أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد خيري الحيدر - قصة أكتشاف أكبر مَعبد دائري في وادي الرافدين ... القسم الأول















المزيد.....

قصة أكتشاف أكبر مَعبد دائري في وادي الرافدين ... القسم الأول


حامد خيري الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 8101 - 2024 / 9 / 15 - 22:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بداية الاكتشاف

في مطلع شهر نيسان من عام 1997 أتى الى قسم التنقيبات والتحريات الأثرية في الهيئة العامة للآثار والتراث العراقية، أحد المواطنين الساكنين في قرية "النمل"، إحدى القرى النائية التابعة لناحية "مكحول" الواقعة إدارياً ضمن حدود قضاء "الشرقاط" في محافظة صلاح الدين، ليُسّلم مجموعة من القطع الأثرية، مُدعيّاً أنه عثر عليها أثناء حفره بالوعة للمياه الثقيلة بجانب داره، وقد عَلمت إدارة الهيئة منه لدى حديثه عن المنطقة التي تقع فيها تلك القرية، أنه يوجد الى جانبها تل أثري يُعرف بـ"تل النمل" سُميَّ هكذا نسبة الى أسم القرية، وكان من ضمن تلك القطع الأثرية جَرّة فخارية مُلونة متوسطة الحجم، مُزخرفة بأشكال هندسية باللونين الأحمر والأسود، ذات كتف مُدبب بارز وبدَن كمثري مُستدق، ارتفاعها بحدود ثلاثين سنتيمتراً، من نوع الفخار الذي تَعارف الآثاريون على تسميته بـ"الفخار الأحمر الغامق" أو "الفخار القرمزي"، وكان قد سُميَّ عند اكتشافه لأول مرة بـ"فخار نينوى5"(1)، الذي أثبتت التنقيبات والاكتشافات الأثرية بعائديته الزمنية الى بدايات عصر "دويلات المدن السومرية" 3000_2371ق.م(2).
على إثر ذلك تقرر ارسال فريق كشف آثاري مُكوَّن من أربعة أعضاء كان كاتب السطور أحدهم، للاطلاع على موقع "تل النمل"، لغرض التأكد من صحة المعلومات الواردة، إذ في حال صدقها فسيكون هناك اكتشاف أثري هام للغاية، حيث كان من المُستبعد جداً وجود مثل هذا الفخار العائد لتلك الحِقبة التاريخية والتي تمثل دور ثقافي خاص ضمن حدود هذه البقعة الجغرافية من وادي الرافدين. وبعد اطلاع الفريق على اضبارة ذلك الموقع الأثري(3) تبيّن أنه تل كبير تم الاعلان عن أثريته في جريدة الوقائع العراقية عام 1944، كما أنه عُرف لدى أهالي المنطقة خلال تلك الفترة باسم "تليل"، كما أوضحت خرائط المنطقة أن قرية "النمل" مع تلها الأثري تقع في منطقة مُنبسطة ضَيّقة ومَعزولة تقريباً، تَنحصر بين جبل مكحول غرباً ونهر دجلة شرقاً تُعرف باسم "الخانوكَة"، تَمتد من الشرق الى الغرب بحدود ثلاثة كيلومترات ومن الشمال الى الجنوب قرابة كيلومترين، كانت قد وَردت في كتابات الملك الآشوري "آشورناصربال الثاني" 883_859ق.م بصيغة مُشابهة لتسميها العربية الحالية وهي "خَنقو" أو "خَنقي، بمعنى "الأرض الضيّقة" أو "المنطقة الضيّقة"، كما ذَكرها المؤرخ اليوناني "زينفون" لدى مُروره بها باسم "أناكاس" حَسب كتابه الشهير "أناباسيس"(4).
