)، خالد الودغيري (التجاري وفا بنك)، باسم الشجعي حكيمي (رجل الدراسات الإستراتيجية)، رشيد سليمي (رجل التواصل واستغلال المعلومة) وحسن بوحمو؛ هؤلاء هم الذين هندسوا لتنمية الثروة الملكية وإعادة هيكلة وتقعيد المصالح الاقتصادية الملكية، بفضل ثلاث لبنات اقتصادية ومالية قوية: "سيجر" و"الشركة الوطنية للاستثمار" و"مجموعة أونا".
فسيجر تتحكم في 67 في المائة من رأسمال الشركة الوطنية للاستثمار و5 في المائة من رأسمال "أونا"؛ والشركة الوطنية للاستثمار، التي تحقق أكثر من 305 مليون درهم كأرباح، تتحكم في 33 في المائة من رأسمال "أونا" و 50 في المائة من رأسمال صونا صيد (الصلب والحديد) و20 في المائة من رأسمال لافارج (قطاع الاسمنت)؛ أما مجموعة "أونا"، صاحبة 26133 مليون درهم كرقم معاملات، وأكثر من 337 مليون درهم كأرباح، تتحكم في 51 في المائة من رأسمال أسواق مرجان و51 في المائة بخصوص أسواق أسيما، و91 في المائة من شركة "سوبريام"، هذا فيما يخص قطاع التوزيع، وفي القطاع المنجمي تتحكم "أونا" في 75 في المائة من رأسمال شركة "مناجم" الرائدة في قطاعها، وفي القطاع المالي والمصرفي تملك "أونا" 30 في المائة من رأسمال التجاري وفا بنك، و49 في المائة من مجموعة "أكسا" و50 في المائة من رأسمال "أكما"، أما في قطاع الصناعات الغذائية تتحكم "أونا" في 55 في المائة من رأسمال مركزية الحليب و55 في المائة بخصوص "كوزيمار"، وتملك 56 في المائة من رأسمال "لوسيور كريسطال" و50 في المائة من رأسمال "بيمو" و30 في المائة من رأسمال "سوتيرما".
إن هذه الهيمنة الاقتصادية والمالية جعلت من الملك فاعلا اقتصاديا، مكنته عبر جملة من الشركات المتحكمة في أهم قطاعات الإنتاج بالمنظومة الاقتصادية الوطنية من تغيير وجه الرأسمالية المغربية، انطلاقا من الرؤية المبلورة والإستراتيجية المعتمدة من طرف فريقه الاقتصادي القائم على تدبير شؤون المجموعة الملكية (سينجر – سني – أونا)؛ وشكل التحكم في القطاع البنكي رأس الحربة لتفعيل هذه الرؤية الكامنة وراء تحويل الرأسمالية المغربية، وقد تأكد هذا المنحى بوضوح منذ 2004، إذ لاحظ الجميع معالم الوجه الجديد لرأسمالية المغرب، وهذا ما تأكد عندما تمكن التجاري وفا بنك من تحقيق ما يناهز مليار درهم (100 مليار سنتيما)، كأرباح برسم 6 شهور الأولى فقط من هذه السنة (2006).
+++++++++++++++++++++
ثروة الملك
يعد الملك من بين أثرياء العالم، وحسب المتتبعين للشأن المغربي، إن الثروة الملكية تطورت بسرعة.
وحسب جملة من المحللين الاقتصاديين والماليين لم يكن الملك الراحل محمد الخامس، جد الملك محمد السادس، يتوفر على ثروة ضخمة عندما حصل المغرب على استقلاله سنة 1956.
إلا أن العائلة الملكية راكمت ثروات مهمة خلال حكم الملك الراحل الحسن الثاني، والذي اعتبره المحللون الاقتصاديون من رجال الأعمال الأوائل بالمغرب الذين استثمروا بقوة بالمغرب ووظفوا جزءا هاما من ثروتهم بالخارج.
وبثروته ومصالحه الاقتصادية، يعد الملك حاليا من كبار المقاولين والمصرفيين والمنعشين الزراعيين بالمغرب، وذلك اعتبارا للموقع الذي يحتله في عالم الأعمال، إذ يشكل قوة لها ثقلها الظاهر في المنظمة الاقتصادية والمالية بالمغرب، ويظل الثلاثي "سيجر – الشركة الوطنية للاستثمار – أونا" رأس حربة الثروة الملكية بالمغرب، وبفضله تموقع الملك كرجل أعمال في مختلف القطاعات الحيوية (الأبناك، الصناعات الغذائية، المناجم، التوزيع، الاتصالات...).
وقد تضاربت الآراء حول تقدير حجم الثروة الملكية، ولعل أول جهة اهتمت بهذه القضية المجلة الأمريكية المتخصصة في مجال الأعمال "فوربيس" (FORBES)، فقد سبق لها منذ سنوات أن قدرت الثروة الملكية (أموال وعقارات بالمغرب وخارجه) ما بين 4 إلى 5 ملايير دولار (ما بين 40 إلى 50 مليار درهم).
وكانت هذه المجلة تدرج ملك المغرب في قائمة الشخصيات الأكثر ثراء في العالم كل سنة، إلا أنه قبل وفاة الملك الراحل الحسن الثاني بسنوات، توقفت عن إدراج اسم ملك المغرب ضمن لائحتها.
أما المصادر الغربية، لاسيما الأوروبية منها، فقد سارت نحو تقدير ثروة الملك بما يناهز 40 مليار دولار (400 مليار درهم)، جزء كبير منها مستثمر بالخارج، كما أشارت بعض الصحف الإسبانية إلى أن الملك الراحل الحسن الثاني، كان بحوزته أكثر من 20 حساب بنكي بالخارج.
وبخصوص المصادر المغربية، ذهبت بعض وسائل الإعلام المغربية، الصادرة بالعربية والفرنسية إلى تقدير الثروة الملكية بما يناهز 500 مليون دولار (5.5 مليار درهم أو 550 مليار سنتيم)، مشيرة إلى أنه أقل تقدير ممكن، اعتبارا لعدم توفر معطيات دقيقة عن الحسابات البنكية ومختلف الأملاك والأسهم التي يملكها.
ومن المغاربة القلائل الذين اهتموا عن قرب بالثروة الملكية عبد المومن الديوري، الذي قدر الثروة الملكية المودعة بالأبناك الفرنسية والأمريكية وسويسرا (10 أبناك)، بما يناهز 10 ملايير فرنك فرنسي، تنضاف إليها عقارات وإقامات بباريس ونيويورك وأسهم وسندات مالية. ففي غضون التسعينيات كان عبد المومن الديوري من الأوائل الذين جازفوا بمحاولتهم جرد جملة من التفاصيل عن الثروة الملكية، إلا أن القصر الملكي كذب كل ما نشره في أوانه، وحسب حصيلة الديوري، التي نفاها القصر جملة وتفصيلا، تتكون الثروة الملكية في مجملها من:
- 10 ملايير فرنك فرنسي، كأموال مودعة بالخارج.
- 20 قصرا بالمغرب.
- ألاف الهكتارات من الأراضي الزراعية (أغلبها من الأراضي المسترجعة من المعمرين سنة 1963).
- مجموعة "أونا" المتواجدة في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني.
- عقارات بباريس ونيويورك، منها آنذاك "أرمانفيل" الذي يضم 200 غرفة ومحاطا بـ 400 هكتار من الأراضي.
- أسهم وسندات أمريكية وأوروبية.
أما الشيخ عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان، فقد ذهب في رسالته "مذكرة إلى من يهمه الأمر" إلى تقدير الثروة الملكية بما يناهز 20 مليار دولار (200 مليار درهم)، علما أن أغلب المحللين اعتبروا أن هذا الرقم لا يستند إلى معطيات دقيقة، ومما جاء في هذه الرسالة.. "خلف الملك الراحل الحسن الثاني ثروة خيالية...."، كما طالب الشيخ، الملك محمد السادس، بالتخلي عن تلك الثروة الموروثة وتخصيصها لتغطية الديون الخارجية.
