أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيه القاسم - إلى توفيق زياد في ذكرى غيابه














المزيد.....

إلى توفيق زياد في ذكرى غيابه


نبيه القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8030 - 2024 / 7 / 6 - 16:52
المحور: الادب والفن
    


كلمات إلى توفيق زيّاد في ساعة رحيله المفاجئ*
أيّها المُتماوت قُم

نبيه القاسم


ثلاثون عاما، وأعود إلى تلك اللحظة التي كنتُ أجلسُ فيها أمام جهاز التلفزيون أصلّح دفاتر امتحانات البجروت، أغمضتُ عينَيَّ لبعض الوقت من التّعب، وما كدتُ أفتحهما وإذا بابن عمّي سعيد القاسم يقرأ نشرة الأخبار ويتحدّث بحرارة حارقة وحزينة عن توفيق زياد، وفاجأني الخبر أنّ أبا الأمين فارق الحياة إثر حادث طرق، لم أستوعب الخبر، وتناثرت أمامي وحولي مختلفُ المشاهد، كلّها لتوفيق زياد في مناسبات وطنيّة واجتماعيّة، وكانت أنْ كتبتُ هذه الكلمات لأعز إنسان وأصدق وأنقى مَن عرفتُ.


أيّها المُتماوتُ قُمْ

مُعلّقٌ على كرسيّ ما بين الأرض والسماء..
غفوة لحظات..
وانبسط شارعٌ أبيض مُعلّق..
تدفُّق دماء حمراء تصبغُ بعضه..
وصحوتُ..
لتكون صورتُك تحتلّ جزءا صغيرا من شاشة التلفزيون والمذيع يتكلّم..
***
لا.. لا يا توفيق..
لا يا حبيبنا
لا أصدّقُ.. لا يمكن..
وبكيتُ كما لم أبكِ من قبل..
أيّها الفارس الذي أكبرناك
وترَسّمنا خطاك عشرات السنين..
أيّها الشاعر الذي كانت كلماتُك أوّلَ ما حفظنا..
أيّها القائد الذي كانت إشارتك كافية لتدفّقنا وراءك لخوض كلّ معركة..
أيها الإنسان الإنسان..
يا توفيق زياد
كيف يمكنُ أنْ يكون!!؟
***
يا أصدقَ الرجال..
يا فارس الفرسان..
يا الأمين على الرسالة..
على براقك الحديديّ أسْريتَ
تحمل في يسراك أريحا وفي يمناك غزة
وحدك انطلقتَ إلى مسراك القدسيّ
يحدوك اليقينُ والفوز والرسالة التي قد بلّغْتَ
***
قليلا تصل وقليلا لا تصل..
والقدس تناديك: إليّ أيّها النّاصريّ
وأريحا تناشدك: إليها خُذني..
وغزة هاشم تطلب: إلى القدس، خُذني.
والناصرة بقلب واجف تهمس: يا ولداه..
والقدس تُردد قائلة: إليّ تعال..
وأريحا: إليها خذني.. دثرني بتراب القدس
وغزة شامخة: للقدس طريقي...
وأنت تُحلّق على ظهر براقك الحديديّ
صرختك العالية تُفزع كلّ أتباع يهوشوع بن نون..
وضحكتك المجلجلة تحضن أعالي الجليل برمال النقب
لتُدغدغ في جانبيك أريحا وغزة هاشم..
وأنا يا ولدي أبكي..
أنا الناصرة ثكلى الولدين..
أبكي الولدَين..
أبكي الشهيدين..
في يوم زفافي.. في أحلى يوم..
***
ينشطرُ الشارع قسمين..
وخط الدم القاني يُفزعني
أتماوتُ رُعْبا
يُطالعني وجهُك أتجمّد
أسمع اسمَك.. يسحقني الموت
وأبكي كما لم أبكِ من قبل
***
يا فارسَ كلّ الساحات قُم
هذا يومك.. كلّ الأحباب حولك..
كلّ الأيدي تتلمّس قربَك..
كلّ الأرجُل تُهرول خلفك
قُم..
اصرخ صرختك المعهودة..
اضحك ضحكتك المحبوبة..
حرّك بيديك.. ببعض رموش العين..
هذي الساحات ساحاتك
كَرّمها بإحدى خطواتك..
أسْمعها آخر كلماتك..
ارفع رأسَك..
قُم..
يا حبّي قُم..
***
مَسْراك ومسرى من قبلك
وطريق القدس بعيدة
وطريق القدس قريبة
وبراقك يشدّ العَزم
***
"أحبّ لو استطعتُ بلحظة
أنْ اقلبَ الدنيا لكم: رأسا على عقب
واقطع دابرَ الطغيان
أحرق كلّ مغتصب
وأرقد تحت عالمنا القديم
جهنما، مشبوبة اللهب
وأجعل أفقرَ الفقراء يأكل في صحون الماسّ، والذهب
ويمشي في سراويل الحرير الحر والقصب
وأهدم كوخه.. واهدم كوخه.. أبني له قصرا على السحب"
***
كلماتُك هذه يا زيّاد..
كانت وستظل الإنجيلَ والقرآن
كلماتُك يا فارسَ كلّ الفرسان
يا خاتمَ رُسل الربّ في زمن الطغيان
تُنادينا..
تشدّ على أيادينا..
وتُبكينا.
مَنْ يُنشد بعدك يا توفيق نشيدَ الشعب..؟
مَن لعود الندّ يا شعبي..؟
سامحني..
أستلهم كلماتك..
"يا أغلى من روحي عندي"
يا توفيق..
"إنّا باقون على العهد"
يا فارس كلّ الفرسان..
صادِم حتى الموت في آخر يوم..
يا فارسَ كلّ الفرسان تبسّم..
اضحك ضحكتك المَحبوبة..
اصرخ صرختك المعهودة..
قُم.. أُحْدُ الآلاف من حولك..
أسمعهم آخر كلماتك..
بلّغهم أنّك قد بلّغتَ..
قد تمّمْتَ رسالتَك إليهم..
يا أكبر حتى من الموت.. قُم يا توفيق قُم..
أيّها المُتماوت قم..
ودعني أبكي.. وحدي..
دعني أبكي وحدي..
كما لم أبك من قبل..