كانت قرية "النمل" كما بدت لفريق الكشف عند وصوله إليها صغيرة وبيوتها قد بُنيَّ بعضها بالطابوق الأسمنتي (البلوك) وبعضها بالطين، ولم يكن يتجاوز عددها الخمسين مُنتشرة بشكل مُتباعد على مساحة من الأرض لا يزيد قطرها عن ثلاثمئة متر، لكن ما خفف من وحشتها تلك الطبيعة الجميلة المحيطة بها، حيث أنها تقع عند الجانب الجنوبي من السَهل، مُطلة على الضفة الغربية لنهر دجلة، وقد تركزّت جولة الفريق في البداية بين بيوتها، وخاصة مكان الحفرة التي يُدّعى العُثور على تلك القطع الأثرية داخلها، حيث كانت بعمق متر ونصف لكنها لم توّضح شيء ذي قيمة، رغم أن موقعها كان يُمثل امتداداً مُنحَدِراً للسفح الشمالي من التل الأثري، وقد تَمّت ملاحظة كِسر فخارية متناثرة هنا وهناك بين البيوت تعود الى الفترات الآشورية الوسيطة 1500_911ق.م والحديثة 911_612ق.م.
أما التل الأثري فكان يبعد عن القرية بحدود سبعين متراً، ويطل مباشرة على ضفة نهر دجلة، وهو ذو شكل مخروطي تقريباً قطره عند القاعدة بحدود خمسين متراً وعند القمة أربعين متراً تقريباً، ويبلغ من الارتفاع بحدود ستة أمتار، وهو يقوم على جرف حصوي ذو شكل عامدي حاد على حافة النهر يرتفع بحدود أحد عشر متراً، ليكون ارتفاعه بذلك عن حافة النهر بحدود سبعة عشر متراً، كما كان فقير نسبياً بالملتقطات السطحية التي لم تكن تَتعدى كسرات فخارية قليلة تعود للفترة الآشورية الوسيطة، وقد فوجئ فريق الكشف بصُغر حَجمه الحالي هذا بعد مقارنته مع خارطته الكنتورية وما مكتوب عنه في اضبارته الخاصة عند تنظيمها عام 1944، حيث تذكر أن امتداده من الشمال الى الجنوب هو بحدود مئة وخمسين متراً ومن الشرق الى الغرب مئة وعشرين متراً، كما أن ارتفاعه كان يزيد على ثمانية أمتار.
لذلك بدا واضحاً أن التل قد تَعرّض الى تخريب كبير عبر الزمن نتَج عنه إزالة مُعظم أجزائه وتسويتها بالأرض، أما لغرض الزراعة أو لبناء بيوت القرية على امتداداته التي لم تكن تزيد ارتفاعاتها على المتر الواحد، ويبدو من جانب آخر أن الشيء الذي حافظ على الجزء الصغير المُتبقي منه بعد تسوية قمته وإزالة مُجنباته هو جُعله منذ فترة طويلة جداً مقبرة لسكان القرية، وعلى هذا المنوال تم بمرور الزمن تقطيع أوصال التل شيئاً فشيئاً مع الوقت حتى بقى منه هذا الجزء فقط، وقد تمكنّ الفريق بمساعدة عدد من أهل القرية بتعيين الحدود القديمة للمستوطن الأثري وتخطيطه القديم قبل أزالته، حيث يبدو أنه كان مربع الشكل طول ضلعه بحدود مئة وستين متراً، يمتد من حافة النهر وحتى الأطراف الشمالية للقرية، وهذا يعني بأن قسماً كبيراً من بيوت قرية "النمل" يقع ضمن حدود المنطقة الأثرية، وهذا هو سبب انتشار كسر الفخار بين أرجائها.
ومع تفقد الفريق للمنطقة وتحققه من طبيعة التل الأثري بالكامل، لم يتمكن من أثبات الشيء الذي كان ينتظره أو يتوقعه، حيث كانت الكِسر الفخارية والبقايا الأثرية البسيطة التي لاحظها تُشير كلها بعائدية الموقع الى الفترة الآشورية الوسيطة أو الحديثة المتأخرة، دون أية إشارات أو دلائل يمكن ارجاعها الى الفترة السومرية المبكرة، لذلك ووفق هذه المُعطيات كتب الفريق تقريره الى إدارة الهيئة العامة للآثار والتراث عن واقع حال "تل النمل" والذي يتضّمن بالتأكيد التجاوزات الجائرة الحاصلة عليه، وما تُشير اليه الملتقطات السطحية من فترة زمنية مُفترضة، مع التوصية بأجراء تنقيبات أثرية عاجلة في عموم الموقع للتثبّت من المعلومات التي وَردت بشأنه، كون هذا التل لم يُكشف عنه في السابق بشكل كامل، وربما يحوي باطنه أسرار تاريخية هامة وغير معروفة.

