أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين علي محمود - انهيار الحضارات وفشلها في التأقلم مع التحديات















المزيد.....

انهيار الحضارات وفشلها في التأقلم مع التحديات


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8130 - 2024 / 10 / 14 - 12:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يعرّف دايموند الانهيار :
«هو انحدار كبير في حجم السكان أو مقدار التعقيد السياسي، الاقتصادي والاجتماعي، في منطقة كبيرة، ولمدة طويلة.»
تعد ظاهرة انهيار المجتمعات تاريخية إذ تتسم بانحدار مفاجئ وكبير في حجم السكان أو في مستوى التعقيد السياسي، الاقتصادي، والاجتماعي داخل مجتمع أو منطقة جغرافية ما. يحدث الانهيار نتيجة تدهور كبير وسريع في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما يؤدي إلى انخفاض في عدد السكان أو تعقيد النظام الاجتماعي، حيث يكون هذا الانهيار غالبا في المناطق الكبيرة ويمكن أن يستمر لسنوات طويلة.
يرتبط الانهيار أحيانا بأزمات كبيرة مثل الكوارث البيئية، الحروب، أو الأزمات الاقتصادية التي تجعل الأنظمة غير قادرة على الحفاظ على نفسها، مما يؤدي إلى تفككها أو تراجعها إلى مستويات أقل تعقيدا من الناحية التنظيمية والاجتماعية.
ان نجاح أو فشل المجتمعات المختلفة مرتبطبا بتأقلمهم مع هذه المخاطر، فالتحديات كبيرة ومفاجئة في تطورات الحياة ومن غير الممكن ان مجتمعات كبيرة او حضارات مهمة لا تعي حجم المخاطر والصعوبات التي تواجهها وليس دائما المخاطر تكون من خارج البيئة المحيطة بنا فان هذه قد تفرز تحديات من داخل المجتمع تؤثر بشكل اكبر من مما يفعله اي ضغط خارجي، فالتأقلم مهم امام التحديات التي من الممكن ان تعيق تقدم اي حضارة كما ان تجاهل احداث التاريخ وعدم اخذ العبر والدروس فإن ذلك يعد تجاهلا فكريا مستبدا، لذا فهم ملزمون بتكرار التاريخ مرة اخرى في الحاضر او المستقبل والامثلة كثيرة على ذلك ومنها :

▪︎ شهدت الإمبراطورية الرومانية انهياراً تدريجياً بسبب الضغوط الخارجية والداخلية، مثل الغزوات الجرمانية والأزمات الاقتصادية والسياسية.
▪︎ حضارة المايا، شهدت تراجعا مفاجئا في عدد السكان وتفككا سياسيا نتيجة لمزيج من الصراعات الداخلية، التغيرات البيئية، والضغوط الخارجية.
▪︎ انهارت حضارة هارابا (وادي السند) بسبب التغيرات المناخية التي أدت إلى تدهور موارد المياه وفشل الزراعة.
▪︎ انهيار النظام في العراق 2003 نتيجة لمجموعة من العوامل المعقدة التي تراكمت عبر سنوات عديدة بسبب الحصار الاقتصادية بعد اجتياح الكويت مما ادى الاضعاف الاقتصاد بشكل كبير، تراكمات الحرب العراقية الايرانية ٨ سنوات، الصراع العرقي والطائفي، سوء الإدارة بعد الغزو الأمريكي والحرب الطائفية مع اقتصاد متهالك.
▪︎ انهيار الاتحاد السوفيتي بسبب المشاكل الاقتصادية، ضعف السياسات الإصلاحية لغورباتشوف، التوترات القومية والانفصالية داخل الاتحاد السوفيتي بسبب ضعف الحكومة المركزية، فساد واسع النطاق وسوء إدارة مما أدى إلى عدم الكفاءة في استخدام الموارد وتوزيعها، الحرب الباردة والسباق التسلحي وتأثير الثقافة الغربية وانتشار الأفكار الديمقراطية والرأسمالية ساهم في زعزعة الثقة في النظام السوفيتي بين النخب والشعب.
▪︎ تدمير قرطاج من قبل روما عام 146 قبل الميلاد.

