وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
الحوار المتمدن-العدد: 8053 - 2024 / 7 / 29 - 22:16
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
ليس من شك المسؤولية الإجتماعية هي مسؤولية الفرد أمام ذاته عن الجماعة التي ينتمي اليها والمجتمع الذي يعيش فيه وهذا يتطلب الاهتمام والفهم والمشاركة, فالشعور بالمسؤولية الإجتماعية للأفراد والجماعات والتنظيمات نحو مجتمعهم يتوقف على مدى شعورهم بالولاء والانتماء إلى ذلك المجتمع فكلما زاد الشعور بالولاء والانتماء إلى ذلك كلما زاد الشعور بالمسؤولية الإجتماعية نحو مجتمعهم ولا يمكن تحقيق ذلك بدون العمل على تقوية الروابط الاجتماعية بين افراد المجتمع. إن طريقة العمل مع الجماعات تمارس كجزء من نشاط الهيأة التي ارتبطت بحركة خدمة المجتمع الا إن اكتسابها لصفات الخصوصية لم يتبلور الا في اثناء القرن العشرين . فقد كانت تتصف في البداية أثناء النشاط الترويحي وخلال مناقشات الجماعة وأثناء المباريات الرياضية والألعاب الجماعية والمهرجانات وغالباً ما كانت ترتبط في البلاد الغربية بالخدمات الدينية التي أنشأتها الكنائس . حيث استندت طريقة العمل مع الجماعة إلى حقائق منها كانت تؤمن بمساعدة الأفراد وتنمية شخصياتهم وتعديل اتجاهاتهم عن طريق علاقاتهم وتفاعلهم مع الأشخاص الآخرين في الجماعات المختلفة . وأن نجاح الفرد وسعادته يتوقف على أن يعيش مع جماعات مختلفة وخاصة خارج نطاق الأسرة ، وكذلك الرقي بالأسلوب الديمقراطي الذي يقوم على احترام الفرد وكرامته واحترام الفروق الفردية .( )
إن الانسان كائن اجتماعي يكتسب خصاله الإنسانية بتفاعله مع الجماعات التي يعيش فيها , وإن هذه الخصائص الإنسانية ليست موروثة إنما يكتسبها الفرد من خلال ما يمر به من تجارب في حياته وفي اتصاله المستمر بغيره من الناس وأثناء تفاعله في المواقف التي يمر بها ونحن نؤمن بأن الجماعة أداة فعالة لمساعدة الافراد ونموهم وتعديل اتجاههم عن طريق تفاعلهم وعلاقاتهم مع الأشخاص الاخرين في الجماعة ومساعدة الاخصائي لهم ,لهذا نرى أهمية الجماعة كوسيط لأحداث التغير في الأفراد وفي الجماعة ككل .( ) فينظر بعض المتخصصين في الخدمة الاجتماعية بأن المسؤولية الاجتماعية أحدى القيم التي تتضمن اعتماد البشر بعضهم على بعض كما تتضمن فهم الأخوة بين كل الناس وإن كل أنسان مسؤول عن رعاية أخيه الأنسان كما عدّه البعض الآخر أحد مبادئ الخدمة الاجتماعية وركز على أهمية تواجدها بين الأفراد والجماعات والمجتمعات فالفرد يشبع احتياجاته بنفسة ويلجأ الى المجتمع المحلي ، لإشباع الاحتياجات التي لا تستطيع الجماعة أن تساعده على اشباعها واخيراً يلجأ الى المجتمع العام , لإشباع ما تبقى من احتياجاته وهكذا بالنسبة للجماعة والمجتمع المحلي لهذا تهتم الخدمة الاجتماعية بطرقها الثلاثة بتنمية المسؤولية الاجتماعية فالمسؤولية الاجتماعية إحدى اغراض طريقة العمل مع الجماعات التي تتضمن الاعتماد المتبادل بين الأعضاء وكل فرد علية أن يتقبل حقوق الآخرين كما تتضمن مفهوم التعاون فالناتج النهائي للخدمة الاجتماعية التي تحققها طريقة العمل مع الجماعات هو نمو الأفراد والجماعات وهذا يساعد على تحمل المسؤولية في تغير حياة المجتمع .( )