ومن الأقوال المرتبطة بالثروة الملكية، يمكن الإشارة إلى أن محمد اليازغي سبق له في بداية عهد الملك محمد السادس، أن قال إن الثروة الملكية والقصور ملك للشعب المغربي، وقد صرح بذلك، خارج المغرب، وتحديدا بالديار المصرية.
أما محمد الساسي فقد صرح قائلا بأن الملكية بالمغرب، عليها أن تكون ملكية غير مكلفة، في حين ذهب عبر الرحيم برادة إلى مطالبة الملك بالتصريح بممتلكاته.
+++++++++++++++++++++++++++++
راتب الملك
يجمع كل الديمقراطيين على أن الإعلان عن أجر الملك، يعتبر فعل مواطنة تقتضيه قواعد التجاوب الحضاري ومستلزمات الشفافية المرتبطة بتخصيص الثروات الوطنية، وبذلك يكون راتب الملك، أمرا يقع في جوهر الشأن العام.
إن أجر الملك، كفاعل عمومي قائم على الشأن العام بالبلاد، يرد بالميزانية العامة ضمن ميزانية البلاط، وبالضبط بفصل "القائمة المدنية للملك"، علما أن هذا الفصل يضم الراتب الشهري لرئيس الدولة وكذلك رواتب أفراد العائلة الملكية، لكن دون تفصيلات، إذ غالبا ما يتم الاقتصار على تحديد المبلغ الإجمالي.
وعموما فإن مختلف المصادر الإعلامية تجمع على أن أجر الملك الشهري يناهز 400 ألف درهم، علما أن أجره عندما كان وليا للعهد، خلال حياة والده الراحل، لم يكن يتجاوز 15 ألف درهم.
ومن المعلوم أن القانون المالي ليس مجرد وثيقة محاسباتية أو موازنة بين المداخيل والمصاريف، وإنما هي وثيقة تعكس توجها واختيارات ونمطا معينا للتدبير والحكامة، والمعلومات الواردة في قانون المالية، لاسيما بخصوص ميزانية البلاط، سواء منه شق التسيير أو شق الاستثمار، لا تسمح بتدقيق أجر الملك وفرزه عن الباقي. ومهما يكن من أمر، إن أجر الملك الذي لا يتجاوز 4.8 مليون درهم سنويا، لا يعتبر أعلى أجر موجود بالمغرب، بل هناك مسؤولين كبار يتقاضون أجورا أعلى من هذا الأجر، علما أن هناك بنودا أخرى تتضمنها ميزانية البلاط وغير محسوبة ضمن الأجر.
وفي هذا الصدد، هناك تساؤل حاول الكثيرون الإجابة عليه، لكنهم لم يفلحوا إلى حد الآن وهو: هل الملك يؤدي الضرائب، وهل راتبه خاضع لها؟
أغلب الذين طرحنا عليهم هذا السؤال، من ذوي الاختصاص الاقتصاديين والماليين والجبائيين، يجمعون على أنهم لا يتوفرون على أي معطى يمكن الارتكاز عليه للإجابة عن بينة وحسن إطلاع.
واعتبارا لغياب المعطيات الدقيقة بهذا الخصوص، لا يمكن اللجوء إلا للاحتمال، وأهم هذه الاحتمالات هو إن كانت الأرقام المثبتة في الميزانية، في بند "اللائحة المدنية للملك"، أرقاما خام (غير صافية)، فهذا يعني أنها لن تكون أرقاما صافية إلا بعد خصم الضرائب منها. واعتمادا على اللوائح المتوفرة بهذا الخصوص والمقررة من طرف النصوص والمساطر الجبائية، فإن أجر الملك يقع ضمن الفئة المطبق عليها نسبة 44 في المائة كضريبة على الدخل العام، علما أن هناك جملة من الإجراءات الاستثنائية بخصوص علاقة رؤساء الدول بأداء الضرائب، وهو ما يجري به العمل في أكثر من دولة الآن، اللهم إذا كانت هناك نصوص تقر بإعفاء الملكية بالمغرب من أداء الضرائب، اعتبارا لوضعيتها المميزة دستوريا وعرفيا.
+++++++++++++++
ميزانية البلاط
تعتبر ميزانية البلاط جزءا لا يتجزأ من الميزانية العامة للدولة، وبذلك تكون في صميم الشأن العمومي الذي يهم جميع المواطنين ما دام يمولها دافعو الضرائب، أي أنها من المال العام.
وعموما تكلف ميزانية البلاط أكثر من مليارين ونصف المليار درهم سنويا، أي ما يناهز 210 مليون درهم في الشهر، أو 7 ملايين درهم في اليوم، في المتوسط (234 ألف درهم في الساعة أو 3900 درهم في الدقيقة)، والأمر هنا لا يتعلق بشخص الملك، ولكن بالملك كمؤسسة.
وقد عرفت هذه الميزانية تطورا منذ سنة 1999. بعد أن عرفت انخفاضا سنة 1998، لتسير نحو الارتفاع من سنة 2000 إلى 2006، وقد بلغت نسبة هذا الارتفاع ما بين 37 و41 في المائة، وفي سنة 2006 عرفت ارتفاعا مقارنة بسنة 2005 لاسيما بخصوص نفقات الملك.
وقد تزامنت هذه الزيادة مع زيادة في النسبة الخاصة بالضريبة على القيمة المضافة التي ساهمت في ارتفاع أسعار بعض مواد الاستهلاك الأساسية، علما أن القانون المالي تم إعداده تحت شعار: "ضمان مواصلة مجهود التحكم في النفقات وترشيدها"، فهذا القانون كرس ارتفاع نسبة تلك الضريبة من 7 إلى 10 في المائة، بخصوص بعض المواد الاستهلاكية الأساسية و14 في المائة بخصوص مواد أخرى، بل وصلت نسبة ارتفاعها في بعض الحالات إلى 20 في المائة، فهل زيادة ميزانية البلاط لم تكن ممكنة إلا عبر المزيد من إثقال الحمل الضريبي الذي يثقل كاهل المواطن؟ نترك الجواب على هذا السؤال لفتح الله والعلو المسكون بهاجس التوازنات المالية منذ أن استوزر، فمنذ ذلك الوقت أضحى قاموسه التبريري لا يفوق عدد كلماته 15 كلمة، يمكن اختزالها فيما يلي: "إكراهات فاتورة البترول، إكراهات مبادرة التنمية البشرية، الجفاف، استنفاذ فرص الخوصصة، توازنات الميكرو والماكرواقتصادية، الظرفية العالمية"، إذ منذ أن أصبح وزيرا للمالية لم تخل خطاباته وتصريحاته من هذه الوصفة الدائمة والمستدامة، حتى أضحى المواطن يعرف أحيانا بالضبط الكلمات التي سيتلفظ بها كلما سئل عن الوضع المالي أو الاقتصادي للبلاد، لأنه حفظها عن ظهر قلب لكثرة ترديدها على مسامعه.
ومقارنة مع ميزانية التسيير المخصصة للوزارة الأولى برسم سنة 2006 التي تقدر بـ 84 مليون درهم، فإن ميزانية البلاط تفوقها بأكثر من 22 مرة، كما أن ميزانية البلاط وميزانية الوزارة الأولى تمثلان معا ما يناهز 96 في المائة من الميزانية المخصصة للقضاء و45 في المائة من الميزانية الصحة و8 في المائة من ميزانية التربية الوطنية، ومقارنة لما هو عليه الحال بدول أخرى تبدو هذه النسبة ثقيلة.