كما يذكر “دياموند" اسباب الانهيارات نتيجة الضرر البيئي الذي يسببه الناس بقصد أو بغير قصد متجاهلين مدى إمكانية تعافي البيئة من الاستهلاك البشري، فإما طيش استثنائي للشعوب أو هشاشة استثنائية للبيئة أو كليهما.

■ لا بد من الوقوف على اسباب انهيار المجتمعات وذكرها بالتفصيل :
- التغيرات البيئية التي قد يسببها البشر مثل ارتفاع درجة حرارة الأرض أو ثورات البراكين وتدهور الموارد الطبيعية مثل المياه أو الأراضي الخصبة يمكن أن يقود إلى انهيار حضاري، كما هو الحال في حضارة المايا.
- الحروب والغزوات نتيجة الصراعات المستمرة من قبل قوى خارجية قد تضعف المجتمع إلى درجة الانهيار
- الفساد السياسي وسوء الإدارة حيث تفشل الحكومات في إدارة الأزمات أو التعامل مع التحديات الداخلية يمكن أن تقود مجتمعاتها إلى الانهيار.
- الجيران الأعداء قد تتسبب هزيمة مجتمع ما أمام معادي في تلاشيه أو انهياره واندثار هويته وشخصيته في مجتمع آخر أو هجرته.
- الجيران الحلفاء قد يتسبب انقطاع الدعم من مجتمع ما لأسباب ما في انهيار المجتمع الذي اعتمد عليه في تغطية موارده الأساسية.
- انهيار شركاء التجارة الأساسيون والمشاكل البيئية.
الإفراط في الإنتاج بالنسبة إلى قدرة التحمل العملية للبيئة أو كليهما وفرط الإنتاج هي التأثير الضار للإدخال العرضي أو المتعمد للأنواع الغير محلية لمنطقة ما.
- كذلك احد اسباب الانهيار العوامل الثقافية (القيم)، حيث أن الممارسات الثقافية والمعتقدات السائدة في مجتمع ما يمكن أن تؤدي إلى ضعفه أو انهياره، عندما تصبح هذه القيم غير متناسبة مع التغيرات في البيئة الاجتماعية، الاقتصادية، أو السياسية.
إذا فقد المجتمع القيم المشتركة التي توحد أفراده، قد يؤدي ذلك إلى انقسام داخلي وتفكك النسيج الاجتماعي.
بالإضافة الى تمسك المجتمع بعادات أو معتقدات لا تتماشى مع التطورات أو التحديات الجديدة، قد يؤدي ذلك إلى تراجع في التعليم، الاقتصاد، أو السياسة.
- بعض المجتمعات قد ترفض التكيف مع التطورات التكنولوجية أو التحولات العالمية، مما يجعلها غير قادرة على المنافسة أو البقاء.

■ هناك العديد من المشاكل البيئية اليوم تواجه البشر والتي قد تساهم في انهيار المجتمعات سواء الماضية او الحاضرة :
- إزالة الغابات وتدمير المساكن بسبب الأوبئة، المجاعة، الصراعات والهجرات الجماعية.
- مشاكل التربة (التعرية، التملح، وفقدان خصوبة التربة)
- مشاكل ملف إدارة المياه والاستحواذ على النسبة الاكبر لفئة معينة دون اخرى
- المبالغة في الاصطياد البري
- المبالغة في صيد السمك
- آثار الكثافة السكانية على المجتمع
- التغير المناخي بسبب الصناعة والحروب
- تراكم المواد السامة في الطبيعة نتيجة الحروب والمخلفات الصناعية وحتى النووية
- قلة الطاقة وخصوصا المجتمعات التي تعتمد على النفط والذي من الممكن مستقبلا يختفي النفط اذا ما اعتمد عليه الانسان بشكل كبير

