|
الانتخابات الكوردية والمصير: العلاقة الجدلية
سامي عبدالقادر ريكاني
الحوار المتمدن-العدد: 8131 - 2024 / 10 / 15 - 04:53
المحور:
القضية الكردية
تمثل الانتخابات فرصة فريدة تتيح للمواطن، من خلال التصويت، أن يصبح المتحَكَم الرئيسي للنظام السياسي. هذه العملية تجبر جميع الفاعلين السياسيين على تحمل المسؤولية والاهتمام بالمصالح العامة، وحماية الحريات، والحفاظ على استقلالية المؤسسات، وتحقيق العدالة، ووحدة الوطن.
يعد التصويت مؤشراً على الوعي السياسي والتزام المواطنين بحماية وتطوير التجربة الديمقراطية. وعندما يتمكن الناخب من إخراج حزب من السلطة وتحويله إلى المعارضة، أو إيصال حزب معارض إلى السلطة، فإنه يصبح المالك الحقيقي للسلطة. وبهذا، تصبح الديمقراطية أساس النظام السياسي وطريقة فعالة لحماية الوطن والشعب وتامين مستقبل مشرق للبلد.
إن التقليل من دور المعارضة، أو اعتبارها تهديداً للعملية السياسية، هو علامة على فكر سياسي متخلف. الأشخاص الذين يفكرون بهذه الطريقة لا يزالون، بشكل عام، يعيشون في مرحلة الفكر العشائري ونظام العبودية ولم يصلوا بعد إلى مستوى فهم إدارة الدولة الحديثة.
ومن هذا المنطلق نرى بإن وعي الجماهير الكوردية في الاقليم نحو خلق جبهة ثالثة قوية، في مواجهة احتكار الحزبين الرئيسيين للسلطة في الاقليم ومنذ اكثر من ثلاث عقود ، سواء لتسلم او المشاركة في السلطة أو العمل كمعارضة فعالة، عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات المزمع اجرائه في العشرين من الشهر الحالي، يصبح الحل الوحيد لإنقاذ الإقليم في المرحلة القادمة.
من الضروري أن يكون هناك ثقة بالنفس من قبل الشارع الكوردي وعدم الاستماع لأولئك الذين يقللون من أهمية الوعي السياسي لديهم. فأي شخص يجري أبسط بحث في تاريخ هذا الإقليم سيفهم كيف استطاع المواطنون، رغم كل العقبات، معاقبة السلطة بأصواتهم وإيصال العديد من المعارضين إلى البرلمان والسلطة. كما أنهم استطاعوا معاقبة تلك المعارضة مرة أخرى عندما بدأت بالمساومة وبيع أصواتها مقابل بعض المناصب والأموال.
واليوم، أكثر من أي وقت مضى، المواطنون مستعدون وأكثر وعياً للتغيير. ولديهم القدرة على معاقبة أي طرف سياسي يتلاعب بأصواتهم وإرادتهم ومستقبلهم.
بدون هذا الوعي، يُرجَّح حدوث السيناريوهات التالية:
أولاً: قد يلجا الحزبين الكورديين الحاكمين الى اتباع سياسة اللعب مع النتائج الانتخابية، من اجل توظيفها للحصول على مكانة افضل في المعادلة الانتخابية ، وذلك اما عن طريق التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية، مستندين إلى حجج متنوعة، بما في ذلك الطعن في شرعية النتائج ، او باللجوء عبر تفاهمات او اتفاقات سياسية شرعية اوحتى غير شرعية من اجل رفع سقف عدد الكراسي لصالحه.
ثانياً: في حال فوز الحزبين الرئيسيين بالمرتبتين الأولى والثانية دون اعتراضات جوهرية على النتائج،وبرغبة في الدخول في تشكيل حكومة مشتركة، الا ان هذه الحكومة ستلقى صعوبات جمة قد يستغرق تشكيلها فترة زمنية طويلة، قد تمتد إلى عام أو حتى عامين. ويعزى ذلك إلى عدة عوامل:
1. صعوبة توزيع المناصب الرئيسية بين الحزبين، خاصةً في حال اصر حزب يكيتي على تولي أحد المنصبين الرئيسيين: رئاسة الوزراء أو رئاسة الإقليم واعتقد انها مصرة وبكل قوةن ولن تقبل بالتقسيم القديم . ووفق ذلك من المرجح أن يُمنح المنصب الثاني، نظراً لرفض الحزب الديمقراطي التنازل عن المنصب الأول، لاسيما إذا كان عدد مقاعده يفوق مقاعد يكيتي.
2. التعقيد الاخر ان تسليم منصب رئاسة الإقليم لحزب يكيتي، من قبل الحزب الديمقراطي، مع صعوبتها فانها حتى في حال موافقتها عليها ، الا ان الديمقراطي من المؤكد سيشترط ضمان حصولها على منصب رئاسة العراق من حصة يكيتي في المعادلة السياسية الكردية العراقية بالمقابل من ذلك، وبالتاكيد سيكون ذلك المنصب للرئيس الحالي للإقليم.
3. صعوبة ضمان منصب رئاسة العراق، حيث أن: أ. تولي هذا المنصب مرهون بنتائج الانتخابات العراقية المقبلة. ب. يتطلب توافقات سياسية داخلية عراقية وإقليمية. ج. قد يستلزم تقديم تنازلات كبيرة من الجانب الكردي بالمقابل للأطراف العراقية والإقليمية. د. حتى في حال تحققه، قد يستغرق ما لا يقل عن عام ونصف.