إن الواقع الأساسي لأي مجتمع هو (عملية التفاعل الاجتماعي )* حيث يتوقف وجود أي مجتمع على وجود أعداد من الاشخاص يتفاعلون بانتظام وباستمرار على أساس السلوك المتوقع من كل منهما أي المتوقعات السلوكية المتعارف على وفق النظام الاجتماعي القائم . حيث نجد أن أوجه النشاط المختلفة التي يقوم بها الإنسان في حياته في حين نجد أن معظم هذه النشاطات ان لم تكن جميعها تحدث في جماعات حيث يتفاعل الفرد مع غيره ممن ينتمون الى هذه الجماعات ويكتسب من خلال هذا التفاعل قيمه واتجاهاته ويكون عاداته ويتعلم أساليب السلوك المختلفة , فكل فرد عادةً يأخذ سلوك الأخرين في حسابه حتى يستطيع بذلك أن يوجه سلوكه الشخصي للعلاقات المتجددة والمتغيرة باستمرار وبما يمكنه من التلائم والانسجام مع واقع الحياة الاجتماعية لكي يتمكن من تحمل المسؤولية الاجتماعية في الجماعة الاجتماعية التي ينتمي إليها وكذلك المجتمع العام . ( )
العوامل التي تزيد من فاعلية الجماعة في تنمية المسؤولية الاجتماعية . ( )
1-الإشباع
يجب أن تعمل الجماعة الإشباع المناسب لعدد من حاجات الفرد سواء أكانت هذه الحاجات عضوية أم بيولوجية مثل الحاجة الى النشاط أو كانت حاجة نفسية مثل الحاجة الى التقدير والاحترام أو اجتماعية كالحاجة الى الانتماء.
2-المشاركة
يجب ان توفر الجماعة للفرد فرصة المشاركة سواء أكانت هذه المشاركة في تشكيل ايدلوجية الجماعة , أم تنفيذ الخطط والبرامج , أو في جوانب النشاط الاجتماعي وحياة الجماعة كافة , فاذا ما توفرت هذه المشاركة فإن أمر تقبل معتقدات ومعاير الجماعة من جانب هؤلاء الأعضاء يكون أيسر كما انها تحقق عندهم فهماً أكثر لأهدافها.
3- وضوح الأدوار
يجب أن تتضح في الجماعة الأدوار الاجتماعية الخاصة بكل عضو فيها ، كما يجب ان تتضح عند من يشغل هذه الأدوار نفسه.
4- سهولة الاتصال
يجب أن تكون قنوات التواصل في الجماعة مفتوحة بين أعضائها بعضهم مع بعض , أي أن تكون هناك قنوات مغلقة بين الأعضاء انفسهم .
5- العدالة
يجب أن تحقق الجماعة العدالة بين أعضائها على أساس العدل في توزيع الأعباء والتبعات والعدل في المحاسبة والمسائلة ومنح الثواب ، وتوقيع العقاب على كل عضو في الجماعة فسيادة العدل فيها يزيد من ارتباطه بها واهتمامه بها وتقبله لأهدافها كما يزيد من مشاركته في نواحي نشاطها المختلفة .
6- الانتماء
يجب أن يشعر العضو في الجماعة بالانتماء اليها ،وهذا يعني أن يصبح العضو جزءاً من الجماعة وتصبح هي جزء منه, فالعضو الذي يشعر بالانتماء لتقبل أغراض الجماعة والمؤسسة فيشارك فيها ويعمل من أجلها، وعليه أن يلتزم بأفكار الجماعة وهو عندئذ يقبل على تحمل المسؤولية الإجتماعية من أجل الصالح العام فالجو الاجتماعي الذي يسود بداخلها يعد عاملاً مهماً في تحقيق الشعور بالانتماء عندما يتسم هذا الجو بالدفء والصدق والمودة .