ورغم أهمية ميزانية البلاط، فإنها مازالت غير خاضعة للمناقشة، إذ منذ أن حصل المغرب على الاستقلال لم يسبق لأي برلمان وفي أي دورة تشريعية أن ناقش هذه الميزانية، ولم يسبق أن سمعنا عن موقف أو طرح سؤال بخصوصها، وإنما ظلت القاعدة هي المصادقة جملة وتفصيلا، علما أنها ليست ميزانية استثنائية ولا وجود لأي نص مكتوب أو أي تعليمات شفوية، مباشرة أو غير مباشرة، أو مجرد تلميحات بخصوص عدم مناقشتها، لكن جرت العادة منذ أول برلمان عرفه المغرب، بالمصادقة عليها دون مناقشة، ويبدو أن البرلمانيين أنفسهم هم الذين، أقروا من تلقاء أنفسهم بهذا الخط الأحمر المانع للتطرق لميزانية البلاط.
بالرجوع إلى الوراء نجد أن المغرب في فجر الاستقلال، اعتمد على النهج الغربي في إعداد ميزانية البلاط، لاسيما الملكيات الأوروبية، وكانت أول ميزانية بلاط بالمغرب قدمت لمجلس الشورى، الذي كان يشكله آنذاك ثلة من أقطاب الحركة الوطنية، من بينهم علال الفاسي وعبد الخالق الطريس ومحمد بلحسن الوزاني واليازيدي، قد صادق عليها بدون مناقشة، وكانت آنذاك تتضمن مختلف المصاريف المرتبطة بالسلطان والقصور الملكية والهبات المخصصة للشرفاء، لكن التاريخ لازال يحتفظ بموقف عبد الرحيم بوعبيد بخصوص قضية مالية مرتبطة بالبلاط، إذ يعتبر من الأوائل والقلائل جدا الذين أقروا بضرورة مناقشة الأمور المالية المرتبطة بالبلاط وإبداء الرأي بخصوصها.
بل ذهب بصفته وزير الاقتصاد والمالية آنذاك، إلى حد عدم الاستجابة لمطلب السلطان الراحل محمد الخامس، الرامي إلى مطالبة الحكومة بشراء قصر الدار البيضاء منه لوضعه تحت تصرفه، وللشهادة والتاريخ، نعرض ما قاله بوعبيد حسب رواية أحد المقربين من القصر الملكي آنذاك، حيث قال: "كان عمر وزير الاقتصاد والمالية (عبد الرحيم بوعبيد) لا يتجاوز 38 سنة، في حين كان عمر السلطان محمد الخامس يناهز 49 سنة، وكان الأول يكن للثاني احتراما وتقديرا كبيرين جدا، وعندما قال الوزير للسلطان بأنه من الأحسن إرجاء هذا المطلب لأن الصالح العام ومتطلبات تنمية البلاد يستوجبان ذلك، تقبل السلطان الأمر بصدر رحب". وحسب أغلب المؤرخين ظلت هذه الحادثة فريدة من نوعها، في تاريخ تعامل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية مع ميزانية البلاط والقضايا المالية المرتبطة بالملك، علما أن الحديث بخصوص هذه النازلة كان رأسا مع السلطان وليس في إطار اجتماع.
أما في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، فقد حسم الأمر منذ أول برلمان سنة 1962، إذ أضحت القاعدة الجاري بها العمل، هي "المصادقة على ميزانية البلاط بدون تعليق"، ومنذئذ أصبحت هذه الميزانية من قضايا "المطبخ الداخلي"، لا يجوز الخوض فيها بالنقاش أو السؤال أو طلب التوضيح، ناهيك عن إبداء الرأي.
ومن المؤشرات التي من شأنها تأكيد هذا المنحى، أن مرفقات المشور وتواركة غير محفظة، وربما مازالت وضعيتها العقارية لم تسو بعد.
لكن، بشهادة الجميع، في عهد الملك محمد السادس، قطع المغرب خطوات على درب اعتماد الشفافية والدقة في تدبير ميزانية البلاط، وهو الأمر الذي اضطلع به منير الماجيدي.
لكن وبالرغم من أن ميزانية البلاط ممولة من المال العام، فإنه جرى العرف على عدم إخضاعها إلى أي مراقبة، لا قبلية ولا بعدية، وتتأكد صعوبة الإقرار بأي نوع من المراقبة، باعتبار أن القصر الملكي يحظى باستقلالية تامة بخصوص الآليات المعتمدة ونهج تسيير وتدبير شؤون الموظفين العموميين التابعين له وتراتبية الأجور المتعلقة بهم، ومساطر وآليات الصرف المعتمدة.
أرقام
ميزانية البلاط
الاعتمادات (2006)
بملايين الدراهم
القوائم المدنية 26.292
مخصصات السيادة 422.164
الموظفون والأعوان 781.093
المعدات والنفقات المختلفة 1312.344
المجموع 2541.893

الاعتمادات 2002-2006
بملايين الدراهم
2002 2003 2004 2005 2006
القوائم المدنية 26.292 26.292 26.292 26.292 26.292
المخصصات
السيادة 432.164 432.164 432.164 432.164 432.164
المعدات والنفقات
المختلفة 908.204 981.704 1181.704 1287.344 1312.344
++++++++++++++++++++++++
هل تصريح الملك بممتلكاته يمكن أن يشكل قدوة؟
اتصلت أسبوعية "المشعل" بجملة من الفاعلين السياسيين والناشطين الحقوقيين وفعاليات المجتمع المدني، بخصوص الأشخاص المعنيين بالتصريح بالممتلكات، ورأيهم فيما يتعلق بإمكانية مبادرة الملك بالتصريح بممتلكاته كقدوة بالنسبة للقائمين على الأمور والمدبرين للشأن العام سعيا لانطلاق مسلسل الشفافية التي يتوخاها الجميع، طرحنا عليهم سؤالين:
1- من هم الأشخاص المعنيون بالتصريح بالممتلكات؟
2- ألا تعتقدون أن الملك، بصفته قائما على تدبير الشأن العام وفاعلا اقتصاديا، معني بالتصريح بالممتلكات؟ ثم ألا يمكن لمبادرة من هذا النوع أن تشكل قدوة لباقي المسؤولين؟
هناك من أجاب وهناك من اعتذر بلباقة وهناك من رفض مباشرة دون أدنى توضيح، وفيما يلي الحصيلة:
++++++++++++++
عبد العزيز النويضي ناشط حقوقي
تصريح الملك بممتلكاته خطوة إيجابية لكن غير ملزمة
فيما يخص الأشخاص المعنيين بالتصريح بالممتلكات يرى النويضي أن الأمر يهم الموظفين العموميين، سيما أولئك الذين يضطلعون بمسؤوليات ويحتلون وظائف تسمح لهم باستعمال نفوذهم للحصول على أموال أو مصالح خاصة، أي كل من يتحمل مسؤولية تتيح له إمكانية الاغتناء منها.
أما فيما يتعلق بإمكانية تصريح الملك بممتلكاته كقدوة، يرى النويضي أن هذه المبادرة ستكون دائما خطوة إيجابية، ولكن قبل مبادرة الملك يرى أنه من الأحسن أن يصرح الوزراء والقضاة والبرلمانيون بممتلكاتهم، لأن للملك بالمغرب وضعية خاصة تمكنه من امتلاك ثروة شخصية، آلت إليه بالوراثة وبتنمية شركاته ومصالحه الاقتصادية. فالأساس هو تصريح القائمين على الشأن العام والمدبرين للمال العام وليس تصريح الملك، اعتبارا للقانون الجاري به العمل، فالأمر يهم الشخصيات الذين لهم سلطة تقديرية، والذين بحكم مسؤوليتهم يتصرفون في المال العام. علما أنه يجب التصريح لهيئة مستقلة، وأن يتبعه تحقيق أو مساءلة، إذا ما لوحظ أن ثروات المعني ازدادت بشكل غير طبيعي. لذلك يؤكد النويضي على وجوب أن يتوفر المغرب بهذا الخصوص على نظام متكامل.