تنقيبات الموسم الأول 1997

في مطلع شهر حزيران 1997 حصلت الموافقة على إجراء تنقيبات أثرية في موقع "تل النمل"، لغرض الكشف عن ما تُخبئه طبقات هذا التل من أسرار تاريخية، مع تَخصيص المبالغ اللازمة لتنفيذ هذه المهمة، بعدها تم تشكيل فريق التنقيب المُكلف بهذا الواجب، والذي ضمّ أربعة اعضاء (ثلاثة آثاريين مُتخصّصين وموظف إداري) هم.. برهان شاكر/ رئيساً، كاتب السطور/ مُساعداً للرئيس، أسماعيل أبراهيم/ عضواً مُتابعاً، أحمد صالح / مُحاسب وإداري، بالإضافة الى أثنين من الآثارين المُتمرسين المُتعاقدين، هم حازم محمد النجفي وزهير رجب، ليتوجه بعدها الفريق الآثاري لإجراء موسم التنقيب الأول في هذا الموقع، والذي كانت مُدته تعتمد وتتحدد على موسم هطول الأمطار في هذه المناطق عند قدوم فصل الخريف، حينها تكون أعمال التنقيب الأثري شُبه مستحيلة.
بعد فحص دقيق لموقع التل وطوبوغرافيته والأخذ بنظر الاعتبار القسم المُزال منه وكذلك امتداده الشمالي المُحاذي لبيوت القرية، تم الاتفاق بين أعضاء فريق التنقيب على تقسيم الموقع الى ثلاثة نقاط عمل، الأولى حفر ستة خنادق اختبارية بطول خمسة أمتار وعرض مترين عند الجانبين الشرقي والغربي من المنطقة الأثرية المُزالة، للتأكد من خلوها تماماً من البقايا الأثرية، أما النقطة الثانية فهو التنقيب في القسم الشمالي من تلك المنطقة حيث بيوت القرية وبشكل خاص المكان الذي عُثر على الجَرّة الفخارية فيه للتأكد من حقيقة العثور عيلها في هذا المكان، لتكون نقطة العمل الثالثة التنقيب الأفقي في التل الأثري كي يتم تحديد هوية الطبقات التي يَضمّها مع أدوارها الحضارية.
وعلى مدى أكثر من أسبوع تواصل العمل في الخنادق الستة، لكنها لم تسفر عن أية نتائج مُرضّية تُشجّع على الاستمرار فيها أو حَفر المزيد منها في أماكن أخرى، حيث كانت الأرض مُخّربة بالكامل ولم يتبقَ منها سوى تُرب مقلوبة غير واضحة التركيب والامتداد، لا تشير الى وجود أية بقايا أو طبقات أثرية، ولم نحصل منها سوى كميات محدودة جداً من الكِسر الفخارية العائدة للفترتين الآشوريتين الوسيطة والحديثة، وبعد الحفر لعمق مترين في جميع الخنادق الخمسة تم الوصول الى "الأرض البكر" التي كانت بشكل طبقة حصوية سَميكة تمتد حتى حافة النهر وتتصل بالجرف الحصوي الذي يقوم عليه التل الأثري الرئيسي، لذلك توَصلت القناعة بعدم جَدوى حفر المزيد من الخنادق والتركيز فقط على التل الأثري وسفحه المُمتد شمالاً نحو القرية، وعليه تم تقليص العمل الى نقطتين فقط حيث "نقطة القرية" و"نقطة التل"، أما فيما يخص التل الأثري فقد كانت الخطوة الأولى هي إزالة القبور التي تغطي قمته ليَتسنى بعدها التنقيب فيه، ليستمر بعدها الحفر في التل بعد تقسيمه الى أربعة مربعات للتنقيب، ولم يطل الأمر كثيراً أذ بعد أسبوع آخر من العمل المتواصل في النقطتين بدأت أولى النتائج الهامة بالظهور.

