أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمرقند الجابري - قصة قصيرة (رشيد)














المزيد.....

قصة قصيرة (رشيد)


سمرقند الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 8054 - 2024 / 7 / 30 - 12:32
المحور: الادب والفن
    


منذ شهور، إنتقل جارنا المزعج الى قير وبئس المصير، وحل بدله رجل أشقر محمرّ، يبني منذ شهور بيته الفخم، متحديا قِدم بيوتنا التي تشبه أحلامنا المتواضعة.
أغدق الجار الجديد على أولاد الحي الحلوى، وعلى كبارها الخراف المذبوحة، أضاء شارعنا المظلم بمصابيح كبيرة، بدل تلك التي كسرها أولادنا وهم يخطئون التهديف على الحمامات، فصار جيبه الدافئ عربون محبة للرائح والغادي.
أما انا، فقد كنت أسترق السمع لدبيب نملهم، أحصيت كل قطعة أثاث دخلت بيتهم، حتى أنني أعرف ستائر غرفة النوم وألوان ثيابهم الشتوية والصيفية، ساعدتني شرفة الدار– برج مراقبتي- في تعزيز معلوماتي المهمة عن الشراشف المنشورة على حبال غسيل كل الجيران، وأعرف محتويات كل كيس خضار لأي رجل عاد في الظهيرة الى بيته، شاكرة أكياس هذا الزمن النصف شفافة لأنها تعزز شغفي ولا تتعبني في التكهن.
لن أذهب في الشهور الاخيرة الى أبعد من رصد الجار الجديد، فغنيّ الحي ـ لا فقيره ـ يغويني، زوج أشقر وامرأته الحسناء، لا أطفال لهم، وأرجوحة قد يكون القمر نسج فضتها، تلتمع في حديقة غناء، عنادا لحديقة خربة مجدبة يحويها بيتي.
لي أن أراقب الغزالة الجبلية التي حطت على حين غرة قربي، تتبضع من الرجل المخبول ذاته، غير أنها لا تتذمر من دكانه العفن، وتظّل تطلق كلمات كالسكر، كي يملأ صندوق سيارتها بخير ما نزلت به فاكهة الموسم، تاركة خلفها جيوش العطر تمزق أكفان رائحة النساء المزدحمات بتولِّـه، مراقبات بصمت مثلي بين مغتاظة ومندهشة.
لماذا تذكرنا بأن علينا أن نعيد علاقتنا بالمرآة وبالألوان، وبحسن إخراج الكلمات من أفواه ما اعتادت غير الأكل وإطلاق الشتائم؟
أمواج بحري المتطفل لا تكف عن التلاطم عندما ياتي المساء وأصعد سطح داري، لأمد النظر الى باحة منزلهم، يأتي لأذني صوت أنين رجل في الاربعين كان اسمه (رشيد)، علمت انه شقيق الرجل الأشقر، بدين مثل فيل هندي، يبكي عند الغروب أمه، مُلقيا لعناته عليهم لأنهم قتلوها غرقا طمعا في الإرث، كان أولادي يرمونه بالحجارة ويفرون ضاحكين، غير أنه لا يكترث بأي شيء عدا مخاطبة روح ما بحزن يغرس المسامير في قلبي المكلوم كلما سمعته.
كان يأكل بشراهة كل ما تقدمه الحسناء الجبلية، أما علاقته بأخيه، فكانت كصراع ذئبين على أرنب في الغابة.
بعد شهور بنى الأشقر لأخيه المأزوم غرفة في أقصى الحديقة، وأثثها بأشياء وضيعة، كان يرمي له طعام الكلب تاركا إياه يغص بفضلاته، حتى أن اولادي بدؤوا يرمون له من سطح الدار، الخبز وأنصاف الفاكهة، بدل الحجارة!
نسيت غيرتي من حليِّ الجارة ولون شعرها وأسماء عطورها، صار شاغلي الثروة المغموسة بالدم وآلام الرجل البدين، كان عزائي أن الله لعن الأشقر بحرمانه من الذرية!
تركت برج مراقبتي للريح، يلاحقني تأنيب ضميري، فأنا ما رأيت رشيد قرب أفران الصمون دافعا الأرغفة في فمه بشراهة حتى شعرت برغبة لآخذه بين أحضاني، او تخيلت نفسي أحمّمه بالصابون أو غسل ثيابه، واحترت ماذا أعدّ له من طعام فهو لا يجيب على أحد ولا يردد غير:
-" وينك يمه جوعان، راح أموت من الجوع يا يمه تعالي ".
ذات ليلة ماطرة، حلمتُ بامرأة جميلة مبللة تقول لي:
-" أوصيك بولدي رشيد خيرا، فهو يحب البطاطا المقلية.

من مجموعتي القصصية (علب كبريت)



#سمرقند_الجابري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة (ملامح)
- قصيدتان( دائما- عاشقان)
- قصة قصيرة (قميص شاعر)
- نبضات مشتعلة
- قصيدة ( بقاء)
- قصيدة (حكاية)
- قصيدة (إنها تمطر )
- ملتقى نوروز الشعري السادس في دهوك 2024
- معرض (سايكل) في المعهد الثقافي الفرنسي في بغداد
- الرسام العراقي المغترب (هاني دلة) والفراغ الممتلئ
- مسرحية (تاء التأنيث ليست ساكنة)
- معرض (جنة عدن) برعاية معهد غوته الألماني 2023
- قصيدة - ذئاب
- المعرض السنوي لـ(جائزة عشتار) للشباب 2023
- حب العراق في المعرض السنوي 45 للجمعية العراقية للتصوير
- ابتسامة سبعة وستون لوحة عراقية
- -رؤى زهير- و-بتول شبيب- اصبوحة شعرية نابضة بالدفء
- فلم -سينمائجي- في دكانة رؤيا
- لقاء ألكتروني مع الروائية العراقية -دنيا ميخائل-
- الروائية الألمانية - هانا دوبغن- في بغداد


المزيد.....




- هنا رابط مباشر نتائج السادس الإعدادي 2025 الدور الأول العلمي ...
- سوريا الحاضرة من نوتردام إلى اللوفر
- كيف استخدم ملوك مصر القديمة الفن -أداة حكم- سياسية ودينية؟
- موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. استعلم عن نتيجتك
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- “متوفر هنا” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ا ...
- “سريعة” بوابة التعليم الفني نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدو ...
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- جداريات موسم أصيلة.. تقليد فني متواصل منذ 1978
- من عمّان إلى القدس.. كيف تصنع -جدي كنعان- وعيا مقدسيا لدى ال ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمرقند الجابري - قصة قصيرة (رشيد)