7- أخصائي الجماعة
إن وجود الأخصائي الاجتماعي الذي يعمل مع الجماعة يعد عاملاً مهماً في زيادة فاعلية الجماعة وتنمية المسؤولية الإجتماعية بين أعضائها خاصة اذا ما توفرت لديه المهارات المهنية في خدمة الجماعة التي تتمثل في وعي وأدراك الأخصائي الاجتماعي في تطبيق المعرفة وفهمه لمبادئ العمل مع الجماعات ، مما يساعده على تحديد المواقف المهنية وبالتالي مساعدة الأعضاء فيسعى أخصائي الجماعة من خلال عمله إلى زيادة فاعلية الجماعة في إدائها لمسؤولياتها حتى تصدر قراراتها نتيجة للتجارب والمعرفة والمشاركة ووحدة الفكرة وبذلك يسهم في تكوين المواطن المسؤول الذي يقوم بمسؤوليته الإجتماعية في إرساء قواعد تحقيق تقدم المجتمع. ( )
تعد الجماعات الوسط أو الوسيلة في الخدمة الإجتماعية عامة وفي خدمة الجماعة خاصة بوصفها الأداة الأساسية لتحقيق أهداف خدمة الجماعة, فالجماعة تعد وسطاً يستطيع الأفراد من خلالها تحقيق الإشباع الشخصي والاجتماعي والوصول الى الأهداف الذاتية والاجتماعية كما أن قوة تأثيرها تؤدي إلى تغير المعاير الفردية والاجتماعية كما أنها تمثل حلقة الوصل التي يمثلها المجتمع بوصفها وحدة النسيج الاجتماعي للمجتمع الأكبر وعن طريقها يتم نقل العادات المجتمعية ومعاير وقيم المجتمع ويكتسب الفرد مجموعة من الخبرات الحياتية كما أنها تسهم في مساعدة الأفراد على زيادة الوعي الاجتماعي بينهم والشعور بالمسؤولية الاجتماعية.
كما أن طريقة العمل مع الجماعة تهدف من خلال الخبرة الجماعية إلى اتاحة الفرصة للأفراد وتنمية قدراتهم على الاشتراك مع الغير عن طريق الإسهام من جانب الأفراد أو الاشتراك مع الأخرين في كل ما يتعلق بهم من امور في أثناء الحياة الإجتماعية ولاشك إن دعم المشاركة على مستوى الجماعة الصغيرة يمكن أن ينتقل اثره على مستوى المجتمع المحلي وبالتالي المجتمع القومي ، وهكذا يمكن خلق جيل قوي قادر على المشاركة الفعالة والنشطة التي تساعد على تقدم ونمو المجتمع وكذلك تدعيم الاتجاهات المقبولة اجتماعياً لدى الأفراد وكذلك تدعيم السلوك الإيجابي وغرس القيم الإجتماعية الصالحة والذي من شأنه أن يساعد على تكوين مواطن صالح لنفسه ولمجتمعه وتسهم الخبرة الجماعية في تنمية المعرفة الشخصية المتزايدة والاهتمامات المشتركة التي تركز عليها الحياة السليمة للمجتمع المحلي ( )
ليست المسؤولية الاجتماعية أمراً ذاتياً إنما هي أمراً جماعياً, أما المسؤولية الاجتماعية فيكون الفرد فيها مسؤولاً ذاتياً عن الجماعة واذا أردنا التعمقً في عبارة(مسؤولٍ ذاتي) لرأينا أنه مسؤولاً امام ذاته وهو في الحقيقة مسؤول عن الجماعة وبالتالي تحس الجماعة أنه مسؤول ككل عن أمرها وأفعالها فالمسؤولية الإجتماعية مسؤولية أمام الذات وهي تعبر عن درجة الاهتمام والفهم والمشاركة للجماعة فنموها يكون تدريجياً عن طريق التربية والتطبع الاجتماعي في داخل الفرد. وتؤدي المسؤولية الإجتماعية عند أعضاء الجماعة إلى احساسهم بالانتماء والترابط داخل الجماعة وزيادة تقدير وأدراك الجماعة لأعضائها وبالتالي زيادة المسؤولية الإجتماعية في أطار العمل مع الجماعات .
#وليد_محمد_عبدالحليم_محمد_عاشور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