الكشف عن المَقبرة

بعد أن تعمق الحفر في "نقطة القرية" لأكثر من متر ونصف أخذت تظهر الدلائل التي كان فريق التنقيب ينتظرها، والمُتمثلة بكِسر فخار ملونة باللونين الأحمر والأسود، وأخرى مُحزّزة لا يختلف عليها أثنان من الآثارين بأنها من طراز "نينوى 5"، أخذت بالازدياد شيئاً فشيئاً، ليتم استظهار قبر مُتكامل تماماً يمتد من الشمال الى الجنوب بالقرب من مكان العثور على الجَرّة الفخارية، كانت عظام الهيكل مُفتتة ومُهترئة كلياً ومعالمها مُندرسة لم يتبق منها سوى خطوطها الخارجية، وما أمكن تَمييزه هو أن جسد المدفون كان مُمدداً على الظهر، وما وجد الى جانبه من مواد جنائزية يُشير الى ثراء صاحبه، أو أن شخصيته كانت ذات شأن أو مكانة دينية مُتميّزة، حيث وجد داخله عدداً من الأواني الفخارية المتوسطة والصغيرة تنوعت بين ملوّنة ومزخرفة بشكل حزوز غائرة، تعود جميعها بشكل واضح الى فترة "نينوى5"، موضوعة عند الورك والأقدام، كانت جميعها بحالة سليمة نسبياً، الملونة منها كانت مرسومة بزخارف هندسية بالأحمر الغامق والأسود.
كما تم العثور عند الرأس على إناء طيني متوسط الحجم أسطواني الشكل سَمج الصنع، لا يتناسب وجمالية الجرار الأخرى، بداخله أثار حرق وبقايا رماد، في الغالب كان له رمزية دينية كجزء من بعض المُمارسات الطقوسية التي رافقت عملية الدفن آنذاك، وما يؤيد ذلك أنه كان مَحمولاً على ثلاث كتل طينية مَعمولة باليد بشكل تجريدي تُشابه الى حدٍ بعيد المنحوتات التي اكتشفت في المعابد المعروفة بـ"معابد العين"(5)، بدورها الأخير المُمتد من عصر "جَمّدة نصّر"(6) حتى بداية عصر "دويلات المدن السومرية" الأول، ومع التوصل الى هذا الاكتشاف الهام الذي أعطى حافزاً كبيراً للجميع بمُتابعة العمل بشكل أكثر حيوية، ليتوالى على أثرها اكتشاف قبور أخرى في هذه المنطقة المُمتدة من الأطراف الجنوبية للقرية وحتى التل الأثري، كانت جميعها تحتوي على مواد جنائزية تُماثل تلك التي عُثر عليها في القبر الأول، ليتولد بعدها اليقين بصحة مَصدر تلك الجَرّة الفخارية الملونة وباقي القطع الأثرية التي تم جلبها الى مؤسسة الآثار، وأن هذه المنطقة تمثل مقبرة كبيرة تعود لسكان هذا المستوطن العائد في أصوله الى الفترة السومرية المبكرة، التي تُمثلها في المناطق الشمالية من وادي الرافدين ثقافة "نينوى5"، وبعد الذي تم اكتشافه أستبدل أسم نقطة العمل هذه الى "المقبرة"، ثم مع تواصل العمل في المقبرة أخذ عدد القبور المكتشفة فيها يزداد يوماً بعد يوم وتوسعت كذلك رقعتها، ليَتبيّن أنها تَمتد أيضاً نحو الشمال والشمال الشرقي والى ما تحت بيوت القرية، وتبعاً لذلك أمتد التنقيب الى تلك الأماكن أيضاً.

الهوامش:

1_ أكتشف "الفخار الأحمر الغامق" لأول مرة عام 1931 من قبل عالم الآثار البريطاني "ماكس مالوان" خلال تنقيباته في تل "قوينجق" الأثري في مدينة نينوى الأثرية، حينها لم يتم تحديد فترته الزمنية أو الدور الحضاري الذي يُمثله، كونه يُكتشف لأول مرة، وأيضاً لعدم العثور سابقاً على مثيل له في أي من المواقع الأثرية داخل العراق، لذلك أطلق عليه أسم "نينوى5"، أو "نينوى الطبقة الخامسة"، استناداً الى الطبقة الأثرية التي أكتشف فيها، والتي رُقمّت حينها بالخامسة ضمن تسلسل طبقات ذلك التل، ثم أكتشف بعدها هذا الفخار في العديد من المواقع الأثرية في شرق الموصل وغربها، بل أنه أكتشف عند مناطق بعيدة عن وادي الرافدين في كلٍ من شمال أيران وشمال سورية، ثم اكتشفت نماذج مشابهة له بعد سنين في عدد من المواقع الأثرية ضمن منطقة ديالى مثل "تل أسمر"، "تل أجرب"، "تل خفاجي"، "تل أشجالي" سُميَّ على أثرها بـ"فخار ديالى"، وقد تم اكتشافه ضمن طبقات أثرية ثبت تاريخها الى بدايات عصر "دويلات المدن السومرية" 3000_2371ق.م، عندها فقط تم تأكيد عائدية هذا الفخار الى تلك الحِقبة الزمنية.
2_ عصر دويلات المدن السومرية... ويُسمى أيضاً "عصر فجر السلالات السومرية"، وهو دور حضاري يمتد للفترة ما بين 3000_2371ق.م، شهد هذا العصر ازدهاراً ملحوظاً في المقومات الحضارية لبلاد وادي الرافدين، غلب عليها العنصر السومري في جميع مرافقها، من كتابة وأدب وفنون مختلفة، إضافة الى أساليب خاصة في العمارة الدينية والمدنية وكذلك نُضوج الكثير من المفاهيم التي تخص المعتقدات الدينية والنُظم السياسية والبُنى الاجتماعية، وأيضاً سيادة اللغة السومرية في جميع المناطق، وأهم ما تَميّز به هذا العصر هو تقسيم البلاد الى دويلات مدن، لكل منها سلالتها الحاكمة ونُظمها المُحددة وحدودها المًسيطر عليها، ونظراً لطول المدة الزمنية التي أمتد عليها هذا العصر، فقد تم تقسيمه الى ثلاثة أدوار، لكل منها مجموعة من الخصائص الحضارية التي تجعله يختلف عن الدور الذي سبقه، مثل الاختام الاسطوانية واساليب صناعة الفخار والتصاميم المعمارية... وهذه الأدوار هي... عصر دويلات المدن السومرية الأول 3000_2800 ق.م، عصر دويلات المدن السومرية الثاني 2800_2600 ق.م، عصر دويلات المدن السومرية الثالث 2600_2371 ق.م.
3_ أضابير المواقع الاثرية... نظام للأرشفة مَعمول به في العديد من بلدان العالم، أعتمد في توثيق المواقع الأثرية المكتشفة في العراق عند تأسيس المؤسسة الآثارية، يتمثل بتنظيم اضبارة برقم مُعيّن لكل موقع أثري يتم الكشف عنه، تتضمن معلومات عامه حوله، مثل أسمه كما يُعرف بين السكان المحليين، وتاريخ الكشف عليه ثم تاريخ الاعلان عن اثريته في الجريدة الرسمية "الوقائع العراقية"، كذلك وصف مُقتضب عنه مثل موقعه واقرب نقطة دالة عليه وطوبوغرافيته ومساحته وارتفاعه، وأيضاً شكل الملتقطات الظاهرة على سطحه وما تُمثله من فترة تاريخية، بالإضافة الى بعض الصور والمخططات له، على أن يُراعى إضافة ما يُستجد على الموقع من أحداث مع الوقت، مثل إجراء تنقيبات أثرية فيه، أو حدوث تجاوزات معينه عليه.
4_ زينفون... مؤرخ يوناني وأحد طلاب الفيلسوف "سقراط"، ولد عام 430ق.م، كان أحد المرتزقة اليونانيين "العشرة آلاف" الذين شاركوا في حملة "كورش الأصغر" الفاشلة للمطالبة بعرش الدولة الأخمينية من أخيه "أردشير الثاني"، سَرد أحداث تلك الحملة في كتابه المُسمى "أناباسيس" الذي يعني باليونانية "الصعود"، ذاكراً فيه تفاصيل طريق عودته الى بلاده، مع وصف للأماكن التي مَرّ بها وأسمائها ومنها مناطق شمال وادي الرافدين، مُحدداً بشكل قريب من الدقة المسافات النسبية بينها، توفيَّ عام 354ق.م.
5_ معابد العَين... سلسلة معابد مُتعاقبة أكتشفها عالم الآثار البريطاني "ماكس مالوان" خلال تنقيباته موقع "تل براك" شمال سورية عام 1938، يمتد زمنها من 3500_ 3000ق.م، أي تعاصر أدوار "الوركاء" ثم "جمدة نصّر" ومطلع "عصر دويلات المدن السومرية"، وبالفعل فقد وجد فيها معظم المعالم الحضارية التي تُمثل هذه الأدوار، منها فخار "نينوى الطبقة الخامسة"، كما عثر داخلها على كميات كبيرة لتماثيل ومنحوتات صغيرة الحجم تمثل صور آدمية مجردة، تبرز فيها العيون بشكل مبالغ ولافت للنظر، بعضا كانت بشكل دلايات تعلق في الرقبة، لذلك سُميّت مجازاً بهذا الاسم "معابد العين"، يُعتقد أن لها علاقة بعملية الخصب والتكاثر، وأنها مُكرسّة لعبادة الإلهة السومرية "ننخرساك" إلهة الولادة والنسل وأنجاب الأطفال، وفي الغالب كانت تلك التماثيل توضع مع القرابين المقدمة لهذه الإلهة.
6_ عصر جَمّدة نصّر... دور حضاري يمتد للفترة 3200_3000ق.م، سُميَّ باسمه هذا نسبة الى موقع "جَمدة نصّر" الذي يقع الى الجنوب من العاصمة بغداد بحوالي خمسين كيلومتراً، وقد ظهرت في هذا الدور بعض المعالم الحضارية، مثل تطور أسلوب الكتابة من الطور الصوري الى الطور الرمزي، كذلك ظهور أساليب جديدة في عمارة المعابد والمواد البناء المُنفذّة فيها، بالإضافة الى تبلوّر مفاهيم جديدة تخص الجانب الديني والسياسي للمجتمعات السكانية آنذاك.