ثالثاً: في حال فشل الحزبين في الاتفاق على تشكيل حكومة مشتركة، وسعي كل منهما لتشكيل تكتل برلماني مع أطراف أخرى، فإن هذا السيناريو سيكون أكثر تعقيداً وسيستغرق وقتاً أطول، خاصة في غياب تكتل ثالث او طرف ثالث يملك مجموعة مقاعد تؤهلها لتشارك مع احد الطرفين لتشكيل الحكومة، وذلك لان المقاعد بخلاف ذلك ستكون متفرقة بين جهات متعددة وارضاء جميع الأطراف او النسبة المطلوبة حتى لو كان ممكنا الا انها سيكون امرا صعبا وسيستغرق وقتا طويلا، وعلى الأرجح انها لن تنجح.
ونتيجةً لذلك، قد نشهد أحد الاحتمالين التاليين: 1. طلب اطراف لإعادة الانتخابات بسبب الإخفاق في تشكيل الحكومة ضمن المدة القانونية المحددة. 2. استمرار الوضع الراهن دون تشكيل حكومة جديدة، مع تقديم مبررات قانونية أو توافقات سياسية لتسويغ هذا الموقف، على غرار ما حدث في العراق سابقاً. 3.حتى في حال تشكيل الحكومة،كحالة اضطرارية، فمن المرجح أن تقتصر مهامها على إعادة إنتاج وترسيخ النموذج الإداري الحالي للإقليم، الذي سيكرس التقسيم المناطقي. 4. ولا نستبعد وفق هذا الوضع أن ينقل وضع تقسيم الإقليم من حالة الأمر الواقع (de facto) إلى حالة الاعتراف القانوني (de jure)، مما قد يمهد الطريق لنجاح استراتيجيات الدول المجاورة الرامية إلى تقويض تجربة الحكم الذاتي في الإقليم.
أما الحل الأمثل للخروج من هذا المأزق، فيكمن في أحد السيناريوهين التاليين: 1. فوز طرف ثالث بأغلبية المقاعد. 2. تشكيل كتلة برلمانية معارضة تمتلك العدد الكافي من المقاعد 3. ان يقوم هذا الطرف او التكتل: - اما بتشكيل الحكومة بمفردها أو بالتحالف مع أحد الطرفين الرئيسيين. - واما بتشيكل معارضة قوية في البرلمان تراقب عمل الحكومة بحرفية، مستهدفة اصلاح الأوضاع في الإقليم من جميع جوانبها.
ولن يتحقق ذلك إلا من خلال مشاركة واعية وفعالة من قبل الناخبين في العملية الانتخابية، مع إدراكهم لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، والتزامهم بنية صادقة نحو إحداث تغيير سلمي وجوهري.
#سامي_عبدالقادر_ريكاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط: تحليل للصراع الثلا
...
-
--- ( لعبة الربح والخسارة في المعادلة السياسية العراقية )
-
انعكاس نتائج القمتين جدة وطهران على الوضع في كل من سوريا وال
...
-
القضية الكوردية (ازمة الدين والسياسة)
-
العقلية السياسية التراثية وسيطرتها على العقل السياسي الشرقي
...
-
-هل سيتكرر السيناريو الافغاني في العراق؟-
-
هل ستصبح افغانستان بؤره للارهاب ولماذا؟
-
سوريا والعراق بعد قمم بايدن الاخيرة (الجزء الثاني)
-
سوريا والعراق بعد قمم بايدن الاخيرة(الجزء الاول)
-
من يحكم العراق اليوم؟، وهل بالامكان تغيير الاوضاع في عهد جو
...
-
السياسة العامة الحكومية في اقليم كوردستان العراق(ادارة الازم
...
-
السياسة العامة الحكومية في العراق -ادارة الدولة-
-
اللعبة لم تنتهي بعد( الانتخابات الامريكية)
-
التطبيع مع اسرائيل والشعارات المضادة بين الحقيقة والزيف
-
التطبيع مع اسرائيل والشعارات المضادة بين الحقيقة والواقع
-
ماذا ينتظر الكورد بعد اتفاق قسد وامريكا
-
الكورد والاسلام والدولة
-
سيبقى اقليم كوردستان رغم كل الازمات
-
فلسفة (الوجود والعدم)
-
القمة الثلاثية بين (روحاني، اردوغان، بوتين) ومستقبل المنطقة
المزيد.....
-
أبو الغيط يستقبل المبعوث الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة إلى
...
-
ليبيا.. مدرسة تمنح الأمل للأطفال اللاجئين من السودان
-
أمريكا.. حكم بـ 42 مليون دولار لصالح معتقلين عراقيين سابقين
...
-
مقتل واعتقال 11 إرهابياً خلال الـ48 ساعة الماضية جنوب شرقي
...
-
حركة -الجهاد الإسلامي- تنشر فيديو لأحد -الأسرى الإسرائيليين-
...
-
شهداء وجرحى إثر قصف الاحتلال خيام النازحين الفلسطينيين في مو
...
-
مدير مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان بالاراضي المحتلة: ال
...
-
مدير مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان: الوضع كارثي شمال قط
...
-
الأمم المتحدة تحذر.. الطاقة النظيفة أو كارثة مناخية
-
إيران.. إعدام رجل شنقا -للمرة الثانية-
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|