+++++++++++++++
محمد طارق رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب
ليس هناك ما يمنع الملك من القيام بمبادرة التصريح بممتلكاته كقدوة
بالنسبة للفئات المعنية بالأمر هم أعضاء الحكومة والبرلمان والقضاء، أي السلطات الثلاثة وما يتبعها من مصالح، هؤلاء يجب أن يصرحوا بممتلكاتهم، وكذلك المسؤولين على المؤسسات العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية والمجالس الإقليمية، أي كل من يتصرف في المال العام. هؤلاء، في نظر طارق، ملزمون بذلك حسب القوانين الكونية والقوانين المغربية وحسب قانون التصريح بالممتلكات، الذي ولد ميتا، لأنه لا يتضمن جزاءا في حالة عدم التصريح بالممتلكات؛ أما فيما يتعلق بالملك، يرى طارق، أنه كمسؤول عمومي وكفاعل اقتصادي يعتبر أول من ينبغي له إعطاء المثل بخصوص التصريح بالممتلكات، لاسيما وأنه في خطبه وفي كل المناسبات ظل ينادي بتخليق الحياة العامة والحفاظ على الثروات الوطنية. وهذه المبادرة الملكية إن تمت، ستمثل القدوة لباقي القائمين على الأمور. ويضيف طارق أن لا الدستور ولا القوانين الجاري بها العمل تتضمن ما يمنع الملك القيام بهذه المبادرة، خصوصا وأن الميزانية السنوية، في قانون المالية، تتضمن ميزانية البلاد (لاسيما اللائحة المدنية) والتي دأب البرلمان على المصادقة عليها بدون مناقشة.
++++++++++
محمد خطاب ناشط حقوقي
مبادرة الملك إلى التصريح بممتلكاته ستساهم في ترسيخ اعتماد الشفافية
في نظر محمد خطاب، الأشخاص المعنيون بالتصريح على الممتلكات، هم كل الشخصيات التي تتقاضى أجرا من طرف الدولة والمؤسسات التي تقوم مقام الدولة، لاسيما تلك المواقع المؤدية إلى مصادر المال العام، وكل منصب يتضمن احتمال تنمية مصالح شخصية أو تسهيل المأمورية أو التدخلات، وأي وضع اعتباري يمكن صاحبه من الوصول إلى مصادر التمويل.
ويضيف محمد خطاب، الآن نتحدث عن الشفافية، نتحدث عن القطع مع الماضي، نتحدث عن العمل لمحاولة بناء دولة المؤسسات، وبالتالي فإن كل مال عمومي في أي اتجاه كان، وكل شخصية لها وضعية اعتبارية أو إدارية أو دستورية، وجب بالضرورة أن تسير في اتجاه الإقرار بالتصريح بالممتلكات. ففي السويد مثلا، من حق الصحفيين الإطلاع على الوثائق المرتبطة بالمصاريف اليومية الخاصة بالوزارة وقتما شاؤوا.
ويقر أن المبادرة الملكية للتصريح بالممتلكات، يمكنها أن تعطي القدوة للجميع، وتساهم في ترسيخ اعتماد الشفافية حتى لا تبقى أي منطقة في الظلام.
+++++++++++++++++++
عبد الإله بنعبد السلام فاعل حقوقي
لا يتضمن الدستور ما يؤشر على تصريح الملك بممتلكاته
ترى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن المعنيين بالتصريح بالممتلكات هم الذين يشتغلون بالشأن العام، إذ لا يمكن استثناء أي مسؤول عمومي من هذا الإجراء.
كل الذين يديرون الشأن العام معنيون بهذا الأمر، بما فيهم رئيس الدولة، وذلك لأنه في دولة الحق القانون لا يمكن لأحد أن يكون فوق القانون.
أما بخصوص مبادرة الملك بالتصريح بممتلكاته من شأنها أن تشكل قدوة، يقول بنعبد السلام، إنه لا يتوفر على معطيات دقيقة للإجابة على السؤال. مع التأكيد بأن الدستور المغربي لا يتضمن ما يؤشر على ذلك.
+++++++++++++++
المصطفى الرميد فاعل سياسي
مازلنا لم نصل إلى درجة من الديمقراطية تسمح بتصريح الملك بممتلكاته
ينبغي أن يخضع للتصريح بالممتلكات كل من يتحمل مسؤولية عمومية، كما يجب أن تكون هناك هيئة عليا للشفافية، تتفرع عنها هيئات جهوية أو إقليمية، تقوم بمراقبة تطور ثروات المسؤولين الإداريين سواء ذوي مسؤوليات وطنية أو ذوي مسؤوليات محلية.
أما بخصوص مبادرة الملك بالتصريح بممتلكاته سيشكل قدوة للآخرين، يرى الرميد أننا مازلنا لم نصل بعد إلى مستوى من الديمقراطية لولوج هذا المدخل.
++++++++++++
عزيز الرباح فاعل سياسي
تصريح الملك بممتلكاته قضية مؤجلة إلى حين
يقول عزيز الرباح إن موضوع التصريح بالممتلكات أثار نقاشا طويلا، و يهم عموما الأشخاص القائمين على الشأن العام، أي ما يطلق عليه عادة الشخصيات العمومية (الوزراء، المنتخبين، رؤساء الجماعات، القضاة...)، الذين يتحملون مسؤولية تنفيذية أو تشريعية أو قضائية، كل هؤلاء عليهم أن يصرحوا بممتلكاتهم، خصوصا وأن الإنسان في هذه المجالات يكون أحيانا عرضة للشبهات.
أما بخصوص مبادرة الملك بالتصريح بممتلكاته، يرى الرباح أنه عندما يكون الإنسان في ورشة للبناء ومرحلة الانتقال، كثيرا ما يضطر لإرجاء جملة من القضايا والأسئلة، لاسيما وأن عملية البناء والتغيير ليست بالسهلة، وهي تمر بمراحل وتخضع لدرجات من التقدم والشفافية وتؤدي إلى الإقرار بعلاقات وممارسات جديدة، وبالتالي يعتقد أنه لا يمكن طرح مثل هذا السؤال في المرحلة الحالية.
++++++++++++++++
عبد الله حيتوس فاعل أمازيغي
تصريح الملك بممتلكاته سيشكل قدوة ومثالا يحتذى به حاليا
بدأ حيتوس بالتذكير أن قانون التصريح بالممتلكات جاء متأخرا، بعد تبدير جزء هام من ثروات البلاد.
كما أكد أن منطق الحكامة الجديدة يجعل الآمرين بالصرف والآمرين بالصرف المساعدين (بتفويض من الوزراء مثل رؤساء بعض الأقسام والمصالح والمندوبين..) وكل المضطلعين بالمسؤولية في الهيئات والمؤسسات الممولة من المال العام، وحتى الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المستفيدة من هذا المال، معنيين بالتصريح بممتلكاتهم.
وبخصوص مبادرة الملك بالتصريح بممتلكاته، يرى حيتوس أننا بالمغرب نعيش في إطار ملكية يسود فيها الملك ويحكم، وهنا تبدو أهمية هذه المبادرة الملكية لتشكيل قدوة للآخرين. علما أنه انطلاقا من الدستور المغربي، كل الوزراء والموظفين السامين يمارسون مهامهم بتفويض من الملك، ومادام الملك قائما على تدبير الشأن العام، فإن قيامه بهذه الخطوة سيشكل قدوة ومثالا لا يحتدى به حاليا.
++++++++++++++
امحند العنصر وزير
المؤسسة الملكية لها مقدساتها ووضعها الاعتباري
إن المعنيين بأمر التصريح بالممتلكات هم من لهم علاقة بالشأن العام، علما أن القوانين والمراسيم هي التي ستحدد هؤلاء المعنيين بدقة.
أما بخصوص مبادرة الملك بالتصريح بممتلكاته كقدوة للآخرين، يرى العنصر أن المؤسسة الملكية لها مقدساتها ولها وضعها الاعتباري، المنصوص عليه بكل وضوح من خلال الدستور، وبالتالي لا يمكن أن يأتي أي قانون أو مبادرة تناهض أو تناقض مقتضيات الدستور.