* توفي الشاعر توفيق زيّاد إثر حادث طرق في طريقه من أريحا إلى القدس بعد لقاء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مدينة غزة يوم (5-7-1994)
* نشر في جريدة الاتحاد يوم الجمعة 15-7-1994



#نبيه_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمود شقير في حفل تكريمه لفوزه بجائزة فلسطين العالمية للآداب
- رواية -راكب الريح- والتّألّق في إبداع يحيى يخلف
- عاطف أبو سيف في روايته - مُشاة لا يَعبرون الطّريق-
- معين بسيسو الفاسطيني الذي لم يلق الراية
- أشرف إبريق و -للحديث نظير-
- في رواية -عازفة البيكاديللي- لواسيني الأعرج المكان هو الأساس ...
- واسيني الأعرج في روايته عن مي زيادة
- قصة: أم عوّاد تصفع الضابط وترميه على الأرض
- قصة العم فندي التُركي
- الشاعر حسين مهنا يُراود الموت على سرير أبيض
- الفنان الفلسطيني المبدع سليم ضو، سيرة غنيّة
- مجتمعنا العربي وسهام علاء حليحل المُنبّهة والمُحذّرة في رواي ...
- لذكرى الشاعر سميح القاسم التاسعة: القدس في شعر سميح القاسم
- حول كتاب -الوطنية والمواطنة- لأيمن عودة ومشروعه المستقبلي بي ...
- ثلاث سنوات على فراق الشاعرة الفلسطينيّة ابنة القدس سميرة الخ ...
- الكان في روايات عبد الرحمن منيف
- رواية -العمى- لساراماغو والسؤال الذي يُثارُ والمُعجزة التي ن ...
- ماركيز وغانياته الحزينات
- -وجع لا بُدّ منه- رواية الكاتب عبد الله تايه والوجع الذي يُف ...
- في ذكرى غسان كنفاني الرجل الذي لم يُلق الرّاية


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيه القاسم - إلى توفيق زياد في ذكرى غيابه