#حامد_خيري_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة على سَد البَند الأثري
- خلف أسوار السنين .. مشاهدات من واقع المجتمع العراقي ... القس ...
- خلف أسوار السنين .. مشاهدات من واقع المجتمع العراقي ... القس ...
- خلف أسوار السنين .. مشاهدات من واقع المجتمع العراقي ... القس ...
- خلف أسوار السنين .. مشاهدات من واقع المجتمع العراقي ... القس ...
- خلف أسوار السنين .. مشاهدات من واقع المجتمع العراقي ... القس ...
- خلف أسوار السنين .. مشاهدات من واقع المجتمع العراقي ... القس ...
- طرائف الأخبار في عمل الآثار
- آثار مَنسية في محافظة كربلاء
- أطفال العراق يقهرون الظلام
- لغز مَدافن المَلكات الآشوريات في مدينة النمرود
- كركوك مدينة التاريخ والتآخي والقلعة الشامخة
- أم الربيعين .. تاريخ وصور وذكريات ... القسم الثامن
- أم الربيعين .. تاريخ وصور وذكريات ... القسم السابع
- أم الربيعين .. تاريخ وصور وذكريات ... القسم السادس
- أم الربيعين .. تاريخ وصور وذكريات ... القسم الخامس
- أم الربيعين .. تاريخ وصور وذكريات ... القسم الرابع
- أم الربيعين .. تاريخ وصور وذكريات ... القسم الثالث
- أم الربيعين .. تاريخ وصور وذكريات ... القسم الثاني
- أم الربيعين .. تاريخ وصور وذكريات ... القسم الأول


المزيد.....




- ألمانيا: حكم قضائي غير مسبوق يقضي بسجن عنصر سابق في جهاز شتا ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يبلغ نظيره الأمريكي طبيعة الرد على هج ...
- انتشار صورة مضللة لـ-مشاركة الطيران المصري- في حرب السودان.. ...
- سقوط صاروخ على مدينة كرمئيل في شمال إسرائيل
- تفاصيل جديدة عن التحقيق ف استهداف مسيّرة -حزب الله- لقاعدة - ...
- قديروف: نقدر عالي التقدير العلاقة الأخوية التي تربطنا بالممل ...
- مبعوث البابا إلى أوكرانيا الكاردينال دزوبي يصل إلى موسكو
- لبنان.. وصول طائرة تحمل مساعدات إنسانية من الأردن إلى بيروت ...
- صفارات الإنذار تدوي في وسط إسرائيل بعد إطلاق رشقة كبيرة جدا ...
- إطلاق النار العشوائي يودي بأرواح المدنيين في العراق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد خيري الحيدر - قصة أكتشاف أكبر مَعبد دائري في وادي الرافدين ... القسم الأول