++++++++++++++
عبد الله الأزماني فاعل سياسي
المؤسسة الملكية فوق الدستور
إن نص القانون الخاص بالتصريح بالممتلكات، هو المخول لتحديد مختلف الإجراءات الخاصة بذلك وكذلك الأشخاص المعنيين بالأمر، ولا يحق لأي احد أن يحذف منه أو يضيف له، ويجب انتظار الإطلاع على هذا القانون بعد أن يصبح نهائيا، للحكم عليه والتساؤل هل شمل كل من يهمهم الأمر أم لا؛ وفيما يتعلق بإمكانية قدوم الملك على مبادرة التصريح بممتلكاته ليشكل القدوة، يرى الأزماني أن المؤسسة الملكية بالمغرب فوق الدستور، وبالتالي يعتقد أنه لا يمكن التدخل في هذا الموضوع، المؤسسة الملكية فوق هذا وذاك، وعلينا إذن أن نكون كمغاربة ثابتين على هذا المبدأ.
++++++++++++++++
نسق وطني للنزاهة وإرادة سياسية حقيقة واهم المحاور التي تناولها سيون أسيدون، عضو ترانسبارونسي كشرطين أساسيين لمحاربة الفساد وتخليق الحياة العامة.
++++++++++++++++
سيون أسيدون ترانسبارونسي المغرب
لا يمكن أن يستثنى الملك
++++++++
- هل يمكن لقانون التصريح بالممتلكات أن يساهم في تخليق الحياة العامة؟
+ من الأكيد أن التصريح بالممتلكات سيساهم في محاربة الفساد والرشوة، فهو جزء مما يسمى عند ترانسبارونسي بالنسق الوطني للنزاهة، مع ذلك لابد من تسجيل الملاحظات التالية، فهناك قانون مغربي قديم في نفس الباب، والجميع يقر أن هذا القانون لا يلعب دوره، بالنظر لنقائصه العديدة، وفي نظري لكونه لم يدخل في إطار إستراتيجية واضحة لمحاربة الفساد والتي يجب أن تعتمد على إرادة سياسية حقيقية، ونتمنى أن يكون مشروع قانون التصريح الجديد في هذا الباب، مناسبة لفتح نقاش علني واسع قبل أن يتم التصويت عليه من طرف الغرف المنتخبة، هكذا ستتمكن الجمعيات المعنية (الحقوقية، المال العام وترنسبارونسي) من اقتراح التعديلات التي تراها ضروري.
- في رأيك، من هم الشخصيات المعنية بالتصريح بالممتلكات؟
+ جميع من يمارس سلطا سواء كانت تنفيذية أو إدارية منتدبة أو قضائية وكذلك المنتخبين، والملاحظ أن للقضاء قانون خاص للتصريح بالممتلكات، ولا يبدو وأن فعالية هذا القانون تختلف عن فعالية القانون المتعلق بالتصريح بالممتلكات.
- بالنسبة للملك باعتباره قائم على الشأن العام، هل تعتقد أنه معني بالتصريح بالممتلكات؟ أو على الأقل هل يمكن بمبادرة من هذا النوع أن يعطي قدوة لباقي المسؤولين؟
+ بما أن الفساد والرشوة مرتبطان بإشكالية الاغتناء وممارسة السلطة، لا يمكن أن يستثنى الملك، وسيكون ذلك أوضح دليل على إرادة سياسية قوية في القمة لمواجهة ومحاربة الفساد في بلادنا.
- هل من علاقة بين التصريح بالممتلكات وإعادة توزيع الثروات؟
+ إن نمط توزيع الثروات الحالي وعلاقته بالفساد والرشوة له جذور في تاريخ البلاد، لن ننسى أن الحصول على وظيفة في القرن 19 كان يباع ويشترى ويعتبر استثمارا يعتمد عليه للاغتناء الفاحش، فمن الممارسات الحالية التي تحيلنا إليها هذه الأمثلة. استثمار المال لأجل الفوز بمقعد انتخابي. أما تغيير نمط توزيع الثروات فهو ما يسمى في التاريخ بالثورة، ونحن الآن فقط في باب الإصلاح عندما نتناول موضوع التصريح بالممتلكات.
++++++++++++++++++++++
عبد الرحمان بنعمرو
+++
رئيس الدولة ليس مطلوبا منه التصريح بممتلكاته وإنما محرم عليه ممارسة أي نشاط اقتصادي
رئيس الدولة ليس مطلوبا منه فقط التصريح بممتلكاته وإنما أكثر من ذلك
+++++++
أكد النقيب عبد الرحمن بنعمرو على أن هناك قانون للتصريح بالممتلكات لم يتم تفعيله منذ أربعة عشر سنة كالعديد من القوانين الأخرى، وأن أحسن القوانين صياغة وشمولا تبقى عديمة القيمة إذا لم تطبق، موضحا أن المطلوب من رئيس الدولة، في البلدان الديمقراطية، ليس فقط التصريح بالممتلكات، إنما محرم عليه ممارسة أي نشاط اقتصادي مباشرة أو بالوساطة.
+++++++++++++++
- كيف تقيمون دور قانون التصريح بالممتلكات في تخليق الحياة العامة؟
+ هناك قانونان يجري العمل بهما حاليا: الأول يتعلق بالموظفين وفئات معينة مكلفة بمهام عمومية، والثاني بالقضاة.
فالقانون الأول، هو القانون رقم 25 – 92، المنفذ بظهير 143 – 92 – 1، المؤرخ في 12 جمادى الثاني 1413 (07/12/1992)، ويتكون من تسع مواد:
- تتكلم المادة الأولى عن الفئات التي يشملها أو يطبق عليها القانون والذين يتعين عليهم التصريح بممتلكاتهم، وهم: موظفو ومستخدمو الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وأعضاء الحكومة، وأعضاء مجلس النواب، ومجالس الجماعات المحلية والغرف المهنية. وتشمل الممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها أبناؤهم القاصرون.
- أما المادة الثانية، فتتحدث عن تاريخ التصريح وموضوع التصريح، والمادة 5 عن الإقرار التكميلي بالممتلكات المستجدة، التي يكتسبها المذكورون أعلاه أو أولادهم القاصرون خلال مدة مزاولة عملهم.
- والمادة 6، تتحدث عن الجهة أو الجهات التي يقدم إليها التصريح.
- أما المادة السابعة فتنص على تطبيق عقوبة تأديبية على عدم التصريح، بينما المادة 8 تتحدث عن إنزال العقوبة التأديبية بسبب التصريح المغشوش، زيادة، عند الاقتضاء، على المتابعة الجنائية...
- ويعتبر القانون المذكور غير كاف في حماية المال العام والنهب عن طريق الاختلاس، والرشوة، واستغلال النفوذ، وارتكاب كافة أنواع الجرائم الاقتصادية، وذلك لعدة أسباب من بينها:
1- لا يشمل التصريح ممتلكات أزواج الفئات المذكورة أو زوجات هذه الفئات.
2- يكتفى بالتصريح على أساس الشرف، وليس بناء على مستندات معززة للتصريح.
3- لا يتضمن القانون وجود آلية أو جهاز مكلف بالمراقبة والتفتيش والمتابعة لثروة الفئات المذكورة.
4- وبالإضافة إلى النقائص المذكورة، على المستوى القانوني، فإنه، ولغاية تاريخه، وبعد مرور أكثر من 14 سنة على صدور هذا القانون، فإنه، لم يتم تفعيله وظل، كالعديد من القوانين حبرا على ورق، ومن المعلوم بأن أحسن القوانين صياغة وشمولا وضمانة، تبقى عديمة القيمة إذا لم تطبق أو تفعل...
ثانيا، القانون الثاني ويتعلق بالقضاة:
فالنظام الأساسي للقضاة، الصادر في 17/11/1974 تناول الموضوع في بعض مواده (المادتان 16 و17)؛ فالمادة 16 تنص على أن كل قاض يصرح كتابة وبشرفه بما يملكه من عقار وقيم منقولة وكذا ما يملكه منها زوجه وأبناؤه القاصرون..، ويقدم تصريحا إضافيا فورا، ضمن نفس الشروط، كلما حدث تغيير في الوضعية المالية للمعنيين بالأمر.