■ نجاة الحضارات من الفشل والانهيار تعتمد على مجموعة من العوامل المتداخلة التي قد تسهم في استمراريتها أو تجنب انهيارها، ومنها:
- الحضارات التي تستطيع تعديل أنماط حياتها ونظمها الاقتصادية لتتكيف مع التغيرات البيئية مثل الجفاف أو الفيضانات تكون أكثر قدرة على النجاة.
على سبيل المثال، الحضارات التي نجحت في تطوير تقنيات زراعية جديدة أو أنظمة ري مبتكرة كانت قادرة على الاستمرار لفترات أطول.
- المجتمعات التي لديها اشجاعة في ممارسة التفكير بعيد المدى، والقيام بقرارات جريئة، شُجاعة، وتوقعية في الوقت الذي تصبح فيه المشاكل ملموسة ولكن قبل تأزمها.
- الشجاعة للقيام بقرارات مؤلمة فيما يخص القيم والمبادئ، والتأكيد على القيم التي تخدم المجتمع جيدا ومن الممكن ان تستمر في ظل الظروف الجديدة، بعيدا عن القيم التي ينبغي التخلي عنها وإستبدالها بالقيم المُثلى.
- الدول التي تتمتع بأنظمة حكم مرنة ومستقرة وتدير الموارد بشكل عادل تميل إلى البقاء، فالضعف السياسي أو الفساد غالبا ما يؤدي إلى الفوضى الداخلية والتمردات التي تعجل بانهيار الحضارة.
- الحضارات التي تعتمد على مصادر دخل متنوعة وتتعامل مع التحديات الاقتصادية بسرعة وفعالية تستطيع البقاء.
مثلاً، إذا كانت الحضارة تعتمد على مورد طبيعي واحد ونضب هذا المورد، فقد تنهار إذا لم تتمكن من تطوير بدائل اقتصادية.
- المجتمعات التي تحمي نفسها من التهديدات الخارجية سواء عبر التحالفات أو القوة العسكرية قد تتمكن من الحفاظ على استقرارها.
- القدرة على الابتكار العلمي والتكنولوجي والتقدم الفكري كان دائما من العوامل الحاسمة في بقاء الحضارات، اي ان المجتمعات التي تولي اهتماما للتعليم ونشر المعرفة تتجنب الركود الثقافي وتستطيع مواجهة التحديات.
- الدول التي تبني علاقات تجارية وثقافية قوية مع الدول والحضارات المجاورة غالبا ما تستفيد من التبادل التجاري والثقافي الذي يعزز استقرارها الداخلي.
- الحضارات التي تحتفظ بهوية ثقافية قوية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، إذ أن التماسك الاجتماعي والثقافي يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية والقدرة على مواجهة الصعوبات.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة التغيير تبدأ من خارج الصندوق
- الإلهاء والتخادمات في الفكر السياسي
- قوة الدولة واللا دولة
- إسرائيل وإيران بين الحرب الشاملة وضربات الردع الستراتيجية
- ثقافة الإلغاء نتاج منظومة القطيع
- المواطن المستقر
- العيد الوطني العراقي
- ماذا بعد اغتيال نصر الله
- التسرب المدرسي وإفرازاته الخطيرة في المجتمع
- البيجر واحداثه الغامضة
- على ابواب العام الدراسي الجديد
- حقوق الإنسان زرق ورق في مفاهيم الكيان الصهيوني
- حياة الماعز Goat life
- العمل الانساني وتحدي الصعوبات
- من يريد ان يخدم المجتمع من اي موقع يستطيع
- اغتيال هنية لغز من ألغاز السياسة البراغماتية
- فرنسا من بلد الكاثوليكة إلى بلد الشذوذ الجنسي !!
- اختفاء الباكستانيين وما هي التبعات في قادم الأيام؟؟
- شروط الامان والسلامة في المؤسسات العامة وقاعات المناسبات
- الراية البنفسجية وارتفاع درجات الحرارة


المزيد.....




- ما هي -هيئة تحرير الشام- التي ضربت -عصب الجيش- السوري في حلب ...
- عاصفة في إسرائيل بعد حديث وزير الدفاع السابق عن -تطهير عرقي- ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مهاجمة أهداف في العاصمة اللبنانية بيرو ...
- لماذا أدهشت الفصائل السورية العالم؟
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: سنهاجم بقوة شديدة في مواجهة الا ...
- -سكة حديد ومعادن حيوية-.. جو بايدن في أنغولا لمواجهة نفوذ ال ...
- الحرب في السودان: بي بي سي تستمع لشهادات مؤلمة من سكان الجني ...
- رفع العقوبات.. عرض أمريكي إماراتي للأسد مقابل النأي عن إيران ...
- الجيش السوري يستعيد كامل البلدات والقرى على طريق محردة السقي ...
- ماكرون في زيارة دولة للسعودية على وقع أزمة داخلية فرنسية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين علي محمود - انهيار الحضارات وفشلها في التأقلم مع التحديات