- أما المادة 17، فتعطى لوزير العدل صلاحية تتبع ثروة القضاة وأفرد عائلاتهم بواسطة التفتيش، بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء...
- ويلاحظ بالنسبة لهذا القانون ما يلي:
1- إنه، فيما يتعلق بجانب التصريحات، يتميز عن قانون 1992 بإيجابيتين اثنتين: الأولى أن التصريح يمتد إلى ممتلكات الزوجات (أو الأزواج)، والثاني: وجود آلية للمراقبة والمتابعة، وهي جهاز التفتيش التابع لوزارة العدل.
2- إنه، فيما يتعلق بالتصريح بالممتلكات، يتفق مع أحد سلبيات قانون 1992، ويضيف إليها سلبية خاصة بالقضاة:
- فالسلبية التي يتفق معه فيها هي عدم تفعيل، ولغاية تاريخه وبعد مرور أكثر من 32 سنة على صدور القانون الأساسي للقضاة، المادتين 16 و17 منه، سواء على مستوى التصريح أو على مستوى تفتيش ومراقبة ثروة القضاة....
- أما السلبية المضافة: فهي أن المراقبة أو التفتيش أسندت لوزير العدل الذي ينتمي إلى السلطة التنفيذية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على استقلال القضاء، وكان من اللازم أن يكون الجهاز تابعا وتحت تصرف وتوجيه المجلس الأعلى للقضاء.
وتتحدث بعض وسائل الإعلام عن وجود مشروع حكومي يتعلق بالتصريح بالممتلكات، لا يمكن التعليق عليه، لأن محتوياته ليست بين أيدينا من ناحية، ولا نعرف، من ناحية أخرى، مدى التعديلات التي قد تدخل عليه من قبل غرفتي البرلمان، ومع ذلك نعود لنؤكد بأن أهمية أي قانون مرتبطة بشرطين مجتمعين معا ولا يغنى أحدهما عن الآخر: الأول، نوع محتوى القانون، والثاني، مدى تنفيذه وتطبيقه على أرض الواقع..
- في رأيكم، ما هي الشخصيات العمومية المعنية بهذا القانون؟
+ بالنسبة للقانون 1992 و1974، فقد استعرضت الشخصيات العمومية المعنية به، أما مشروع القانون المتعلق بنفس الموضوع، فلا يمكن التطرق إلى الشخصيات العمومية المعنية به للأسباب التي ذكرتها.
- ألا تعتقدون أن الملك، بصفته قائما على تدبير الشأن وفاعلا اقتصاديا، معني بالتصريح بالممتلكات؟ ألا يمكن لمبادرة من هذا النوع أن تشكل قدوة لباقي المسؤولين؟
+ في البلدان الديمقراطية، حقا وحقيقة، سواء كانت جمهورية أو ملكية، فإن رئيس الدولة، الذي له علاقة بتدبير وإدارة الشأن العام، ليس مطلوبا منه فقط التصريح بممتلكاته وإنما أكثر من ذلك، محرم عليه قانونا ممارسته، سواء مباشرة أو بالواسطة، أي نشاط تجاري أو صناعي أو مالي، وبصورة عامة أي نشاط اقتصادي...، والسبب في ذلك واضح، وهو أن مثل هذه الممارسة تضرب الديمقراطية في الصميم وتتعارض مع جوهرها، وذلك لسبب واضح وهو أن السلطة التنفيذية والسياسية تؤثر في الاقتصاد وتوجهه وتستعمله... والعكس أيضا صحيح، إذ أن النفوذ الاقتصادي يؤثر في المسار السياسي ويوجهه بما يخدم طبقة معينة أو فئات معينة...، ويصبح الجمع بينهما في يد واحدة من الخطورة بمكان، وتتعاظم هذه الخطورة، إذا علمنا أن المؤسسة الملكية بالمغرب، تهيمن دستوريا وقانونيا وعمليا، على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية...
- ألا ترون أن أهمية قانون التصريح بالممتلكات مشروط بسياسة إعادة توزيع الثروات؟
+ لا علاقة لقانون التصريح بالممتلكات، بقانون توزيع الثروات الذي لا يوجد بعد، ومحتاج إلى نضال طويل ومرير ليحقق.
- ومع ذلك، وفي حالة ما إذا وجد قانون توزيع الثروات، فسيكون دور قانون التصريح بالممتلكات هو المساهمة في حماية وصيانة قانون توزيع الثروات.
+++++++++++++
عز الدين أقصبي الكاتب العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة
++++++++++
على المسؤولين الكبار في الدولة أن يشكلوا قدوة في مجال الشفافية
+++++++++++
بعد أن وضع عز الدين أقصبي التصريح بالممتلكات في إطاره العام، كشف ثغراته وتساءل عن ارتباطه بتخليق الحياة العامة، تناول إشكالية إمكانية تصريح الملك بممتلكاته ليشكل قدوة لباقي المسؤولين والقائمين على الأمور.
+++++++++++++++++
- كيف تقيم دور قانون التصريح بالممتلكات في تخليق الحياة العامة؟
+ أظن أن أول شيء يجب القيام به هو وضع التصريح بالممتلكات في إطاره العام. وهذا الإطار هو، أولا توفر المغرب على تجربة، أي أن لدينا قانونا للتصريح بالممتلكات الذي يخضع له جميع الموظفين منذ سنة 1992، ثانيا إن لدينا قانونا خاصا بالقضاة، وهناك اعتراف عام، من جانب المجتمع المدني ومن جانب الدولة نفسها، بأن هذين القانونين لم يصلحا لشيء ولم يسبق تفعيلهما، وبالتالي السؤال الواجب طرحه هو: لماذا لم يتم تفعيل هذين القانونين؟ ولماذا لم نتمكن من استعمالهما من أجل محاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة؟
من بين الأجوبة الممكنة، أن هذين القانونين أعدا وهيئا بدون مشاركة ومساهمة جميع من يهمهم الأمر، علاوة على أنهما تضمنا ثغرات كثيرة وكبيرة. وكجمعية لمحاربة الرشوة سبق لنا أن أشرنا إلى تلك الثغرات وإلى عدم حضور الإرادة السياسية لتفعيلهما على أرض الواقع .
إذن، لابد من الإجابة على هذه التساؤلات لكي نسير نحو مستقبل أحسن وأفضل بهذا الخصوص. كما أن التصريح بالممتلكات وجب التعاطي معه في إطار المناخ المطروح فيه. وهذا المناخ لازال متسما بوضعية انتشار الرشوة وتعميمها واستشرائها، وجميع المعطيات المتوفرة ونتائج الدراسات بهذا الخصوص وتقارير ملامسة الرشوة التي تعدها سنويا "الشفافية الدولية" (ترانسبارانسي أنترناسيونال)، تؤكد كلها أن الوضعية خطيرة ومقلقة جدا. ويمكن بهذا الخصوص الرجوع إلى جملة من المعطيات التي أضحت متداولة حاليا لدى الخاص والعام. كما أن المغرب منذ 2003، في إطار التطور الدولي، وقع على الاتفاقية الدولية لمحاربة الرشوة في شهر دجنبر 2003، وهي التي تعتبر حاليا مرجعية دولية في هذا المجال، وصادقت عليها 80 دولة ولا زالت في تزايد. ومن الأدوات التي نصت عليها هذه الاتفاقية؛ هناك خلق وكالة مستقلة لمحاربة الرشوة والتصريح بالممتلكات وأدوات أخرى. وما يمكن قوله بهذا الخصوص، إن هناك تعطل وتباطؤ كبير بالنسبة للمصادقة على الاتفاقية الدولية لمحاربة الرشوة التي من شأنها أن تمنحنا أدوات وآليات الاشتغال، لكن وجب التأكيد على أن جمعيتنا توصلت بوعد كتابي من طرف الوزير الأول، يبين فيه أن الاتفاقية الدولية لمحاربة الرشوة سائرة نحو المصادقة والتطبيق. وفي هذا الإطار لازال مطروحا على المغرب تهييئ جملة من الأدوات، ومن ضمنها التصريح بالممتلكات؛ إذن نحن الآن نتوفر على إطار وطني لكننا نعيش وضعية جد مقلقة بخصوص الرشوة، ولدينا تجربة لم تثمر ولم تعط نتائج، و مشروع قانون التصريح بالممتلكات لم نساهم فيه، لا بإبداء الرأي ولا بالاغناء أو التنقيح أو بملاحظات بخصوصه. كانت المبادرة للحكومات، وأعد المشروع في إطار الحكومة والمجلس الحكومي. ونتمنى لتجربتنا، التي فشلت من الناحية العملية ألا يتكرر فشلها. كما نتمنى أن تتوفر إمكانية مساهمة الجميع لأنه أضحى من المفروض علينا أن لا نفشل مرة أخرى، فلا خيار أمامنا إلا النجاح، ولعل أول خطوة لا مناص من القيام بها هي تخليص المشروع من الثغرات الكبيرة التي يشكو منها، لاسيما بخصوص تحديد الدوائر والشخصيات المستهدفة وطبيعة المعلومة الواجب توفيرها ومقتضيات الجهاز المستقل المتوفر على إمكانيات وشروط اتخاذ الإجراءات القانونية وكذلك قضاء مستقل يتوفر على الإمكانيات الضرورية واللازمة بخصوص المتابعة وتفعيل فحوى ومضمون القانون.
- في هذا الإطار، من هي الشخصيات المعنية قبل غيرها بقانون التصريح بالممتلكات؟
+ في رأيي الإشكالية ليست هي إشكالية الشخصيات المعنية، إنما هي أولا وقبل كل شيء، إشكالية تحليل وتوصيف الوضعية والأخذ بعين الاعتبار التجارب الناجحة على المستوى الدولي بهذا الخصوص. فهذه التجارب ارتكزت على قوانين استهدفت غاية معينة ومقاصد محددة، إنها لم تأخذ مثلا 780 أو 800 ألف موظف وتخضعها جميعا للتصريح بالممتلكات؛ فهذا العمل لن يكون له أي معنى وأي جدوى، وإنما يجب استهداف جميع الوظائف والمهام الحساسة التي توحي باحتمال استعمال النفوذ أو الوظيفة والموقع لأغراض شخصية، وهذا يعني القيام بدراسة وتحليل هذه الوظائف؛ مثلا لنأخذ جميع المسؤولين الذين لهم علاقة تعامل مع الصفقات العمومية أو المصالح الكبرى للدولة أو الذين يساهمون في صناعة وبلورة قرارات مهمة، وكذلك الذين يسهرون على الشأن العام، ولائحتهم مهمة وطويلة، وتحديدها يجب أن يكون بمساهمة الجميع، مثلا المسؤولون المدراء وأساسا المعينين بظهير وأحيانا حتى بعض الأشخاص ذوي مواقع أقل أهمية من الناحية التراتبية ولكنهم يضطلعون بمسؤوليات كبيرة وحساسة كمراقبة الضرائب. ومن الطبيعي والبديهي أن يكون هناك أشخاص ليست لهم مواقع هامة في الإدارة، ولكنهم يلعبون دورا حساسا في أخذ القرار وصناعته، سواء القرار السياسي أو الاقتصادي. إذن على هؤلاء أن يكونوا مجبرين على التصريح بالممتلكات (مثلا مستشارو رئيس الدولة، والذين يضطلعون بأدوار مهمة بهيئات استشارية...)، المهم هو استهداف الأشخاص الذين يحتلون موقعا يسمح لهم باتخاذ قرارات مهمة، والتي يمكن أن تضمن احتمال استعماله لخدمة مصالح خاصة أو ذاتية.
- هل تعتقد أنه يجب البداية من "أين لك هذا؟"، أم طي الصفحة ونبدأ من نقطة الصفر من جديد؟
+ كممثل للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، وكفاعل في المجتمع المدني ليس لي أي سلطة وأي شرعية لأقول هل يجب طي الصفحة أم لا، فهذه قضية تعني بالأساس الشعب المغربي ككل وماله العام، فالمال ماله، وقد تعرض جزء كبير منه للضياع والهدر والنهب، وبالتالي يجب أن تكون هناك وسائل للتطرق في العمق لهذه القضية. عندما نلاحظ مؤسسات كالقرض العقاري والسياحي ومؤسسات أخرى كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومؤسسات كانت من المفروض أن تسهر على خدمة الشأن العام واستعمال المال العام في خدمة مصالح المواطنين. فمن الصعب، والحالة هذه، الحديث عن طي الصفحة، فهي من القضايا الواجب معالجتها علاجا نهائيا بمساهمة الجميع. وكذلك من الناحية الرمزية، إذا كان طي الصفحة بدون أي محاسبة ومساءلة وتحديد المسؤوليات، سيكون ذلك بمثابة إرسال إشارات تعني بالأساس استمرارية وضعية اللاعقاب. علما أنه من بين الأشياء الأساسية لمعالجة الرشوة وتبدير المال العام هي الخروج بجدية من وضعية "لا عقاب".
- ألا تعتقد أن الملك، بصفته قائما على الشأن العام وفاعلا اقتصاديا أساسيا، معني بالتصريح بالممتلكات؟ ألا يمكن لمبادرة تصريحه بممتلكاته أن تشكل قدوة لباقي المسؤولين والقائمين على الأمور؟
+ أظن بالنسبة لهذا السؤال أنه مطروح على المسؤولين الكبار في الدولة، والمدبرين للشأن العام الذين عليهم أن يعطوا المثل ويشكلوا القدوة في مجال الشفافية والتصريح بكل القضايا التي من شأنها أن تضعنا في وضعية تضارب المصالح، إن المشكل لا يقتصر فقط على التصريح بالممتلكات، وإنما يهم كذلك إعطاء المعلومات المرتبطة بوضعية تضارب المصالح.
يمكنني أن أعطي مثلا، فوزير أو مسؤول كبير يحتل موقعا حساسا يمكنه من اتخاذ القرار في قطاع ما ولكن له وضعية شخصية تجعل له مصالح في شركة في القطاع الخاص أو كرجل أعمال، فهذا الوضع لا يمكن أن يسمح به، ويجب أن نتقدم في اتجاه تفادي وضعية تضارب المصالح. ولدينا بالمغرب وضعيات كثيرة جدا توحي بأن هناك حالات متعددة لتضارب المصالح، مصالح سياسية ومصالح اقتصادية.
- هل يمكن اعتبار الثروة الملكية من الشأن العمومي، وبالتالي تهم جميع المواطنين؟
+ في الحقيقة لا أتوفر على معطيات دقيقة للإجابة بدراية على هذا السؤال. فالملك، كرئيس دولة، وكأي رئيس دولة في العالم، له ثروة شخصية، كما يمكن أن تكون له ممتلكات أخرى ذات علاقة بالثروات العمومية.
- لكن هل هذه الثروة، من الناحية السياسية واستنادا لقواعد ومقتضيات دولة الحق والقانون، وجب إخضاعها للمراقبة من طرف ممثلي الشعب والسلطة التشريعية؟
+ بالرجوع إلى ما قيل سابقا، يبدو لي أن إعطاء المثل والقدوة بخصوص الشفافية هو مفيد ومطلوب. وكما أظن أنه وجب توفير معطيات أكثر شفافية حول ثروة رئيس الدولة.
- هل راتب الملك خاضع للضرائب، وهل الملك كشخصية عمومية ملزم بأدائها؟
+ لست على علم بخصوص هذه القضية، لاسيما فيما يخص الإجبار القانوني، لكن يمكن القول، فيما يخص الجانب الاقتصادي والتجاري بأن شركاته خاضعة للضرائب، وربما في بعض الجوانب أخرى لا يخضع الملك للضرائب، هذا الأمر وجب تدقيقه مع المختصين في الجبايات بالمغرب.
غير أنه من المعلوم أن هناك رؤساء بعض الدول، كملكة إنجلترا مثلا، لا يؤدون نوعا من الضرائب. وعموما هذه صلاحيات وإجراءات تظل مرتبطة بالدولة.
- هل تعتبرون أن الشفافية ضرورية في هذا المجال؟
+ أعتقد أن جميع الميادين التي تهم الشأن العام والمال العمومي، وجب بالضرورة أن تخضع لدرجة كبيرة من الشفافية.
- ألا ترى أن مكافحة الفساد وتفعيل قانون التصريح بالممتلكات، مشروطان بإعادة النظر في نمط توزيع الدخل والثروات، المعتمد بالمغرب؟
+ هناك جانبان فيما يخص هذا السؤال، الجانب الأول هو متعلق بسياسة محاربة الفقر وسياسة التصدي للفوارق الاجتماعية وعدم تكافؤ الفرص، وهذا مرتبط بالسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يجب أن تتوخى الوصول إلى مغرب أكثر توازنا وعدلا وإنصافا بخصوص المداخيل والوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. وهناك جانب الأدوات والإمكانيات، ومن الأشياء الأساسية في هذا المضمار إعطاء الفرص للجميع لتطوير الدخل وإمكانية الانعاش الاقتصادي والاجتماعي.
في هذا المجال تلعب مساواة الفرص في التعليم والشغل دورا حيويا، فإذا كانت هناك شفافية في توفير فرص إنعاش الأوضاع الاجتماعية سنتقدم أكثر من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وهذا يعني بالضرورة بأن الأشخاص الأكثر كفاءة هم الذين سيحتلون المناصب. لكننا لازلنا نفتقر لمثل هذا؛ إذ أن إنعاش الوضعية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى الإدارة حاليا لا يرتكز على أساس الكفاءة أو المجهود، أعطيك مثلا كاقتصادي: ما يقع في بورصة القيم حاليا، هناك شركة تنشط في مجال العقار ولجت مؤخرا البورصة وعرفت أسهمها تطورا غير مسبوق إذ ارتفعت 4 أو 5 أضعاف (من 600 درهم تقريبا إلى 2700 درهم) في ظرف وجيز جدا، وهذا لا معنى له بتاتا من الناحية الاقتصادية، لأن من الصعب جدا فهم أن تتطور قيمة شركة بهذا الشكل وبهذه السرعة في غضون 3 أو 4 أشهر؛ والأدهى هو أن هذه الوضعية تعطينا إشارة قوية مفادها أن الشخص يمكنه أن يطور بسرعة فائقة ثروته بدون أدنى مجهود، وهذا خطير جدا على الاقتصاد الوطني؛ هذه من بين الأشياء الواجب التخلص منها حتى يكون المجهود الفردي أو الجماعي أو الكفاءة، هو القدوة والقاعدة وليس العلاقات و"الهمزة" كما يقال.
- من المعروف أن إشكالية توزيع الدخل والثروة تقع في جوهر القضايا الاجتماعية وإشكالية التغيير والانتقال الديمقراطي، فإلى ماذا ترجع عدم اهتمام السياسيين والقائمين على الأمور بهذه الإشكالية، رغم أنها ظلت مطروحة بإلحاح منذ حصول المغرب على استقلاله؟
+ يبدو لي إلى حد الآن (وأتحدث هنا خارج نطاق الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة) أننا لم نستطع أن نطور سياستنا الاقتصادية والاجتماعية في اتجاه مغرب المجهود، مغرب الكفاءة ومغرب تكافؤ الفرص، وهذه قضية سياسية واقتصادية لازالت مطروحة بإلحاح.
وكما يعرف الجميع، إن المغرب حاليا يحتضن تقريبا 5.3 مليون مواطن يعيشون تحت عتبة الفقر، وتحيا البلاد اختلالات كبيرة وفوارق اجتماعية صارخة بين الفئات، علما أن المغرب لا يمكنه أن يتطور إلا إذا كان شبابه مندمجا في العملية الاقتصادية والاجتماعية، ومن بين المشاكل الكبرى أيضا عدم توزيع الدخل والثروات بشكل أكثر إنصافا وعدلا وتوازنا، وإشكالية عطالة أصحاب التكوين وذوي الكفاءات الذين لا تمنح لهم فرصة ولوج العملية الاقتصادية.
نتكلم عن تراجع نسبة البطالة، لكن ليس هذا هو المشكل في أن تتراجع نسبة البطالة بنقطة أو بنقطتين، وإنما المشكل الحقيقي هو أن المغرب يحتضن حاليا 70 في المائة تقريبا من العاطلين عطالة على الأمد الطويل، وهم أساسا من ذوي التكوين والتأهيل أصحاب كفاءات، في حين أن نسبة العطالة في صفوف غير المتعلمين وغير المكونين هي ضعيفة، وهذه مفارقة كبرى توحي بخلل كبير تعرفه البلاد. أي أننا لا نسير في اتجاه إدماج الكفاءات البشرية للمساهمة في العملية الاقتصادية والاجتماعية، وهنا تكمن الخطورة.
- هل هناك من سؤال كان لابد من طرحه ولم يتم ذلك؟
+ بالنسبة لإشكالية تخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة، وجب التذكير مرة أخرى أننا وصلنا في المغرب إلى منعطف، ولدينا تجربة في هذا المضمار كما دار كلام كثير عن تخليق الحياة العامة في سنة 2001، لكن لم يتحقق أي شيء، والآن توجد البلاد في وضعية خطيرة، وأهم خطوة هي بخصوص الاستثمار، إذن وجب التعامل مع الوضع بجدية. فالحكومة أعلنت عن مخطط وعن وكالة مستقلة لمحاربة الرشوة، وعلينا الآن أن نحقق النجاح المطلوب، ولن يتأتى ذلك إلا بإصلاح القضاء واستقلاليته وبفتح نقاش وطني وورش ينتج، باعتبار أننا وصلنا إلى درجة من "العبثية واللامبالاة"، أفقد الثقة في كل ما يقال، وبالتالي وجب الاهتمام الآن بتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع المعيش من أجل استرجاع هذه الثقة.
إدريس ولد القابلة
رئيس التحرير أسبوعية المشعل



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يتحكم الجنرالات في السياسة بالمغرب؟
- جودة التعليم والسكن اللائق حلمان أجهضا منذ سنوات
- الجدال حول -لا إنسانية- عقوبة الإعدام لم ينضج بعد
- القضية رقم 502/2006 لماذا لم يجرد بيريتز من جنسيته المغربية؟
- مفهوم العمل التطوعي بالمغرب
- الشبابقراطية ضرورة تاريخية
- حل قضية الصحراء لازال بعيدا والخوف كل الخوف من تدخل أمريكي ب ...
- الأيدز بالمغرب إلى أين؟
- جولة سريعة في كتاب -ضباط جلالة الملك-
- هل ممكن محاكمة المغرب
- القضاة يحكمون باسم الملك لكن هل يثق المغاربة ب قضاءهم؟
- إعدام عقوبة الإعدام بالمغرب
- زكاري كاتنيلسون – محامي جمعية - روبرايف-
- الجنرال حسني بنسليمان رمز من رموز سنوات الجمر و الرصاص بالمغ ...
- فؤاد عالي الهمة رجل الدولة القوي الذي أنقذ العنيكري
- سبع سنوات من حكم الملك محمد السادس ، هل الملك في ورطة ؟ الجز ...
- إدريس البصري و مسؤولية قتل 5000 مغربي
- الدكتور المهدي المنجرة النص الكامل للقاء الذي أجرته معه قناة ...
- سبع سنوات من حكم الملك محمد السادس ، هل الملك في ورطة ؟ الجز ...
- النهب يرتبط أساسا بنظام الحكم في المغرب


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - هل يصرح الملك بممتلكاته ليكون قدوة للآخرين؟